تورط تشكيل أمني وقيادي حوثي في تهريب مبيدات محظورة

الجماعة تستخدم الممنوعات ضمن مصادر تمويلها

يسهّل قادة الجماعة الحوثية للتجار الموالين لهم استيراد المواد الممنوعة (أ.ف.ب)
يسهّل قادة الجماعة الحوثية للتجار الموالين لهم استيراد المواد الممنوعة (أ.ف.ب)
TT

تورط تشكيل أمني وقيادي حوثي في تهريب مبيدات محظورة

يسهّل قادة الجماعة الحوثية للتجار الموالين لهم استيراد المواد الممنوعة (أ.ف.ب)
يسهّل قادة الجماعة الحوثية للتجار الموالين لهم استيراد المواد الممنوعة (أ.ف.ب)

كشفت وثيقة صادرة عن جماعة الحوثي التي تسيطر على العاصمة اليمنية المختطفة منذ نهاية 2014، عن تورط تشكيل أمني وقيادي بارز في الجماعة في تهريب مبيدات زراعية مجرم استخدامها؛ لخطورتها على المحاصيل الزراعية وصحة الإنسان.

وتؤكد الوثيقة إقراراً علنياً باستخدام قيادات ومشرفي الجماعة تهريب المبيدات بوصفها مصدراً من مصادر التمويل، رغم مخاطرها الكبيرة على الإنسان والنبات والتربة.

وثيقة تؤكد تورط الحوثيين في تهريب المبيدات المحظورة (إكس)

الرسالة الموجهة من إدارة الضبط الجمركية في مكتب جمارك ورقابة صنعاء التابعة للحوثيين، تنقل شكوى مدير الجمارك من قيام تشكيل أمني بإخراج شحنة من المبيدات المحظورة والتابعة لتاجر وقيادي بارز في الجماعة بالقوة، بعد أيام من التحفظ عليها.

وأكدت الرسالة التي حملت عنوان «بلاغ عاجل» إلى غرفة العمليات المشتركة في مصلحة الجمارك التابعة للحوثيين، أنه تم إخراج قاطرة تحمل «مبيدات محظورة وممنوعة» من قبل قوات النجدة بالقوة، حيث قام قائد كتيبة الخدمات بقوات النجدة نبيل لطف الله، ومعه الضابط عبد الله الباردة، باقتحام ساحة مكتب جمارك ورقابة صنعاء، مصطحبين معهم ثلاث عربات عسكرية مع الأفراد المنتمين لقوات النجدة.

توجيهات عليا

وفق ما جاء في الرسالة، فقد أبلغ المقتحمون ضابط أمن الجمرك بأن لديهم توجيهات من مدير عام القيادة والسيطرة في وزارة الداخلية في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، التي يقودها عبد الكريم الحوثي، عم زعيم الجماعة، بإخراج القاطرة المحملة بشحنة من المبيدات السامة نوع «بروميد الميثيل المحظور والممنوع».

وتتبع الشحنة شركة «سبأ العالمية» المملوكة للقيادي في جماعة الحوثي دغسان أحمد دغسان، وهو تاجر شهير، وأصبح عقب الانقلاب أحد قادة الجماعة، وينحدر من محافظة صعدة، معقلها الرئيسي.

رسالة مكتب الجمارك ذكرت أن قائد قوات النجدة الحوثية «أبو بدر المراني»، وهو من صعدة أيضاً، انضم إلى المجموعة الأولى وبصحبته مسلحون، وقاموا بإخراج القاطرة من ساحة الجمرك بالقوة، وأخبروا مديره العام بأن لديهم توجيهات عليا بذلك، «ولا يمكن لأحد منعهم» من تنفيذ تلك التوجيهات.

تنتشر في صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين محالّ بيع المبيدات المحظور استعمالها (فيسبوك)

وبحسب الوثيقة، فإن الشحنة لم يتم استيفاء الرسوم الجمركية والعوائد الأخرى عليها، كما لا تمتلك تصاريح وموافقة من وزارة الزراعة والجهات المعنية؛ «كونها تحمل مبيدات محظورة».

وطالب مدير جمارك صنعاء من رئاسة المصلحة التابعة للحوثيين باتخاذ ما يلزم وتطبيق القانون تجاه ما حدث، لكنه ورغم مرور نحو شهر على الواقعة لم يتخذ أي إجراء، وفق مصادر عاملة في قطاع الزراعة في مناطق سيطرة الحوثيين.

انتهاك متكرر

المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، بشرط عدم الإفصاح عن هويتها خشية الانتقام، أكدت أن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها دغسان وغيره من التجار العاملين مع الحوثيين بإدخال شحنات من المبيدات الممنوعة إلى تلك المناطق.

وذكرت أن دغسان، وهو أحد القيادات البارزة في الجماعة منذ سيطرتها على العاصمة اليمنية، يرتبط بعلاقات وثيقة مع زعيمها شخصياً، كما أنه أصبح أحد التجار الذين يمولون أنشطتها ويستثمر أموالها، خاصة في قطاعي الزراعة واستيراد المشتقات النفطية.

ومنذ بداية التمرد على الحكومة اليمنية أقام الحوثيون - بحسب المصادر - علاقات تعاون وثيقة وغير معلنة مع تجار الأسلحة ومهربي المبيدات، خاصة في محافظة صعدة، وكان هؤلاء يوفرون للجماعة الأسلحة والدعم المالي في مقابل عدم التعرض لممتلكاتهم في المحافظة، وبعدها في صنعاء.

وتولى الحوثيون توفير الحماية لتحركات هؤلاء التجار في مناطق الشريط الحدودي في محافظتي صعدة وحجة، وزادت هذه العلاقات منذ عام 2011 مع ارتخاء سيطرة الحكومة المركزية على محافظات شمال صنعاء وغربها، وأصبح معظم هؤلاء أجزاء من البنية التنظيمية للجماعة وحتى اليوم.

المحامي اليمني عبد الرقيب الحيدري، عدَّ دخول المبيدات التابعة لنافذين خطورةً كبيرة على الصحة العامة للمجتمع، بما تحتويه من مواد مسرطنة، ومضرة بالأجهزة الحيوية للبشر والبيئة عموماً.

مبنى الجمارك والرقابة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

وذكر المحامي أنه قد انتشرت في الآونة الأخيرة الأورام والاعتلالات العضوية نتيجة هذه المواد الكيماوية التي تعد نفايات تضر بكل مكونات البيئة عموماً من بشر وشجر وغير ذلك، ووصف التاجر الذي ورد اسمه في بلاغ مكتب الجمارك بأنه «أحد أعمدة وبؤر التهريب دون عوائق، وبدعم وإسناد من جهات رسمية»، وطالب بالتصدي لهذا الخطر الذي وصفه بأنه «وجودي».

تهريب منظم

في مطلع يوليو (تموز) الماضي، كشفت وثيقة مسربة عن منح القيادي الحوثي ضيف الله شملان، المنتحل صفة وكيل وزارة الزراعة، ترخيصاً لإحدى الشركات التجارية باستيراد وتسويق كمية كبيرة من مبيد «دورسبان» الذي جرى تقييد استيراده واستخدامه في اليمن منذ عام 2006، إلا بواسطة إشراف وزارة الزراعة.

وفي موازاة ذلك، كشفت وثيقة أخرى عن توجيه القيادي الحوثي يحيى الكحلاني، المنتحل صفة وكيل مساعد قطاع المطارات في هيئة الطيران، طلبا إلى مؤسسة الخدمات الزراعية بـ7 أطنان من المبيد نفسه لاستخدامه في مكافحة حشرات الأرضة والعناكب في مباني ومحيط المطار، وأشارت الوثيقة إلى أن المبيد المطلوب يعود للشركة نفسها التي أصدر أبو شملان ترخيصاً بالسماح لها باستيراد المبيد.

تشكل المبيدات المحظورة في اليمن خطراً على الزراعة والإنسان (أ.ف.ب)

وشككت مصادر زراعية في صنعاء، في حديث سابق لها مع «الشرق الأوسط»، باستخدام هذه الكمية من هذا المبيد في حماية أراضي ومباني مطار صنعاء من الحشرات، نظراً لضخامتها من جهة، ولعدم الحاجة إلى هذا النوع من المبيدات لحماية مبان وأراضٍ غير زراعية، فالحشرات التي تتكاثر في هذه الأماكن يمكن مواجهتها بكميات محدودة من المبيدات، وأنواع أقل سمّية وخطراً على البشر.

ورجحت المصادر أن يكون وراء طلب هذه الكمية من هذا المبيد شبهة فساد كبيرة، حيث يحتمل أن يتم نهبها من مخازن المطار وتسليمها إلى تجار المبيدات الحشرية والمستلزمات الزراعية، أو تسليمها إلى هؤلاء التجار مباشرة بسبب انعدام الرقابة والتفتيش، ولكون شبكات الفساد مرتبطة ببعضها البعض.

وسبق أن استحدثت جماعة الحوثي كياناً جديداً أطلقت عليه اسم «الإدارة العامة للمبيدات» يتبع شكلياً هيكل وزارة الزراعة والري التي تسيطر عليها منذ الانقلاب، لكنه مستقل عنها مالياً وإدارياً.


مقالات ذات صلة

السعودية شريان الحياة للتنمية في اليمن

الخليج أطلق «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» سلسلة من المشاريع والمبادرات التنموية التي تغطي قطاعات حيوية (الشرق الأوسط)

السعودية شريان الحياة للتنمية في اليمن

في إطار جهود السعودية لدعم التنمية المستدامة في اليمن، أطلق «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» سلسلة من المشاريع والمبادرات التنموية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط) play-circle

خاص محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

أكد محافظ حضرموت أن الباب ما زال مفتوحاً أمام قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، للانسحاب من المحافظات الشرقية، درءاً لأي اقتتال بين الإخوة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وماركو روبيو وزير خارجية الولايات المتحدة (وام)

عبد الله بن زايد وماركو روبيو يناقشان تطورات اليمن وأوضاع غزة

بحث الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، مع ماركو روبيو، وزير خارجية الولايات المتحدة، العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

الخليج لقطة من مقطع فيديو لمراقبة الشحنة العسكرية قبل أن يضربها التحالف قرب ميناء المكلا أمس (رويترز)

«التحالف» يفند ادعاءات «بيان الإمارات»... خروقات ومخالفات مرتبطة بسفينتي المكلا

أكد تحالف دعم الشرعية في اليمن أن السفينتين اللتين دخلتا ميناء المكلا خالفتا الإجراءات المعمول بها في مثل هذه الحالات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الكويت العاصمة (كونا)

الكويت تؤكد دعمها الكامل للحكومة الشرعية اليمنية وتدعو للحلول الدبلوماسية

شددت الكويت على ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، وحماية مصالح الشعب اليمني الشقيق، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.


مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.