الدراجات النارية... مصدر عيش لعشرات آلاف الأسر اليمنية

تقديرات بوجود مليون دراجة تستخدم للعمل والتنقل

تنتشر الدراجات النارية على نطاق واسع في شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
تنتشر الدراجات النارية على نطاق واسع في شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
TT

الدراجات النارية... مصدر عيش لعشرات آلاف الأسر اليمنية

تنتشر الدراجات النارية على نطاق واسع في شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)
تنتشر الدراجات النارية على نطاق واسع في شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)

اضطر أمين السهلي، وهو موظف حكومي بصنعاء إلى بيع قطعة أرض صغيرة في ضواحي العاصمة اليمنية صنعاء، من أجل شراء دراجة نارية للعمل عليها، حتى يوفر دخلاً يومياً مناسباً لإعانته على تكاليف حياته المعيشية وأسرته المكونة من 6 أفراد، عقب فقدانه الأمل في الحصول على فرصة عمل أخرى.

يؤكد السهلي (42 عاماً) لـ«الشرق الأوسط»، أن دراجته النارية باتت مصدر الرزق الأوحد له ولأطفاله بعد انقطاع راتبه منذ سنوات. وذكر أن العمل على الدراجة في صنعاء يشهد منذ فترة تحسناً ملحوظاً، مرجعاً السبب إلى الظروف العصيبة التي يكابدها السكان والتي حالت دون استخدام أغلبهم سيارات الأجرة في التنقل وتفضيلهم الاعتماد على الدراجات كوسيلة أرخص وأسرع.

ويتحدث السهلي، وهو اسم مستعار، عن الوضع المتدهور الذي أصابه وأسرته بعد انقطاع راتبه، الأمر الذي دفعه إلى الخروج صباح كل يوم والتجول على متن دراجته بشارع الستين وسط العاصمة، والوقوف في أحايين أخرى أمام الأسواق بحثاً عن الرزق.

يمنيون في إحدى أسواق صنعاء على متن دراجاتهم النارية (الشرق الأوسط)

ويحصل الرجل الأربعيني نهاية كل يوم على مبلغ يعادل من 8 دولارات إلى 12 دولاراً على أقل تقدير، ويكفي - وفقاً له - لتغطية مصروفه اليومي ونفقات أسرته الضرورية.

وسيلة لكسب العيش

لم يقتصر هذا الحل لكسب العيش على السهلي فقط، لكنه شمل عشرات الآلاف من اليمنيين أغلبهم من الشبان ممن فقدوا أعمالهم ومرتباتهم في القطاعين الحكومي والخاص، حيث اضطروا للعمل على الدراجات النارية لكسب لقمة العيش.

فعلى مدى 9 أعوام سابقة، وما خلفته من أزمات اقتصادية ومعيشية وانقطاع المرتبات، ازداد إقبال اليمنيين على اقتناء الدراجات النارية التي تعد أسعارها معقولة قياساً بالسيارات والمركبات الأخرى، وتحولت بالنسبة لهم إلى وسيلة مهمة لكسب الرزق.

وقدرت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، وجود ما يقرب من مليون دراجة نارية تستخدم بوصفها وسائل مواصلات أجرة أو خاصة في مختلف المدن والمديريات اليمنية، وهو ما يشكل 9 أضعاف ما كانت عليه الحال في عام 2010.

سائق دراجة نارية في أحد شوارع العاصمة اليمنية صنعاء (الشرق الأوسط)

يأتي ذلك في ظل استمرار دخول أعداد كبيرة من الدراجات إلى مختلف مناطق البلاد بشكل متواصل بعضها بطرق قانونية وأخرى عن طريق التهريب، بحسب المصادر.

وأكدت إحصاءات نشرتها في وقت سابق «الشرق الأوسط»، أن أعداد الدراجات النارية كانت لا تتجاوز 100 ألف دراجة بنهاية عام 2010، لكن الرقم قفز إلى أكثر من 250 ألفاً في عام 2012، ثم إلى نصف مليون دراجة بنهاية 2014، قبل أن تتجاوز أعدادها حاجز المليون في الوقت الحالي.

مصاعب ومعوقات

يشكو أحمد هاملي (27 عاماً)، وهو نازح مع أسرته من تعز إلى صنعاء، من صعوبات يواجهها في عمله كسائق دراجة استأجرها من أحد أصدقائه في الحي الذي يقطنه بصنعاء.

ويتحدث عن أنه يواجه صعوبة في معرفة طبيعة الأماكن التي يريد أن يصل إليها الزبائن، حيث لم يسبق له أن ذهب إليها، فضلاً عن مخاطر الطريق والقيادة دون معدات واقية.

ويحصد أحمد كل يوم ما يعادل 6 دولارات، لا تكفي لنفقات أسرته، كما يقول إنه يحتاج لأشهر للتعرف على مناطق صنعاء، حتى يكون قادراً على إيصال الناس إلى وجهاتهم ويتقاضى مقابل ذلك الأجر المناسب.

وذكر مصدر في نقابة سائقي الدراجات النارية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الدراجات أصبحت عقب سنوات الصراع توفر فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين العاطلين عن العمل، موضحاً أن الدراجات تعد أيضاً وسيلة نقل بالأجرة وبات كثير من اليمنيين منهم الفقراء يستخدمونها عند التنقل لقضاء حوائجهم.

ويرى المصدر أن الدراجات شكلت عاملاً مساعداً لأسر كثيرة في توفير لقمة العيش لها عبر إيجاد فرص عمل لآلاف العاطلين، إلا أن آخرين يرون أن الازدياد الكبير والمتسارع في أعداد الدراجات النارية في صنعاء، وغيرها يعد مشكلة كبيرة نتيجة تسببها في وقوع حوادث مرورية واستخدامها بارتكاب كثير من الجرائم.

يستخدم اليمنيون الدراجات النارية للتنقل الشخصي أو للعمل لكسب العيش (الشرق الأوسط)

وتحدث المصدر النقابي عن معاناة كبيرة يواجهها آلاف العاملين بتلك المهنة في عدة مناطق، يشمل بعضها تنفيذ الحملات الميدانية في صنعاء وغيرها لاستهداف سائقي الدراجات النارية بمزاعم غير منطقية.

وتتواصل منذ أيام في صنعاء وضواحيها حملة ميدانية حوثية لتعقب وملاحقة واعتقال ملاك الدراجات النارية، حيث أسفرت في يومها الأول عن احتجاز 880 دراجة نارية في شوارع متفرقة بصنعاء بحجة عدم الترقيم وارتكاب مخالفات.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.