القوات اليمنية تتأهب بحرياً لتأمين الملاحة في البحر الأحمر

غداة هجوم حوثي جديد استهدف سفينة شحن نرويجية

زوارق تابعة لخفر السواحل اليمني قبالة ميناء المخا في جنوب البحر الأحمر (سبأ)
زوارق تابعة لخفر السواحل اليمني قبالة ميناء المخا في جنوب البحر الأحمر (سبأ)
TT

القوات اليمنية تتأهب بحرياً لتأمين الملاحة في البحر الأحمر

زوارق تابعة لخفر السواحل اليمني قبالة ميناء المخا في جنوب البحر الأحمر (سبأ)
زوارق تابعة لخفر السواحل اليمني قبالة ميناء المخا في جنوب البحر الأحمر (سبأ)

وسط تصاعد الهجمات الحوثية ضد سفن الشحن الدولية في البحر الأحمر، تتأهب القوات اليمنية الحكومية للقيام بمهام تأمين الملاحة في المياه الإقليمية، وذلك بالتزامن مع تحركات دولية للرد على تهديدات الجماعة الموالية لإيران.

جاء ذلك غداة هجوم صاروخي للجماعة الحوثية استهدف ناقلة شحن نرويجية قبالة السواحل اليمنية بالقرب من ميناء المخا، وهو ما تسبب في أضرار للسفينة، وذلك بالتزامن مع إعلان هيئة الجيوش الفرنسية اعتراض مسيرة حوثية وتدميرها، في ثاني عملية اعتراض للبحرية الفرنسية في البحر الأحمر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح يستعرض وحدات القوات البحرية (سبأ)

وفي سياق ما يرجح أنه تحرك عملي للقوات اليمنية للمساهمة بحرياً في تأمين الملاحة في البحر الأحمر، استعرض عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح، الثلاثاء، عرضاً لتشكيلات بحرية رمزية من خفر السواحل واللواء الأول مشاة بحري في مدينة المخا بمحافظة تعز.

وذكر الإعلام اليمني الرسمي أن الاستعراض جسّد الجاهزية العالية للقيام بمهام القوات في حماية السلام والأمن داخل الحدود البحرية للجمهورية اليمنية في قطاع الساحل الغربي.

وشدد عضو مجلس الحكم اليمني طارق صالح الذي يقود قوات المقاومة الوطنية في الساحل الغربي اليمني «على أهمية الالتزام باليقظة العالية، والبقاء في تأهب دائم لمواجهة أي مخاطر عدوانية تهدد الموانئ والسواحل والجزُر المحررة والمياه الإقليمية»، وفق ما نقلته عن وكالة «سبأ» الرسمية.

وأكد طارق صالح أن استقرار بلاده «هو الهدف المنشود من بناء أي قوة عسكرية، وأن الأنشطة العدائية لذراع إيران في اليمن الغرض منها قتل اليمنيين والعبث ببلادهم ومياههم الإقليمية حماية لمصالح إيران ومشروعها الذي يسعى للتحكم بالمياه الدولية في مضيقي هرمز وباب المندب».

نقاشات يمنية - سعودية في المخا حول تأمين الملاحة في المياه اليمنية (سبأ)

وفي سياق السعي للتصدي للمخاطر الحوثية كان طارق صالح قد استقبل، في مدينة المخا غرب محافظة تعز، الاثنين، وفداً عسكرياً سعودياً من قيادة التحالف في عدن بقيادة العميد حسين عوض الحربي.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه جرى خلال اللقاء، «بحث جهود وجاهزية القوات البحرية وخفر السواحل اليمنية، وسُبل دعمها وتطويرها لتعزيز دورها في تأمين حدود اليمن البحرية وحمايتها من التهديدات الإرهابية، ضمن جهود الإقليم على ضفتي البحر الأحمر، للحفاظ على أمن وسلام المنطقة، وتجنيبها الصراعات والتجاذبات».

ووفق ما ذكرته وكالة «سبأ» أكد الجانبان حرصهما على استمرار التنسيق والتعاون بين البلدين، والعمل المشترك لحماية خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والمحافظة على أمن وسلامة المنطقة.

تحدٍّ حوثي

الجماعة الحوثية المدعومة من إيران فهمت - كما يبدو - الحرص الدولي على إحلال السلام في اليمن على أنه رسالة تغاضٍ للاستمرار في تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، من بوابة مزاعم نصرة القضية الفلسطينية، وسعياً للهروب من استحقاقات السلام.

وتبنت الجماعة القيام باستهداف السفينة «ستريندا» التابعة للنرويج، بصاروخ مجنح، وزعمت أنها كانت محملة بالنفطّ ومتجهة إلى إسرائيل. كما زعم المتحدث العسكري باسمها في بيان أن جماعته «نجحتْ خلالَ اليومين الماضيين في منع مرور عدة سُفُن استجابتْ للتحذيرات»، وأنها «لم تلجأْ لاستهداف السفينة النرويجية المحملة بالنفط إلا بعدَ رفض طاقمها كافةَ النداءات التحذيرية».

يزعم الحوثيون أن هجماتهم على السفن نصرة للفلسطينيين في غزة (إ.ب.أ)

وفي حين توعدت الجماعة التي تصفها الحكومة اليمنية بأنها «ذراع إيرانية»، بالاستمرار في استهداف كل السفن في البحرين الأحمر والعربي التي تنوي الرسو في الموانئ الإسرائيلية، كان محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة قد صرح بأن التهديد الأميركي بإنشاء تحالف ضدها «لا قيمة له».

ولم يقتصر تهديد الجماعة الحوثية على استهداف السفن التجارية، ولكنه توسع لاستهداف القوات الحكومية بالطائرات المسيرة، وذكر الإعلام العسكري اليمني، الثلاثاء، أن وحدات الدفاع الجوي في محور الرزامات (لواء حرب 1 بمحافظة صعدة) أسقطت خلال 24 ساعة مسيرتين حوثيتين.

قلق دولي

أعاد تصعيد الحوثيين في البحر الأحمر ضد سفن الشحن تذكير المجتمع الدولي بخطر الجماعة الماثل في واحد من أهم ممرات التجارة العالمية، ولوّحت أميركا باستخدام القوة لردع هذه التهديدات وسط تحركات لتشكيل تحالف دولي للقيام بهذه المهمة.

وفي تصريحات للإعلام الرسمي اليمني أكدت سفيرة المملكة المتحدة لدى اليمن عبدة شريف، أن هجمات الحوثيين الأخيرة على الشحن الدولي واستيلاءهم غير القانوني على سفينة «غالاكسي ليدر» تقوض أمن اليمن، خصوصاً الأمن الغذائي في اليمن، حيث يجري استيراد 80 في المائة من المواد الغذائية عبر موانئ البحر الأحمر.

ونقلت وكالة «سبأ» عن السفيرة البريطانية قولها: «إن التهديدات المستمرة للشحن التجاري الدولي ستؤدي في النهاية إلى تقييد توافر الغذاء، لأن الشحن التجاري لن يخاطر بسُفُنه وطاقمه، وقد بدأت تكاليف التأمين على الشحن في الارتفاع، وستؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وزيادة الاحتياجات الإنسانية».

وجددت شريف التزام المملكة المتحدة، بحماية سلامة الشحن في المنطقة، والمطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن السفينة غالاكسي ليدر وطاقمها، التي كان الحوثيون قد قرصنوها الشهر الماضي.

مدمرة الصواريخ الأميركية «يو إس إس ماسون» تقدم المساندة للسفن في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك لـ«الشرق الأوسط» إنه ناقش مع المبعوث الأميركي تيم ليندركينغ «تنسيق الجهود مع جميع الدول التي تؤمن بمبدأ حرية الملاحة والمرور الآمن للشحن العالمي؛ لضمان تدفق البضائع والتجارة الدولية في البحر الأحمر».

وتؤكد الحكومة اليمنية أن تصعيد الحوثيين وتهديدهم للأمن الدولي والملاحة البحرية ناجم عن التهاون الدولي إزاء الجماعة والتدخل لإعاقة القوات اليمنية عن تحرير الحديدة.

وكانت القيادة المركزية الأميركية «سنتكوم» قد أعلنت أنّ صاروخاً أطلقه الحوثيون أصاب، الاثنين، ناقلة النفط «ستريندا» التي ترفع علم النرويج أثناء إبحارها قبالة اليمن.

وأشارت إلى أنّ السفينة أبلغت عن وقوع «أضرار تسبّبت في نشوب حريق على متنها»، ومؤكّدة أنّ مدمّرة تابعة للبحرية الأميركية لبّت نداء استغاثة أطلقته السفينة، ومدّت لها يد العون.

وقالت شركة «موينكل كيميكال تانكرز»، المالكة لناقلة الكيماويات النرويجية التي أصيبت بصاروخ قبالة سواحل اليمن، لوكالة «رويترز»، إن الناقلة تتجه إلى ميناء آمن، وإن طاقمها المؤلف من 22 شخصاً من الهند، لم يُصَب أحد منهم بأذى.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يصعّدون هجماتهم ضد إسرائيل دون أضرار

العالم العربي مجسم وهمي لطائرة دون طيار من صنع الحوثيين (إ.ب.أ)

الحوثيون يصعّدون هجماتهم ضد إسرائيل دون أضرار

صعّدت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجماتها باتجاه إسرائيل في الذكرى الأولى لأحداث السابع من أكتوبر 2023 دون حدوث أي أضرار.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)

«مركز إنساني» أسسه الحوثيون يشرف على «حرب السفن»

أظهر تحقيق من منظمة غير حكومية سويسرية أن الهجمات البحرية التي يشنها الحوثيون قبالة سواحل اليمن يشرف عليها مركز لتنسيق العمليات الإنسانية أسسه الانقلابيون.

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون «الصرخة الخمينية» (أ.ف.ب)

تنديد يمني باستمرار اعتقال الحوثيين للمحتفلين بـ«26 سبتمبر»

جددت الحكومة اليمنية التنديد باستمرار الحوثيين في اعتقال الآلاف من المحتفلين بذكرى ثورة «26 سبتمبر» التي أطاحت أسلاف الجماعة الانقلابية عام 1962

علي ربيع (عدن)
شؤون إقليمية محاكاة طائرة بدون طيار خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل، في صنعاء، اليمن 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ «أرض-أرض» أُطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الاثنين)، إن صاروخ سطح-سطح أطلق من اليمن على وسط إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي 4.2 مليون يمني يقيمون في مناطق معرّضة لخطر «تدهور الأمن الغذائي الأسوأ»... (إ.ب.أ)

مساعدات أممية نقدية لـ1.43 مليون عائلة يمنية

ذكرت «منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (يونيسيف)» أن أكثر من 1.43 مليون أسرة تلقت مساعدات نقدية في إطار مشروع «الحوالات النقدية غير المشروطة».

وضاح الجليل (عدن)

الجزائر تدعو «الأوروبي» إلى «تجاوز منطق الربح التجاري» في علاقاتهما

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)
TT

الجزائر تدعو «الأوروبي» إلى «تجاوز منطق الربح التجاري» في علاقاتهما

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

قال وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، الثلاثاء، إن «اتفاق الشراكة» بين بلاده والاتحاد الأوروبي «ينبغي أن يتجاوز منطق الربح الفوري، ليأخذ تصوراً استراتيجياً يبنى على التنمية المستدامة بأتم معانيها».

وأفاد عطاف، خلال كلمة له بالعاصمة بمناسبة ذكرى انضمام الجزائر إلى الأمم المتحدة 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1962، بأن الجزائر «تسعى وتبذل جهوداً من أجل إقامة شراكة متوازنة ونافعة، في جوارها المتوسطي ومع الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص»، عادّاً الشراكة التي يريدها المسؤولون الجزائريون «يجب أن تمتثل تمام الامتثال لمبدأ توازن مصالح الطرفين، وتضع نُصب أولوياتها دعم جهود التنمية الاقتصادية في بلادنا، دون أي قيود ولا أي شروط ولا أي عوائق».

وأشار عطاف إلى ما ذكره الرئيس عبد المجيد تبون بهذا الخصوص، السبت الماضي، في أثناء مقابلة بثها التلفزيون العمومي، حينما تحدث عن «تطلع بلاده إلى مراجعة اتفاق الشراكة، الذي يجمعها مع الاتحاد الأوروبي، في جو من الثقة والسلاسة والتفاهم، لإحداث التوازن المطلوب في هذا الاتفاق ولتمكينه من مسايرة الواقع الاقتصادي الجديد لبلادنا، وتأهيله كأداة ناجعة لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة».

وأضاف عطاف: «في كل فضاءات الانتماء هذه وخارج هذه الفضاءات، ستواصل الدبلوماسية الجزائرية العمل من أجل تعزيز العلاقات التي تجمع الجزائر مع أشقائها وأصدقائها وشركائها، وضم جهودها معهم في سبيل رفع التحديات الكبرى التي ترمي بثقلها على المجموعة الدولية في المرحلة الراهنة».

وتابع: «إن هذه التحديات لها من الجسامة والخطورة والفداحة ما لا يحتمل التوجه نحو الانزواء أو الانطواء أو اللامبالاة. فالجميع متضرر ومطالب بالسعي للتغيير نحو الأفضل»، مشدداً على أن «الجزائر لن تكون إلا طرفاً فاعلاً في مسعى كهذا». وكانت المفوّضية الأوروبية أعلنت، في 14 يونيو (حزيران) الماضي، اعتراضها على قرارات بدأت الجزائر بتنفيذها عام 2021، تتعلق بتنظيم الواردات وتحفيز الإنتاج المحلي، شملت نظام تراخيص الاستيراد وحوافز لاستخدام المدخلات المحلية في قطاع السيارات، وتنظيم المشاركة الأجنبية في الشركات المستوردة.

ورأت المفوضية أن هذه الإجراءات «تقييدية» لصادراتها نحو الجزائر، وتخالف بنود «اتفاق الشراكة» الذي يجري العمل به منذ 19 سنة. ولوّحت باللجوء إلى التحكيم الدولي، الذي يتضمنه الاتفاق كآلية متاحة للطرفين في حال قدّر أحدهما أن شريكه أخلّ بتعهّداته التجارية. ويقول الجزائريون إن الإجراءات التي اتخذوها «تندرج في إطار خطة لتقليص فاتورة الواردات بهدف تنويع اقتصاد البلاد، وتقليل اعتماده على المحروقات وتعزيز التصنيع المحلي». ويتعاملون مع هذه القضية وفق منطق «سيادي»، لا يريدون للاتحاد الأوروبي أن يتدخل فيها.