قائد الجيش السوداني يجري تعديلاً وزارياً

معارك طاحنة في الفاشر... والوالي يدعو المواطنين لمغادرة مناطق القتال

لقطة من فيديو للبرهان متحدثاً إلى ضباطه في أمدرمان الثلاثاء (فيسبوك)
لقطة من فيديو للبرهان متحدثاً إلى ضباطه في أمدرمان الثلاثاء (فيسبوك)
TT

قائد الجيش السوداني يجري تعديلاً وزارياً

لقطة من فيديو للبرهان متحدثاً إلى ضباطه في أمدرمان الثلاثاء (فيسبوك)
لقطة من فيديو للبرهان متحدثاً إلى ضباطه في أمدرمان الثلاثاء (فيسبوك)

أجرى رئيس «مجلس السيادة» السوداني قائد الجيش عبد الفتاح البرهان تعديلاً وزارياً شمل 5 وزراء، بالتزامن مع استمرار المعارك التي يخوضها جيشه مع قوات «الدعم السريع»، بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خصوصاً في ولاية دارفور.

وشملت قرارات الإعفاء التي أصدرها البرهان، الأربعاء، وزراء الطاقة والنفط، التجارة والتموين، النقل، العمل والإصلاح الإداري، والثروة الحيوانية. وأصدر قراراً بتكليف عدد من الوزراء، هم: نعيم محمد سعيد (وزارة الطاقة والنفط) والفاتح عبد الله يوسف (التجارة والتموين) وأبو بكر أبو القاسم عبد الله (النقل) أحمد علي عبد الرحمن (العمل والإصلاح الإداري).

أما فيما يتعلق بمنصب وزير الثروة الحيوانية، فطلب البشر من «أطراف سلام» (جوبا)، ترشيح بديل للوزير الحافظ إبراهيم عبد النبي، بوصفه من حصة وزارات الفصائل المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام في 2020.

ويُعد هذا التغيير الوزاري الثاني الذي يجريه البرهان بعد استيلائه على السلطة بانقلاب عسكري في 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، الذي أطاح برئيس الوزراء عبد حمدوك، ووزراء الائتلاف الحاكم السابق من «قوى الحرية والتغيير».

يأتي التكليف الوزاري الجديد في وقت تشهد فيه البلاد قتالاً مستمراً بين الجيش و«الدعم السريع» منذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي.

وترددت في وقت سابق أنباء عن نية البرهان إعلان حكومة تصريف أعمال مقرها مدينة بورتسودان، التي اتخذها مقراً له بعد خروجه من مقر القيادة العامة للجيش، وسط العاصمة الخرطوم، في أغسطس (آب) الماضي. لكنه نفي ذلك، في مقابل تلويح قائد «الدعم السريع»، بإعلان حكومة عاصمتها الخرطوم.

وصدرت هذه القرارات بعد ساعات من عودة البرهان الثلاثاء إلى مدينة أمدرمان، ثاني كبرى مدن العاصمة الخرطوم، حيث زار قاعدة وادي سيدنا العسكرية شمال المدينة.

وقال البرهان إن القوات المسلحة ذهبت إلى «منبر جدة» من أجل ما اتفق عليه سابقاً بخروج قوات الدعم السريع «المتمردة» من أحياء المدنيين والمرافق الحكومية والخدمية.

وخاطب ضباطاً وضباط صف وجنوداً والمستنفرين من المدنيين، قائلاً: «إذا رفض التمرد السلام والمضي في طريق الحلول السلمية، فلن يكون هناك حل سوى الحسم العسكري». واتهم قائد الجيش سياسيين وأحزاباً سياسية (لم يسمها) بأنها «ارتضت العمالة، وارتهنت للخارج متحالفةً مع التمرُّد لتنفيذ أجندة دول لها مصلحة في تفكيك السودان وتشريد شعبه»، وفق بيان إعلام «السيادي».

معارك في شمال دارفور

 

وتجددت الأربعاء الاشتباكات بين طرفَي القتال في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد)، حسبما أعلن حاكم الولاية نمر محمد عبد الرحمن، الذي عبَّر عن أسفه لتجدد المعارك. وناشد المواطنين «مغادرة المناطق الواقعة في دائرة الاشتباكات بين الأطراف المتحاربة إلى المناطق الآمنة». وقال في حسابه على موقع «فيسبوك»: «نحث الطرفين على السماح للمواطنين بالمغادرة للحفاظ على حياتهم».

ويتجدد القتال في الفاشر بفارق أيام قليلة من استيلاء قوات «الدعم السريع» على ولايتي جنوب ووسط الإقليم، بعد معارك ضارية مع قوات الجيش.

وقال مواطنون لـ«الشرق الأوسط»، صباح الأربعاء، إن الفاشر تشهد حالة من التوتر، ومخاوف متزايدة لدى السكان من اندلاع المواجهات في أي وقت، على أثر تمركز «قوات الدعم السريع» في أطراف المدينة.

واستقبلت عاصمة الولاية خلال الأيام الماضية أعداداً كبيرة من الفارين بعد سيطرة «الدعم السريع» على مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.

وتدور المعارك في مدن دارفور، رغم وجود قوة عسكرية مشتركة للفصائل المسلحة التي اتخذت موقف الحياد من الحرب الدائرة في البلاد.

وجدَّد حاكم شمال دارفور نمر عبد الرحمن التأكيد على أنه «رغم نيات الاستمرار في الاشتباكات، فإن مساعينا مستمرة لتجنب الولاية خطر الدمار والخراب بالتواصل المستمر مع الأطراف».

تصفية الأسرى

وفي غضون ذلك، قالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان، إن قوات الدعم السريع «المتمردة» نشرت مقاطع مصورة لتصفيتها عدداً من أسرى القوات المسلحة.

ويُتداول على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو صادم لتصفية أسرى للجيش السوداني في مطار «بليلة» بولاية غرب كردفان (غرب البلاد) التي أعلنت قوات «الدعم السريع»، السيطرة عليه الاثنين الماضي. وعدَّت الخارجية السودانية ذلك الفعل جريمة حرب مكتملة تُرتكب مع سبق الإصرار والتصميم، وتحدٍّ للقانون الدولي الإنساني، والاستخفاف بمحادثات جدة.


مقالات ذات صلة

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أعمدة من الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أكثر من 120 قتيلاً بقصف على أم درمان

أفاد مسعفون سودانيون بأن أكثر من 120 شخصاً قُتلوا، أمس (الاثنين)، في قصف استهدف منطقة بأم درمان الواقعة ضمن الخرطوم الكبرى.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان (السودان))
شمال افريقيا شهدت مدينة بورتسودان انقطاعاً واسعاً في الكهرباء منذ صباح الاثنين (رويترز)

انقطاع الكهرباء في عدة مناطق سودانية بعد مهاجمة سد مروي

انقطعت الكهرباء، اليوم (الاثنين)، عن بورتسودان، مقر الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش، بعدما استهدف هجوم بمسيّرة سداً لتوليد الطاقة الكهرومائية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا خيام نازحين سودانيين في بعض الدول (المنظمة الدولية للهجرة)

هل تفتح انتصارات البرهان الباب لعودة سودانيين من مصر؟

«انتصارات البرهان» الأخيرة تفاعل معها سودانيون يقيمون في ضاحية فيصل بمحافظة الجيزة بمصر، عبر احتفالات واسعة للجالية السودانية.

أحمد إمبابي (القاهرة )

انقلابيو اليمن يتبنون 3 هجمات باتجاه إسرائيل خلال 12 ساعة

صاروخ باليستي فرط صوتي يطلق عليه الحوثيون «فلسطين 2» ويستخدمونه في مهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي فرط صوتي يطلق عليه الحوثيون «فلسطين 2» ويستخدمونه في مهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يتبنون 3 هجمات باتجاه إسرائيل خلال 12 ساعة

صاروخ باليستي فرط صوتي يطلق عليه الحوثيون «فلسطين 2» ويستخدمونه في مهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي فرط صوتي يطلق عليه الحوثيون «فلسطين 2» ويستخدمونه في مهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

صعَّدت الجماعة الحوثية من هجماتها باتجاه إسرائيل على الرغم من الضربات التي تلقتها، الجمعة الماضي، إذ تبنت تنفيذ 3 عمليات باستخدام صاروخَين باليستيَّين فرط صوتيين و4 طائرات مسيَّرة خلال 12 ساعة، كان آخرها صباح الثلاثاء، في حين أكد الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخَين ومسيَّرة واحدة دون تسجيل ضحايا أو أضرار.

وتزعم الجماعة المدعومة من إيران أن هجماتها المستمرة منذ أكثر من 14 شهراً ضد السفن في البحرَين الأحمر والعربي، وباتجاه إسرائيل تأتي لمساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تنفيها الحكومة اليمنية، متهمةً الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، والتهرب من إحلال السلام في اليمن.

وقال المتحدث العسكري الحوثي يحيى سريع، في بيان متلفز، إن قوات جماعته أطلقت، صباح الثلاثاء، صاروخاً باليستياً فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب، زاعماً أنه استهدف وزارة الدفاع الإسرائيلية، وأن منظومات الدفاع فشلت في اعتراضه. وأشار إلى أنها العملية الهجومية الثالثة خلال 12 ساعة.

وكان المتحدث الحوثي أعلن، في بيان مساء الاثنين، إطلاق صاروخ باليستي باتجاه تل أبيب، و4 طائرات مسيَّرة، زاعماً أن العمليتين حققتا أهدافهما بنجاح.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، فجر الثلاثاء، أنه «اعترض على الأرجح» صاروخاً أطلقه الحوثيون من اليمن بعدما أشار، الاثنين، إلى أنه اعترض صاروخاً آخر وطائرة مسيَّرة. وأوضح الجيش الإسرائيلي، في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه نحو الساعة 03:0 بالتوقيت المحلي (الساعة 01:30 ت.غ) «بعد انطلاق صفارات الإنذار في عدد من المناطق في وسط إسرائيل، جرت محاولات عدّة لاعتراض صاروخ أُطلق من اليمن». وأضاف: «من المرجّح أنّ الصاروخ تمّ اعتراضه» مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو أضرار.

وقال الجيش الإسرائيلي على منصة «إكس»: «للمرة الثانية اليوم، دوّت صفارات الإنذار في أنحاء إسرائيل؛ بسبب مقذوف أُطلق من اليمن»، حيث كان أفاد في بيان سابق، مساء الاثنين، بأن «سلاح الجو اعترض مقذوفاً أُطلق من اليمن قبل دخوله الأراضي الإسرائيلية». كما أفاد باعتراض مسيَّرة في جنوب إسرائيل.

في غضون ذلك، أفادت خدمة الطوارئ الإسرائيلية أنه لم تسجل أي إصابات جراء الصاروخ أو الحطام المتساقط، لكن 11 شخصاً أُصيبوا في أثناء التدافع إلى الملاجئ.

تصعيد مستمر

على وقع هذا التصعيد الحوثي المستمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 سواء فيما يتعلق بالهجمات البحرية ضد السفن، أو إطلاق الصواريخ والمسيَّرات باتجاه إسرائيل، تقول الجماعة إنها لن تتوقف عن هجماتها إلا بوقف الحرب في غزة، وإنهاء الحصار الإسرائيلي عليها.

وإذ تؤكد الجماعة أن الضربات الأميركية والبريطانية، وأخيراً الضربات الإسرائيلية التي تلقتها، لن تؤثر على قدراتها العسكرية، تسود مخاوف يمنية من أن يؤدي الرد الانتقامي من قبل تل أبيب إلى مضاعفة المعاناة الإنسانية في مناطق سيطرة الجماعة.

جنود إسرائيليون يعملون في مبنى تضرر بعد سقوط صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

وكانت الجماعة الحوثية تلقت، في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

ضربات سابقة

مع توقُّع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردَّها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كما تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

مقاتلة من طراز «إف 16» شاركت في الإغارة على مواقع خاضعة للحوثيين في اليمن (الجيش الإسرائيلي)

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.