القوى السياسية العراقية تدخل انتخابات مجالس المحافظات من أبواب متفرقة

الإطار التنسيقي يستفرد بالسلطة في ظل غياب التيار الصدري

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من اجتماع اللجنة القانونية لمناقشة الانتخابات المحلية في مايو الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من اجتماع اللجنة القانونية لمناقشة الانتخابات المحلية في مايو الماضي
TT

القوى السياسية العراقية تدخل انتخابات مجالس المحافظات من أبواب متفرقة

صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من اجتماع اللجنة القانونية لمناقشة الانتخابات المحلية في مايو الماضي
صورة نشرها موقع البرلمان العراقي من اجتماع اللجنة القانونية لمناقشة الانتخابات المحلية في مايو الماضي

في وقت لا تزال فيه المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تتسلم طلبات تسجيل الأحزاب والكيانات السياسية التي تروم الدخول في انتخابات مجالس المحافظات، فإن شكل وطبيعة التحالفات غير واضح حتى الآن في ظل استمرار تشظي الأحزاب والمكونات.

معركة مجالس المحافظات التي بدأت مبكرة (من المقرر إجراؤها خلال شهر ديسمبر / كانون الأول المقبل)، والمعطلة منذ عام 2017 تبدو من حيث الاستعدادات والآمال أكبر بكثير من حدود مجلس محافظة مهامه خدمية في الغالب، لكن كثيراً من القوى السياسية التي كانت تراهن على إجراء انتخابات برلمانية مبكرة لا تزيد على سنة بعد تشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني وجدت نفسها بعيدة عن تحقيق مثل هذا الأمل نتيجة رفض قوى الإطار التنسيقي الشيعي، ومعهم الكرد والسنة والذين يمثلون جميعهم «ائتلاف إدارة الدولة» إجراء أي انتخابات قبل موعدها المقرر بعد نحو 3 سنوات، ما يعني أن الحكومة الحالية المدعومة من هذا الائتلاف سوف تكمل دورتها البرلمانية البالغة 4 سنوات.

ومع أن هناك من بين القوى والأحزاب من يرى أن الإطار التنسيقي الذي يستفرد بالسلطة الآن في ظل غياب التيار الصدري الذي يرفض زعيمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المشاركة في أي انتخابات محلية أو برلمانية، لا يريد المجازفة في إجراء انتخابات في غير موعدها ما دام هو وحده دون منافس.

يضاف إلى ذلك وبسبب غياب الصدريين ليست هناك ضغوط من القوى المدنية المعارضة التي كانت ولا تزال تراهن على حضور الصدريين في الشارع لكي تبدأ بفرض شروطها في حال أرادت المشاركة في الانتخابات.

لكن ومع ذلك، فإن الاستعدادات الآن تعد الأكبر منذ إجراء أول انتخابات في العراق عام 2005 في ظل الدستور الجديد، في وقت سجلت فيه المفوضية العليا المستقلة للانتخابات حتى الآن، أكثر من 290 حزباً يستعد للمشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة.

تنسيقيات لا تحالفات

وأعلن الإطار التنسيقي الذي يضم أبرز القوى والأحزاب الشيعية عدا التيار الصدري، أنه سيشارك في قوائم متعددة بالانتخابات.

وحسمت قوى الإطار التنسيقي (دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والفتح بزعامة هادي العامري، والحكمة بزعامة عمار الحكيم، والنصر بزعامة حيدر العبادي، والعصائب بزعامة قيس الخزعلي وقوى أخرى) أمرها أخيراً في وقت لم تنجح فيه كل المحاولات التي كانت تهدف إلى مشاركتها بالانتخابات في ظل قائمة واحدة لكي لا تتيح المجال لبداية التشظي بين أطرافها، ولكي لا يقال إن تحالفها في إطار تحالف واحد بدا كما لو أنه موجه ضد الصدريين ويهدف إلى الاستفراد بالسلطة.

فرئيس الوزراء محمد شياع السوداني هو أحد قادة الإطار ومرشحه لرئاسة الحكومة ولا يزال مدعوماً من قبله، لكنه من وجهة نظر أطراف كثيرة سواء داخل المكون الشيعي أو خارجه، يتصرف في كثير من الحالات من منطلق مسؤوليته كرئيس للوزراء من دون تدخلات يمكن أن تعرقل عمله.

وبينما تبدو التحالفات مؤجلة حتى الآن سواء شيعياً أم سنياً أم كردياً، فإن ما بات يسمى «التنسيق» بين مختلف تلك الأطراف هو البديل الذي بات الجميع مضطراً للذهاب إليه.

فالإطار التنسيقي أعلن في بيان له، بعد اجتماع لقيادته، أنه سوف يعود للتحالف بعد إجراء الانتخابات، وهو ما يعني عمق الخلافات بين أطرافه التي لم يعد يوحدها مثلما يرى المراقبون السياسيون والمتابعون سوى الخصومة مع التيار الصدري وكونهم الكتلة الحاكمة التي لا تريد التفريط بالسلطة أياً كانت الخلافات بين أعضائه وقياداته.

وطبقاً للمعلومات المسربة من داخل قياداته، فإن الطرف الرافض للدخول في قائمة واحدة مع القوى الشيعية الأخرى التي تجمعهم حالياً خيمة الإطار هو ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي.

والأسباب التي تجعل المالكي وائتلافه يرفضان الدخول في قائمة واحدة كون دولة القانون هي القوة النيابية الأكبر داخل الائتلاف الشيعي، وبالتالي فإنه في الوقت الذي يريد فيه تكريس زعامته داخل الإطار الشيعي يراهن على تحقيق نتائج أكبر خلال الانتخابات المقبلة يمكن أن تقلب الطاولة لصالحه في ظل تنامي بعض القوى الشيعية وبدء منافستها له.

تشظٍّ سني ـ كردي

أما القوى الأخرى، لا سيما الكرد والسنة، فكردياً لا تلوح أي ملامح لدخول الحزبين الكرديين الرئيسيين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) في قائمة واحدة.

كما أنه وفي ظل استمرار الخلافات العميقة بينهما لا توجد مؤشرات على إمكانية تكوينهم قائمة أو تحالفاً كردياً موحداً حتى بعد ظهور النتائج. أما سنياً، فإن الساحة التي كانت منقسمة بين أحزاب سياسية مناطقية في الغالب (تقدم، عزم، العزم، الجماهير الوطنية وغيرها) حاولت خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة (2021) أن تلتئم عبر كيانات أكبر (تحالف السيادة مقابل تحالف الأنبار الموحد)، إلا أنه لا توجد مؤشرات على دخولها حتى بعد إجراء الانتخابات المحلية ضمن تحالف سني موحد نتيجة لاستمرار الخلافات بين قياداتها.

وبالتالي فإن صورة التحالفات للجميع (شيعة وسنة وكرد) أبواب متفرقة لا تبدو ضبابية بقدر ما تبدو شديدة الوضوح وقوامها الدخول إلى الانتخابات من أبواب متفرقة، ومن ثم بعد ظهور النتائج تتحدد التحالفات وفقاً للمصالح والنتائج.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.