مشرفون طائفيون على مدارس صنعاء الأهلية

بعد هجوم شنَّه الحوثي على العملية التعليمية ووصفها بغير المجدية

أطفال يدرسون داخل أحد المنازل بعد تسبب الانقلابيين الحوثيين في تدمير المدارس (رويترز)
أطفال يدرسون داخل أحد المنازل بعد تسبب الانقلابيين الحوثيين في تدمير المدارس (رويترز)
TT

مشرفون طائفيون على مدارس صنعاء الأهلية

أطفال يدرسون داخل أحد المنازل بعد تسبب الانقلابيين الحوثيين في تدمير المدارس (رويترز)
أطفال يدرسون داخل أحد المنازل بعد تسبب الانقلابيين الحوثيين في تدمير المدارس (رويترز)

في سياق مساعي الحوثيين للسيطرة على قطاع التعليم وتوجيه مضامينه لخدمة مشروعهم؛ أقروا تعيين موظفين تابعين لهم في المدارس الأهلية في محافظة صنعاء، بصفة «مشرف ثقافي» مقيم في كل مدرسة، وفرضت على المدارس دفع راتبه الشهري من ميزانيتها، إلى جانب تغيير مواعيد بدء الأعوام الدراسية إلى التقويم الهجري.

وبحسب وثيقة صادرة في 27 يونيو (حزيران) الماضي، بينت الجماعة الحوثية أن مهام المشرفين الثقافيين هي الرقابة على الأنشطة المختلفة كالإذاعات المدرسية والمسابقات المنهجية والعملية وتفعيل المناسبات الدينية والوطنية وتفعيل ما يسمى «اليوم الثقافي».

ووصفت الحكومية اليمنية إقدام الانقلابيين الحوثيين على هذه الخطوة بـ«التصعيدية»، التي تندرج ضمن مساعي الانقلابيين لإحكام السيطرة على العملية التعليمية بشكل كامل.

وقال معمر الإرياني وزير الإعلام في الحكومة اليمنية إن الحوثيين عمدوا منذ انقلابهم على الدولة إلى استغلال العملية التعليمية والمدارس والمناهج الدراسية، وتوظيفها أداة في الحرب، في تهديد خطير للنسيج الاجتماعي والسلم الأهلي، وقيم التنوع والتعدد والتعايش بين اليمنيين.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية عن الإرياني تحذيره مما يقدم عليه الانقلابيون الحوثيون من غسل لعقول مئات الآلاف من الطلبة والطالبات، وتفخيخها بالأفكار الظلامية المتطرفة الدخيلة على البلد والمجتمع والمستوردة من إيران، وتحويل المدارس إلى أوكار لاستدراج وتجنيد وتدريب الأطفال ومعامل لتفريخ الإرهابيين.

يولي الانقلابيون الحوثيون اهتماماً بالغاً بالمراكز الصيفية على حساب العملية التعليمية (إعلام حوثي)

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأمريكي ومنظمات وهيئات حقوق الإنسان بممارسة ضغوط حقيقية على قيادات الميليشيات الحوثية لتحييد العملية التعليمية عن الصراع، والتوقف عن ممارساتها التدميرية التي تقوض دعوات وجهود التهدئة وتعمل على نسف فرص إحلال السلام في اليمن.

زعيم الجماعة يهاجم التعليم

القرار الانقلابي الجديد سبقه قيام زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بمهاجمة العملية التعليمية ووصفها «بالغير مجدية، التي لا طائل منها إلا تضييع الوقت، كونها لا ترتبط بغايات وأهداف مقدسة أو مهمة أو عظيمة، فالطالب يتخرج في الجامعة لا يعرف الحلال من الحرام، ولا يعرف شرائع الإسلام». بحسب زعمه.

ودعا الحوثي في محاضرات ألقاها عبر شبكات التلفزة التابعة له بمناسبة عيد الأضحى إلى مراجعة العملية التعليمية وتصحيحها كي لا تكون مجرد تضييع للوقت، مستنكراً تعليم الأطفال والشباب اللغة الإنجليزية، وابتعاثهم لتعلمها خارج البلاد، حيث يتم مسخهم بشكل كامل. وفق زعمه.

كما دعا إلى استباق الابتعاث الخارجي بما وصفه «تحصين الطلاب ثقافياً وفكرياً، وتأصيل الهوية والانتماء الإسلامي والإيماني لديهم كي لا يتأثر إيمانهم».

في السياق نفسه، أصدرت الميليشيات قراراً بتغيير السنة الدراسية من التقويم الميلادي إلى التقويم الهجري، حيث سيبدأ العام الدراسي المقبل خلال الشهر الحالي وفقاً للقرار الذي لاقى استنكاراً من الأهالي وأولياء أمور الطلبة، خصوصاً وأنه لا يراعي الاختلاف بين التقويمين الميلادي والهجري، وأثر ذلك على الطلاب خصوصاً في المناطق الحارة.

ووفقاً لقرار الميليشيات؛ فإن الدراسة ستبدأ خلال شهر يونيو (حزيران)، بينما كانت في السابق تبدأ في شهر سبتمبر (أيلول)، وهو الشهر الذي ينتهي فيه فصل الصيف ويبدأ فصل الخريف وتنخفض درجات الحرارة.

مزيد من الانقسام

القرار الحوثي بتغيير موعد بدء العام الدراسي وفق التقويم الهجري سينتج عنه - وفق تربويين- مزيد من الانقسام في العملية التعليمية في البلاد، إذ يعاني التعليم من انقسام بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات، ويظهر ذلك الانقسام في المناهج والمقررات التعليمية ومدة الدراسة والاختبارات ونسب النجاح وحجم الإقبال على التعليم.

قرار حوثي بتعيين مشرف طائفيين في المدارس الأهلية في محافظة صنعاء (تويتر)

ويعاني الأهالي في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية من تراجع مستوى التعليم الذي يتلقاه أبناؤهم وتضمين المناهج الدراسية مقررات طائفية ومذهبية تتزايد بشكل سنوي، إضافة إلى نقص الكادر التعليمي بسبب انقطاع رواتب المدرسين وعزل عشرات الآلاف منهم، وإحلال عناصر الميليشيات في مواقعهم الوظيفية.

وترى مصادر تربوية يمنية أن الميليشيات الحوثية تهدف من وراء قرارها العمل بالتقويم الهجري في المدارس إلى توسيع الانقسام في العملية التعليمية بين مناطق سيطرتها والمناطق المحررة، وعزل الطلاب الواقعين تحت سيطرتها عن أقرانهم ليسهل قيادتهم وتوجيههم.

وإلى جانب ذلك تهدف الميليشيات إلى توفير فترة إجازة طويلة بعد انتهاء العام الدراسي لاستغلالها في المراكز الصيفية التي يجري فيها غسل أدمغة الطلاب، وتجنيدهم للقتال.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

رئيس البعثة التايوانية لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
TT

رئيس البعثة التايوانية لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
سامي جانج الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

تحقق السلطات القضائية التايوانية، لتحديد المسؤول الأول عن تعديل مصنعاتها من أجهزة «البيجر» بالشكل الذي حوّلها إلى متفجرات تأذى بها لبنانيون وبعض منتسبي «حزب الله».

ويقول سامي جانج، رئيس البعثة التايوانية لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط»، إن ما تم تصديره من الأجهزة بين عامي 2022 و2024 بلغ 260 ألف جهاز، منها ما يقارب 16 في المائة تم تصديره إلى أميركا وأوروبا.

ويأسف المبعوث لما تم تداوله عن الأشخاص الذين أصيبوا في لبنان وغيرها، «وأود أن أنوه بأنه تم التحقق من أن أجهزة (البيجرز)، التي تسببت بالأضرار ليست مستوردة من تايوان إلى لبنان مباشرة».

وأضاف جانج: «تتصنع هذه الأجهزة من اللوحة الرئيسية، وشاشة، وبطارية صغيرة، ومعالج بيانات صغير الحجم، وجهاز فك التشفير وجهاز استقبال الترددات، وجميع هذه المواد الداخلة في عملية التصنيع لا يوجد بها مواد تسبب انفجاراً ممكناً بحيث يؤدي إلى الوفاة أو الإصابة».

ولفت جانج إلى أن شركة «أبولو جولد» التايوانية صدّرت، من أول عام 2022 إلى أغسطس (آب) 2024، أجهزة «بيجر» بلغ عددها 260 ألف جهاز، منها 40929 جهازاً، خلال هذا العام منذ بدايته وحتى شهر أغسطس (آب)، إلى أميركا والدول الأوروبية، ولم يسبق منها أي أضرار أو انفجارات.

وأضاف جانج: «إن ما حصل في لبنان يطرح عدة استفسارات من شاكلة: هل تم تعديل أو تغيير في أجهزة (البيجرز) بعد الاستيراد من شركة (أبولو جولد)، أو تدخل صناعي من الشركات الأجنبية التي صرّحت لها (أبولو جولد) بصناعة (البيجرز)؟».

الموفد التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

وتابع جانج: «الإجابات عن هذه الاستفسارات قيد التحقيق في تايوان حالياً من قبل الجهات المسؤولة، لكن من المؤكد أن (البيجرز)، التي تم تصديرها من تايوان بشكلها الذي تم تصديرها به، ليست متسببة بأي أضرار، ولن تتهاون حكومة تايوان في ذلك الشأن؛ إذ تم عرض الشأن على السلطة القضائية التايوانية للتحقيق فيه».

الأثر الاقتصادي على تايوان

وحول أثر أحداث تفجير «البيجرز» على الصناعات التايوانية وعلى الاقتصاد التايواني، قال جانج: «إن سمعة صناعة تايوان معروفة منذ القدم، ومن الصعب جداً أن تتأثر بأي عوامل لما لديها من قدرة على كسب ثقة التجار، الذين سبق لهم التعامل مع المصانع والشركات التايوانية، لما تتمتع به من قدرات وكفاءة وتقنية عالية».

وأضاف: «لا يمكن أن يقاس حجم استثمارات تايوان بعدد قليل من الأجهزة المذكورة؛ إذ هي فقط نقطة في بحر التعاملات التجارية بين تايوان والعديد من دول العالم».

التعاون السعودي - التايواني

كشف جانج أن بلاده تدرس حالياً التعاون مع السعودية في مجال الرقائق الإلكترونية ومعالجة الاتصالات اللاسلكية وبرامج الكمبيوتر، متفائلاً بمستقبل عريض للتعاون الثنائي في الصناعات التكنولوجية الفائقة.

وقال جانج: «ليس هناك حدود للتعاون بين تايوان والمملكة، فإن تايوان تعمل دائماً على استمرارية للعلاقة بين البلدين، والبحث في فرص الاستثمارات المشتركة، وتايوان من أوائل الدول التي سعت للعمل في جميع مجالات التعاون مع المملكة لتحقيق رؤية 2030 التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان».

ولفت جانج إلى أن شركة «فوكسكون» التايوانية أعلنت الشراكة مع المملكة في صناعة أجزاء السيارات الكهربائية والإلكترونيات، بالإضافة إلى التعاون بين تايوان والبنك الأهلي السعودي بشراء سندات بقيمة 500 مليون دولار، فضلاً عن العديد من الأمثلة على الشراكات الناجحة والمستمرة.

وأضاف جانج: «طبعاً يوجد عدد من المشاريع المقترحة، نظراً إلى أن تايوان تمثل سوقاً عالية الجودة؛ إذ تخضع لمعايير وسياسات رقابية مشددة للحفاظ على سلامة المستخدم والحماية من الغش، وأرى أن مستقبل التعاون مع المملكة واسع جداً، خصوصاً أن تايوان تشتهر بخبرتها وقدرتها على صناعات التكنولوجيات الفائقة، لا سيما في مجال أشباه الموصلات وكذلك الذكاء الاصطناعي».

وتابع: «هناك مجال واسع للتعاون مع السعودية، في مجال الطبي مثلاً، ابتداءً من تشخيص المريض عن بعد حتى العمليات الجراحية عن طريق روبوت يعتمد على الذكاء الاصطناعي. وفي الزراعة، تستخدم الذكاء الاصطناعي في تربية الأنعام والأسماك، وكذلك في التعليم».

ووفق جانج: «إن تايوان أطلقت أخيراً أول كتاب مدرسي مدعوم بالذكاء الاصطناعي؛ حيث يمكّن الطلاب من الوصول إلى المواد الدراسية، ويمكّن المعلمين من الوصول إلى أجوبة الطلاب ومراقبة تقدم الطلاب بدقة عالية».

ولذلك، والحديث للموفد التايواني بالرياض، قررت شركة «AMD» الأميركية المتخصصة في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية، وشركة «NVIDIA» لصناعة معالجات الاتصال اللاسلكية وبرامج الكمبيوتر، مطلع هذا العام، أن تؤسسا مركزاً لدراسات صناعة الذكاء الاصطناعي؛ ما يؤكد الجودة العالية لتقنية الصناعة التايوانية.