شكا سكان في محافظة إب اليمنية من حرمانهم من قبل جماعة الحوثي من الحصول على مساعدات غذائية مقدمة لهم من منظمات دولية إنسانية، وجاء ذلك عقب إعلان برنامج الأغذية العالمي مطلع الشهر الحالي إيقاف مساعداته في المناطق الخاضعة للجماعة.
واتهمت مصادر محلية في المحافظة، قيادات في الجماعة الحوثية بمصادرة كميات كبيرة من المعونات الإنسانية منذ نحو أربعة أشهر سابقة كانت مخصصة للنازحين والفئات الأكثر ضعفاً، وبيعها في الأسواق؛ بغية مضاعفة معاناة السكان والنازحين في إب التي تعاني كثافة سكانية عالية.
وفي حين تتحكم الجماعة في عملية التوزيع وتشرف على إعداد كشوف المستفيدين، تحرم مئات الأسر المحتاجة والنازحة من الحصول على مخصصاتهم الغذائية التي يتحصلون عليها كل فترة.
وسعت الجماعة على مدى الأشهر القليلة المنصرمة إلى استقطاع أكثر من نصف تلك المساعدات وتخصيص جزء منها للأتباع، بينما لجأت إلى بيع ما تبقى منها في السوق السوداء؛ بغية جني المزيد من الأموال التي تذهب لمصلحة كبار قادتها ودعما للمجهود الحربي.
شكاوى من الحرمان
يؤكد فقراء ونازحون مستفيدون من المعونات الأممية في مديريات الظهار، والمشنة، وذي السفال، والعدين، ومذيخرة، وجبلة وريف إب، لـ«الشرق الأوسط»، مصادرة حوثية سرية وأخرى علنية لأكثر من نصف كميات المعونات الإنسانية المقدمة لهم من منظمات دولية.
وأوضح عدد منهم، أنهم حُرموا بشكل نهائي أكثر من مرة في أثناء عمليات توزيع سابق للمساعدات المخصصة لهم، في حين لم يتحصل آخرون أثناء عمليات التوزيع الأخيرة سوى على جزء بسيط من تلك المعونات التي تخصص لهم في كل مرة.
ويبدي محمود العديني شعوره بالأسى لحظة تسلمه قبل فترة حصته من المعونات التي تقدمها إحدى المنظمات الدولية، بعد أن تم استقطاع جزء منها لأسباب قال إنها غير معلومة.
ويعبر محمود - وهو عامل بالأجر اليومي بمدينة إب ورب أسرة مكونة من 8 أفراد - في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، عن حزنه البالغ حيال الاستقطاع الذي طال حصة أطفاله من الغذاء، لافتاً إلى أنه وعائلته في أمَس الحاجة إليها؛ نظراً لتدهور أوضاعهم المعيشية، في ظل استمرار انحسار فرص العمل واتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة مع انعدام لأبسط الخدمات الضرورية.
من جهته، شكا إبراهيم، وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة جبلة جنوب غرب إب، لـ«الشرق الأوسط»، من إسقاط اسمه في سبتمبر (أيلول) الماضي، من كشوف صرف المعونات الغذائية التي تخصصها منظمة دولية لمصلحة الأسر المعدمة والفقيرة.
وتحدث إبراهيم، وهو أب لثلاثة أطفال، عن أن العاملين بلجان الصرف التابعين للجماعة الحوثية تحججوا له أثناء محاولته مراجعتهم لإيجاد حل لمشكلة إسقاط اسمه من كشوف الصرف بأنه تم الاستبعاد العشوائي لاسمه، إلى جانب أسماء فقراء ونازحين آخرين من عملية الصرف الحالي بزعم وجود قلة في كميات المساعدات.
واتهم إبراهيم ومعه آخرون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» قادة الجماعة ولجان التوزيع التابعين لهم بمواصلة التلاعب بكشوف المعونات والوقوف وراء نهب وسرقة أطنان منها بصورة شهرية.
تحكم بالمساعدات
تأتي سرقة الجماعة الحوثية - التي تتحكم بجميع مفاصل العمل الإنساني والإغاثي بمناطق سيطرتها - لطعام المعدمين والفقراء، لغرض المتاجرة غير المشروعة بكميات منها، في حين توزع البقية لمصلحة الأتباع وأسر القتلى والجرحى والمفقودين، ولعائلات مقاتليها.
ويتهم ناشطون يمنيون الجماعة الحوثية بسرقة المساعدات الإغاثية من أفواه الجائعين، واستغلال مختلف المعونات للترويج لأفكارها، بما فيها تلك المقدمة من المنظمات الدولية للنازحين والفقراء والمعدمين، والتبرعات التي يقدمها التجار وفاعلو الخير.
وكان برنامج الأغذية العالمي أعلن مطلع الشهر الحالي إيقاف مساعداته الغذائية العامة في المناطق الخاضعة للجماعة الحوثية؛ بسبب ما قال: إنه محدودية التمويل وعدم التوصل إلى اتفاق مع الجماعة من أجل تنفيذ برنامج أصغر يتناسب مع الموارد المتاحة للأسر الأشد ضعفاً واحتياجاً.
وأكد البرنامج، أن هذا القرار الذي وصفه بـ«الصعب» يأتي بعد ما يقرب من عام من المفاوضات، والتي لم يتم خلالها التوصل إلى اتفاق لخفض عدد المستفيدين من المساعدات الغذائية المباشرة من 9.5 مليون إلى 6.5 مليون شخص».