اتهامات للحوثيين باستغلال حرب غزة للهروب من أزماتهم

يعيش الملايين في مناطق سيطرة الحوثيين على المساعدات وتهدد المجاعة بعضهم (إعلام حكومي)
يعيش الملايين في مناطق سيطرة الحوثيين على المساعدات وتهدد المجاعة بعضهم (إعلام حكومي)
TT

اتهامات للحوثيين باستغلال حرب غزة للهروب من أزماتهم

يعيش الملايين في مناطق سيطرة الحوثيين على المساعدات وتهدد المجاعة بعضهم (إعلام حكومي)
يعيش الملايين في مناطق سيطرة الحوثيين على المساعدات وتهدد المجاعة بعضهم (إعلام حكومي)

تصاعدت الاتهامات في الشارع اليمني للجماعة الحوثية بأنها تستغل الأحداث الجارية في غزة؛ للهروب من أزماتها الداخلية، بما في ذلك الاحتياجات المعيشية للسكان الذين تتهددهم المجاعة، إضافة إلى اتهام الجماعة بخدمة إيران من خلال تبنيها إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل.

وفي تعليقه على الإعلان الحوثي بقصف إسرائيل، يجزم مجاهد عبد الله وهو موظف حكومي، بأن ذلك محاولة للتنصل من أي التزامات بعد أن حاصرت الجماعة المشكلات الداخلية، خصوصاً مع الإضراب الشامل للمعلمين، ومطالب الناس بالخدمات، وتصاعد الخلافات بين جناح محمد علي الحوثي، وجناح أحمد حامد مدير مكتب «مجلس الحكم الانقلابي».

يزعم الحوثيون منذ اقتحامهم صنعاء وبقية المدن اليمنية أنهم يقاتلون أميركا وإسرائيل نصرة للفلسطينيين (إ.ب.أ)

بدوره، يؤكد السياسي محمد يحيى، وهو اسم مستعار لسياسي بارز يعيش في مناطق سيطرة الحوثيين، أن الجماعة كانت تبحث عن طوق نجاة، ووجدته الآن في أحداث غزة، بعد أن عصرها الصراع بين أجنحتها، وأفشل حتى الآن محاولات تشكيل حكومة انقلابية جديدة رغم انقضاء أكثر من شهر على إقالة حكومة عبد العزيز بن حبتور، المتهمة بالفشل والفساد.

وبيّن يحيى أن الوضع المعيشي للناس بلغ مرحلة من السوء كان يهدد بانفجار مجتمعي؛ ولهذا رأت الجماعة الحوثية في أحداث غزة فرصةً للهروب من هذا الوضع.

حركة استعراضية

يرى الكاتب اليمني محمد عبد الرحمن أن هناك سببين وراء الحركة الاستعراضية للحوثيين. ويقول: «إن العدوان الإسرائيلي على غزة جاء لينقذ الحوثيين من أزماتهم الداخلية، وتصاعد السخط والتذمر الشعبي في مناطق سيطرتهم، حيث قد وصلت هذه الحالة إلى مرحلة كبيرة كادت تخرج الأوضاع عن سيطرتهم، رغم محاولاتهم معالجة الأزمات بإعلان تغييرات جذرية، ومنها إقالة الحكومة».

استغل الحوثيون أحداث غزة لاستقطاب مزيد من المجندين (إ.ب.أ)

ووفق عبد الرحمن، فإن «الحرب الإسرائيلية على غزة تحظى باهتمام الرأي العام اليمني الذي يتألم من المشاهد المأساوية التي تأتي من هناك، ولهذا رأى الحوثيون فيها فرصة مؤاتية للهروب من الاستحقاقات، من خلال إطلاق مجموعة من المسيّرات والصواريخ». ويؤكد أنهم الآن «يعدّون أي حديث عن المرتبات والأوضاع المأساوية في مناطق سيطرتهم نوعاً من الخيانة والمؤامرة».

ويرى أن الهدف الآخر من هذه الحركة، هو تثبيت وجود الجماعة ضمن ما يسمى «محور الممانعة»، ولكي تصبح قوة فاعلة في المنطقة لصالح إيران التي تحركها، وغيرها من الأتباع في المنطقة، بحسب مسارات مصالح طهران السياسية في المنطقة؛ لأن ذلك سيعفيها من أي مسؤولية، في مقابل أن يتحمل اليمن تبعات ذلك.

غير أن الكاتب اليمني محمد المياحي كان أكثر نقداً للخطوة، وعدّ تضامن الحوثي مع فلسطين، نموذجاً للاستثمار «الرخيص». وقال إن «الكيانات التابعة لإيران، هي سبب مركزي إضافي للوهن العربي».

ووصف المياحي إيران بأنها خصم حضاري للقومية العربية؛ لأنها «لا ترغب في أن ترى الشعوب العربية قوية»، فهذا وفق تقديره «يجردها من إحدى راياتها ويضعف مشروعيتها». وقال إن طهران لا تُطلّ برأسها؛ إلا على أنقاض بغداد وبيروت ودمشق وصنعاء. وخاطب اليمنيين قائلاً: «حتى في أكثر لحظاتكم قهراً، لا تدعوا سلطة مشبوهة تتصدر لتمثيل عواطفكم. كافحوا تجار القضايا في كل مكان، وبشكل متزامن».

فقاعة ساخنة

الكاتب اليمني عبد الفتاح حيدرة، رأى أن مسيرة الحوثي ذهبت إلى «إيلات» لتجرف بعض الحريق من غزة إلى اليمن. وقال: «سوف يدفع هذا البلد (اليمن) الثمن مما تبقى من السمعة الدولية عنه بوصفه إحدى أذرع إيران».

وذكّر حيدرة بأن اليمن أكثر الدول فقراً ومجاعة في العالم، ورأى أن المسيّرات والصواريخ حتى لو وصلت إلى إسرائيل، فستكون، وفقاً لتعبيره، «مثل فقاعة ساخنة في أطراف بركان ثائر قد تأتي على المنطقة برمتها».

أما الصحافي اليمني مصطفى غليس، فيؤكد أنه لا يوجد أسوأ من الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، إلا الادعاءات الكاذبة من جانب الحوثي، واستغلاله هذه الأوجاع بمشاركة وهمية غير واقعية هدفها تبييض جرائم الطرفين: جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وجرائم الطرف الإقليمي الذي يحرّك الحوثي بحق الشعوب العربية.

قطع حربية إسرائيلية إلى البحر الأحمر عقب المغامرة الحوثية (الجيش الإسرائيلي)

ويجزم غليس بأن الحوثي يهرب من التزاماته الداخلية تجاه السكان في المناطق الخاضعة لسيطرته، إلى اصطناع بطولات، وأن الإعلان عن استهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيّرة، محاولة جديدة من الحوثي لاكتساب الثقة الشعبية، واستغلال السخط الشعبي ضد قوات الاحتلال التي تواصل جرائمها بحق المدنيين في غزة. ‏

من جهته يرى المحلل السياسي اليمني صادق الوصابي، أنه بالإمكان التماس العذر لغير اليمنيين ممن لا يدركون حقيقة جماعة الحوثي وما ارتكبته من جرائم بحق اليمنيين، الذين لا يزالون مخدوعين بشعاراتها واستعراضاتها العسكرية الزائفة، لكنه انتقد مواقف بعض اليمنيين ووصفها بـ «المُخزية»، خصوصاً أولئك الذين غادروا البلاد؛ هروباً من بطش الحوثيين أنفسهم.

‏ويضع الباحث اليمني إبراهيم جلال، من جهته، أربعة دوافع رئيسية داخلية لهجمات الحوثيين عبر الحدود، بما في ذلك تلك التي تستهدف إسرائيل. ويقول إنهم يسعون من ورائها إلى احتواء السخط المتزايد تجاه الفشل المستمر في دفع رواتب الموظفين، ومواجهة تراجع شعبيتهم، ورفع الروح المعنوية لدى مقاتليهم، وتحسين موقفهم خلال محادثات السلام.


مقالات ذات صلة

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صاروخ باليستي زعم الحوثيون أنهم أطلقوه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

ضمن تصعيد الجماعة الحوثية تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مناصرة «حزب الله» في لبنان، تبنت، الخميس، إطلاق عدد من الطائرات المسيرة باتجاه تل أبيب

علي ربيع (عدن)
العالم العربي عامل يعد نقوداً في محل للصرافة في صنعاء (إ.ب.أ)

منصة يمنية تكشف جانباً من خفايا الكيانات المالية للحوثيين

كشفت منصة يمنية متخصصة في تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال جانباً من أسرار الكيانات المالية للحوثيين مسلطة الضوء على تورط شركات صرافة وأخرى تجارية.

«الشرق الأوسط» (عدن)

سفير تايوان لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

سامي جانج السفير التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
سامي جانج السفير التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
TT

سفير تايوان لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

سامي جانج السفير التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
سامي جانج السفير التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

تحقق السلطات القضائية التايوانية، لتحديد المسؤول الأول عن تعديل مصنعاتها من أجهزة «البيجر» بالشكل الذي حوّلها إلى متفجرات تأذى بها لبنانيون وبعض منتسبي «حزب الله».

ويقول سامي جانج، السفير التايواني لدى السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما تم تصديره من الأجهزة بين عامي 2022 و2024 بلغ 260 ألف جهاز، منها ما يقارب 16 في المائة تم تصديره إلى أميركا وأوروبا.

ويأسف السفير مما تم تداوله عن الأشخاص الذين أصيبوا في لبنان وغيرها، «وأود أن أنوه بأنه تم التحقق من أن أجهزة (البيجرز)، التي تسببت بالأضرار ليست مستوردة من تايوان إلى لبنان مباشرة».

وأضاف جانج: «تتصنع هذه الأجهزة من اللوحة الرئيسية، وشاشة، وبطارية صغيرة، ومعالج بيانات صغير الحجم، وجهاز فك التشفير وجهاز استقبال الترددات، وجميع هذه المواد الداخلة في عملية التصنيع لا يوجد بها مواد تسبب انفجاراً ممكناً بحيث يؤدي إلى الوفاة أو الإصابة».

ولفت جانج إلى أن شركة «أبولو جولد» التايوانية صدّرت، من أول عام 2022 إلى أغسطس (آب) 2024، أجهزة «بيجر» بلغ عددها 260 ألف جهاز، منها 40929 جهازاً، خلال هذا العام منذ بدايته وحتى شهر أغسطس (آب)، إلى أميركا والدول الأوروبية، ولم يسبق منها أي أضرار أو انفجارات.

وأضاف جانج: «إن ما حصل في لبنان يطرح عدة استفسارات من شاكلة: هل تم تعديل أو تغيير في أجهزة (البيجرز) بعد الاستيراد من شركة (أبولو جولد)، أو تدخل صناعي من الشركات الأجنبية التي صرّحت لها (أبولو جولد) بصناعة (البيجرز)؟».

السفير التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

وتابع جانج: «الإجابات عن هذه الاستفسارات قيد التحقيق في تايوان حالياً من قبل الجهات المسؤولة، لكن من المؤكد أن (البيجرز)، التي تم تصديرها من تايوان بشكلها الذي تم تصديرها به، ليست متسببة بأي أضرار، ولن تتهاون حكومة تايوان في ذلك الشأن؛ إذ تم عرض الشأن على السلطة القضائية التايوانية للتحقيق فيه».

الأثر الاقتصادي على تايوان

وحول أثر أحداث تفجير «البيجرز» على الصناعات التايوانية وعلى الاقتصاد التايواني، قال جانج: «إن سمعة صناعة تايوان معروفة منذ القدم، ومن الصعب جداً أن تتأثر بأي عوامل لما لديها من قدرة على كسب ثقة التجار، الذين سبق لهم التعامل مع المصانع والشركات التايوانية، لما تتمتع به من قدرات وكفاءة وتقنية عالية».

وأضاف السفير: «لا يمكن أن يقاس حجم استثمارات تايوان بعدد قليل من الأجهزة المذكورة؛ إذ هي فقط نقطة في بحر التعاملات التجارية بين تايوان والعديد من دول العالم».

التعاون السعودي - التايواني

كشف جانج أن بلاده تدرس حالياً التعاون مع السعودية في مجال الرقائق الإلكترونية ومعالجة الاتصالات اللاسلكية وبرامج الكمبيوتر، متفائلاً بمستقبل عريض للتعاون الثنائي في الصناعات التكنولوجية الفائقة.

وقال جانج: «ليس هناك حدود للتعاون بين تايوان والمملكة، فإن تايوان تعمل دائماً على استمرارية للعلاقة بين البلدين، والبحث في فرص الاستثمارات المشتركة، وتايوان من أوائل الدول التي سعت للعمل في جميع مجالات التعاون مع المملكة لتحقيق رؤية 2030 التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان».

ولفت جانج إلى أن شركة «فوكسكون» التايوانية أعلنت الشراكة مع المملكة في صناعة أجزاء السيارات الكهربائية والإلكترونيات، بالإضافة إلى التعاون بين تايوان والبنك الأهلي السعودي بشراء سندات بقيمة 500 مليون دولار، فضلاً عن العديد من الأمثلة على الشراكات الناجحة والمستمرة.

وأضاف جانج: «طبعاً يوجد عدد من المشاريع المقترحة، نظراً إلى أن تايوان تمثل سوقاً عالية الجودة؛ إذ تخضع لمعايير وسياسات رقابية مشددة للحفاظ على سلامة المستخدم والحماية من الغش، وأرى أن مستقبل التعاون مع المملكة واسع جداً، خصوصاً أن تايوان تشتهر بخبرتها وقدرتها على صناعات التكنولوجيات الفائقة، لا سيما في مجال أشباه الموصلات وكذلك الذكاء الاصطناعي».

وتابع: «هناك مجال واسع للتعاون مع السعودية، في مجال الطبي مثلاً، ابتداءً من تشخيص المريض عن بعد حتى العمليات الجراحية عن طريق روبوت يعتمد على الذكاء الاصطناعي. وفي الزراعة، تستخدم الذكاء الاصطناعي في تربية الأنعام والأسماك، وكذلك في التعليم».

ووفق جانج: «إن تايوان أطلقت أخيراً أول كتاب مدرسي مدعوم بالذكاء الاصطناعي؛ حيث يمكّن الطلاب من الوصول إلى المواد الدراسية، ويمكّن المعلمين من الوصول إلى أجوبة الطلاب ومراقبة تقدم الطلاب بدقة عالية».

ولذلك، والحديث للسفير التايواني بالرياض، قررت شركة «AMD» الأميركية المتخصصة في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية، وشركة «NVIDIA» لصناعة معالجات الاتصال اللاسلكية وبرامج الكمبيوتر، مطلع هذا العام، أن تؤسسا مركزاً لدراسات صناعة الذكاء الاصطناعي؛ ما يؤكد الجودة العالية لتقنية الصناعة التايوانية.