اليمن... طريق السلام تمضي قدماً رغم الصعوبات

نعمان لـ«الشرق الأوسط»: بدء السير في طريق السلام يثير مخاوف المنتفعين من الحرب

الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي لدى لقائه أخيراً وفد صنعاء في الرياض (واس)
الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي لدى لقائه أخيراً وفد صنعاء في الرياض (واس)
TT

اليمن... طريق السلام تمضي قدماً رغم الصعوبات

الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي لدى لقائه أخيراً وفد صنعاء في الرياض (واس)
الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي لدى لقائه أخيراً وفد صنعاء في الرياض (واس)

شهدت الأسابيع الأخيرة نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً على المستويات الإقليمية والدولية، في محاولة جادة لإنهاء الأزمة اليمنية والحرب الدائرة في البلاد منذ نحو 9 سنوات، لكن الطريق لن تكون سهلة، بحسب مراقبين.

واحتضنت الرياض الأسبوع الماضي، لمدة 5 أيام، نقاشات وصفت بـ«الجادة والإيجابية» لوفد حوثي، ترأسه محمد عبد السلام فليتة، الذي أكد أن الأجواء كانت إيجابية، وعاد إلى صنعاء للتشاور.

ويصف هانس غروندبرغ، المبعوث الأممي لليمن، الفترة الحالية بـ«الحرجة». مشيراً في بيان إلى أن اليمن «يحتاج إلى الدعم الإقليمي والدولي المتضافر للمضي قدماً على طريق السلام والتنمية المستدامة». معبراً عن تقديره للجهود السعودية والعمانية لإنهاء الحرب وإطلاق عملية سياسية شاملة.

ويشهد اليمن أطول فترة هدوء في الجبهات الداخلية، أو عبر الحدود، لأكثر من 18 شهراً حتى الآن، فيما يمكن تسميته هدنة غير معلنة، بعد رفض جماعة الحوثي تجديد الهدنة الأممية في أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

وفي خضم هذه الأجواء التفاؤلية، أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن عن هجوم غادر قامت به عناصر تابعة للحوثيين، أول من أمس، على الحدود الجنوبية السعودية، استشهد على إثرها عسكريان وإصابة آخرين من قوات دفاع البحرين المشاركة في التحالف.

هذا الهجوم يلقي الضوء على الصعوبات والتحديات التي قد تواجه السلام المأمول، ولا سيما المنتفعين الذي كوّنوا ثروات وأموالاً طائلة خلال الحرب، أو ما يطلق عليهم بـ«تجار الحروب».

يقول لطفي نعمان، وهو مستشار سياسي وإعلامي يمني، إن الحادثة الأخيرة قد تكون «نتيجة استمرار تأثر بعض أتباع الجماعة (الحوثية) بخطاب المرحلة السابقة، وكذا عدم مواكبة المستجدات الأخيرة». وأضاف، في حديث مع «الشرق الأوسط»: «أمر مؤسف أن يحدث هذا في ظل أجواء التهدئة».

ولفت نعمان إلى أن هذه الحادثة، سواء أكانت بإيعاز من القيادة الحوثية، أم من دون قصد منها، فإن «نهاية أي مواجهة دوماً يتخللها هذا النوع من الحوادث التي تمتد أحياناً إلى ما بعد وقف الحرب».

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي في نيويورك الأسبوع الماضي (سبأ)

فيما عدّ رئيس مجلس الوزراء اليمني، الدكتور معين عبد الملك، الهجوم «الإرهابي الغادر شاهداً على عدم جدية ميليشيا الحوثي الإرهابية للاستجابة للجهود الإقليمية والأممية والدولية الرامية إلى إنهاء الحرب وإحلال السلام».

وكان المتحدث باسم التحالف، العميد ركن تركي المالكي، أكد أن الهجوم الغادر نُفذ عبر بعض العناصر التابعة للحوثيين، مشيراً إلى أن هذا العمل العدائي يعد واحداً من عدة أعمال أخرى حدثت الشهر الماضي. منها استهداف محطة توزيع طاقة كهربائية، ومركز شرطة بالمنطقة الحدودية.

المالكي حذر من أن «هذه الأعمال العدائية والاستفزازية المتكررة لا تنسجم مع الجهود الإيجابية التي يتم بذلها سعياً لإنهاء الأزمة والوصول إلى حل سياسي شامل».

طريق السلام لن تكون مفروشة بالورود، وقد يكون له ثمن، بحسب لطفي نعمان، الذي أضاف بقوله: «يمكن أن تكون (الحادثة) بمثابة الضريبة والقربان لجهود السلام، وهي الجهود التي يجب أن تستمر، مع تنبيه الأطراف بضرورة ضبط عناصرهم أو أتباعهم في مختلف المواقع».

وعن المنتفعين من الحرب، يقول نعمان: «لا يستبعد أن بدء السير في طريق السلام لليمن أو هبوب عاصفة السلم يثير مخاوف المنتفعين من الحرب، فتجدهم يعترضون هذه الطريق المنشودة بمختلف الوسائل».

وبالرغم من الاعتداءات الحوثية المتقطعة، سواء في الداخل اليمني أو على الحدود مع السعودية، يؤكد مسؤول يمني أن «طريق السلام تمضي قدماً، وإن بوتيرة بطيئة».

وتابع المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه: «علينا الأخذ في الاعتبار أن بعض الجهات ليس من مصلحتها وقف الحرب، هنالك مستفيدون في الجانبين سيحاولون عرقلة جهود السلام».

من جهتها، دعت الخارجية السعودية، في بيان، إلى «وقف استمرار تدفق الأسلحة لميليشيا الحوثي الإرهابية ومنع تصديرها للداخل اليمني، وضمان عدم انتهاكها لقرارات الأمم المتحدة».

أما الخارجية الإماراتية فاعتبرت الهجوم استخفافاً بجميع القوانين والأعراف الدولية، ما يتطلب رداً رادعاً، داعية في بيان المجتمع الدولي إلى توحيد الجهود واتخاذ موقف حاسم لوقف هذه العمليات، والعودة إلى عملية سياسية تؤدي إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة.

بدورها، وصفت مصر الهجوم على القوات البحرينية بـ«الإرهابي الغادر»، داعية إلى ضرورة مواصلة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمجابهة الإرهاب بكل صوره، ووضع حد للممارسات التي تستهدف زعزعة استقرار الدول العربية.


مقالات ذات صلة

الإرياني: الحوثيون يخفون 2406 مدنيين بشكل قسري

المشرق العربي أسرى يمنيون أُفرج عنهم سابقاً على متن طائرة مستأجرة للجنة الدولية للصليب الأحمر في مطار مأرب (رويترز)

الإرياني: الحوثيون يخفون 2406 مدنيين بشكل قسري

تقوم جماعة الحوثي بجريمة الإخفاء القسري لأكثر من 2400 مدني، منهم 133 امرأة، و117 طفلاً، في 17 محافظة يمنية منذ يناير (كانون الثاني) 2017.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

وافق الحوثيون على قطر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد ضوء أخضر إيراني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سيول جارفة أدت إلى وفاة عشرات اليمنيين في محافظة المحويت (إ.ب.أ)

تغيير الحوثيين التقويم المدرسي يهدد حياة طلبة المدارس

تهدد الأمطار الموسمية طلبة المدارس في اليمن؛ بسبب قيام الحوثيين بتغيير التقويم الدراسي إلى السنة الهجرية بدلاً عن الميلادية، بينما تسببت السيول في خسائر كبيرة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يسعى إلى توسيع رقابته على السكان (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يشدّدون أعمال الرقابة والتجسس على السكان

شدّدت الجماعة الحوثية قبضتها الأمنية لتوسيع نفوذها وسطوتها على سكان مناطق سيطرتها، حيث تتجه لإنشاء أنظمة استخبارية جديدة؛ مع تعزيز رقابتها على السكان

وضاح الجليل (عدن)
خاص المتحدث الإقليمي للخارجية الأميركية باللغة العربية سام وريبرغ (تصوير سعد العنزي) play-circle 01:24

خاص واشنطن: لا مستقبل لـ«حماس» في حكم غزة بعد الحرب

وصف مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية انتقال المفاوضات بين حركة «حماس» وإسرائيل إلى مجموعات عمل تضم متخصصين لبحث الاتفاق بـ«التقدم الإيجابي».

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
TT

الحوثيون يعلنون تفخيخ الناقلة اليونانية «سونيون» وتفجيرها

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)
ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر أثناء انفجارها (لقطة من فيديو)

أعلنت جماعة «الحوثي» اليمنية، الخميس، أنها فخخت ثم فجرت ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجموها في البحر الأحمر، ما تسبب باندلاع حرائق عدة على متنها.

وفي 21 أغسطس (آب)، تعرّضت السفينة التي ترفع علم اليونان، لهجوم نفّذه الحوثيون وأدى، بحسب هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، إلى اندلاع حريق على متنها وفقدان قوة محرّكها. ودفع ذلك مهمة الاتحاد الأوروبي في المنطقة إلى إجلاء طاقمها المؤلف من 25 شخصاً.

ونشر الحوثيون على وسائل إعلام تابعة لهم، مساء الخميس، مقطع فيديو يُظهر شخصاً ملثماً ومسلحاً يعدّ جهاز تفخيخ على متن «سونيون». وسرعان ما يتمّ تفجيرها فتندلع حرائق عدة على متنها وتتصاعد أعمدة الدخان الأسود منها.

أحد عناصر جماعة «الحوثي» على سطح ناقلة النفط «سونيون» في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، في خطابه الأسبوعي، الخميس، إن قواته نفذت «عملية جريئة وشجاعة» هذا الأسبوع عبر «اقتحام» السفينة سونيون «وتدمير ما فيها من الشحنات واستهداف السفينة نفسها وتفخيخها وتفجيرها».

وأشار، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن الناقلة «كانت تخالف قرار الحظر وتحمل شحنات للعدو الإسرائيلي».

وبحسب سلطة الموانئ اليونانية، فإن السفينة مملوكة لشركة «دلتا تانكرز» اليونانية للشحن، وقد أبحرت من العراق وكانت متجهة إلى ميناء قريب من أثينا.

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأظهر الفيديو أيضاً أضراراً في هيكل السفينة، إضافة إلى أغراض مبعثرة داخل غرفة القيادة.

يأتي ذلك غداة إعلان بعثة إيران لدى «الأمم المتحدة» موافقة الحوثيين على إنقاذ الناقلة سونيون، التي تحمل 150 ألف طن من النفط، «نظراً للمخاوف الإنسانية والبيئية».

وكتب المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام، على منصة «إكس»، في وقت متأخر الأربعاء: «بعد تواصل جهات دولية عدة معنا، خصوصاً الأوروبية، تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة سونيون».

ناقلة النفط «سونيون» التي سبق أن هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر (لقطة من فيديو)

وأفادت مهمة «أسبيدس» الأوروبية في البحر الأحمر، الخميس، أن «(سونيون) مشتعلة منذ 23 أغسطس (آب)» مع «رصد حرائق في مواقع عدة على السطح الرئيسي للسفينة».

وأشارت إلى «عدم وجود تسرب نفطي، وأن السفينة لا تزال راسية ولا تنجرف». وأكدت، على منصة «إكس»، أنها تستعدّ «لتسهيل أي مسارات عمل، بالتنسيق مع السلطات الأوروبية والدول المجاورة، لتجنب أزمة بيئية كارثية».

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني)، يستهدف الحوثيون سفناً تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، ما يعدّونه دعماً للفلسطينيين في قطاع غزة، في ظل الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بين الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس».

وأثّرت هجمات الحوثيين على حركة الشحن في المنطقة الاستراتيجية، التي يمرّ عبرها 12 في المائة من التجارة العالمية.