إخضاع مسؤولين أمنيين في صنعاء لبرامج تعبئة طائفية

ضمن عمليات «حوثنة» المؤسسات واستقطاب الأتباع

تشن الجماعة الحوثية حربها على اليمنيين تحت ذريعة أنها تقاتل أميركا وإسرائيل (إ.ب.أ)
تشن الجماعة الحوثية حربها على اليمنيين تحت ذريعة أنها تقاتل أميركا وإسرائيل (إ.ب.أ)
TT

إخضاع مسؤولين أمنيين في صنعاء لبرامج تعبئة طائفية

تشن الجماعة الحوثية حربها على اليمنيين تحت ذريعة أنها تقاتل أميركا وإسرائيل (إ.ب.أ)
تشن الجماعة الحوثية حربها على اليمنيين تحت ذريعة أنها تقاتل أميركا وإسرائيل (إ.ب.أ)

​بدأت الجماعة الحوثية في صنعاء، منذ نحو أسبوع، إخضاع مسؤولين أمنيين في مناطق متفرقة من العاصمة للتعبئة الفكرية والطائفية، ضمن عمليات «حوثنة» المؤسسات، ونشر الأفكار الخمينية وتعميمها على أطياف المجتمع، وفق ما ذكرته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وتحدثت المصادر عن إجبار الحوثيين نحو 35 مسؤولاً أمنياً من مديري ونواب مراكز وأقسام شرطة وإدارات وأقسام التحريات والمباحث الجنائية، على حضور دورات التعبئة، وهم ممن تشك الجماعة في ولائهم المطلق لزعيمها.

استغل الحوثيون التهدئة لتعزيز قدراتهم العسكرية وتجنيد مزيد من المقاتلين (إ.ب.أ)

وتركزت مضامين الدورات على إخضاع المسؤولين الأمنيين للاستماع إلى خطب ومحاضرات وبرامج تعبوية، يلقيها معممون ينتمون إلى السلالة الحوثية، إضافة إلى تقديم دروس مستنبطة من مناهج إيرانية.

وإلى جانب الاستهداف بالتطييف، حرض المعممون الحوثيون المشاركين في تلك الدورات على اتخاذ كل ما يلزم من الوسائل والأدوات، من بينها القمع والإذلال والترهيب والملاحقة والاعتقال، ضد الأصوات المتزايدة المناوئة للجماعة والرافضة لفكرها الطائفي.

ونقل مصدر مطلع على ما يدور في دائرة حكم الجماعة في صنعاء، عن قيادات حوثية تدير قطاع الأمن في صنعاء، زعمها أن هذه البرامج والدروس عبارة عن دورات «فكرية وتوعوية» تستهدف رؤساء ونواب مديري الإدارات والمناطق والأقسام الأمنية في العاصمة صنعاء.

وأفصح المصدر عن اقتياد الجماعة عشرات الضباط في قطاع الأمن العام، وخصوصاً ممن لديها شكوك مسبقة في عدم ولائهم لزعيمها عبد الملك الحوثي، إلى مراكزها السرية؛ حيث يقع أحدها في مقر مدرسة الشرطة العسكرية وسط صنعاء، ويعد مركزاً معتمداً من قبل الجماعة، لإقامة سلسلة دورات من هذا النوع.

ويعد سلوك الجماعة امتداداً لدورات سابقة، أجبرت فيها مسؤولي وموظفي المؤسسات الحكومية ومواطنين في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، على المشاركة قسراً في برامج «التطييف».

تكريس الولاء

واشتكى ضباط أمن في صنعاء، شاركوا في البرنامج الحوثي، لـ«الشرق الأوسط»، من إلزام الجماعة لهم بحضور دورات ليست لها علاقة بالهموم والمشكلات المتعلقة بقطاع الأمن وما تعانيه صنعاء وبقية المناطق من انفلات أمني غير مسبوق، يرافقه تصاعد متكرر ومخيف في منسوب الجرائم بمختلف أشكالها.

عناصر أمن موالون للحوثيين في إب اليمنية يرددون «الصرخة الخمينية» (إعلام حوثي)

وأكد أحد الضباط في صنعاء أن الجماعة تركز اهتمامها على الجانب الطائفي والتحريضي أكثر من الجانب الأمني، وما يعانيه من اختلالات كانت نتاج انقلابها وفرض بسطتها بقوة السلاح على مؤسسات الدولة.

وأوضح أن الدورة الحوثية التي استهدفتهم أخيراً كانت لغرض الشحن الطائفي، والتحريض على استخدام وسائل العنف والتعسف والقمع ضد المشاركين في أي تظاهرات تعارض سياسات وفساد الجماعة، وفي مقدمهم الموظفون العموميون المطالبون بالرواتب.

وأبدى أحمد -وهو اسم مستعار لضابط أمن حضر الدورة الحوثية- استياءه مما وصفه بـ«ممارسات الكذب والخداع» وادعاء الجماعة أن الدورة ليس لها علاقة بالطائفية والتحريض على العنف والقتل.

وأفاد بأنه توقع لحظة استدعائه للمشاركة فيما يسمى برنامج «أمني توعوي» أن يتلقى التدريب على أمور من شأنها خدمة المجتمع في مجال الأمن، وغيره؛ لكنه تفاجأ مع كثير من زملائه بأن البرنامج خُصص للاستماع إلى محاضرات وخطب زعيم ومؤسس الجماعة، تحرض على العنف والاقتتال وزرع الفتنة والطائفية.

وجاء هذا التوجه الانقلابي متزامناً مع دعوات حوثية أخرى لوجهاء القبائل ومسؤولي الأحياء في صنعاء وضواحيها، للبدء في إطلاق دورات تعبوية وأعمال تحشيد المقاتلين تحت لافتة «نصرة فلسطين».

كما تأتي تلك التحركات في وقت لا تزال تعاني فيه معظم مناطق سيطرة الجماعة من حالة تدهور اقتصادي ومعيشي حاد، إلى جانب الارتفاع المخيف وغير المعهود لمنسوب الجرائم والانتهاكات، أغلبها ضد المدنيين. ويقف خلف ارتكاب كثير منها عصابات على ارتباط بقيادات حوثية.

وكانت الجماعة الحوثية قد أقرّت حديثاً بتسجيل مناطق سيطرتها أكثر من 3258 جريمة وانتهاكاً خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، شمل بعضها القتل والإصابة والنهب والسرقات والاعتداء والسطو على الممتلكات، وجرائم أخرى.


مقالات ذات صلة

واشنطن تدمر 4 زوارق مسيّرة في البحر الأحمر

المشرق العربي رافعة متضررة على رصيف التحميل في ميناء الحديدة بعد يوم من الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

واشنطن تدمر 4 زوارق مسيّرة في البحر الأحمر

استأنف الحوثيون العمل في ميناء الحديدة على الرغم من استمرار الحريق في مستودعات الوقود لليوم الثالث جراء الغارات الإسرائيلية، بينما دمرت واشنطن 4 زوارق مسيرة.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الحوثيون يُرغمون الموظفين الحكوميين على حضور دورات ذات منحى طائفي (إعلام حوثي)

دورات «تطييف» حوثية تستهدف عشرات المسؤولين المحليين

أخضعت جماعة الحوثي نحو 41 مسؤولاً محلياً، استقدمتهم من مديريات تحت سيطرتها إلى العاصمة المختطَفة صنعاء، خلال الأيام الأخيرة الماضية لتلقّي برامج ودروس تعبوية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي الجماعة الحوثية استهدفت قطاع الأدوية في مناطق سيطرتها بحملات متكررة (فيسبوك)

شركات الأدوية في صنعاء تتعرض للتعسف بدافع الابتزاز

تعرَّضت نحو 10 مؤسسات دوائية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، لعمليات دهم تعسفية بدافع الابتزاز، على أيدي مسلحين حوثيين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي يمني يبيع وقوداً في الشارع وسط أزمة نفط تواجهها صنعاء ومناطق أخرى في البلاد (إ.ب.أ)

أزمة وقود في صنعاء تربك الانقلابيين غداة قصف الحديدة

شهدت صنعاء ومدن يمنية أخرى، لليوم الثاني على التوالي، أزمة وقود، وسط ارتباك حوثي في احتواء الموقف، وذلك غداة قصف إسرائيل خزانات الوقود في ميناء الحديدة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
شؤون إقليمية صورة الأقمار الاصطناعية تظهر منظراً لخزانات النفط المحترقة في ميناء مدينة الحديدة اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون (أ.ف.ب)

مصادر إسرائيلية: الجيش تدرب في اليونان على ضرب بنك أهداف باليمن

الجيش الإسرائيلي وأجهزة مخابراته أعدوا منذ شهور لاحتمال القيام بهجوم على مواقع للحوثيين في اليمن وتدربوا في اليونان على بنك أهداف

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

«حزب الله» يعلن استهداف شمال إسرائيل بالصواريخ رداً على قصف طال مدنيين

«حزب الله» يقصف شمال إسرائيل «بصواريخ كاتيوشا» رداً على قصف طال مدنيين (أ.ف.ب)
«حزب الله» يقصف شمال إسرائيل «بصواريخ كاتيوشا» رداً على قصف طال مدنيين (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يعلن استهداف شمال إسرائيل بالصواريخ رداً على قصف طال مدنيين

«حزب الله» يقصف شمال إسرائيل «بصواريخ كاتيوشا» رداً على قصف طال مدنيين (أ.ف.ب)
«حزب الله» يقصف شمال إسرائيل «بصواريخ كاتيوشا» رداً على قصف طال مدنيين (أ.ف.ب)

أعلن «حزب الله»، اليوم (الأحد) قصف شمال إسرائيل «بصواريخ كاتيوشا»؛ رداً على قصف قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف، منتصف ليل السبت الأحد، مستودع ذخائر تابعاً للحزب في جنوب لبنان، وأدى إلى إصابة 6 مدنيين بجروح، وفق الإعلام الرسمي اللبناني.

وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، منذ بدء الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، يُسجَّل تبادل شبه يومي للقصف عبر الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بين «حزب الله» الداعم لـ«حماس» وفصائل حليفة له من جهة، والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى.

وقال «حزب الله» في بيان إنه «رداً على اعتداءات العدو الإسرائيلي التي طالت المدنيين في بلدة عدلون وأصابت عدداً منهم بجروح»، استهدف منطقة دفنا في شمال إسرائيل «بصواريخ كاتيوشا».

وفي وقت سابق الأحد، أكد الجيش الإسرائيلي أنه استهدف منتصف ليل السبت الأحد مستودع ذخائر لـ«حزب الله»، بعدما نقل الإعلام الرسمي اللبناني تعرض مستودع ذخائر في جنوب لبنان لغارة إسرائيلية.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: «خلال الليلة الماضية، أغارت طائرات حربية على مستودعَيْن للأسلحة في منطقة جنوب لبنان».

وكانت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية ذكرت، ليل السبت، أنّ «غارة على بلدة عدلون استهدفت مستودع ذخائر»، بعدما أشارت سابقاً إلى غارة إسرائيلية على البلدة التي تقع بين مدينتي صيدا وصور.

وأفادت الوكالة (الأحد) بارتفاع حصيلة الجرحى من «المدنيين» إلى 6، ووصفت إصاباتهم بأنها «متوسطة».

وإثر الغارة التي استهدفت مستودع الذخائر، تم قطع طريق سريع بين مدينتي صيدا وصور في الجنوب بالاتجاهين، وتحويل السير إلى الطرق الداخلية، وفق الوكالة.

إلى ذلك، نعى «حزب الله» في بيانَين منفصلين اثنين من مقاتليه، قال إنهما قُتلا «على طريق القدس»، وهي العبارة التي يستخدمها الحزب في نعي مقاتليه الذين يقضون في جنوب لبنان منذ بدء التصعيد.

والسبت، أعلن «حزب الله» وحليفته الفلسطينية حركة «حماس» أنهما أطلقا وابلاً من الصواريخ على مواقع إسرائيلية رداً على ضربة أدت إلى إصابة مدنيين في جنوب لبنان، ورداً على سقوط ضحايا في غزة.

وأعلن «حزب الله» أنه أطلق «عشرات من صواريخ كاتيوشا» على دفنا، وهي منطقة في شمال إسرائيل، قال الحزب إنه استهدفها للمرة الأولى «رداً على الاعتداء على المدنيين».

بدورها، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أنها أطلقت وابلاً من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه موقع عسكري إسرائيلي في الجليل الأعلى «رداً على المجازر الصهيونية بحق المدنيين في قطاع غزة».

وأسفرت أعمال العنف منذ أكتوبر عن مقتل 517 شخصاً على الأقلّ في لبنان، بحسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومعظم القتلى من المقاتلين، لكن بينهم 104 مدنيين على الأقل.

وفي الجانب الإسرائيلي، قُتل 18 عسكرياً و13 مدنياً، بحسب السلطات الإسرائيلية.