انقلابيو اليمن يعتقلون رئيس نادي المعلمين تمهيداً لمحاكمته

الجماعة أرسلت قوة حاصرت منزله وتبادلت معه إطلاق النار

تنفق الجماعة الحوثية الأموال على عناصرها وتحرم الموظفين من رواتبهم (إ.ب.أ)
تنفق الجماعة الحوثية الأموال على عناصرها وتحرم الموظفين من رواتبهم (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يعتقلون رئيس نادي المعلمين تمهيداً لمحاكمته

تنفق الجماعة الحوثية الأموال على عناصرها وتحرم الموظفين من رواتبهم (إ.ب.أ)
تنفق الجماعة الحوثية الأموال على عناصرها وتحرم الموظفين من رواتبهم (إ.ب.أ)

اعتقل جهاز مخابرات الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء، رئيس نادي المعلمين والمعلمات أبو زيد الكميم بعد حصار منزله ومحاولة اقتحامه بالقوة، تمهيداً لمحاكمته، وذلك على خلفية قيادته الإضراب للمطالبة بصرف رواتب المعلمين المقطوعة منذ سبعة أعوام، وهو الإضراب الذي دخل شهره الثالث.

وحسب مصادر محلية في صنعاء فإن قوات من مخابرات الحوثيين بقيادة خالد شرف الدين، حاصرت منزل الكميم وحاولت اقتحامه بالقوة من خلال كسر الباب، إلا أن الرجل الذي أيقظته زوجته من النوم وأبلغته بأن هناك من يريد اقتحام المنزل، رفض الخروج وتبادل مع القوات إطلاق النار لبعض الوقت قبل أن يتدخل وسطاء من شخصيات اجتماعية وقبلية.

وذكر إسماعيل الخلعي، وهو من الوجاهات الاجتماعية التي تدخلت لاحتواء الموقف، أنه وعدد من الأعيان القبليين والاجتماعيين حضروا إلى منزل رئيس نادي المعلمين بعد تلقيهم اتصالاً بأنه وزوجته وبناته محاصرون من قوات الأمن والمخابرات الحوثية، وأنه عند وصولهم أبلغتهم القوات التي كانت تحاصر المنزل بأن الكميم متَّهم بالتعاون مع من سمّوه بـ«العدوان» وأنه رد عليهم بأنه يريد رواتب المعلمين ولا يريد أي شيء آخر ورفض تسليم نفسه.

ووفق ما أورده الخلعي فإنهم تفاوضوا مع قائد حملة المخابرات وتواصلوا مع قيادات في جماعة الحوثي لتجنب التصعيد، وتم الاتفاق على أن يتم إحضار عضو من النيابة المختصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة ليتسلم الكميم دون أن يمسه أي أذى، وهو ما تم، كما حضر وجهاء وأعيان وشخصيات اعتبارية لتوثيق تسلم الرجل بأمان والتأكد من أن الحوثيين تسلموه حياً معافى ويتحملون مسؤولية أي ضرر سيصيبه.

غضب واسع

مصادر في نادي المعلمين ذكرت أن النيابة المختصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة الحوثية قامت بعد عملية اعتقال رئيس نادي المعلمين بالتحقيق معه بتهمة التعاون مع ما سموه «العدوان» بسبب قيادته نادي المعلمين والمعلمات للمطالبة بصرف رواتب المعلمين وتبنيه الدعوة إلى الإضراب العام المتواصل منذ ثلاثة أشهر.

تصدر الكميم في صنعاء قيادة المعلمين اليمنيين المطالبين بصرف رواتبهم (إكس)

ووفق ما أوردته المصادر فإن الوساطة التي بذلها وجهاء قبليون من محافظة ذمار التي ينتمي إليها رئيس نادي المعلمين، فشلت في تأمين إطلاق سراحه، في حين أبدى عدد من المحامين استعدادهم للتطوع والدفاع عن الكميم الذي أصبح رمزاً لعشرات الآلاف من الموظفين الذين قطع الحوثيون رواتبهم منذ نهاية عام 2016.

حادثة الاعتقال والإحالة إلى النيابة قوبلت بغضب واسع في الأوساط الحقوقية، حيث أصدر العشرات من المثقفين والنشطاء والكتاب بياناً أعلنوا فيه تضامنهم المطلق مع الكميم وطالبوا بالإفراج عنه فوراً، واستغربوا أنه وفي غمرة احتفالات العالم بعيد المعلم تقوم سلطة الحوثيين باعتقاله على خلفية المطالبة بصرف رواتب العاملين في قطاع التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

المعلمون ومنتسبو النادي ردوا من جهتهم بغضب على حادثة اعتقال الكميم وإحالته إلى النيابة تمهيداً لمحاكمته وتعهدوا بمواصلة الإضراب إلى حين الاستجابة لمطلبهم.

وانتقد عبد السلام الصالحي، القيادي في نادي المعلمين والمعلمات، اختطاف الكميم، ووصفه بـ«الجريمة بحق المعلمين والتعليم»، وذكر أن الهدف من هذه الخطوة هو «إفشال الإضراب والمطالبة بالمرتبات وإفشال نادي المعلمين».

تعطلت العملية التعليمية في مناطق سيطرة الحوثيين وسط تضامن الطلبة مع أساتذتهم (فيسبوك)

الصالحي أكد أن المطالبة بصرف المرتبات مطلب حق بعيد عن المناكفات السياسية والحزبية والجهوية، وقال إنه لم يسمع أو يرى أي سلطة تخطف وتحبس مواطنيها بسبب المطالبة بمرتباتهم، وشدد على أن اعتقال الكميم لا يعني انتهاء أو أفشل نادي المعلمين لأنهم سيستمرون بالمطالبة بصرف رواتبهم.

ويعتقد على نطاق واسع أن الحوثيين سيحاكمون الكميم بتهمة قيادة نقابة غير مرخصة كما حصل عند السيطرة على الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة صنعاء، وتعيين أفراد من الجماعة على رأسها بدلاً عن قيادتها المنتخبة، في حين أن القانون لا يمنع المواطنين من تشكيل أو الانضواء في عضوية النقابات أو الجمعيات، كما أن نادي المعلمين لجنة تحضيرية طبقاً للقانون إلى حين انعقاد المؤتمر العام وانتخاب قيادة بديلة.


مقالات ذات صلة

يمنيون يتطلّعون إلى انفراجة في محادثات الأسرى والمحتجَزين

العالم العربي الحوثيون اختطفوا الآلاف من المدنيين لمبادلتهم بمقاتلين قُبض عليهم في الجبهات (رويترز)

يمنيون يتطلّعون إلى انفراجة في محادثات الأسرى والمحتجَزين

يتطلّع اليمنيون إلى أن تؤدي جولة المحادثات الحالية في مسقط إلى تحريك عجلة السلام من جديد رغم استباق الحوثيين بجملة من الممارسات التصعيدية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الجماعة الحوثية تمنع تداول الأوراق النقدية التي أصدرها البنك المركزي اليمني (أ.ف.ب)

«المركزي اليمني» يستعد لإجراءات أشد قسوة بحق البنوك المخالفة

البنك المركزي اليمني بصدد الإعداد لقرار أشد قسوة يمكن اتخاذه في أي لحظة ضد البنوك التجارية المخالفة تعليماته وقراراته في مناطق سيطرة الحوثيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة مقاتلة على سطح حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر (أ.ب)

واشنطن تدمر 7 مسيّرات... والحوثيون يتبنون هجمات بحرية دون أضرار

أعلن جيش الأميركي، السبت، تدمير سبع طائرات حوثية من دون طيار ومحطة تحكم أرضية، فيما تبنت الجماعة الموالية لإيران أربع هجمات في البحرين الأحمر والمتوسط.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مقاولة يمنية في محافظة لحج تقف بجوار مشروع القناة المائية الذي أنجزته رفقة زميلتين لها (منظمة العمل الدولية)

يمنيات يجابهن صعوبة العيش بمشاريع صغيرة

تمنح برامج دعم المشروعات الصغيرة الموجهة من منظمات وجهات دولية النساء اليمنيات فرصاً لتجاوز الأزمة المعيشية والاقتصادية ومنافسة الذكور في العمل

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال اجتماع سابق (سبأ)

«الرئاسي اليمني»: احتجاز الحوثيين الطائرات «عملية إرهابية مكتملة الأركان»

وصف مجلس القيادة الرئاسي اليمني احتجاز الحوثيين ثلاث طائرات في صنعاء بـ«العملية الإرهابية مكتملة الأركان» مجدداً دعمه لتدابير البنك المركزي لحماية الاقتصاد

علي ربيع (عدن)

يمنيون يتطلّعون إلى انفراجة في محادثات الأسرى والمحتجَزين

تعنّت الحوثيين أفشل جولات سابقة من المحادثات برعاية «الأمم المتحدة» و«الصليب الأحمر» (إكس)
تعنّت الحوثيين أفشل جولات سابقة من المحادثات برعاية «الأمم المتحدة» و«الصليب الأحمر» (إكس)
TT

يمنيون يتطلّعون إلى انفراجة في محادثات الأسرى والمحتجَزين

تعنّت الحوثيين أفشل جولات سابقة من المحادثات برعاية «الأمم المتحدة» و«الصليب الأحمر» (إكس)
تعنّت الحوثيين أفشل جولات سابقة من المحادثات برعاية «الأمم المتحدة» و«الصليب الأحمر» (إكس)

بعد نصف عام على إفشال الحوثيين التوقيع على خريطة السلام التي أعلنتها الأمم المتحدة، وكانت حصيلة جهود سعودية وعُمانية، يتطلّع اليمنيون إلى أن تؤدي جولة المحادثات الحالية، التي بدأت الأحد، في العاصمة العُمانية مسقط، إلى تحريك عجلة السلام من جديد، رغم استباق الحوثيين بجملة من الممارسات التصعيدية.

وإن كانت جولة المحادثات الحالية ستقتصر على البحث في ملف الأسرى والمعتقلين، إلا أنها في حال نجحت كما يتمنى الكثيرون ستشكّل دافعاً لعملية السلام التي تعثّرت مع اختيار الحوثيين مهاجمة حركة الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، في خطوة جعلت المجتمع الدولي يعارض المُضي في تنفيذ خريطة الطريق قبل أن تتوقف تلك الهجمات.

الحوثيون اختطفوا الآلاف من المدنيين لمبادلتهم بمقاتلين قُبض عليهم في الجبهات (رويترز)

كما تكتسب هذه الجولة أهمية خاصة؛ لأنها تأتي بعد فترة تعثّر طويلة لهذا الملف نتيجة تراجع الحوثيين عن التزامهم في كل مرة الكشف عن مصير جميع المختطفين والأسرى، وفي مقدمتهم القيادي في حزب الإصلاح، محمد قحطان، وذهابهم نحو المطالبة بأسماءٍ مجهول مصيرها.

وفي حين تمسّك الجانب الحكومي بضرورة تنفيذ كل الالتزامات، وربط المشاركة في أيّ محادثات بذلك، فإنه تلقّى تعليمات رئاسية بالذهاب إلى العاصمة العُمانية مسقط.

وتأتي هذه المحادثات في وقت تسيطر فيه حالة من الإحباط على المشهد العام في اليمن نتيجة تعثّر عملية السلام، بما تتضمّنه من جوانب اقتصادية وإنسانية، خصوصاً صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، والمقطوعة منذ ثمانية أعوام، والذهاب نحو معالجة الملف الاقتصادي والانقسام المالي.

ومع ذلك فإن نجاح الجهود التي بُذلت أخيراً، وأدّت إلى فتح الطريق الذي يربط ضاحية الحوبان بوسط مدينة تعز، وفتح طريق مأرب – البيضاء - صنعاء، أعادت إحياء آمال السلام، وزادت من الثقة بقدرة الوسطاء على تحقيق اختراق جديد في جدار الأزمة، وفي ظل الأوضاع التي تعيشها المنطقة بشكل عام.

باب الأمل

يرى محمود عبد الله، وهو موظف حكومي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن لقاء الجانب الحكومي والحوثيين في ظل هذه الظروف، وتصاعد المواجهة الاقتصادية، يفتح باب الأمل لإمكانية استئناف مسار السلام، وأن البلاد ستتجنب عودة المواجهات العسكرية، خصوصاً أن الهجمات التي ينفّذها الحوثيون بشكل شبه يومي على مواقع القوات الحكومية في محافظة تعز تعكس استعداد الجماعة للتصعيد العسكري.

قبل عام أُبرمت آخر صفقة لتبادل الأسرى والمعتقلين بين الحكومة والحوثيين (إعلام محلي)

ويعتقد محمود أن عودة القتال ستكون كارثيةً وأسوأ من ذي قبل، إلا أنه يراهن على الجهود السعودية والعُمانية في تقريب وجهات النظر، وتحقيق تقدّم في هذا الجانب؛ لأن الوقائع أثبتت أن الدولتين أكثر قدرةً وفاعلية من «الأمم المتحدة» في وضع أسس فعلية لعملية السلام.

ويتفق رضوان صالح، وهو مدرس في مناطق الحوثيين، مع محمود، ويرى أن عودة اللقاءات بين الجانب الحكومي والحوثيين مؤشر جيد، على أن الجانبين ملتزمان بالتهدئة التي أُبرمت قبل أكثر من عامين.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يتمنّى صالح أن يواصل الوسطاء جهودهم، وأن تتوسّع المحادثات لتشمل الملف الاقتصادي؛ لأنه الأكثر تأثيراً في واقع الناس اليوم، ولأن المعركة الاقتصادية الأخيرة ألقت بظلالها على حياة الناس، وضاعفت من معاناتهم.

وخلافاً لهذه التطلّعات يُظهر عبد الباقي محمد، وهو موظف في القطاع الخاص، تشاؤمه من إمكانية نجاح هذه المحادثات بسبب ممارسات الحوثيين التي لا تُطمئِن، مستدلاً على ذلك بحادثة احتجاز 4 طائرات للخطوط الجوية اليمنية قبل أيام من موعد المحادثات.

ومع تمنّي عبد الباقي نجاح أي جهد لتعزيز السلام، إلا إنه يعتقد أن الموقف المتعنّت للحوثيين في ملف الأسرى، وتصلّب الجانب الحكومي، قد يؤديان إلى فشل هذه الجولة.

تنديد حقوقي

استبقت 30 منظمة حقوقية يمنية جولة المحادثات وأصدرت بياناً مشتركاً، اتهمت فيه «الأمم المتحدة» بالتهاون في قضية السياسي المختطَف والمغيّب في سجون الحوثيين منذ تسع سنوات، محمد قحطان، وملف المخفيين قسراً في اليمن بشكل عام، دون الكشف عن مصيره، أو السماح لأسرته بزيارته أو التواصل معه.

مجلس القيادة الرئاسي اليمني يساند جهود إنهاء معاناة المختطفين والمحتجزين (سبأ)

البيان ندّد «بشدة» بهذه الجريمة المستمرة، وقال إن الاختفاء القسري يشكّل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، ويمثّل جريمة ضد الإنسانية وفقاً للمادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وانتقدت هذه المنظمات «الأمم المتحدة» ومبعوثها الخاص إلى اليمن؛ لأنها لم تستخدم أدواتها للضغط على الحوثيين في قضية المخفيين قسراً، وعلى رأسهم السياسي قحطان، المشمول بقرار «مجلس الأمن» رقم 2216، ورأت أن ذلك يعكس تهاوناً في معالجة ملف المخفيين قسراً، وعدم إعطائه الأولوية المستحَقة في جولات التفاوض السابقة.

ودعت المنظمات الحوثيين إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن القيادي في حزب «الإصلاح»، محمد قحطان، وجميع المختطَفين والمخفيين، وفتح تحقيق مستقل ونزيه في جميع حالات الاختفاء القسري لدى جميع الأطراف، وتقديم الجناة إلى العدالة؛ لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات.

وناشد مبعوث «الأمم المتحدة»، هانس غروندبرغ، المجتمع الدولي تضمين ملف المخفيين قسراً أجندة المفاوضات الحالية، والعمل بجدية لضمان إطلاق سراحهم.

المنظمات الحقوقية الموقّعة على البيان دعت مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية إلى الاضطلاع بدورهما القانوني والإنساني والأخلاقي، والعمل على تحرير جميع المخفيين قسراً، والمحتجَزين في جميع المناطق اليمنية.