في حين وجَّهت وزارة البيئة، اليوم الأحد، نداءً عاجلاً إلى وزارة الموارد المائية بزيادة الإطلاقات إلى الأهوار لتلافي كارثة بيئية، توقع خبير في أهوار الجنوب أن تمر المنطقة بـ«أكبر انخفاض في مناسيب المياه تمر بها منذ عام 2003».
وقالت وزارة البيئة في بيان مقتضب: «نوجِّه نداءنا إلى وزارة الموارد المائية بزيادة الإطلاقات المائية للأهوار، لا سيما هور الحويزة في ميسان، وهذا الهور يعاني من كارثة بيئية بسبب الجفاف».
بدوره، حذَّر «مرصد العراق الأخضر» المهتم بالقضايا البيئية، اليوم الأحد من أن فصل الصيف قد يتسبب في «هلاك الثروة المائية والحيوانية للبلاد»، وقال المرصد في بيان، إن «ما يشهده قضاء المجر بمحافظة ميسان (جنوباً) من نفوق ملايين الأسماك نتيجة قلة المياه، بداية لتداعيات مواسم الجفاف».
وأضاف: «منذ فترة ليست بالبعيدة حذرنا المسؤولين عن ملف المياه، من أن الصيف المقبل سيهلك الثروة المائية والحيوانية للبلاد، لكن السلطات العراقية تركت قضية المياه لحلول السماء وليس التفاوض مع دول الجوار، إن نفوق ملايين الأسماك في قضاء المجر بمحافظة ميسان، حدث نتيجة شح المياه وهي بداية لتداعيات لاحقة».
ولفت المرصد إلى أن «الجفاف لا يقتصر على مناطق الجنوب مثل الأهوار والأنهر الفرعية، إنما أعالي نهري دجلة والفرات الواقعة بمناطق الوسطى والشمالية».
وتعليقاً على الكارثة البيئية المحتملة في أهوار الجنوب وقضية نفوق الأسماك، يقول الخبير بشؤون الأهوار جاسم الأسدي، إن «مناسيب المياه في عمود النهر والأهوار في تناقص مستمر منذ نحو ثلاثة أشهر، وقد وصل الانخفاض في الأهوار الوسطى (تقع بين محافظات البصرة وميسان وذي قار) من 1.16 إلى نحو 85 سنتيمتراً عن مستوى سطح البحر».
وتوقع الأسدي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «تشهد مناسيب المياه في العراق انخفاضاً قياسياً منذ عام 2009، ويتضاعف ذلك هذا الموسم بالنظر لانخفاض خزين المياه في البلاد، وتتحدث الأرقام الرسمية عن وجود فراغ خزني يقدر بنحو 100 مليار متر مكعب من المياه».
ونفى الأسدي علمه بتفاصيل نفوق الأسماك في قضاء المجر بميسان وما إذا كانت نتيجة للجفاف وقلة الأكسجين، أو كان نتيجة استعمال المواد الكيماوية في عمليات صيد الأسماك التي يقوم بها بعض الصيادين.
وعن مشكلة شح المياه وانخفاض المناسيب، يرى الأسدي أنها «مشكلة مركبة وليست وليدة اليوم، إنها أشبه بالحالة المرضية التي لم تعالج بالطريق الأمثل، وقد أهملت منذ عقود وما نشهده اليوم هو امتداد طبيعي لنتائج ذلك الإهمال».
وأشار إلى أن «مشكلة الجفاف في الأهوار دفعت المئات من العوائل إلى الهجرة الداخلية والخارجية، حيث تضطر بعض الأسر إلى الهجرة إلى مناطق المياه العميقة داخل الهور ليتسنى لها العيش في ظل اقتصاديات المياه المعتمدة على رعي حيوان الجاموس وصيد الأسماك وحصاد القصب الذي يستعمل في بناء البيوت وصناعة بعض المفروشات، وهناك أيضاً الهجرة خارج مناطق الهور باتجاه المدنية الحضرية بحثاً عن لقمة العيش».
وخلص الأسدي إلى توقع أن «يكون الموسم المقبل أسوأ المواسم على الإطلاق بالنسبة لمشكلة المياه إذا لم تتخذ السلطات إجراءات حقيقية لمعالجة ذلك وضمنها الدخول في مفاوضات جادة مع دول الجوار وخاصة تركيا لحثها على إطلاق كميات كبيرة من المياه».