تصعيد الحوثيين يهدد بنسف التهدئة وتعقيد جهود السلام

الجماعة استهدفت بصاروخ مخيماً للنازحين في مأرب

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني سلطان العرادة مجتمعاً في مأرب مع مسؤول عسكري أممي (سبأ)
عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني سلطان العرادة مجتمعاً في مأرب مع مسؤول عسكري أممي (سبأ)
TT

تصعيد الحوثيين يهدد بنسف التهدئة وتعقيد جهود السلام

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني سلطان العرادة مجتمعاً في مأرب مع مسؤول عسكري أممي (سبأ)
عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني سلطان العرادة مجتمعاً في مأرب مع مسؤول عسكري أممي (سبأ)

يهدد تصعيد الحوثيين العسكري في مأرب وتعز ولحج، بنسف التهدئة اليمنية القائمة منذ أبريل (نيسان) 2022، كما يهدد بتعقيد المساعي الأممية والإقليمية لإعادة تجديد الهدنة وتوسيعها، خصوصاً فيما يتعلق بالجوانب الإنسانية.

تصعيد الجماعة الحوثية بلغ ذروته أخيراً مع استهداف مخيم للنازحين في محافظة مأرب، وهو الأمر الذي لقي إدانات حكومية وإنسانية، خصوصاً أنه تزامن مع زيارة مسؤولين أمميين إلى المحافظة، وذلك بعد أيام من هجوم إرهابي للجماعة استهدف قوة بحرينية موجودة في جنوب السعودية، وهجمات أخرى استهدفت استعراضاً للجيش اليمني في صعدة.

ومع إتاحة مجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة الشرعية المجال للمساعي الإقليمية والدولية والأممية لإقناع الحوثيين بالتخلي عن خيار القوة العسكرية والتهديدات الإرهابية، تبدو المخاوف من عودة التصعيد أكثر حضوراً في الشارع اليمني، لا سيما في ظل تعنت الجماعة وإعراضها عن مقترحات السلام.

تحدٍ سافر للمجتمع الدولي

وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، علق على استهداف الحوثيين بصاروخ باليستي مخيم «الميل» للنازحين شمال مدينة مأرب، ووصفه بأنه تحدٍ سافر للمجتمع الدولي واستهتار بجهود ودعوات التهدئة وإحلال السلام، بحسب ما جاء في تصريح رسمي.

وكان الهجوم الحوثي تزامن مع زيارة المستشار العسكري للمبعوث الأممي إلى اليمن، العميد أنطوني هايوارد، والفريق المرافق له.

جزء من حطام صاروخ حوثي أُطلق على مخيم للنازحين في محافظة مأرب اليمنية (إكس)

وقال الإرياني، إن الهجوم الإرهابي جاء نتيجة مباشرة للصمت الدولي، وعدم وجود أي موقف من استهداف الجماعة مخيمات «المنين القبلي»، و«آل مسلل»، و«حاجبة»، ومستوصف «شقمان» للنازحين بمحافظة مأرب، بأربعة صواريخ، بالتزامن مع وجود المبعوث الأممي هانس غروندبرغ في اليمن في مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي.

وأضاف الوزير اليمني أن «الهجمات الإرهابية على مخيمات النزوح، التي تُعرِّض أرواح المدنيين من النساء والأطفال للخطر، وتُفاقم الأوضاع الكارثية لآلاف الأسر النازحة، وتدفع باتجاه موجات نزوح جديدة نحو مناطق أكثر أمناً، تعكس استخفاف ميليشيا الحوثي بأرواح اليمنيين، وعدم اكتراثها بالأزمة الإنسانية الأكثر تعقيداً في العالم جراء الحرب التي أشعلتها».

وطالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن، بإدانة واضحة وصريحة للهجمات الحوثية التي وصفها بـ«الإرهابية»، كما طالب باتخاذ مواقف صارمة إزاء التصعيد الحوثي الذي يُعرِّض حياة المدنيين للخطر، ويفاقم المعاناة الإنسانية، ويهدد بتقويض جهود التهدئة، ومحاسبة المسؤولين عن هذا التصعيد وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

دعم رئاسي للسلام

على الرغم من التطورات التصعيدية من قبل الحوثيين، فإن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني سلطان العرادة، أكد دعم المجلس لمساعي السلام وفق المرجعيات المتفق عليها، متهماً الجماعة بعدم الجدية في التوصل إلى سلام.

استغل الحوثيون فترة التهدئة لتعزيز قدراتهم العسكرية بدعم إيراني (إ.ب.أ)

تصريحات العرادة، جاءت - وفق ما نقله الإعلام الرسمي - خلال لقائه المستشار العسكري للمبعوث الأممي إلى اليمن العميد أنطوني هايوارد والفريق المرافق له، حيث بحث معه الجهود الأممية لإحلال السلام، وفرص تثبيت دائم لوقف إطلاق النار تمهيداً للانتقال لعملية سياسية لتحقيق سلام شامل وعادل في اليمن.

وقال العرادة: «إن الشعب اليمني يؤمن بالسلام، ويتطلع برغبة جامحة إلى سلام دائم وحقيقي، قائم على المرجعيات الثلاث التي حظيت بإجماع وطني وإقليمي ودولي، وإن القيادة السياسية والحكومة تدعمان الجهود الإقليمية والدولية كافة؛ لتحقيق السلام الحقيقي».

واتهم عضو مجلس الحكم اليمني، الذي يشغل أيضاً منصب محافظ مأرب، جماعة الحوثي بأنها «تعمل على إحباط جميع الفرص والجهود الأممية للبحث عن طريق للسلام رغم التنازلات الكبيرة التي قدمتها الحكومة من أجل إنجاح تلك الجهود، ما يؤكد عدم جديتها في تحقيق السلام وتنفيذ التزاماتها، وسعيها للحصول على شرعنة لانقلابها، وإضعاف القرارات الأممية».

وشدد العرادة على أن مراحل عملية السلام يجب أن تبدأ بمرحلة «بناء الثقة»، التي تقوم على وقف شامل لإطلاق النار، والإفراج عن الأسرى والمختطفين جميعاً تحت قاعدة «الكل مقابل الكل»، ورفع الحصار عن تعز، وفتح الطرق الرئيسية كافة بين المدن والمحافظات؛ لتسهيل تنقلات المواطنين، والانفتاح الاقتصادي، وفتح الموانئ والمطارات.

وأكد عضو مجلس الحكم اليمني الاستعداد لفتح الطرق بين مأرب وصنعاء، داعياً المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى اتخاذ مواقف حازمة لتنفيذ القرارات الأممية التي صدرت بإجماع دولي، وتحديد الطرف المعرقل لتنفيذها، ولتحقيق عملية السلام واتخاذ إجراءات رادعة.

تنديد حزبي

فروع الأحزاب السياسية في مأرب، من جهتها نددت بالتصعيد الحوثي، خلال لقاء مع فريق من مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن برئاسة رئيس قسم الشؤون السياسية روكسانة بازرجان، حيث تمت مناقشة آخر المستجدات السياسية والأوضاع الاقتصادية على الساحة اليمنية.

قيادات حزبية يمنية في مأرب تلتقي فريقاً من مكتب المبعوث الأممي (سبأ)

وأكد قادة فروع الأحزاب اليمنية في مأرب «تمسكهم بالمرجعيات الأساسية، بوصفها أساساً لأي مفاوضات أو جهود لحل الأزمة اليمنية وإعادة الأمن والاستقرار، وتحقيق السلام الشامل والمستدام في عموم محافظات البلاد، بما ينهي معاناة اليمنيين، ويحقق تطلعاتهم في العيش بكرامة وأمان وسلام دائم». وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وكان رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي، حذر خلال لقائه السفير الأميركي في الرياض قبل أيام، من «أي تراخٍ من جانب المجتمع الدولي إزاء نهج الميليشيات الحوثية». وقال إن ذلك «من شأنه أن يشجعها على التمادي في تهديداتها للسلم والأمن الدوليين، وأن يجعل من ممارستها للقمع، وانتهاك الحريات العامة، سلوكاً يتعذر التخلص منه مستقبلاً».


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).