استغلت الجماعة الحوثية الأحداث الجارية في غزة واستنفرت في الأسبوعين الأخيرين كبار قادتها ومشرفيها في المناطق الواقعة تحت سيطرتها لتنظيم حملات تجنيد جديدة في قرى ومناطق تتبع 9 محافظات؛ هي صنعاء وريفها، وإب، وذمار، والحديدة، وعمران، وحجة، والمحويت، وريمة.
ونظراً للنزيف الحاد الذي أصاب مخزون الجماعة البشري وعزوف المجتمع عن مدها بمقاتلين، شكلت قبل أيام ما تسمى «اللجنة العليا لنصرة الأقصى» وانبثق عنها لجان أخرى على مستوى تلك المناطق لتولي مهام الإشراف على التعبئة والتحشيد إلى جبهات القتال.
وأقر قادة حوثيون في اجتماع لهم عُقد أخيراً بصنعاء، تولي مشرفين وعناصر تابعة لهم مهام تنفيذ ما أطلقوا عليه التوجيهات الصادرة عن زعيمهم عبد الملك الحوثي حول تجنيد مقاتلين جدد إلى صفوفهم.
مسؤولون عن التعبئة
أوكلت الجماعة الحوثية مسؤولية التعبئة والتحشيد في صنعاء وريفها إلى القياديين خالد المداني، وسيف الهاشمي، وفي الحديدة إلى القيادي محمد قحيم، وإلى علي الخطيب في المحويت، وسجاد حمزة في عمران، ومحمد النهاري في ريمة، وراكان النقيب في محافظة إب، وإبراهيم الحملي في حجة، وأحمد الضوراني في ذمار، وفق ما ذكرته مصادر مطلعة.
وشكا مواطنون في صنعاء وريفها ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من عودة الجماعة مجدداً إلى تكثيف تحركاتها ونزولها الميداني إلى مناطقهم لمطالبة الأهالي بإلحاق أبنائهم بالقتال ضمن ما أطلقت عليه «كتائب طوفان الأقصى».
وكان سكان أحياء متفرقة في شمال ووسط صنعاء كالسنينة ومذبح وشملان، وغيرها رفضوا دعوات استنجاد وجهها معممون حوثيون من المنابر بخطبتي الجمعة للخروج عقب الصلاة للمشاركة بمسيرات زعمت الجماعة أنها لنصرة فلسطين، وكذا تقييد أسمائهم ضمن كشوف التجنيد الجديدة.
عزوف مجتمعي
أفاد مصدر مطلع على ما يدور في دائرة حكم الجماعة بفشل ذريع منيت به في استقطاب أي مجندين جدد في أغلب الأحياء والمديريات التابعة للعاصمة وفي قرى وعزل تتبع محافظة ريف صنعاء ومناطق أخرى خلال أسبوعين ماضيين منذ بدء الحملة الجديدة التي كانت وجهت بتنفيذها للتحشيد إلى الجبهات.
وكشفت المصدر لـ«الشرق الأوسط» عن أن العزوف المجتمعي والقبلي عن دعوات التعبئة والتحشيد، قاد كبار قادة الجماعة إلى اللجوء مجدداً إلى توسل بعض زعماء القبائل، خصوصاً بمناطق ما تسمى «طوق صنعاء» لمساعدتهم بإنجاح حملات التجنيد بعد إغرائهم بالأموال والمناصب.
وعقدت قيادات حوثية بريف صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرتها في الأيام القليلة سلسلة لقاءات مع وجاهات وبعض زعماء القبائل ومسؤولين محليين، بزعم التعبئة لنصرة فلسطين، وهو ما وصفه سياسيون في صنعاء بأنه يندرج ضمن استغلال الجماعة المتكرر للقضية الفلسطينية والاستفادة منها بتعزيز جبهاتها عبر حملات التجنيد القسري، إلى جانب جني الأموال من الجبايات المفروضة على السكان.
وفي محافظات الحديدة وذمار وإب، تحدثت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، عن فشل الجماعة في تجنيد أهالي عُزل وقرى تتبع مديريات عدة، منها زبيد، والتحيتا، والجراحي، وجبل رأس، والحدا، والمنار، وعنس، وجبلة، ومذيخرة وذي السفال.
وأكدت المصادر أن أتباع الجماعة حاولوا منتصف الأسبوع الماضي استخدام جميع وسائل الضغط والترهيب بحق الأسر بتلك المناطق بغية القبول بإلحاق أبنائها في الجبهات، لكنها قوبلت بالرفض الواسع.
وحذّر سكان بتلك المناطق المستهدفة من مغبة مواصلة الجماعة تحركاتها الحالية لاستقطاب الأطفال وصغار السن بمناطق سيطرتها وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، ومن ثم الزج بهم كوقود لعملياتها العسكرية المختلفة تحت مزاعم كاذبة.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، أطلقت الجماعة العشرات من حملات التعبئة والتحشيد في المدن والقرى الخاضعة لها تحت ذرائع ومسميات مختلفة، وسط تواصل فشلها في إقناع رجال القبائل بإسنادها بمقاتلين بغية تعزيز جبهاتها.