بالتوازي مع إخضاع الميليشيات الحوثية لموظفي وعمال صندوق النظافة والتحسين بمحافظة إب اليمنية لدورات تعبئة طائفية، كشفت مصادر مطلعة في المحافظة عن مساع لقادة في الجماعة لنهب ومصادرة معدات نظافة وأخرى تتعلق بالإنارة قدمت بوصفها منحة أممية تقدر قيمتها بأكثر من مليون دولار.
المصادر كشفت عن قيام القادة الحوثيين منذ تسلمهم المعدات الأممية بإخفائها عنوة في باحة وسط مدينة إب عاصمة المحافظة (193 كيلومترا جنوب صنعاء) رغم الاحتياج الكبير لعملها في انتشال أكوام القمامة التي تتكدس في الشوارع والأحياء.
وكانت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أكدت في أواخر يوليو (تموز) الماضي، تسلم الجماعة في إب معدات نظافة تعادل قيمتها أكثر من مليون دولار، بتمويل البنك الدولي عبر مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع (يونبس)، وتشمل جرافات وشاحنات، إضافة لنحو 1560 إنارة اقتصادية.
وبينما اشترطت الجهة المانحة على قادة الجماعة في إب توزيع تلك المعدات على مديريات المحافظة للمساهمة في تنظيف الشوارع والأحياء التي تتكدس فيها النفايات، رفض عناصر الميليشيات عملية التوزيع، في مسعى - وفق المصادر - لنقل المعدات في أقرب فرصة إلى محافظة صعدة (معقلهم الرئيسي) تنفيذاً لتعليمات صادرة من كبار قادة الجماعة في صنعاء.
وتتهم المصادر المحلية في محافظة إب الجماعة الحوثية بتعمد إخفاء تلك المعدات، لتضاف إلى سابقاتها التي تسلمتها على مدى سنوات وأشهر ماضية، وسعت إلى إخفاء البعض منها لفترات ثم نقلها إلى صعدة، وبيع بعضها.
تطييف إجباري
لا يقتصر الأمر على ممارسة الفساد الحوثي المنظم بحق صندوق النظافة في إب، بل شمل ذلك إخضاع موظفي وعمال النظافة لدورات فكرية وتعبوية مكثفة، ضمن البرامج الهادفة لسلخ هوية اليمنيين وإحلال أخرى ذات نهج طائفي.
ومع استمرار تصاعد وتيرة الممارسات الحوثية، يشكو سكان إب لـ«الشرق الأوسط»، من تراكم أكوام القمامة، وهو ما ينذر بكارثة صحية وبيئية، وسط اتهامات لقادة الانقلاب في المحافظة بالتقاعس والإهمال، والتركيز على نهب الأموال المقدمة من المنظمات الدولية دعماً لحملات النظافة.
ويتهم السكان قادة الميليشيات بأنهم يتعمدون تراكم أطنان القمامة في الشوارع والأحياء، بعدما قاموا بمصادرة مرتبات عمال صندوق النظافة، وإيقاف نفقات التشغيل المتعلقة بآليات الصندوق في المحافظة؛ وإخضاع العاملين لدورات تعبوية وعسكرية.
فساد ونهب منظم
كان تقرير صادر عما يسمى «الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة» الخاضع للانقلاب في صنعاء ، كشف مطلع أغسطس (آب) العام الماضي، عن وجود قصور كبير من قبل صندوق النظافة بمحافظة إب في تنفيذ المهام الميدانية المنوطة به من قبيل الحفاظ على النظافة العامة والبيئة، إلى جانب وجود قصور آخر في الجانب المالي من حيث الإهمال والتقصير في متابعة تحصيل وتوريد مستحقات الصندوق، وهو ما يؤدي في الحالتين إلى زيادة المخاطر الصحية البيئية وإهدار المال العام.
التقرير الخاص بفحص ومراجعة أعمال صندوق النظافة في إب للنصف الثاني للعام المالي 2020، تحدث عن وجود أوجه قصور عدة تتعلق في نشاط الصندوق، منها على الصعيد البيئي، عدم معالجة مشكلة رمي المخلفات بمجاري السيول، وعدم القيام بالتدابير الصحية والمعالجات للمخلفات للحد من انتشار الأمراض والأوبئة والروائح الكريهة في الأحياء ، وعدم توفير وسائل وأدوات السلامة اللازمة لعمال النظافة وإلزامهم بالتقيد بها، إلى جانب انسداد مجاري السيول بفعل تراكم المخلفات التي تؤدي للإضرار بالممتلكات العامة والخاصة، وزيادة المخاطر على العاملين بمجال النظافة وزيادة مخاطر انتشار الأمراض والأوبئة داخل المدينة.
التقرير الحوثي اعترف على صعيد الفساد المالي، بعدم تنفيذ الصندوق الخاضع للجماعة للأعمال التي صرفت من أجلها عهد مالية، حيث جرى ترحيل العهد والسلف وتراكمها من سنة لأخرى دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتسويتها، وقد بلغ رصيد العهد حتى نهاية عام 2020، ما يعادل 125 مليون دولار.
وخلص التقرير إلى اتهام قادة الميليشيات المحليين بتبديد موارد الصندوق لأغراض وأنشطة لا تخدم الهدف من إنشاء الصندوق، إلى جانب تلاعبهم من خلال تحميل الصندوق مصاريف وهمية، وعدم تقديم الوثائق المؤيدة لعدد من عمليات الصرف لفريق المراجعة.
وأفاد التقرير بتعرض موارد الصندوق الذي تديره قيادات انقلابية في المحافظة لمخاطر الضياع والاختلاس وحرمان الصندوق من موارد كبيرة لتمويل أنشطته وتطوير أعماله على أرض الواقع.