سعي حوثي للتوسع في الاستيلاء على المساعدات الطبية

قيادي في الجماعة طالب «الصحة العالمية» بمليون دولار

 عدد من مرضى السرطان في مركز استشفائي في العاصمة صنعاء (رويترز)
عدد من مرضى السرطان في مركز استشفائي في العاصمة صنعاء (رويترز)
TT

سعي حوثي للتوسع في الاستيلاء على المساعدات الطبية

 عدد من مرضى السرطان في مركز استشفائي في العاصمة صنعاء (رويترز)
عدد من مرضى السرطان في مركز استشفائي في العاصمة صنعاء (رويترز)

بالتزامن مع مساعٍ وجهود محلية ودولية لدعم القطاع الصحي اليمني ووقف مسلسل انهياره، يسعى الحوثيون نحو التوسع في ممارسات الفساد وتدمير القطاع، عبر الاستيلاء على المزيد من الدعم الدولي لصالح مشاريعهم الصحية، وخصخصة المنشآت الحكومية لصالح قادتهم.

في هذا السياق، كشفت وثيقة مسربة عن تقدم القيادي الحوثي طه المتوكل، المعين في منصب وزير الصحة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، بطلب إلى منظمة الصحة العالمية لدعم مشروع مزعوم لتحسين وتجويد المستشفيات الخاصة وآلية التنفيذ والرقابة عليها بميزانية تصل إلى مليون دولار.

جاء ذلك في وقت أفادت فيه مصادر طبية في صنعاء بأن القيادي المتوكل قام بإنشاء صيدلية خاصة به وافتتح لها فروعاً داخل المستشفيات الحكومية.

ورجحت مصادر صحية في العاصمة صنعاء أن الطلب الذي تقدم به المتوكل إلى الصحة العالمية يهدف إلى توجيه الدعم لعدد من المنشآت الصحية التي أنشأها من إثرائه بسبب نفوذه وفساده في القطاع الصحي، حيث يملك وأقاربه عدداً من المستشفيات أكبرها مستشفى اليمن السعيد الذي يديره أخو زوج أخته القيادي الحوثي خالد معصار.

تقدم الحوثي المتوكل إلى منظمة الصحة العالمية بطلب دعم مستشفيات خاصة (تويتر)

ويعود تاريخ الوثيقة التي جرى الكشف عنها إلى مارس (آذار) من العام الماضي، وهو الوقت الذي كانت منظمة الصحة العالمية بدأت فيه تقليص مساعداتها الموجهة إلى اليمن عبر القطاع الصحي الذي يسيطر عليه المتوكل، والذي أدار الدعم المقدم لمواجهة انتشار جائحة «كورونا» بالفساد وابتزاز المنظمة الدولية.

وسبق أن كشفت «الشرق الأوسط» عن طلب الميليشيات الحوثية من منظمة الصحة العالمية التوقف عن تقديم المساعدات الدوائية من جهتها، وأن تقوم بشراء الأدوية من الشركات التابعة لقادة ورجال أعمال في الميليشيات، حيث كان المتوكل طالب المنظمة الأممية بشراء الأدوية من مصادر استيرادها في الخارج، ودفع ثمنها لشركاته في صنعاء، وتولي نقلها إلى اليمن بنفسها، ما تسبب في إيقاف المفاوضات وتراجع الدعم المقدم إلى القطاع الصحي.

وبالتوازي مع الكشف عن وثيقة طلب المتوكل الدعم الدولي للمستشفيات الخاصة، كشفت مصادر في القطاع الصحي في العاصمة صنعاء عن إنشاء المتوكل عدداً من المرافق الصحية والطبية داخل المستشفيات العمومية تتبعه شخصياً، من بينها سلسلة صيدليات داخل المستشفيات العمومية، تعمل بديلاً عن صيدليات المستشفيات التي يجري إغلاقها بمبررات متنوعة.

وبحسب المصادر، فإن هذه الصيدليات ظهرت في مستشفيات الكويت والجمهوري والثورة، ومن المتوقع ظهورها في عدد آخر من المستشفيات في مختلف المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات.

وتشير المصادر إلى أن اختيار مسمى «الصيدلية المركزية» يظهر كمحاولة للتغطية على أن هذه الصيدليات تتبع المتوكل، حيث تبدو من خلال الاسم كأنها صيدلية عمومية.

مستشفى اليمن السعيد التابع للقيادي طه المتوكل الذي يسيطر على القطاع الطبي في مناطق الانقلاب (خرائط غوغل)

ولفتت المصادر إلى أن المتوكل وعدداً من أقاربه يشكلون لوبي فساد متعدد الأنشطة، فإلى جانب خالد معصار مدير مستشفى اليمن السعيد ومنشآت صحية أخرى؛ فإن أخاه مجاهد معصار، وهو زوج أخت المتوكل، يعمل رئيساً للمجلس الطبي الأعلى بقرار من مهدي المشاط، رئيس ما يعرف بالمجلس السياسي الأعلى للميليشيات، وهو إلى جانب ذلك مالك ورئيس جامعة 21 سبتمبر الخاصة.

ويعدّ معصار أحد المتورطين في إدخال الأدوية الملوثة إلى البلاد ومنح التراخيص لها، والتي كان منها أدوية مغشوشة لمرضى السرطان تسببت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في وفاة أكثر من 20 طفلاً مصابين بمرض اللوكيميا.

وتتهم الأوساط الطبية في العاصمة صنعاء القيادي الحوثي مجاهد معصار باستغلال المنصب المعين فيه لخدمة المنشآت الطبية والصحية التي يملكها أقاربه، ودفع المرضى إلى اللجوء إليها، ومن ذلك ظهوره في فيديوهات ومقاطع دعائية لصالح مستشفى اليمن السعيد الذي يديره أخوه، بينما يرى آخرون أن هذا الأمر يتسق وسياسات ونفوذ الميليشيات، ويكشف عن تحويل القطاع الصحي إلى استثمار خاص بها.

ويرفض القيادي الحوثي طه المتوكل تنفيذ قرار محكمة حوثية بتعويض أهالي الأطفال الذين توفوا بسبب جرعة الدواء الملوثة في مستشفى الكويت في صنعاء الذي تديره الميليشيات الحوثية.

مارس القيادي الحوثي طه المتوكل الإمامة والخطابة لصالح مشروع الانقلاب الحوثي قبل تعيينه وزيراً في حكومة الانقلاب (تويتر)

وقضى الحكم الصادر في مارس الماضي بدفع هيئة الأدوية مليون ريال يمني (الدولار يساوي 530 ريالاً في مناطق سيطرة الانقلابيين) لكل عائلة فقدت طفلها في تلك الواقعة.

وأخيراً أعلنت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عن منحة بمبلغ 3 ملايين دولار لبرامج جديدة مع شركاء الأمم المتحدة، لدعم قطاع الصحة في اليمن، بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة؛ للمساعدة على الانتقال من الاستجابة لحالات الطوارئ إلى مرحلة أكثر استدامة وطويلة الأمد لإدراج لقاحات «كوفيد-19» وتعزيز النظام الصحي لتقديم رعاية أساسية للمرضى في وحدات العناية المركزة.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.