تحذير أممي: 4 ملايين يمني يواجهون انعدام الأمن الغذائي

نقص الطعام أسهم في مستويات عالية من تقزم الأطفال

استصلاح الأراضي الزراعية في اليمن ضرورة لمواجهة انعدام الغذاء (الأمم المتحدة)
استصلاح الأراضي الزراعية في اليمن ضرورة لمواجهة انعدام الغذاء (الأمم المتحدة)
TT

تحذير أممي: 4 ملايين يمني يواجهون انعدام الأمن الغذائي

استصلاح الأراضي الزراعية في اليمن ضرورة لمواجهة انعدام الغذاء (الأمم المتحدة)
استصلاح الأراضي الزراعية في اليمن ضرورة لمواجهة انعدام الغذاء (الأمم المتحدة)

ارتفعت أعداد اليمنيين الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي مع حلول الشهر الجاري إلى 4 ملايين شخص وفقاً لبيانات حديثة وزعها مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، الذي توقع أن يستمر هذا الوضع حتى نهاية العام مع انضمام أكثر من 630 ألف شخص إلى المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي للأمن الغذائي، التي تسبق مرحلة المجاعة بمرحلة واحدة.

وفي تقرير عن الوضع الإنساني في اليمن خلال النصف الأول من العام الحالي، ذكر المكتب الأممي أن 638 ألف شخص انضموا إلى قائمة الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وبذلك يصل العدد الإجمالي للأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد والوخيم إلى 3.9 مليون شخص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية فقط.

هذا العدد وطبقاً للأمم المتحدة يشكل ما يقرب من 41 في المائة من عدد السكان في مناطق سيطرة الحكومة، لأن البرنامج لم يتمكن من تقييم الوضع في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي بسبب استمرارها في منع إجراء المسوحات الميدانية وإغلاق شركتين مستقلتين كانتا تعملان في هذا الجانب لصالح المنظمات الدولية.

مكتب الشؤون الإنسانية وصف سوء التغذية في اليمن بالمعقد، وقال إنه نجم عن مجموعة من العوامل تشمل انعدام الأمن الغذائي، وسوء نوعية الأغذية، وتفشي الحصبة، وانخفاض التغطية في حملات التحصين، ومحدودية الوصول إلى المياه النظيفة والصرف الصحي، وارتفاع مستويات الإصابة بالمرض.

منع حملات التحصين من قبل الحوثيين فاقم سوء التغذية (الأمم المتحدة)

المكتب الأممي نبه إلى أن انعدام الأمن الغذائي المرتفع للغاية يحرم الأطفال من الغذاء الكافي، كما تتأثر به جودة الأغذية، ما يعني أن الأطفال بحاجة إلى الحصول على المغذيات الدقيقة التي يحتاجون إليها للنمو.

وأشار إلى وجود أسباب إضافية لسوء التغذية منها ضعف القدرة على الحصول على المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي وهو ما يجعل الأطفال معرضين للمرض.

وقال إن ارتفاع مستويات الإصابة بالأمراض ومحدودية فرص الحصول على الرعاية الصحية يؤديان إلى تفاقم الوضع، وإن هذه العوامل أسهمت في مستويات عالية للغاية من التقزم، ما يؤدي إلى خسارة عامة بسبب انخفاض النمو المعرفي والبدني، وانخفاض القدرة الإنتاجية، وضعف الصحة، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض.

وعن كيفية مواجهة هذا الوضع، ذكر مكتب الشؤون الإنسانية أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الدوافع الكامنة وراء انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك الصراع والتدهور الاقتصادي ونقص المساعدات الإنسانية. وحذر من أن يؤدي التقاعس إلى أزمة إنسانية أكثر حدة، وتفشي الأمراض، والممارسات التغذوية غير المثلى، وتفاقم وضع التغذية الضعيف أصلاً.

ربع مليون امرأة سيعانين من سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)

الأمم المتحدة رجحت إصابة ما يقرب من 100 ألف طفل بسوء التغذية الوخيم وقالت إن ذلك سيجعلهم أكثر عرضة للوفاة، لأن التقديرات تشير إلى أن ما يصل إلى ربع مليون امرأة حامل ومرضع سيعانين من سوء التغذية الحاد؛ حيث تواجه 12 مديرية وضعاً خطيراً لانعدام الأمن الغذائي، مقارنة بـ10 مناطق في العام الماضي، وتشمل المناطق الثلاث المصنفة في المرحلة الـ4 جنوب الحديدة، والأراضي المنخفضة في محافظة لحج، وأجزاء من محافظة تعز.

ومع تأكيد المكتب الأممي أن الزيادة المتوقعة في أسعار الأغذية والوقود ستصل إلى 30 في المائة، أي فوق المستويات المتوسطة، فإنه بيّن أن معظم المديريات التي تم تحليلها (102 من أصل 118) أظهرت أن 99 مديرية تعيش أوضاع المرحلة الثالثة من انعدام الأمن الغذائي وما فوقها، وثلاث مديريات في المرحلة الرابعة من التصنيف.

ملايين اليمنيين فقدوا مصادر عيشهم بسبب انقلاب الحوثيين (فيسبوك)

وتوقع أن تنتقل 13 مديرية من المرحلة الثالثة إلى المرحلة الرابعة، بينما تنتقل 15 مديرية من المرحلة الثانية إلى المرحلة الثالثة، وقال إن هذا «يشير إلى أن حالة انعدام الأمن الغذائي تزداد حدة في معظم مديريات اليمن».

وأكد المكتب الأممي أنه على الرغم من إحراز بعض التقدم، فلا تزال الحالة الراهنة مروعة وفقاً لأحدث تحليل جزئي للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، حيث لا يزال عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد الوخيم مرتفعاً، فهناك 3.2 مليون شخص كانوا في المرحلة الثالثة منذ بداية العام حتى مايو (أيار) في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، ويمثل هذا انخفاضاً بنسبة 23 في المائة مقارنة بالربع السابق، «ولكنه لا يزال ينذر بالخطر».


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

​«معبر رفح»: عبور للجرحى... وتكدّس للمساعدات

وزير الخارجية المصري يستقبل رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يستقبل رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر (الخارجية المصرية)
TT

​«معبر رفح»: عبور للجرحى... وتكدّس للمساعدات

وزير الخارجية المصري يستقبل رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يستقبل رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر (الخارجية المصرية)

تواصل مصر استقبال الجرحى والمرضى الفلسطينيين من قطاع غزة، عبر معبر رفح البري، لتلقي العلاج، فيما تتكدس شاحنات الإغاثة الإنسانية أمام المعبر بعد تعليق إسرائيل دخول جميع المساعدات إلى القطاع، مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.

وتستقبل القاهرة، بشكل يومي، أعداد من المصابين في غزة، ضمن إجراءات اتفاق وقف إطلاق النار، وفق مسؤول في «الهلال الأحمر» المصري، أشار لـ«الشرق الأوسط» إلى «عدم عبور أي مساعدات للقطاع، من شاحنات الإغاثة المصطفة أمام معبر رفح، على مدار التسعة أيام الماضية».

ويُشكل معبر رفح البري (على الحدود المصرية الشرقية مع قطاع غزة) الشريان الرئيس لعبور المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، بعد عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

واستقبل المعبر مئات من شاحنات المساعدات المقدمة من مصر ودول عربية وأجنبية، فيما أعلنت القاهرة إعادة تأهيل المعبر لتسهيل عبور المساعدات بعد تعرضه للقصف الإسرائيلي عدة مرات.

قافلة مساعدات مصرية مقدمة إلى غزة (أرشيفية - صندوق تحيا مصر)

ويأتي ذلك، في وقت شدد فيه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، على «ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بدوره لإنهاء الكارثة الإنسانية داخل قطاع غزة»، وقال خلال استقباله رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر، كيت فوريس، الاثنين، إن «بلاده تبذل جهوداً لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بمراحله الثلاث، وتعمل على إيصال المساعدات للقطاع»، وفق إفادة للخارجية المصرية.

وعلّقت إسرائيل، في الثاني من مارس (آذار) الحالي، دخول جميع المساعدات الإنسانية إلى غزة، مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ تنفيذه في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، بوساطة «مصرية - قطرية - أميركية».

واستقبل معبر رفح الحدودي دفعة جديدة من المصابين في غزة، لتلقي العلاج بالمستشفيات المصرية، وفق قناة «القاهرة الإخبارية»، التي أشارت إلى أن «المعبر استقبل نحو 30 مصاباً، و35 مرافقاً، الاثنين، في إطار الجهود الإنسانية المصرية التي تقدمها لسكان القطاع».

ورفعت مصر حالة الاستعداد القصوى بمستشفيات شمال سيناء والمحافظات المجاورة لتكون جاهزة لاستقبال الجرحى والمرضى الفلسطينيين، وأكدت وزارة الصحة المصرية توافر الفرق الطبية، والأجهزة والمستلزمات، لاستقبال وإحالة المصابين، وأشارت إلى «إمداد محافظة شمال سيناء بـ150 سيارة إسعاف لاستقبال المصابين، لضمان سرعة نقل الحالات الحرجة وتقديم الرعاية الصحية لها».

علاج الجرحى الفلسطينيين في مستشفيات شمال سيناء (محافظة شمال سيناء)

ورغم منع إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة، فإن إجراءات نقل الجرحى الفلسطينيين لتلقي العلاج في مصر ما زالت قائمة عبر معبر رفح بشكل يومي، وفق مدير الهلال الأحمر المصري في شمال سيناء، خالد زايد، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «نقل المصابين للعلاج في المستشفيات المصرية يأتي تطبيقاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار، بواقع نحو 50 مصاباً في اليوم».

وينص اتفاق «وقف إطلاق النار» على إدخال 600 شاحنة مساعدات يومياً إلى غزة، بينها 50 شاحنة وقود، وتُخصّص 300 شاحنة منها لشمال القطاع.

ومنذ تسعة أيام لم تدخل قطاع غزة شاحنات إغاثية عبر معبر رفح؛ وفق زايد، مشيراً إلى أن «شاحنات المساعدات الإنسانية تصطف أمام المعبر من الجانب المصري في انتظار السماح بعبورها للقطاع»، وقال إن «فرق الإغاثة جاهزة لمواصلة جهودها لتلبية احتياجات الهلال الأحمر الفلسطيني، لدعم سكان غزة».

بموازاة ذلك، أكد وزير الخارجية المصري، أهمية «تضافر جهود الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر لتنفيذ (الخطة العربية)، التي اعتمدتها القمة العربية الطارئة بالقاهرة أخيراً، للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة»، وأشار إلى «حرص بلاده على التعاون المثمر، مع (الاتحاد) بعدّه أكبر شبكة للمنظمات الإنسانية في العالم».

واعتمدت القمة العربية الطارئة، التي استضافتها القاهرة الأسبوع الماضي «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة، المقدمة من مصر لتكون خطة عربية جامعة»، وتقضي بالبدء في مراحل «الإعفاء المبكر، وإعادة الإعمار، عبر مراحل»، دون تهجير للفلسطينيين.

شاحنات المساعدات المصرية تصطف قبل توجهها إلى غزة (أرشيفية - صندوق تحيا مصر)

ويعيد استمرار تعليق دخول المساعدات الإغاثية الوضع الإنساني في غزة إلى «المربع صفر»، وفق المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عدنان أبو حسنة، الذي قال إن «الوضع الإنساني بالقطاع في انهيار؛ نتيجة نفاد كميات المواد الغذائية، في أغلب مناطق القطاع، وعدم توافر الوقود والكهرباء».

ويعتقد أبو حسنة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجانب الإسرائيلي يستخدم سلاح التجويع في المفاوضات الخاصة بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى»، عادّاً ذلك «سياسة تحدث لأول مرة، منذ اندلاع العدوان على القطاع»، وقال إن ذلك «يُشكل خرقاً للقانون الدولي الإنساني، وقرارات مجلس الأمن الدولي».