الأمراض الوبائية تتكالب على اليمنيين بسبب منع اللقاحات

ارتفاع معدلات الإصابة بـ«الدفتيريا» بنسبة 57 % ‎

بدعم من مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية زُوِّدت كثير من المستشفيات اليمنية بمصانع لإنتاج الأكسجين (الأمم المتحدة)
بدعم من مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية زُوِّدت كثير من المستشفيات اليمنية بمصانع لإنتاج الأكسجين (الأمم المتحدة)
TT

الأمراض الوبائية تتكالب على اليمنيين بسبب منع اللقاحات

بدعم من مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية زُوِّدت كثير من المستشفيات اليمنية بمصانع لإنتاج الأكسجين (الأمم المتحدة)
بدعم من مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية زُوِّدت كثير من المستشفيات اليمنية بمصانع لإنتاج الأكسجين (الأمم المتحدة)

تتكالب الأمراض الوبائية على اليمنيين بسبب استمرار الحوثيين في منع حملات تطعيم الأطفال ضد الأمراض القاتلة، حيث كشفت منظمة الصحة العالمية عن زيادة كبيرة في حالات الإصابة بمرض الدفتيريا (الخناق) منذ بداية العام الحالي بنسبة 58 في المائة، بعد تفشي مرض الحصبة والحصبة الألمانية بشكل كبير جداً.

وذكرت المنظمة في تقرير وزعته، الخميس، أن البيانات المرصودة حتى 14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تظهر أن عدد حالات الإصابة بالخناق (الدفتيريا) ارتفع بنسبة 57 في المائة مما كانت عليه في عامي 2021 و2022. وبينت أن حالات الإصابة ارتفعت تدريجياً منذ عام 2021، لكنها لاحظت زيادة كبيرة في عام 2023.

بالتعاون مع الصحة العالمية و«اليونيسف» تنفذ الحكومة اليمنية حملات مستمرة لتلقيح الأطفال (الأمم المتحدة)

ووفق هذه البيانات جرى الإبلاغ حتى الآن عن 1671 حالة يشتبه في إصابتها بالخناق، مع 109 حالات وفاة مرتبطة بها، خلال 9 أشهر ونصف الشهر من هذا العام مقارنة بـ 1283 حالة جرى الإبلاغ عنها في العام الماضي بأكمله.

وأوضحت المنظمة أن الخناق عادة ما يكون مرضاً شتوياً، لذا فإن الزيادة في الحالات التي لوحظت من يونيو (حزيران) إلى سبتمبر (أيلول) العام الحالي تمثل تغييراً في النمط الموسمي المعتاد.

300 مريض يواجهون الموت

استجابة للزيادة الحالية في الحالات المرضية، أعلنت منظمة الصحة العالمية تزويد وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية بكمية عاجلة تبلغ 2200 قارورة من مضاد ذيفان (ترياق الخناق)، التي ستوزَّع في المناطق الأكثر تضرراً.

ولكن نظراً لتعقيدات الوضع في البلاد، لم يجرِ تسليم سوى 220 قارورة حتى الآن، في حين أن النقص العالمي في ترياق الخناق يؤثر في إمكانية توفيره، ويزيد من أسعاره.

وأكدت المنظمة الأممية أن الجرعات التي استطاعت توفيرها لا تكفي إلا لعلاج 300 مريض بحالة حرجة، وهو عدد غير كافٍ لمعالجة هذه المشكلة.

يواصل الحوثيون منع حملات التحصين ما تسبب في عودة كثير من الأمراض (الأمم المتحدة)

وتوقع أرتورو بسيغان، ممثل الصحة العالمية في اليمن أن يستمر في عام 2024 انتشار فاشيات متعددة وكبيرة لأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات، بما في ذلك الخناق، مع وصول نسبة الأطفال غير المحصنين أو الذين لم يجرِ تطعيمهم بأي جرعة لقاحات إلى 28 في المائة.

كما أن نقص التمويل وانعدام الوصول لعدد كبير من اليمنيين سيؤثر سلباً في صحة وحياة الأشخاص الأكثر ضعفاً في اليمن، وفق المسؤول الأممي.

انخفاض معدلات التحصين

وفق منظمة الصحة العالمية فإن هناك انخفاضاً كبيراً في معدلات التحصين وزيادة مترتبة على هذا الانخفاض في أعداد حالات الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات في أوساط الأطفال في اليمن.

ونبهت المنظمة إلى أن الانخفاض في التغطية التحصينية يزداد سوءاً بسبب التدهور الاقتصادي، وانخفاض الدخل، والنزوح، والظروف المعيشية المكتظة في المخيمات، إلى جانب النظام الصحي المنهك والنقص الحاد في التمويل.

وأكدت أنه لا يمكن الوصول إلى ملايين الأطفال من خلال أنشطة التحصين الروتينية، حيث ارتفعت أعداد الحالات المشتبه في إصابتها بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات إلى مستويات غير مسبوقة.

وتواصل المنظمة الأممية رصد وتحليل بيانات الفاشيات والحالات المبلغ عنها أسبوعياً، لضمان الفهم الكامل للوضع الوبائي في البلاد. وفق ما ذكرته في البيان.

وزير الصحة اليمني قاسم بحيبح مجتمعاً في عدن مع مستثمرين في مجال الأدوية (سبأ)

وأوضحت المنظمة أن مرض الخناق (الدفتيريا) عدوى تسببها بكتيريا الخناق الوتدية، وتتراوح العلامات والأعراض من خفيفة إلى شديدة، وغالباً ما تظهر تدريجياً، وترتفع معدلات الوفيات الناتجة عن الإصابة بهذا المرض بين الأطفال الأصغر سناً الذين لم يُحَصَّنوا.

ونبهت إلى أنه في حالات الإصابة الشديدة بهذا المرض، تنتج البكتيريا سماً في الجزء الخلفي من الحلق يمكن أن يسد مجرى الهواء، فيصعب التنفس أو البلع.

وحذرت من أن هذا السم أيضاً قد يصل إلى مجرى الدم، ما يسبب مضاعفات قد تشمل التهاب عضلة القلب وتلفها، والتهاب الأعصاب، ومشكلات الكلى، أو النزيف. وقد تتضاعف مشكلات عضلة القلب، وتتسبب في تسارع غير طبيعي في النبض، كما قد يؤدي التهاب الأعصاب إلى الشلل.


مقالات ذات صلة

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون بسجون مخابرات الجماعة الحوثية أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق قيادات «المؤتمر الشعبي»

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان كثيف إثر استهداف مدينة الحديدة بغارات إسرائيلية رداً على هجوم صاروخي حوثي (إكس)

سفينة تبلغ عن انفجارات في محيطها قبالة الحديدة باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على بعد 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت عن عدة انفجارات في محيطها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

يشهد اليمن زيادة في أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في حين ينتظر النازحون، بسبب الحرب وتطرفات المناخ، شتاء قاسياً في ظل التردي الاقتصادي.

وضاح الجليل (عدن)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».