غروندبرغ يحيط مجلس الأمن... ولا بوادر لحل يمني قريب

الحوثيون يهددون بالحرب و«الرئاسي» متمسك بالمرجعيات

غروندبرغ مجتمعاً في الرياض مع رئيس مجلس القيادة اليمني (الأمم المتحدة)
غروندبرغ مجتمعاً في الرياض مع رئيس مجلس القيادة اليمني (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ يحيط مجلس الأمن... ولا بوادر لحل يمني قريب

غروندبرغ مجتمعاً في الرياض مع رئيس مجلس القيادة اليمني (الأمم المتحدة)
غروندبرغ مجتمعاً في الرياض مع رئيس مجلس القيادة اليمني (الأمم المتحدة)

من المقرر على جدول أعمال مجلس الأمن الدولي، أن يقدم المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إحاطته الشهرية، الأربعاء، وسط تعثر في الجهود الرامية إلى إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية، بسبب تعنت الحوثيين.

إحاطة المبعوث الأممي، تأتي في وقت تواصل فيه الميليشيات الحوثية التهديد بالعودة إلى الحرب في حين يتمسك مجلس القيادة الرئاسي اليمني بالمرجعيات، ويطالب بضغط دولي أكثر جدية على الجماعة لقبول مقترحات السلام الشامل.

وكان المبعوث غروندبرغ اختتم أخيرا زيارة استغرقت يومين إلى الرياض، التقى خلالها رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، وأعضاء آخرين من المجلس، حيث ناقش جهود الوساطة الجارية للاتفاق على إجراءات لتحسين الظروف المعيشية وتنفيذ وقف إطلاق نار على المستوى الوطني واستئناف عملية سياسية جامعة يقودها اليمنيون تحت رعاية الأمم المتحدة للتوصل إلى تسوية سياسية مستدامة. وفق ما أفاد به مكتب المبعوث.

كما التقى المبعوث الخاص إلى اليمن رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك ووزير الخارجية أحمد بن مبارك، وشدد على الحاجة إلى معالجة الأولويات العاجلة وإطلاق عملية سياسية لتحقيق سلام دائم.

وبحسب ما جاء في بيان مكتب المبعوث، التقى غروندبرغ سفير السعودية لدى اليمن، محمد آل جابر؛ لبحث سبل تعزيز التعاون بين المعنيين الإقليميين والدوليين لدعم تقدم اليمن نحو حل سياسي.

يلوّح الحوثيون بالعودة للحرب ويرفضون المقترحات الأممية والدولية لإحلال السلام (أ.ف.ب)

وفي حين يتوقع أن تتركز إحاطة غروندبرغ على ما تراه الأمم المتحدة إنجازاً إثر انتهاء نقل النفط الخام من ناقلة «صافر» المتهالكة قبالة ميناء رأس عيسى إلى الناقلة البديلة ضمن عملية الإنقاذ الأممية، كانت الولايات المتحدة أعلنت عودة مبعوثها إلى المنطقة في سياق الدعم للمساعي الباحثة عن حل للأزمة اليمنية.

وقالت الخارجية الأميركية في بيان: إن المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ بدأ جولة جديدة في منطقة الخليج «لدفع الجهود الحالية التي تقودها الأمم المتحدة لتمديد الهدنة وإطلاق عملية سلام شاملة».

وبحسب البيان الأميركي، سيلتقي ليندركينغ «شركاء يمنيين وسعوديين وإماراتيين وعمانيين ودوليين؛ لمناقشة الخطوات اللازمة لتأمين هدنة دائمة وإطلاق عملية سياسية شاملة بوساطة الأمم المتحدة».

وأكدت الخارجية الأميركية على موقعها الإلكتروني، أن الولايات المتحدة ملتزمة بدعم التوصل لحل للصراع اليمني في أقرب وقت ممكن.

لا حل قريب

مصدران مطلعان في الحكومة اليمنية، أفادا «الشرق الأوسط» بعدم وجود أي اختراق حققته حتى الجهود الأممية والإقليمية؛ وذلك بسبب تعنت الحوثيين ورفضهم المقترحات الأممية كافة.

وتوقع المصدران أن يواصل الحوثيون تعنتهم مع مساعيهم لابتزاز المجتمع الدولي والدوائر الأممية بالملفات الإنسانية، على الرغم من التنازلات كافة التي قدمها «الرئاسي اليمني» والحكومة والمجتمع الدولي.

وفي وقت سابق، أكد وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك، خلال لقائه في العاصمة المؤقتة عدن، سفيرة السويد لدى اليمن بيترا مينادر، ومبعوث السويد الخاص بيتر سيمنبي، استمرار الحوثيين في النهج السلبي نفسه تجاه الجهود المبذولة لتحقيق السلام في اليمن.

أحمد عوض بن مبارك يلتقي السفيرة والمبعوث السويديين في عدن (سبأ)

وقال بن مبارك: إن الجماعة الحوثية «تواصل سياسة العنف والعدوان بأساليب وطرق مختلفة، أسوأها على الإطلاق الحرب الاقتصادية التي تشنها على الشعب بأدوات اقتصادية وعسكرية وبدعم إيراني لم ينقطع، واستهدافها للمقدرات الاقتصادية للشعب اليمني وسعيها لمفاقمة الأوضاع الإنسانية المتردية».

وبحسب تصريحات وزير الخارجية اليمني، فإن الحكومة في بلاده «ماضية في تحمل مسؤولياتها والعمل على معالجة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية بكل السبل الممكنة ومستعدة لاستحقاقات الحرب إذا فرضت عليها أو السلام إذا جنحت له ميليشيا الحوثي».

من جهته، كان زعيم الميليشيات الحوثية، عبد الملك الحوثي، في أحدث خطبه عاد للتلويح بالعودة إلى الحرب، متباهياً بما راكمته جماعته من أسلحة إيرانية خلال فترة التهدئة القائمة.

الخطاب الحوثي التصعيدي زعم أن الجماعة قد أعطت كل الفرص من أجل الوساطات للتوصل إلى اتفاق، بما في ذلك الوساطة العمانية، وأن ميليشياته لن تسكت إلا إذا حصلت على مبتغاها من عائدات النفط الذي كانت الهجمات الإرهابية أدت إلى وقف تصديره منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.