اليمن يبحث بدعم أممي آليات وطنية لمعالجة النزوح الداخلي

2.5 مليون شخص عادوا إلى مناطقهم الأصلية

جانب من الورشة المقامة في مدينة عدن بخصوص النازحين داخلياً (سبأ)
جانب من الورشة المقامة في مدينة عدن بخصوص النازحين داخلياً (سبأ)
TT

اليمن يبحث بدعم أممي آليات وطنية لمعالجة النزوح الداخلي

جانب من الورشة المقامة في مدينة عدن بخصوص النازحين داخلياً (سبأ)
جانب من الورشة المقامة في مدينة عدن بخصوص النازحين داخلياً (سبأ)

مع مرور نحو 19 عاماً على بدء حركة النزوح الداخلي بسبب الحرب التي فجرها المتمردون الحوثيون في محافظة صعدة، ومن ثم انقلابهم على الشرعية وإعلان الحرب التي تسببت في نزوح أكثر من 6 ملايين شخص، بدأت الحكومة اليمنية مناقشة السياسة الوطنية الخاصة بمعالجة النزوح بالتعاون مع الأمم المتحدة.

في هذا السياق، نظمت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في العاصمة المؤقتة عدن، ورشة عمل تستمر 12 يوماً، لمناقشة كيفية تنفيذ السياسة الوطنية لمعالجة النزوح الداخلي في البلاد، بمشاركة مديري عموم مديريات محافظات عدن ولحج والضالع وتعز وأبين والحديدة، وفي غياب محافظة مأرب التي تؤوي ثلثي النازحين داخلياً، وفق تقديرات المنظمات الإغاثية.

يواجه النازحون في اليمن ظروفاً صعبة جراء المناخ ونقص الإمدادات (الأمم المتحدة)

وذكر نجيب السعدي رئيس الوحدة الحكومية لإدارة مخيمات النازحين لـ«الشرق الأوسط»، أن الورشة تأتي ضمن جهود الحكومة لمعالجة النزوح الداخلي بحسب السياسة الوطنية الخاصة بمعالجة النزوح والمعتمدة من الحكومة، وبهدف خلق رؤية مشتركة لتنفيذ تلك السياسة وفق آليات عمل فعالة، وصولاً إلى حلول دائمة وبما يؤدي إلى استعادة مؤسسات الدولة دورها في تقديم الخدمات للسكان.

وبحسب السعدي، فإن النزوح أزمة إنسانية ممتدة في اليمن منذ ما يقارب 20 عاماً، تحديداً منذ بدء حروب صعدة عام 2004 أثناء تمرد الحوثيين على الحكومة المركزية، ثم المواجهات العسكرية مع تنظيم «القاعدة» في محافظة أبين عام 2011، وبعدها الكوارث الطبيعية في محافظات حضرموت وسقطرى والمهرة، وصولاً إلى الحرب التي شنها الحوثيون ضد الشعب ومؤسسات الدولة في عام 2014.

من كبرى الأزمات

رئيس وحدة إدارة مخيمات النازحين في اليمن أكد أن الأحداث أفرزت أزمة نزوح داخلية كبيرة تعد من كبرى الأزمات المماثلة في العالم، وقال إن عدد النازحين بلغ نحو 6.5 مليون نازح، عاد منهم 2.5 مليون إلى مناطقهم الأصلية، في حين لا يزال الباقون مشردين في مناطق النزوح، من بينهم ما يقارب 3 ملايين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

يعيش 3 ملايين نازح في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية (إعلام حكومي)

المسؤول اليمني استعرض معاناة النازحين الذين تركوا مواطن إقامتهم الأصلية وفقدوا مصادر عيشهم والأمن والاستقرار، وجدد التزام الحكومة بواجبها الأخلاقي تجاه النازحين العائدين وحمايتهم وتوفير حياة كريمة لهم، وصولاً إلى حلول دائمة. وتطلع بأن تخرج الورشة بمقررات وتوصيات واضحة وقابلة للتنفيذ كي تكون حجر الزاوية للمرحلة المقبلة.

ووفقاً للسعدي، فإن طول أزمة النزوح ونقص الموارد يحتمان على جميع شركاء العمل الإنساني من جهات حكومية والمنظمات الدولية وكل العاملين في المجال الإنساني، التنسيق الفعال والتخطيط المشترك والاستغلال الأمثل للموارد، حتى تكون التدخلات وفق الاحتياجات والأولويات التي تحددها السلطات المحلية والمعنية.

ووفق ما ذكرته الوحدة المعنية بإدارة مخيمات النزوح في اليمن، فإن السياسة الوطنية التي أقرتها الحكومة تحدد أدوار ومسؤوليات الحكومة ووحدة إدارة المخيمات واللجنة العليا لمعالجة النزوح الداخلي والسلطات المحلية وكيفية التنسيق مع المجتمع المدني والدولي، وآلية تنفيذها بعد إقرارها وإدخالها حيز النفاذ، وتحديد مواردها المالية، والمعايير القانونية والمبادئ العامة لعملها.

مضامين السياسة الوطنية

طوال أيام الورشة التي يشارك فيها 64 مشاركاً يمثلون مديريات المحافظات اليمنية المستهدفة، سيناقش هؤلاء مضامين السياسة الوطنية التي تهدف إلى معالجة النزوح في مختلف المراحل من خلال 3 أهداف؛ تشمل حماية المدنيين من النزوح غير الطوعي والاستعداد لأي نزوح محتمل ومساعدة النازحين أثناء النزوح ودعم المجتمعات المتضررة من النزوح وإيجاد الظروف الملائمة للوصول إلى حلول آمنة وعودة طوعية ودائمة للنازحين.

مجموعة من سكان صعدة اليمنية طردهم الحوثيون من مخيم «المزرق» أقدم المخيمات في البلاد (إعلام حكومي)

من جهته، طالب وزير الإدارة المحلية حسين الأغبري، بتقديم العون والدعم والتجاوب مع الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين ومساندتها في حصر النازحين وتسهيل العودة الطوعية للأشخاص الذين لم تعد هناك حاجة لبقائهم بعيداً عن مناطقهم الأصلية.

ورأى الأغبري أن الورشة تكتسب أهميتها من أنها ستعرف بأهداف السياسة الوطنية لمعالجة النزوح الداخلي واستراتيجيتها وصولاً إلى تنفيذها، منبهاً إلى أهمية تضافر جهود الجميع من أجل تجاوز هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد، مع دعوته إلى التفاعل بإيجابية مع السياسة الوطنية للتعامل مع النزوح وإثرائها بالنقاشات الجادة التي تسهم في إنجاح جهود معالجة النزوح الداخلي.

الوحدة الحكومية اليمنية لإدارة مخيمات النازحين أثنت على ما قدمته وتقدمه المنظمات الدولية وكل العاملين الإنسانيين لدعم النازحين وجهود قيادات وأجهزة السلطات المحلية في استقبال ودعم النازحين وتسهيل العمل الإنساني في هذه المحافظات والمديريات. وقالت إن الحكومة سوف تستمر في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها وتسهيل حركة العاملين في المجال الإنساني.

يواصل الحوثيون استهداف مخيمات النازحين في محافظة مأرب (إعلام حكومي)

بدورها، أشادت ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في اليمن مايا اميراتونجا، بالسياسة الوطنية لمعالجة قضايا النزوح، وقالت إنها تمثل خطوة مهمة نحو خلق بيئة مواتية للحول المستدامة التي يبحث عنها النازحون داخلياً، كونها تتناول مجموعة واسعة من القضايا والعناصر الأساسية التي تضمن الاعتماد على الذات للمجتمعات المتضررة.

المسؤولة الأممية جددت التزام مفوضية اللاجئين الثابت بالوقوف إلى جانب شعب اليمن، خصوصاً النازحين داخلياً في إطار أولوياتها الاستراتيجية لعام 2023 والهادفة إلى تحسين وضمان وصول الحقوق إلى جميع النازحين قسراً ودعم الحلول المستدامة والطوعية والآمنة لهم.


مقالات ذات صلة

خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

العالم العربي صورة وزّعها الحوثيون للطائرة المسيّرة التي استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

خفتت هجمات الجماعة الحوثية ضد السفن، خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، فيما واصل الجيش الأميركي عملياته الاستباقية الدفاعية ضد الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي منشأة نفطية يمنية حيث يعد إنتاج وتصدير النفط أحد أهم موارد الاقتصاد الهش (أرشيفية - غيتي)

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

يرجح غالبية المراقبين أن استمرار الصراع في اليمن سيظل عائقاً أمام إمكانية السماح بالتعافي واستعادة نمو الأنشطة الاقتصادية واستقرار الأسعار وثبات سعر صرف العملة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

يأمل اليمنيون أن تفضي المشاورات بين الحكومة اليمنية والحوثيين إلى إنهاء الانقسام المصرفي ودفع الرواتب واستئناف تصدير النفط، وسط مخاوف من تعنت الجماعة الانقلابية

محمد ناصر (تعز) علي ربيع (عدن)
العالم العربي للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال، من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سوق سوداء لبيع غاز الطهي في صنعاء (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

خصصت الجماعة الحوثية ملايين الريالات اليمنية لتوزيع أسطوانات الغاز على أتباعها دون غيرهم من السكان الذين يواجهون الصعوبات في توفير الحد الأدنى من القوت الضروري.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

توزيع أسطوانات غاز في صنعاء على أتباع الجماعة الحوثية (إعلام حوثي)
توزيع أسطوانات غاز في صنعاء على أتباع الجماعة الحوثية (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

توزيع أسطوانات غاز في صنعاء على أتباع الجماعة الحوثية (إعلام حوثي)
توزيع أسطوانات غاز في صنعاء على أتباع الجماعة الحوثية (إعلام حوثي)

في وقت يعاني فيه اليمنيون في صنعاء ومدن أخرى من انعدام غاز الطهي وارتفاع أسعاره في السوق السوداء، خصصت الجماعة الحوثية ملايين الريالات اليمنية لتوزيع أسطوانات الغاز على أتباعها دون غيرهم من السكان الذين يواجهون الصعوبات في توفير الحد الأدنى من القوت الضروري لهم ولأسرهم.

وبينما يشكو السكان من نقص تمويني في مادة الغاز، يركز قادة الجماعة على عمليات التعبئة العسكرية والحشد في القطاعات كافة، بمن فيهم الموظفون في شركة الغاز.

سوق سوداء لبيع غاز الطهي في صنعاء (فيسبوك)

وأفاد إعلام الجماعة بأن شركة الغاز بالاشتراك مع المؤسسة المعنية بقتلى الجماعة وهيئة الزكاة بدأوا برنامجاً خاصاً تضمن في مرحلته الأولى في صنعاء إنفاق نحو 55 مليون ريال يمني (الدولار يساوي 530 ريالاً) لتوزيع الآلاف من أسطوانات غاز الطهي لمصلحة أسر القتلى والجرحى والعائدين من الجبهات.

وبعيداً عن معاناة اليمنيين، تحدثت مصادر مطلعة في صنعاء عن أن الجماعة خصصت مليارات الريالات اليمنية لتنفيذ سلسلة مشروعات متنوعة يستفيد منها الأتباع في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها.

ويتزامن هذا التوجه الانقلابي مع أوضاع إنسانية بائسة يكابدها ملايين اليمنيين، جرَّاء الصراع، وانعدام شبه كلي للخدمات، وانقطاع الرواتب، واتساع رقعة الفقر والبطالة التي دفعت السكان إلى حافة المجاعة.

أزمة مفتعلة

يتهم سكان في صنعاء ما تسمى شركة الغاز الخاضعة للحوثيين بالتسبب في أزمة مفتعلة، إذ فرضت بعد ساعات قليلة من القصف الإسرائيلي على خزانات الوقود في ميناء الحديدة، منذ نحو أسبوع، تدابير وُصفت بـ«غير المسؤولة» أدت لاندلاع أزمة في غاز طهي لمضاعفة معاناة اليمنيين.

وتستمر الشركة في إصدار بيانات مُتكررة تؤكد أن الوضع التمويني مستقر، وتزعم أن لديها كميات كبيرة من الغاز تكفي لتلبية الاحتياجات، بينما يعجز كثير من السكان عن الحصول عليها، نظراً لانعدامها بمحطات البيع وتوفرها بكثرة وبأسعار مرتفعة في السوق السوداء.

عمال وموظفو شركة الغاز في صنعاء مستهدفون بالتعبئة العسكرية (فيسبوك)

ويهاجم «عبد الله»، وهو اسم مستعار لأحد السكان في صنعاء، قادة الجماعة وشركة الغاز التابعة لهم بسبب تجاهلهم المستمر لمعاناة السكان وما يلاقونه من صعوبات أثناء رحلة البحث على أسطوانة غاز، في حين توزع الجماعة المادة مجاناً على أتباعها.

ومع شكوى السكان من استمرار انعدام مادة الغاز المنزلي، إلى جانب ارتفاع أسعارها في السوق السوداء، يركز قادة الجماعة الذين يديرون شركة الغاز على إخضاع منتسبي الشركة لتلقي برامج تعبوية وتدريبات عسكرية ضمن ما يسمونه الاستعداد لـ«معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس».

ونقل إعلام حوثي عن القيادي ياسر الواحدي المعين نائباً لوزير النفط بالحكومة غير المعترف بها، تأكيده أن تعبئة الموظفين في الشركة عسكرياً يأتي تنفيذاً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.