ارتفاع الإصابات بالحصبة في اليمن 3 أضعاف خلال 6 أشهر

أغلبها في محافظات يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون

طفل يمني يتلقى العلاج بعد إصابته بالحصبة في مستشفى الطفولة بصنعاء (أ.ف.ب)
طفل يمني يتلقى العلاج بعد إصابته بالحصبة في مستشفى الطفولة بصنعاء (أ.ف.ب)
TT

ارتفاع الإصابات بالحصبة في اليمن 3 أضعاف خلال 6 أشهر

طفل يمني يتلقى العلاج بعد إصابته بالحصبة في مستشفى الطفولة بصنعاء (أ.ف.ب)
طفل يمني يتلقى العلاج بعد إصابته بالحصبة في مستشفى الطفولة بصنعاء (أ.ف.ب)

كشفت منظمة «أطباء بلا حدود» عن ارتفاع الإصابة بمرض الحصبة في اليمن خلال النصف الأول من العام الحالي بمعدل 3 أضعاف ما كانت عليه خلال العام الماضي بأكمله، وسجلت 5 محافظات يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون أعلى معدلات الإصابة، وفق تقرير حديث للمنظمة العالمية.

وذكرت المنظمة، في بياناتها التي وزعتها أخيراً، أن اليمن شهدت أكثر من 22 ألف حالة حصبة، بما في ذلك 161 حالة وفاة، في عام 2022، وفي الـ6 أشهر الأولى من العام الحالي، وصلت عدد الحالات بالفعل إلى 9418 حالة منها مع وفاة 77 طفلاً، ووصفت انتشار الأمراض التي يمكن الوقاية منها بأنه إحدى أسرع المشكلات التي تعاني منها البلاد.

يعطل الفقر والنزوح إمكانية حصول الأطفال اليمنيين على اللقاحات والوقاية من الأمراض (أ.ف.ب)

وقال رئيس بعثة المنظمة في اليمن إسحاق الكالدي، إن العام الماضي شهد انخفاض عدد مرضى الحصبة في عيادات المنظمة من 731 في عام 2019 إلى 77 فقط، مرجعاً ذلك إلى حملة التطعيم الضخمة التي نفذت في عام 2019، مستدركاً أن محدودية أنشطة التطعيم في السنوات التالية، إلى جانب التحديات في الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، من المحتمل أن تكون السبب في هذه الزيادة.

في العام قبل الماضي، ارتفع هذا الرقم إلى 762 مريضاً بالحصبة، «لكن الارتفاع الهائل التي شهدناه هذا العام لا يمكن تجاهله، فقد تضاعف عدد الحالات 3 مرات تقريباً، ليصل إلى حوالي 4000 حالة، ما زاد من الضغط على المرافق الطبية، التي تعاني أساساً من العبء الزائد».

وأضاف الكالدي: «إن هذه الزيادة الهائلة التي شهدها هذا العام لا يمكن تجاهلها، فقد تضاعف عدد الحالات 3 مرات تقريباً، ما زاد الضغط على المرافق الطبية، المثقلة بالفعل بالأعباء»، مشيراً إلى أنها ليست مجرد أرقام يجري الحديث عنها؛ «بل إنها حياة أطفال».

وتابع الكالدي أن هذه «الزيادة الهائلة» في عدد حالات الحصبة ليست قضية منعزلة، والفرق الطبية شهدت الارتفاع في عدد الإصابات والتأثير المدمر لهذا المرض في محافظات عمران وصعدة وحجة وإب والحديدة، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وفي محافظات تعز ومأرب وشبوة التي تديرها الحكومة.

وعزا رئيس بعثة «أطباء بلا حدود» أسباب هذه الزيادة في انتشار الحصبة وغيرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، إلى الفجوات الرئيسية في حملات التطعيم الروتيني والصعوبات الاقتصادية التي يغذيها الصراع العنيف، بالإضافة إلى الوصول المحدود إلى مرافق الرعاية الصحية الأساسية.

ضرورة تعزيز الوقاية

أعرب بكيل غشيم، نائب المدير الطبي لـ«أطباء بلا حدود» عن قلق المنظمة بشأن الزيادات المبلغ عنها لحالات الحصبة بين الأطفال في المناطق المحيطة، بما في ذلك المناطق النائية، التي يعاني فيها المرضى من صعوبة في الحصول على خدمات الرعاية الصحية الضرورية بما فيها التطعيمات واللقاحات التي يمكن أن تساهم في الوقاية من الحصبة ومنع انتشارها بين الأطفال.

وشددت «أطباء بلا حدود» في تقريرها على ضرورة معالجة هذه الأزمة الصحية الخطيرة من خلال استجابة شاملة ومنسقة لحماية الأطفال اليمنيين من خطر الإصابة بالحصبة، وتعزيز التدابير الوقائية ومشاركة المجتمع وتعزيز إدارة الحالات، وعلى واجب السلطات في العمل مع الجهات الفاعلة الإنسانية والصحية في البلاد، لضمان توافر اللقاحات في الهياكل الصحية، وزيادة إمكانية الوصول ورفع قدرة مرافق الرعاية الصحية العامة، وتعزيز مسارات الإحالة وتعزيز الوعي الصحي المجتمعي.

تأثيرات مدمرة لمرض الحصبة في 8 محافظات يمنية، خمس منها تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين (أطباء بلا حدود)

وفي استجابتها للزيادة في حالات الإصابة بالحصبة بين الأطفال في محافظة حجة، قامت «أطباء بلا حدود» بدعم مستشفى المحابشة بالأدوية ومواد الوقاية من العدوى ومكافحتها. ويستقبل المستشفى عدداً متزايداً من الأطفال المصابين بالحصبة، كما عالج الفريق الطبي في مستشفى عبس أكثر من 341 مريضاً بالحصبة خلال أقل من شهرين.

وتزامن تقرير «أطباء بلا حدود» مع تأكيدات منظمة الصحة العالمية أن الصراع ألقى بظلاله على اليمن، حيث أُجبرت العديد من العائلات على مغادرة مناطقها الأصلية والفرار إلى مواقع أخرى بحثاً عن الأمن والمأوى. وأثر الفقر والجوع بشدة على صحة الأطفال الذين يعيشون في مخيمات النزوح، لأن أسرهم غير قادرة على توفير الغذاء الكافي.

صعوبات غذائية واقتصادية

استعرضت «الصحة العالمية» قصة أسرة نزحت من محافظة الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى مدينة عدن المحررة، وتعيش حالياً في مخيم للنازحين.

وقالت إن رب الأسرة كافح للعثور على عمل في ظل محدودية الموارد، ومع ذلك فإنه غير قادر على توفير أبسط المواد الغذائية مثل الخبز العادي، وأن الجوع أثر بشدة على صحة ابنه، وبدأت تظهر عليه أعراض سوء التغذية، مثل تورم القدمين واليدين مع فقدان الشهية.

أكثر من 4 آلاف إصابة بالحصبة في 6 أشهر أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين (فيسبوك)

وأسعفت الأسرة طفلها إلى مستشفى الصداقة المدعوم من منظمة الصحة العالمية، حيث بينت الفحوصات أن خطورة حالته، وحاجته إلى مراقبة مباشرة ودقيقة، وقدم الطاقم الطبي الرعاية الصحية والتغذوية اليومية له، بما في ذلك الحليب العلاجي والأغذية العلاجية الجاهزة، كما قدم العاملون الصحيون لوالدة الطفل توجيهات حول كيفية تحسين الحالة التغذوية والممارسات الغذائية لابنها، حتى أثناء الصعوبات الاقتصادية.

وشهدت اليمن خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة عودة انتشار العديد من الأمراض التي يمكن الوقاية من الإصابة بها باللقاحات، على رأسها الحصبة، وتتضاعف أعداد المصابين بهذه الأمراض، خصوصاً من الأطفال.

ويعزو الخبراء والجهات الصحية عودة انتشار هذه الأمراض إلى تأثيرات الصراع في اليمن، والحرب التي أعلنها الانقلابيون الحوثيون على اللقاحات، وتوجيه خطاب إعلامي للتحذير منها بادعاء أنها تأتي ضمن مؤامرة غربية على المجتمعات الإسلامية.

وقد ردت الحكومة الشرعية على تلك الحرب بحملة واسعة النطاق لتطعيم الأطفال ضد الأمراض المعدية.


مقالات ذات صلة

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

بدأت الجماعة الحوثية الإفراج عن بعض المختطفين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة سبتمبر (أيلول)، في حين تقدر أعداد المختطفين بالآلاف في مختلف مناطق سيطرة الجماعة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)

غارة جوية إسرائيلية تستهدف شاحنات محملة بمواد طبية وإغاثية في حمص

من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)
من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)
TT

غارة جوية إسرائيلية تستهدف شاحنات محملة بمواد طبية وإغاثية في حمص

من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)
من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)

استهدفت غارة إسرائيلية، الأحد، شاحنات تحمل مواد إغاثية وطبية في مصنع فارغ للسيارات الإيرانية جنوب مدينة حمص وسط سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد أيام من غارات طالت دمشق والحدود اللبنانية السورية.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال «المرصد» إن طائرات إسرائيلية شنّت «غارات جوية بثلاثة صواريخ استهدفت(...) 3 شاحنات محملة بالمواد الغذائية والطبية في معمل للسيارات الإيرانية بمنطقة حسياء الصناعية»، الواقعة جنوب المدينة.

وأدّت الغارة إلى إصابة 3 أشخاص من فرق الإغاثة، وتدمير الشاحنات القادمة من العراق لتقديم مساعدات إنسانية للبنانيين المتضررين من الغارات الإسرائيلية، وفق «المرصد».

من جهته، أكد مدير المدينة الصناعية في حسياء عامر خليل وقوع «أن عدواناً جوياً إسرائيلياً استهدف 3 سيارات داخل المدينة الصناعية، محملة بمواد طبية وإغاثية، والأضرار مادية»، وفق ما نقلت «وكالة الأنباء الرسمية» (سانا).

يذكر أن حمص محافظة حدودية مع لبنان.

وكثّفت إسرائيل في الأيام الماضية وتيرة استهداف نقاط قرب المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، التي عبرها مؤخراً عشرات الآلاف هرباً من الغارات الإسرائيلية الكثيفة على لبنان.

وأدّت غارة إسرائيلية، استهدفت فجر الجمعة منطقة المصنع في شرق لبنان، إلى قطع الطريق الدولي بين لبنان وسوريا، وأتت بعد اتهام إسرائيل «حزب الله» باستخدام المعبر لنقل الأسلحة.

كما شنّت إسرائيل مراراً في الأيام الماضية غارات جوية داخل سوريا.

وأدت إحداها، الأربعاء، على منطقة المزة في دمشق إلى مقتل حسن جعفر قصير، وهو صهر الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، الذي قتل بغارات إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية في 27 سبتمبر (أيلول).

ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية في هذا البلد، مستهدفة مواقع لقوات النظام وأهدافاً إيرانية وأخرى لـ«حزب الله» الحليف لطهران ودمشق.

ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر أنها ستتصدى لما تصفه بمحاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا. ومنذ بدء غاراتها المكثفة في لبنان في 23 سبتمبر، شددت إسرائيل على أنها ستعمل على الحؤول دون نقل «حزب الله» لـ«وسائل قتالية» من سوريا إلى لبنان.