تنديد دولي بتحريض مفتي الحوثيين على قتل البهائيين

مطالب بإطلاق سراح 16 شخصاً اعتقلوا في صنعاء

وقفة احتجاجية سابقة في صنعاء ضد محاكمة 24 بهائياً (تويتر)
وقفة احتجاجية سابقة في صنعاء ضد محاكمة 24 بهائياً (تويتر)
TT

تنديد دولي بتحريض مفتي الحوثيين على قتل البهائيين

وقفة احتجاجية سابقة في صنعاء ضد محاكمة 24 بهائياً (تويتر)
وقفة احتجاجية سابقة في صنعاء ضد محاكمة 24 بهائياً (تويتر)

نددت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والجامعة البهائية العالمية بحملة الاضطهاد التي يتعرض لها البهائيون في اليمن على يد ميليشيات الحوثي، وذلك بعد أن اعتقلت الجماعة في أحدث انتهاك 16 شخصاً منهم، كما نددت بالخطاب التحريضي لمفتي الميليشيات ضد أتباع الطائفة ودعوته لقتلهم.

مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان وعلى لسان جيريمي لورانس المتحدث باسمها، عبّرت عن القلق البالغ بشأن احتجاز الحوثيين مجموعة من أتباع الطائفة البهائية. وذكرت أن الخطبة اللاحقة التي ألقاها مفتي الحوثيين، وحرض فيها على الكراهية ضد البهائيين والطوائف الدينية الأخرى، تثير مخاوف جمة.

وفي حين حضّت المفوضية على الإفراج الفوري عن الأشخاص الـ16 الذين ما زالوا قيد الاحتجاز في الحبس الانفرادي، أدانت استخدام أي لغة تحرض على التمييز والعنف، لا سيما ضد الأقليات، التي غالباً ما تؤدي إلى النفي والتهجير القسري.

رموز البهائيين رحلهم الحوثيون إلى الخارج (إعلام بهائي)

وقالت المتحدثة باسم المفوضية إن قوات الأمن اقتحمت في 25 مايو (أيار) «اجتماعاً سلمياً عقده البهائيون في صنعاء، وتم نقل 17 شخصاً بالقوة - من بينهم 5 نساء - إلى مكان غير معروف وصودرت كتبهم وهواتفهم وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وممتلكاتهم الأخرى». وفي وقت لاحق، تم إطلاق سراح شخص واحد فقط منهم.

المفوضية ذكرت أن مفتي الحوثيين شمس الدين شرف الدين اتهم في خطبته أتباع الديانة البهائية المحتجزين بالردة والخيانة، وقال إنه «يجب قتلهم في حال لم يتوبوا».

وأعربت المفوضية عن الأسف البالغ لاستخدام هذه اللغة التي تتحدى القانون الدولي بشكل صارخ، وأعادت تذكير سلطة الحوثيين بوجوب احترام حقوق الإنسان للأشخاص الذين يعيشون تحت سيطرتها. وقالت إن حقوق الإنسان للأقليات تضمن جملة من الحقوق منها الحق في اعتناق دينها وممارسته والحق في محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة ونزيهة.

بيان المفوضية شدد على أنه «لا ينبغي أن يشكل الاحتجاز في فترة ما قبل المحاكمة سوى الاستثناء، ولا ينبغي استخدامه إلا إذا كان معقولاً وضرورياً ويستند إلى تقييم فردي لكل حالة».

«خطبة مليئة بالدماء»

استنكرت الجامعة البهائية العالمية ما جاء في خطبة مفتي الحوثيين، ووصفتها بأنها «خطبة مليئة بالدماء وبالتضليل والكراهية ضد الطائفة البهائية اليمنية».

وقالت إنها أتت بعد أن اقتحم مسلحون ملثمون من جماعة الحوثي تجمعاً سلمياً للبهائيين، واقتادوهم إلى مواقع مجهولة تديرها أجهزة الأمن. وأكدت أن لديها سبباً للاعتقاد بأن المعتقلين يتعرضون لسوء المعاملة في الحجز»، مبينة أن مفتي الحوثيين وجّه «مزاعم عدة كاذبة ومحرفة»، مدعياً ​​أن الطائفة البهائية مدعومة من قبل قوى أجنبية ولديها خطط لإلحاق الأذى بالبلاد.

زعيم الطائفة البهائية حامد بن حيدرة أصدر الحوثيون حكماً بإعدامه (إعلام بهائي)

ونسبت الجامعة البهائية إلى المفتي الحوثي إصراره على أن البهائيين «خطرون ويضللون سراً الناس الشبان منهم والشابات»، وقالت إنه «طعن في النزاهة الأخلاقية للبهائيين في قضايا الأسرة والشؤون المالية».

ووصفت الجامعة حديث مفتي الحوثيين بأنه يهدف إلى التحريض على الكراهية وإثارة الريبة تجاه البهائيين في أذهان المصلين وسكان اليمن. وبينت أن زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي سبق له أن حذر علانية، في عام 2018، اليمنيين مما وصفه بـ«الحركة البهائية الشيطانية» متهماً الطائفة بأنها «تشن حرباً عقائدية ضد الإسلام» وحث اليمنيين على الدفاع عن بلادهم ضد البهائيين.

تهجير رموز الطائفة

كانت محكمة حوثية حكمت على حامد بن حيدرة، وهو يمني بهائي قُبض عليه لأول مرة في عام 2013، وتعرض لاحقاً للاحتجاز المطول وسوء المعاملة، بالإعدام في 2 يناير (كانون الثاني) 2018. وأطلق سراحه وخمسة سجناء آخرين من البهائيين بعد ضغوط دولية متواصلة لكنهم أبعدوا عن اليمن.

ومنذ سيطرتهم على العاصمة اليمنية أقدم الحوثيون على ترحيل جميع أبناء الطائفة اليهودية، كما واصلوا التحريض على الطائفة البهائية واتهامهم بتجاوزات أخلاقية ومالية، ولكنهم لم يقدموا أي دليل لإثبات مثل تلك الادعاءات.

ويقول نشطاء يمنيون في مجال حقوق الإنسان إن شيطنة الأقليات المعرضة للخطر جزء أساسي من نشر المعلومات المضللة وتحريض غالبية السكان ضد هذه الفئات.


مقالات ذات صلة

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي تستغل الجماعة الحوثية المناسبات ذات الصبغة الطائفية للتحشيد والتجنيد (إ.ب.أ)

حملات أمنية حوثية لمنع اليمنيين من الاحتفال بـ«ثورة 26 سبتمبر»

جماعة الحوثي تعيش رعباً حقيقياً؛ لأنها تعلم أن غالبية كبيرة من اليمنيين تنبذ أفكارها وطريقتها في الحكم.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي أعلنت شركة ستارلينك بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن (سبأ)

«ستارلينك» تعلن بدء خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن

أعلنت شركة ستارلينك (المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك)، الأربعاء، بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن، ليصبح اليمن الدولة الأولى في الشرق الأوسط…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر قصف إسرائيلي سابق استهدف مستودعات الوقود (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تنفي عرض الاعتراف بحكومة الحوثيين مقابل وقف الهجمات

مسؤولون أميركيون تصريحات القيادي الحوثي محمد البخيتي بشأن عرض واشنطن الاعتراف بحكومة الحوثيين في صنعاء مقابل وقف الهجمات الحوثية، بأنها بعيدة عن الحقيقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي سفينة حربية تشارك في عملية «حارس الازدهار» بالبحر الأحمر (رويترز)

«أسبيدس» تعلن نجاح سحب «سونيون» إلى منطقة آمنة

قالت مصادر يمنية وغربية لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية قامت بعملية التنسيق مع كل الأطراف قبيل قطر السفينة «سونيون» التي استهدفها الحوثيون.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

لبنانيون خائفون من الحرب: «لم نعد نتحمّل»

يعيش اللبنانيون حالة ترقّب في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات آلاف الذين فروا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
يعيش اللبنانيون حالة ترقّب في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات آلاف الذين فروا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

لبنانيون خائفون من الحرب: «لم نعد نتحمّل»

يعيش اللبنانيون حالة ترقّب في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات آلاف الذين فروا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
يعيش اللبنانيون حالة ترقّب في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات آلاف الذين فروا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

في لبنان المُثقل بالأزمات السياسية والاقتصادية، يُغرق شبح الحرب كثيرين مجدداً في الحزن واليأس. ويختصر أنيس ربيز هذا الشعور قائلاً: «كلّ شيء ينهار حولنا، لا نقوى على تحمّل هذه الحرب».

ويقول الرجل (55 عاماً)، وهو مالك شركة عقارية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما يركن سيارته في أحد شوارع الأشرفية في شرق بيروت: «نفسية الناس متعبة، تكفينا الحرب الاقتصادية والأموال (العالقة) في المصارف».

ويشهد لبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ خريف العام 2019، في ظل تدهور غير مسبوق لقيمة العملة اللبنانية، وفقدان قيمة كل الودائع بالليرة اللبنانية أو تجميدها. في أغسطس (آب) 2020، دمّر انفجار ضخم مرفأ بيروت والمنطقة المحيطة به، وحصد قتلى وجرحى وأغرق اللبنانيين في غضب على فساد وسوء إدارة ساهما في حصول الانفجار. كل ذلك، وسط انقسام سياسي وشلل مؤسساتي، في حين تدير البلاد حكومة تصريف أعمال، ويعجز البرلمان منذ العام 2022 عن انتخاب رئيس.

تصاعدت المواجهة بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي منذ الاثنين وحصدت مئات القتلى والجرحى في لبنان (أ.ف.ب)

وبدأ التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل منذ قرابة عام، مع اندلاع الحرب في قطاع غزة، عندما فتح «حزب الله» «جبهة إسناد» للفلسطينيين ضد إسرائيل. وتصاعدت المواجهة منذ الاثنين، وحصدت مئات القتلى والجرحى في لبنان بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية، ونشرت الذعر.

في شوارع العاصمة، حركة السير والناس أبطأ من العادة، في مؤشر على حالة ترقّب يعيشها اللبنانيون، في ظلّ إغلاق المدارس والجامعات، وتحويل بعضها مراكز إيواء لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين فرّوا من مناطق طالها القصف الإسرائيلي هذا الأسبوع.

ويقول ربيز: «الوضع لا يطمئن، لا أُفق للمستقبل أو حتى بصيص نور»، مشيراً إلى هجرة آلاف الشباب على وقع الأزمات المتلاحقة.

«فداء للمقاومة»

أمام مركز تسوّق في الأشرفية، تقول عبير خاطر (43 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا جاهزة أساساً في حال اندلاع حرب، أعددت حقيبة تحتوي على أوراق أولادي الثبوتية وجوازات سفر وثياب، وضعتها قرب الباب».

وتروي الأم لثلاثة أولاد، وهي مديرة متجر، أنها انتقلت وعائلتها من منطقة عين الرمانة المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، معقل «حزب الله»، إلى بلدة بحمدون شرق بيروت. «أخشى سقوط صاروخ عن طريق الخطأ، لا يمكن لأحد أن يعرف ما قد يحصل لنا».

وتقول إن أولادها لم يتعافوا نفسياً بعد من انفجار مرفأ بيروت. وتضيف: «عام 2006 (الحرب الأخيرة بين «حزب الله» وإسرائيل)، لم أكن متزوجة. لكن الآن يتملكني خوف كبير على أطفالي».

وخاض «حزب الله» وإسرائيل حرباً مدمّرة صيف 2006، استمرت 33 يوماً، وأسفرت عن مقتل 1200 لبناني، معظمهم مدنيون، و160 قتيلاً في الجانب الإسرائيلي معظمهم من الجنود. كما ألحقت الحرب دماراً هائلاً في مناطق وبنى تحتية لبنانية.

ويختلف اللبنانيون حول «جبهة الإسناد»، بين من يعدّ أن «حزب الله» يجرّ لبنان إلى حرب لا يريدها كثير من اللبنانيين، ومن يدعم «حزب الله» من دون تردد ضد إسرائيل. لكن القلق حيال المستقبل يجمعهم.

يتمتع «حزب الله» بنفوذ سياسي كبير في لبنان ويتهمه خصومه بأنه يتحكّم بقرار السلم والحرب (أ.ف.ب)

وسط ساحة ساسين في الأشرفية؛ حيث يرفرف علم لبناني ضخم، يجلس محمد خليل على مقعد خشبي يُفكّر بكيفية تأمين لقمة عيش عائلته بعد أن نزح مع زوجته وأطفاله الثلاثة ووالدته من قريته دير انطار في محافظة النبطية (جنوب).

ويقول خليل (33 عاماً): «منذ نحو 3 ساعات، أفكر كيف سأؤمن عملاً ومسكناً، لدي أطفال يجب أن يذهبوا إلى المدارس، أفكر في مستقبلهم... لكنني أصطدم بحائط مسدود».

رغم ذلك، يبدو خليل واثقاً بأنه «في نهاية المطاف، سيكون النصر حليفنا».

ويتابع: «ما حصل لأهل الجنوب يجب ألا يُسكت عليه»، مؤكداً أن كل شيء «فداء للمقاومة».

«ينتهي لبنان»

ويتمتع «حزب الله» بنفوذ سياسي كبير في لبنان، ويتهمه خصومه بأنه يتحكّم بـ«قرار السلم والحرب»، ويُشكّل «دولة ضمن الدولة»، ويستخدم سلاحه «للترهيب» في الداخل. لكن منذ بدء التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل، تبدو البلاد منقسمة أكثر من أي وقت مضى.

وتقول غادة حاطوم في شارع الحمرا في غرب بيروت «(حزب الله) ليس الدولة ليأخذ قرار السلم والحرب، هو كيان موازٍ للدولة، وأثبت لشعبه وبيئته التي تحتضنه أنه اتخذ قراراً خاطئاً. لا أحد يجهّز نفسه للحرب، ولا يبني ملجأ. هل أرواحنا رخيصة لهذه الغاية؟ إذا لم يكن لديّ ملجأ أختبئ فيه لم تجرني إلى الحرب؟».

على أحد أرصفة الأشرفية، يعزف فيكتور (65 عاماً) الذي رفض إعطاء اسم عائلته على آلة الأكورديون، غير مكترث لهدير دراجات نارية وأبواق سيارات من حوله.

ويقول الرجل الذي عاش الحرب الأهلية (1975 - 1990) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «تفصلني الموسيقى عن الواقع، وتهدئ أعصابي».

ويضيف بنبرة هادئة: «لستُ خائفاً من اندلاع حرب؛ لأننا اعتدنا الحروب، ومن له عمر لا تقتله الشُدّة».

على بُعد عشرات الأمتار، تبدي نينا روفايل التي كانت تسير بخطوات متسارعة تعاطفها مع أهالي الجنوب، الذين فروا من منازلهم، لكنها تخشى من تصعيد إضافي.

وتسأل: «لديّ خوف من الغد... من سيرمّم؟ من سيبني؟ من سيُطعم؟ ومن سيعلّم؟ لديَّ خوف من كل شيء».

وتضيف المدرّسة الخمسينية: «لا أشعر بالخوف من اندلاع حرب فحسب، إنما لدي خوف من أن ينتهي لبنان بالكامل».