مساع انقلابية لحرمان إب اليمنية من معدات أممية بمليون دولار

الجماعة كثفت أعمال التطييف وسط موظفي وعمال النظافة

شاحنات نظافة في باحة مبنى صندوق النظافة والتحسين بمحافظة إب اليمنية (فيسبوك)
شاحنات نظافة في باحة مبنى صندوق النظافة والتحسين بمحافظة إب اليمنية (فيسبوك)
TT

مساع انقلابية لحرمان إب اليمنية من معدات أممية بمليون دولار

شاحنات نظافة في باحة مبنى صندوق النظافة والتحسين بمحافظة إب اليمنية (فيسبوك)
شاحنات نظافة في باحة مبنى صندوق النظافة والتحسين بمحافظة إب اليمنية (فيسبوك)

بالتوازي مع إخضاع الميليشيات الحوثية لموظفي وعمال صندوق النظافة والتحسين بمحافظة إب اليمنية لدورات تعبئة طائفية، كشفت مصادر مطلعة في المحافظة عن مساع لقادة في الجماعة لنهب ومصادرة معدات نظافة وأخرى تتعلق بالإنارة قدمت بوصفها منحة أممية تقدر قيمتها بأكثر من مليون دولار.

المصادر كشفت عن قيام القادة الحوثيين منذ تسلمهم المعدات الأممية بإخفائها عنوة في باحة وسط مدينة إب عاصمة المحافظة (193 كيلومترا جنوب صنعاء) رغم الاحتياج الكبير لعملها في انتشال أكوام القمامة التي تتكدس في الشوارع والأحياء.

يستخدم الحوثيون معدات النظافة خلال الفعاليات ذات الصبغة الطائفية (فيسبوك)

وكانت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» أكدت في أواخر يوليو (تموز) الماضي، تسلم الجماعة في إب معدات نظافة تعادل قيمتها أكثر من مليون دولار، بتمويل البنك الدولي عبر مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع (يونبس)، وتشمل جرافات وشاحنات، إضافة لنحو 1560 إنارة اقتصادية.

وبينما اشترطت الجهة المانحة على قادة الجماعة في إب توزيع تلك المعدات على مديريات المحافظة للمساهمة في تنظيف الشوارع والأحياء التي تتكدس فيها النفايات، رفض عناصر الميليشيات عملية التوزيع، في مسعى - وفق المصادر - لنقل المعدات في أقرب فرصة إلى محافظة صعدة (معقلهم الرئيسي) تنفيذاً لتعليمات صادرة من كبار قادة الجماعة في صنعاء.

وتتهم المصادر المحلية في محافظة إب الجماعة الحوثية بتعمد إخفاء تلك المعدات، لتضاف إلى سابقاتها التي تسلمتها على مدى سنوات وأشهر ماضية، وسعت إلى إخفاء البعض منها لفترات ثم نقلها إلى صعدة، وبيع بعضها.

تطييف إجباري

لا يقتصر الأمر على ممارسة الفساد الحوثي المنظم بحق صندوق النظافة في إب، بل شمل ذلك إخضاع موظفي وعمال النظافة لدورات فكرية وتعبوية مكثفة، ضمن البرامج الهادفة لسلخ هوية اليمنيين وإحلال أخرى ذات نهج طائفي.

قيادات حوثية في إب اليمنية تسلمت معدات نظافة وإنارة من منظمة أممية (فيسبوك)

ومع استمرار تصاعد وتيرة الممارسات الحوثية، يشكو سكان إب لـ«الشرق الأوسط»، من تراكم أكوام القمامة، وهو ما ينذر بكارثة صحية وبيئية، وسط اتهامات لقادة الانقلاب في المحافظة بالتقاعس والإهمال، والتركيز على نهب الأموال المقدمة من المنظمات الدولية دعماً لحملات النظافة.

ويتهم السكان قادة الميليشيات بأنهم يتعمدون تراكم أطنان القمامة في الشوارع والأحياء، بعدما قاموا بمصادرة مرتبات عمال صندوق النظافة، وإيقاف نفقات التشغيل المتعلقة بآليات الصندوق في المحافظة؛ وإخضاع العاملين لدورات تعبوية وعسكرية.

فساد ونهب منظم

كان تقرير صادر عما يسمى «الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة» الخاضع للانقلاب في صنعاء ، كشف مطلع أغسطس (آب) العام الماضي، عن وجود قصور كبير من قبل صندوق النظافة بمحافظة إب في تنفيذ المهام الميدانية المنوطة به من قبيل الحفاظ على النظافة العامة والبيئة، إلى جانب وجود قصور آخر في الجانب المالي من حيث الإهمال والتقصير في متابعة تحصيل وتوريد مستحقات الصندوق، وهو ما يؤدي في الحالتين إلى زيادة المخاطر الصحية البيئية وإهدار المال العام.

التقرير الخاص بفحص ومراجعة أعمال صندوق النظافة في إب للنصف الثاني للعام المالي 2020، تحدث عن وجود أوجه قصور عدة تتعلق في نشاط الصندوق، منها على الصعيد البيئي، عدم معالجة مشكلة رمي المخلفات بمجاري السيول، وعدم القيام بالتدابير الصحية والمعالجات للمخلفات للحد من انتشار الأمراض والأوبئة والروائح الكريهة في الأحياء ، وعدم توفير وسائل وأدوات السلامة اللازمة لعمال النظافة وإلزامهم بالتقيد بها، إلى جانب انسداد مجاري السيول بفعل تراكم المخلفات التي تؤدي للإضرار بالممتلكات العامة والخاصة، وزيادة المخاطر على العاملين بمجال النظافة وزيادة مخاطر انتشار الأمراض والأوبئة داخل المدينة.

معدات نظافة تخفيها الميليشيات الحوثية في باحات مبانٍ حكومية في محافظة إب (فيسبوك)

التقرير الحوثي اعترف على صعيد الفساد المالي، بعدم تنفيذ الصندوق الخاضع للجماعة للأعمال التي صرفت من أجلها عهد مالية، حيث جرى ترحيل العهد والسلف وتراكمها من سنة لأخرى دون اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتسويتها، وقد بلغ رصيد العهد حتى نهاية عام 2020، ما يعادل 125 مليون دولار.

وخلص التقرير إلى اتهام قادة الميليشيات المحليين بتبديد موارد الصندوق لأغراض وأنشطة لا تخدم الهدف من إنشاء الصندوق، إلى جانب تلاعبهم من خلال تحميل الصندوق مصاريف وهمية، وعدم تقديم الوثائق المؤيدة لعدد من عمليات الصرف لفريق المراجعة.

وأفاد التقرير بتعرض موارد الصندوق الذي تديره قيادات انقلابية في المحافظة لمخاطر الضياع والاختلاس وحرمان الصندوق من موارد كبيرة لتمويل أنشطته وتطوير أعماله على أرض الواقع.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.