الحوثيون يؤجرون أسطح المدارس في صنعاء لتجار الطاقة الشمسية

نهم ميليشياوي لجني الأموال رغم عدم دفع رواتب المعلمين

آلاف الطلبة اليمنيين محرومون من حقهم في التعليم بسبب الفقر وانهيار المنظومة التربوية (رويترز)
آلاف الطلبة اليمنيين محرومون من حقهم في التعليم بسبب الفقر وانهيار المنظومة التربوية (رويترز)
TT

الحوثيون يؤجرون أسطح المدارس في صنعاء لتجار الطاقة الشمسية

آلاف الطلبة اليمنيين محرومون من حقهم في التعليم بسبب الفقر وانهيار المنظومة التربوية (رويترز)
آلاف الطلبة اليمنيين محرومون من حقهم في التعليم بسبب الفقر وانهيار المنظومة التربوية (رويترز)

أقدمت الميليشيات الحوثية في صنعاء على تأجير أسطح أكثر من 13 مدرسة حكومية لتجار توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، بينما تستعد لإبرام اتفاقات جديدة لتأجير أسطح 10 مدارس أخرى، وهي خطوة ممهدة لتأجير أسطح كل المدارس الحكومية في عموم المناطق الخاضعة لها، وفق ما ذكرته مصادر تربوية في صنعاء.

الخطوة الحوثية لقيت تنديداً واسعاً في الأوساط التربوية، لما لها من مخاطر على الطلبة، وسط اتهامات للجماعة بالسعي لجنى مزيد من الأموال، بينما يعاني نحو 170 ألف معلم من توقف رواتبهم منذ 7 سنوات.

وتنص اتفاقات الجماعة لتأجير أسطح المدارس الحكومية في صنعاء لعناصر موالين لها من تجار توليد الكهرباء عبر الألواح الشمسية، على دفع مبالغ شهرية تعادل ما بين 550 و600 دولار.

ومن بين المدارس التي تنوي الجماعة استثمارها بوضع منظومات الطاقة الشمسية، مدرستا «القميعة» و«موسى بن نصير» بمديرية معين، ومدرسة «بلقيس» بمديرية التحرير، ومدرستا «17 يوليو» و«المثنى» بمديرية السبعين، ومدرستا «عبد المغني» و«المعتصم» بمديرية الوحدة بصنعاء.

وبينما يعاني نحو 170 ألف معلم ومعلمة في 13 محافظة يمنية خاضعة للحوثيين أشد الويلات، نتيجة استمرار انقطاع مرتباتهم منذ سنوات، لا تزال الجماعة تنتهج الأسلوب التدميري والعبثي ذاته، بحق ما تبقى من قطاع التعليم والعاملين فيه.

مدرسة حكومية في صنعاء قام الحوثيون بتأجير سطحها لأحد التجار (الشرق الأوسط)

وأجرت «الشرق الأوسط» جولة استطلاعية في عدة مناطق بصنعاء، لمعرفة المدارس الحكومية التي حوَّلتها الجماعة الحوثية إلى مشروعات استثمارية تدر لها المال.

ومن ضمن المدارس التي تم تأجير أسطحها: مدرسة «معاذ بن جبل» بحي الرقاص، ومدرستا «الكبسي» و«الحمزة» بحي الجراف، و«خالد بن الوليد»، و«الجلاء» بشارع وزارة العدل، و«الطيار» بمنطقة السبعين، ومدارس: «زينب»، و«علي بن أبي طالب»، و«14 أكتوبر»، و«المحضار» بمديرية شعوب، و«نشوان الحميري» في صنعاء القديمة.

تنديد واسع

الخطوة الحوثية قوبلت بتنديد تربوي ومجتمعي واسع؛ حيث استنكر تربويون وأولياء أمور في صنعاء ما أقدمت عليه الجماعة من انتهاك صارخ لحُرمة المدارس، مؤكدين رفضهم تحويل المدارس إلى سلعة المستفيد الأول منها قادة الجماعة، وقالوا إن ذلك مخالف للقوانين؛ كونه تعدياً سافراً يعرِّض عشرات المدارس وطلابها على حد سواء إلى مخاطر كبيرة.

ويتهم «أحمد» -وهو اسم مستعار لمدرس في صنعاء- الجماعة، بالسعي للاتجار بالمنشآت التربوية، ويؤكد وجود عصابات تابعة للجماعة تعمل بقطاع التعليم، تسعى منذ سنوات إلى تحويل مؤسسات التعليم إلى أماكن للاستثمار، عبر تحويل ساحات وأسوار كثير من المدارس إلى محال تجارية وتأجيرها، وتأجير أسطح مباني مدارس أخرى لمصلحة شركات خاصة، بغية استكمال مخطط تدمير البنية التحتية للقطاع في اليمن.

سور مدرسة حكومية في صنعاء حوَّله الحوثيون إلى متاجر (الشرق الأوسط)

ويؤكد «أحمد» أنه وبقية زملائه المعلمين لم يتسلَّموا أي حوافز مالية منذ تنفيذ الجماعة مشروعها التجاري الخاص على سطح مدرستهم ومدارس أخرى، مطالباً الميليشيات بسرعة التوقف عن المتاجرة بمعاناة المعلمين؛ تارة بإنشاء صندوق للمعلمين وفرض إتاوات لمصلحته، وأخرى بفرض مشاركات مجتمعية، وصولاً إلى تأسيس استثمارات خاصة ليس لها علاقة بهموم ومعاناة منتسبي قطاع التعليم.

وكانت تقارير محلية وأخرى دولية قد اتهمت الجماعة بمواصلة ارتكابها جرائم وانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه، في عموم مناطق قبضتها، بالتوازي مع تحذيرات سابقة أطلقتها الحكومة اليمنية من مخاطر التعديلات التي أدخلتها الميليشيات تباعاً على المناهج.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.