الحوثيون يقودون انقلاباً على الغرفة التجارية في صنعاء

الميليشيات منعت دخول المواد الغذائية من مناطق سيطرة الحكومة

فرع البنك المركزي في صنعاء أداة لمصادرة أموال المودعين (إعلام حوثي) 
فرع البنك المركزي في صنعاء أداة لمصادرة أموال المودعين (إعلام حوثي) 
TT

الحوثيون يقودون انقلاباً على الغرفة التجارية في صنعاء

فرع البنك المركزي في صنعاء أداة لمصادرة أموال المودعين (إعلام حوثي) 
فرع البنك المركزي في صنعاء أداة لمصادرة أموال المودعين (إعلام حوثي) 

رداً على رفض الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية باليمن، تعسف الحوثيين بحق التجار وفرض تسعيرة للسلع والمنتجات خلافاً لكلفتها الأصلية، قادت الجماعة انقلاباً على قيادة الاتحاد في صنعاء، وعينت موالين لها على رأس الغرفة استناداً إلى توجيهات رئيس مجلس حكمها الانقلابي، مهدي المشاط.

مصدران اقتصاديان في العاصمة اليمنية ذكرا لـ«الشرق الأوسط» أن الانقلاب سبقه لقاء جمع المشاط ووزير التجارة في حكومة الجماعة، غير المعترف بها، محمد مطهر، حيث اتفقا على المضي في الإجراءات التي بدأتها الجماعة، ومن خلالها قامت بتحديد أسعار إلزامية للسلع والمنتجات، وإغلاق شركات، ومصادرة بضائع، وأنه ولمواجهة رفض كبرى الشركات التجارية هذه التوجهات التي تتعارض مع القوانين ودستور البلاد النافذ، اتفقا على الإطاحة بقيادة الغرفة التجارية، وهو ما تم.

اجتماع لقيادة اتحاد الغرف التجارية في صنعاء قبل الانقلاب عليه (اتحاد الغرف التجارية)

وبحسب المصادر، فإن وزير تجارة الحوثيين أوعز إلى مناصري الجماعة لاقتحام مبنى الغرفة التجارية برفقة أشخاص غير معروفين، وقاموا بتعيين قيادة جديدة للغرفة برئاسة شخص يدعى علي الهادي، وثبتوا أحد المنتمين لهم، وهو محمد محمد صلاح، نائباً لرئيس الغرفة التجارية.

عملية همجية

المصادر وصفت عملية اقتحام مقر اتحاد الغرف التجارية بـ«الهمجية»، وقالت إن المقتحمين كانوا مسنودين بعناصر مسلحة تحسباً لأي مواجهة مع القيادة الشرعية للغرفة التجارية، التي تضم في عضويتها أهم وأكبر الشركات والبيوت التجارية في اليمن، وتسعى لإدارة المواجهة مع سلطة الحوثيين وفقاً لقواعد القانون.

وبينت المصادر أن عملية الاقتحام سبقتها حملات تحريض وتخوين ضد اتحاد الغرف التجارية والتجار، شنتها وسائل الإعلام التي تديرها ميليشيات الحوثي أو تمولها، بوصفها خطوة مهدت للاقتحام الذي جاء بعد أسبوع من إصدار اتحاد الغرف التجارية بياناً انتقد فيه قيام سلطة الميليشيات بفرض سعر محدد للسلع، وإغلاق شركات، ومصادرة بضائع وبيعها بالقوة، وفرض جبايات غير قانونية، وتأكيده أن تلك الممارسات ستدفع بالتجار إلى الهجرة بحثاً عن الأمن الاقتصادي.

تعديل سعر الدولار

الخطوة الحوثية أتت متزامنة مع تأكيد مصادر اقتصادية أن الجماعة أقرت أخيراً، عبر فرع البنك المركزي في صنعاء الخاضع لسيطرتها، أن سعر الدولار الأميركي في مناطق سيطرتها غير حقيقي، وذكرت أن البنك حدد سعراً جديداً يوازي السعر المعمول به في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، حيث حدد مبلغ 1230 ريالاً لكل دولار أميركي، وهو ما يكشف حجم التضليل الذي مارسته الميليشيات على السكان في تلك المناطق، والتلاعب بالحوالات المالية المرسلة من بلدان الاغتراب لأقاربهم هناك، على حد تعبير المصادر.

المحلل الاقتصادي وحيد الفودعي، ومعه وكيل وزارة الإعلام السابق مطهر تقي، ذكرا أن فرع البنك المركزي في صنعاء، الخاضع لسيطرة الحوثيين، عرض على البنوك التجارية تسييل حساباتها بالريال اليمني والمجمدة لديه منذ عام 2016، ولكن مقابل 1230 ريالاً لكل دولار، في حين أن البنك يحدد منذ سنوات سعراً موازياً للدولار لا يتجاوز 600 ريال.

وبحسب الفودعي، فإن البنوك التجارية ستخسر وفق هذا العرض 56 في المائة عن كل مبلغ توافق على مصارفته بناء على العرض المقدم من فرع البنك بصنعاء، حيث إن أي بنك يرغب في تسييل مبلغ مليون ريال مثلاً، سيتم تسليمه مبلغ بالدولار الأميركي يعادل 439 ألف ريال يمني فقط، بمعنى أنه سيخسر 561 ألف ريال عن كل مليون ريال.

احتجاز البضائع

تعديل سعر الدولار جاء بعد أسابيع من إصدار الميليشيات الحوثية قراراً يجرّم المعاملات البنكية، تحت مسمى «منع التعاملات الربوية»، وهو القرار الذي مكّنها من مصادرة أكثر من 10 مليارات دولار هي إجمالي فوائد الدين الداخلي والاحتياط النقدي الخاص بالبنوك التجارية وشركات الاتصالات، كما أنها تأتي ومساعي الميليشيات لإرغام التجار على استيراد البضائع عبر موانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتها، حيث قامت باحتجاز عشرات من ناقلات المواد الغذائية في مناطق التماس مع مناطق سيطرة الحكومة، ومنعت دخول تلك السلع إلى مناطق سيطرتها، وبينها عشرات من ناقلات القمح.

الحوثيون يمنعون دخول ناقلات المواد الغذائية (تويتر)

وتوضيحاً لهذا التعسف الحوثي بمنع البضائع، قال وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني، إن ميليشيا الحوثي تواصل احتجاز مئات القواطر المحملة بمادة الدقيق، القادمة من محافظة عدن، في منطقة الراهدة، حيث منعتها من العبور إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها، في محاولة لحصر الاستيراد عبر ميناء الحديدة، متسببة بخسائر فادحة للتجار، وارتفاع قيمة السلع في الأسواق المحلية.

‏ووصف الوزير اليمني هذا الإجراء بأنه امتداد لسياسة التجويع والإفقار التي تنتهجها بحق المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتأكيد على مسؤوليتها عن تردي الأوضاع الإنسانية، واستغلالها الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لضمان انسيابية تدفق المنتجات واستقرار أسعار السلع الأساسية، لتحقيق مكاسب مادية، وفرض مزيد من القيود على التجار، واحتكار استيراد السلع الأساسية عبر تجار تابعين لها.

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني (سبأ)

وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثَين الأممي والأميركي بإدانة الممارسات الحوثية التي تنذر بتداعيات اقتصادية كارثية على القطاع الخاص، وتفاقم المعاناة الإنسانية، وممارسة ضغوط حقيقية على الميليشيا لرفع القيود التي تفرضها على تدفق السلع وحركة البضائع بين المحافظات.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.