قبل أيام من انطلاق الانتخابات الرئاسية المصرية، أثار الانتشار الكثيف لصور ولافتات تأييد الرئيس عبد الفتاح السيسي في المدن كافة، جدلاً واسعاً بين المصريين. وبينما اعتبرها معارضون «مبالغة» غير مطلوبة بالدعاية في ظل «ضعف التنافسية» والفوز المتوقع للرئيس الحالي، ردت حملته بأنها لا يمكن أن «تُوقف الناس» عن التعبير عن آرائهم، واعتبرتها «دليلاً على حب الرئيس».
وتجرى الانتخابات داخل مصر أيام 10 و11 و12 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، فيما أنهى المصريون في الخارج تصويتهم في الاستحقاق بداية الأسبوع. ويشارك في الانتخابات إلى جانب السيسي الذي يسعى لولاية ثالثة تستمر حتى 2030، كل من فريد زهران رئيس «الحزب المصري الديمقراطي»، وعبد السند يمامة رئيس حزب «الوفد»، وحازم عمر رئيس حزب «الشعب الجمهوري».
واعتبر نائب رئيس حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» طلعت فهمي أن كثافة الدعاية «أمر مبالغ فيه بشكل كبير»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنها «تأتي في ظل ظروف اقتصادية صعبة تعيشها مصر... وكان الأولى توجيهها لصالح إغاثة الشعب الفلسطيني، كما دعا الرئيس السيسي نفسه قبل ذلك، أو لصالح المصريين الذين يعانون من غلاء الأسعار».
ويرى فهمي أن «التكلفة المالية للعملية الانتخابية كلها ليست ذات جدوى، خصوصاً أن كل الشواهد تقول إن النتيجة محسومة تقريباً لصالح السيسي».
انعكاس شعبية
بدوره، رد المستشار محمود فوزي رئيس الحملة الانتخابية للسيسي بأن «انتشار لافتات وصور الرئيس السيسي يعكس حب الناس»، وقال في لقاء تلفزيوني، مساء الثلاثاء، إن «الحملة طالبت الجميع بتخفيض الإنفاق، لكن في النهاية، الحملة ليست مسيطرة على تصرفات الأحزاب ومؤيدي الرئيس، ويجب أن نعترف بأن مرشحنا له شعبيته وإنجازاته ومن يؤيدونه... والمواطن الذي يرفع صورة الرئيس السيسي في (بلكونته) فهذا نوع من أنواع الدعاية الانتخابية».
ووضعت «الهيئة الوطنية للانتخابات» حداً أقصى للدعاية لكل مرشح، يبلغ 20 مليون جنيه (السعر الرسمي للدولار يعادل نحو 30.90 جنيه)، ومبلغ 5 ملايين جنيه في حال إعادة الانتخابات.
وقرر السيسي، وفق فوزي، «تخفيض الإنفاق على حملته، وتخصيص هذه الأموال لصالح دعم الفلسطينيين في غزة». وأضاف مدير الحملة: «لم يكن قرار تخفيض النفقات يتعلق بالأبعاد الاقتصادية، لكنه كان قراراً إنسانياً لدعم الفلسطينيين». لافتاً إلى أنه «في النهاية لا نستطيع أن نسيطر على حب الناس، وعلى توجهاتهم».
بدوره، قال ناجي الشهابي رئيس «حزب الجيل»، وهو أحد الأحزاب المؤيدة لترشيح السيسي، إن انتشار صور ولافتات تأييده «أمر طوعي تقوم به الأحزاب والمواطنون، ولم يوجهنا أحد لذلك».
وأضاف الشهابي لـ«الشرق الأوسط»: على العكس فإن «الحملة الرسمية للرئيس أبلغتنا بتوجيهاته بضغط نفقات الدعاية والتبرع بها لصالح إغاثة غزة، لكن رأينا أننا يجب أن نعلن عن موقفنا بتأييد السيسي مع تقليل النفقات».
ويبدى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور عمرو هاشم ربيع، اختلافاً مع تقييمات مؤيدي السيسي، ويقول إن «الشواهد تقول إن الرئيس سيفوز... إذن فما سبب المبالغة الكبيرة في الدعاية؟ وما الهدف؟»، ويضيف: «كان الأفضل تنفيذ توجيهات الرئيس بتخصيص هذه الأموال لصالح إغاثة غزة». مطالباً بأن «تقوم الهيئة الوطنية للانتخابات بدورها في مراقبة التزام المرشحين بالحد الأقصى لتكلفة الدعاية الذي حددته».
دعاية مزدوجة
ويعكس انتشار صور السيسي في الشوارع، رغم توقع فوزه، «رغبة في إظهار شعبيته وأنه يحظى بتأييد واسع من المواطنين، كما أنها دعاية مزدوجة للمؤيدين في الوقت نفسه»، وفق ما يذهب إليه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور مصطفى كامل السيد، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «معظم اللافتات يظهر فيها اسم الشخص صاحب اللافتة، للتأكيد على أنه يؤيد الرئيس».
لكنه أشار في المقابل إلى أن «المبالغة في الدعاية تؤدي أحياناً إلى نتيجة سلبية؛ بمعنى أنها قد تشكل لدى الجمهور انطباعاً بأن النتيجة محسومة، فيقرر بعضهم عدم الذهاب لصناديق الانتخابات، لأنهم يعتقدون أن الذهاب بلا جدوى».