تحذيرات أممية من تعرض ملايين الأطفال اليمنيين لخطر الأمراض

إهمال الحوثيين وحربهم ضد اللقاحات تسببا في تفشي الأوبئة

مبنى وزارة الصحة الخاضع للانقلابيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصحة الخاضع للانقلابيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

تحذيرات أممية من تعرض ملايين الأطفال اليمنيين لخطر الأمراض

مبنى وزارة الصحة الخاضع للانقلابيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصحة الخاضع للانقلابيين في صنعاء (فيسبوك)

كشفت تقارير أممية حديثة عن أن النظم الاجتماعية والصحية والاقتصادية في اليمن لا تزال تمثل خطرا كبيرا بعد أكثر من ثماني سنوات من الصراع، وهو الأمر الذي أدى إلى تفاقم الاحتياجات في جميع القطاعات والفئات اليمنية، بخاصة ملايين الأطفال المهددين بالأمراض.

التقارير الدولية جاءت في وقت تواصل فيه الميليشيات الحوثية في مناطق سيطرتها الحرب ضد اللقاحات التي تزعم أنها «مؤامرة غربية»، وهو ما قاد إلى عودة تفشي بعض الأوبئة التي كان تم القضاء عليها مثل مرض شلل الأطفال.

ويتهم ناشطون ومنظمات حقوقية الجماعة الانقلابية بمواصلة الإهمال والفساد ومنع اللقاحات الروتينية في سياق استمرار تدميرها المنظم للقطاع الطبي.

وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، في بيان، من أن ملايين الأطفال في اليمن معرضون لخطر الإصابة بالأمراض، إذا لم يحصلوا على التطعيمات الروتينية، وخدمات التغذية الأساسية.

عاملات يمنيات في برامج تقديم اللقاحات (الأمم المتحدة)

وأوضحت المنظمة أن نحو نصف مليون طفل يمني لم يتمكنوا من الوصول إلى التعليم. وقالت إن النظم الاجتماعية والاقتصادية وغيرها في البلاد لا تزال في خطر بعد أكثر من ثماني سنوات من الصراع، ما أدى إلى تفاقم الاحتياجات في جميع القطاعات والفئات؛ بخاصة الأطفال.

نقص التمويل

ذكرت «يونيسيف» أن عدم توفر التمويل في الوقت المناسب يعرض ملايين الأطفال في اليمن للخطر، حيث «يفتقد أكثر من مليون طفل يمني دون سن السنة الأولى التطعيمات الروتينية، ولن يحصل أكثر من 4.8 مليون طفل على خدمات التغذية الأساسية، ولن يتمكن نحو 3.7 مليون شخص؛ بينهم 1.8 مليون طفل، من الحصول بانتظام على مياه الشرب المأمونة، كما لن يتمكن نصف مليون طفل من الوصول إلى التعليم الرسمي أو غير الرسمي، الأمر الذي يعرض الأطفال لمخاطر كبيرة».

وأكدت المنظمة وجود 11 مليون طفل يمني بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، وحذرت من أن الافتقار إلى التمويل للتدخلات العاجلة سيشكل تحدياً لاستمرارية الخدمات الرئيسة، ما يضع حياة الأطفال اليمنيين ورفاههم في خطر.

وذكرت أنها بحاجة إلى 475.2 مليون دولار، للاستجابة للأزمة الإنسانية في اليمن، وتلبية الاحتياجات الحرجة في مجالات الصحة، والتغذية، والمياه، والصرف الصحي، وحماية الطفل، والتعليم، والحماية الاجتماعية، خلال العام الحالي.

تخفيض أنشطة التغذية

في غضون ذلك، قال برنامج الأغذية العالمي إنه اضطر إلى إجراء تخفيضات في أنشطة الوقاية من سوء التغذية في اليمن والتي استهدفت في السابق 1.4 مليون شخص.

ونتيجة نقص الموارد، فإن برنامج الأغذية لن يتمكن سوى من مساعدة 128 ألف شخص في اليمن من مجموع 2.4 مليون طفل وامرأة حامل ومرضع وفتاة تم استهدافهم في بادئ الأمر.

طفلة تبكي في مستشفى بصنعاء أثناء حملة تطعيم للوقاية من شلل الأطفال (رويترز)

واضطر الأغذية العالمي إلى قطع 60 في المائة من البرنامج الذي تم التخطيط له سلفا، حيث يتلقى 526 ألف فرد المساعدة في المحافظات الشمالية و 145 ألف في المحافظات الجنوبية من إجمالي 1.9 مليون شخص تم التخطيط لمساعدتهم خلال السنة، مؤكدا أن نقص التمويل يأتي في وقت يعاني فيه مزيد من الناس في اليمن من سوء التغذية الحاد.

وتوقع البرنامج في بيان حديث له، أن يتم تقديم المساعدة إلى 1.8 مليون طفل فقط كجزء من برنامج التغذية المدرسية لهذا العام الدراسي، وهو ما يمثل انخفاضا عن الهدف المنشود المتمثل في مساعدة 3.2 مليون طفل.

ويقلص البرنامج نطاق وحجم أنشطته الرامية إلى دعم بناء القدرة على الصمود وسبل العيش بسبب ما قال إنه «نقص التمويل»، ولفت إلى أنه لم يتمكن حتى الآن سوى من مساعدة 319 ألف شخص من بين مليوني شخص تم التخطيط لمساعدتهم خلال هذا العام.

إصابات بالحميّات

كانت منظمة الصحة العالمية كشفت قبل عدة أسابيع عن تسجيل 24 ألف إصابة بالحميات في اليمن خلال الربع الأول من العام الحالي، مرجعة السبب لإيقاف حملات التطعيم الدورية.

ورصدت المنظمة 23.850 حالة إصابة بالحميات والفيروسات المرتبطة بضعف حملات التطعيم، خلال الربع الأول من العام الحالي، منها 13 ألف حالة حصبة، و8.770 حالة حمى الضنك، بالإضافة إلى 2080 حالة اشتباه بالكوليرا.

طفلة يمنية تتلقى جرعة من اللقاح المقدم من قبل «يونيسيف» (الأمم المتحدة)

وأرجعت مصادر طبية في صنعاء في حديثها مع «الشرق الأوسط»، أسباب ارتفاع نسبة الإصابة بالحميات بين اليمنيين إلى إيقاف حملات التطعيم الدورية، من قبل الميليشيات الحوثية التي لا تزال تحكم قبضتها على القطاع الطبي في مناطق سيطرتها.

المصادر لفتت إلى قيام الجماعة على مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب بشن حملات علنية عبر وسائل إعلامها وفي المساجد تحض الأسر اليمنية على رفض تطعيم أطفالها بزعم أنها «مؤامرات غربية». وفق زعمها.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.