بوادر صراع وشيك بين البرهان وإسلاميّي السودان

يعدّونه متساهلاً أكثر من اللزوم

قائد الجيش السوداني الفريق البرهان (أ.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق البرهان (أ.ب)
TT

بوادر صراع وشيك بين البرهان وإسلاميّي السودان

قائد الجيش السوداني الفريق البرهان (أ.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق البرهان (أ.ب)

بدأت بوادر صراع وشيك بين الإسلاميين السودانيين وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، إذ يسعى هؤلاء اليوم للتخلص منه ويعدّونه متساهلاً أكثر من اللزوم، بينما يخوض الرجل منذ 6 أسابيع حرباً على جبهة أخرى ضد نائبه السابق قائد «قوات الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو، المعروف بـ«حميدتي».

وقال محلل عسكري، طلب عدم كشف هويته، إن «الإسلاميين لديهم وجود كبير في المؤسسة العسكرية، عملوا عليه منذ وصولهم إلى السلطة في انقلاب البشير عام 1989». وأضاف: «حاول البرهان إبعاد بعضهم، لكنه في ذات الوقت أبقى على البعض الآخر». اليوم، يجد البرهان نفسه وحيداً في مواجهة الإسلاميين الذين يتهمونه بالتساهل مع «قوات الدعم السريع» التي كان على علاقة جيدة معها.

نهاية صداقة

النزاع المسلح الذي وقع قبل 6 أسابيع بين الجيش وقوات «الدعم السريع» أنهى تماماً علاقة صداقة وتعاون قديمة بين الرجلين، التي بدأت مع بداية النزاع في إقليم دارفور عام 2003 إبان حكم الرئيس المخلوع عمر البشير. فكان حميدتي وقتذاك قائد مجموعة صغيرة مسلحة تتصدى لحركات مسلحة أخرى في الإقليم، تقاوم نظام البشير. لذا، اختار البشير دعم جماعة حميدتي، فيما كان البرهان ينسق عمليات الجيش في دارفور حيث نشأت العلاقة بين الرجلين. ومع الوقت، كبر حجم قوات حميدتي، التي أصبحت لاحقاً تابعة للجيش، لكنها احتفظت دائماً بنوع من الاستقلالية في قيادتها وعملياتها.

ثم تعززت هذه العلاقة في أبريل (نيسان) 2019، تحت ضغط الثورة الشعبية الكبيرة التي طالبت بسقوط نظام البشير، فاتفق الرجلان على إسقاط البشير المدعوم من «الإخوان المسلمين» وتشكيل مجلس عسكري لحكم البلاد، ترأسه البرهان، بينما احتل حميدتي منصب نائب رئيس المجلس العسكري. ومنذ سقوط البشير، مرت العلاقة بتوترات محدودة بين الرجلين بين حين وآخر، لكنها كانت قصيرة، وتُحل دائماً سريعاً وتعود الثقة بينهما.

احتجاجات شعبية واسعة أسقطت نظام البشير في 2019 (رويترز)

هيمنة الإسلاميين

في ظل حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، الذي امتد 3 عقود، هيمن الإسلاميون على السلطة في البلاد، وأسسوا شبكة واسعة من المصالح المالية والتجارية والسياسية، وفق ما قالت وكالة الصحافة الفرنسية. وحكم الجيش السودان مدة 55 عاماً منذ استقلال البلاد قبل 67 عاماً. وقال مركز «ريفت فالي» البحثي إن «السياسة السودانية مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالعسكريين، لذلك أصبح الجيش مؤسسة مسيسة».

وفي 2019، عندما اضطر الجيش إلى إطاحة البشير، تحت ضغط ثورة شعبية كبيرة، ابتعد الإسلاميون عن الواجهة، وتم حظر حزبهم «المؤتمر الوطني» الذي كان يتزعمه البشير، ووضع كثيراً من المسؤولين في السجن. واختار الجيش، لتهدئة خواطر الشارع والمجتمع الدولي، «ضابطاً مجهولاً» هو عبد الفتاح البرهان لوضعه على رأس البلاد.

راح البرهان يكثر من التصريحات المناوئة للإسلاميين وحزب المؤتمر الوطني. لكن اشتعال الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في 15 أبريل أدى إلى فوضى كبيرة، ما سمح لقادة النظام السابق بالهروب من السجون، وهذا بدوره سمح لحزب «المؤتمر الوطني» بأن يظهر مجدداً على الساحة، ويعلن دعمه للجيش في مواجهة «قوات الدعم السريع» التي تناصب أتباع البشير عداوة كبيرة. ويكرر قائد هذه القوات، الفريق حميدتي، القول إن حربه الحالية ليست ضد الجيش، لكنها ضد الإسلاميين المسيطرين على قيادة الجيش.

جانب من الدمار في جنوب الخرطوم بسبب الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع (أ.ف.ب)

قطعة شطرنج

وفي هذا الصدد، يقول عثمان ميرغني، رئيس تحرير صحيفة «التيار» المحلية، إن «الإسلاميين يستثمرون في الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها البلاد حالياً، ليضمنوا وضعاً في التسوية السياسية المقبلة». لكن ميرغني يؤكد أن البرهان ليس سوى «قطعة شطرنج في السياسة السودانية، فهو لا يمثل تياراً سياسياً، بل إن دوره يرتبط بوظيفته في القوات المسلحة».

من جانبه، يشير الخبير في الشؤون السودانية، أليكس دي فال، إلى أن البرهان «يواجه عوائق عدة. فخلافاً لدقلو والبشير من قبله، ليست لديه موارد مالية خاصة، لكي يتمكن من عقد تسويات سياسية». ويضيف: «لذلك، فقد أُجبر دوماً على التفاوض مع العسكريين ومع الحرس القديم (من الإسلاميين) قبل اتخاذ كل القرارات المهمة».

ويرى أمير بابكر، رئيس تحرير موقع «مواطنون»، المتخصص في شؤون القرن الأفريقي، أن البرهان «عزز علاقته مع الإسلاميين لتحقيق طموحه في الحكم». وعلى الرغم من محاولته «إظهار الابتعاد عنهم، فإنه استجاب لضغوطهم بسبب وجودهم في الأجهزة الأمنية، ونفذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021»، أي قبل بضعة أسابيع من الموعد المحدد لتسليم السلطة للمدنيين، وفق الوثيقة الدستورية التي كانت تحكم المرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام البشير.


مقالات ذات صلة

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

شمال افريقيا المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في السودان عدنان حزام (متداولة)

المتحدث باسم «الصليب الأحمر»: ظروف إنسانية مأساوية بسبب الحرب في السودان

ملف المساعدات الإنسانية في السودان شائك، وحجم الاحتياجات كبير جداً، وهذا التحدي يواجه المنظمات الإنسانية

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا سودانيون في شوارع بورتسودان (أ.ف.ب)

وزير خارجية مصر يؤكد دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية

أكد وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، اليوم، على دعم بلاده الكامل للسودان ومؤسساته الوطنية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السودانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «الدعم السريع»

أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم (الثلاثاء)، أن انتصارات الجيش ستتواصل، وإن الحرب لن تتوقف إلا بالقضاء على «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يحتفلون في مروي في الولاية الشمالية شمال السودان في 11 يناير 2025... بعد أن أعلن الجيش دخول عاصمة ولاية الجزيرة الرئيسية ود مدني (أ.ف.ب)

الجيش السوداني ينفي تورّطه في هجمات على مدنيين بولاية الجزيرة

نفى الجيش السوداني، اليوم (الثلاثاء)، تورطه في هجمات على مدنيين في ولاية الجزيرة التي استعاد عاصمتها ود مدني من «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

وثقت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية) أكثر من 7 تسجيلات مصورة، قالت إنها «لانتهاكات وتصفيات عرقية في ولاية الجزيرة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)

«حماس» وافقت على اتفاق وقف النار... واجتماع مرتقب لحكومة نتنياهو لإقراره

TT

«حماس» وافقت على اتفاق وقف النار... واجتماع مرتقب لحكومة نتنياهو لإقراره

أنباء عن التوصل لاتفاق بشأن غزة (د.ب.أ)
أنباء عن التوصل لاتفاق بشأن غزة (د.ب.أ)

بينما كشفت مصادر عن موافقة «حماس» على مقترح اتفاق وقف إطلاق النار، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الأربعاء، بأن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تستعد للاجتماع اليوم الأربعاء أو صباح غد الخميس للتصديق على الاتفاق.

ونقلت صحيفة «هآرتس» نقلا عن مصدر لم تذكره بأن إسرائيل في إطلاق سراح أول دفعة من الرهائن في بداية الأسبوع المقبل، قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يوم الاثنين.

وفي السياق نفسه، نقلت شبكة «سي إن إن» الإخبارية عن مصدرين مطلعين القول إن الحكومة الإسرائيلية تتوقع الإعلان عن الاتفاق في وقت لاحق اليوم الأربعاء أو غدا الخميس. وقال أحد المصدرين «نحن قريبون جدا» من الاتفاق.

 وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الأربعاء، إنه قطع زيارته إلى أوروبا اليوم الأربعاء ليتمكن من المشاركة في تصويت مجلس الوزراء الأمني ​​والحكومة على اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة.وقالت وزارة الخارجية في بيان «بعد التقدم المحرز في مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، قطع الوزير ساعر زيارته الدبلوماسية، التي كان من المقرر أن تستمر غدا في المجر. وسيعود إلى إسرائيل الليلة للمشاركة في المناقشات والتصويت المتوقع في مجلس الوزراء الأمني ​​والحكومة».

وأفادت صحيفة «جيروزاليم بوست» بأن تعليمات صدرت إلى وزارة الدفاع والجيش في إسرائيل للاستعداد لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في قطاع غزة. وأضافت الصحيفة دون ذكر مصدر أن التعليمات تتعلق بالقوات في القطاع وعلى حدوده وبالجبهة الداخلية بالإضافة إلى تنظيم الطواقم الطبية وسلاح الجو.

رد «حماس»

إلى ذلك، صرح مصدران فلسطينيان قريبان من مفاوضات الدوحة أن حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وافقتا على الصفقة. وأكد مصدر لوكالة الصحافة الفرنسية أن «(حماس) و(الجهاد الإسلامي) أبلغتا الوسطاء بالموافقة على المسودة النهائية لاتفاق وقف النار وصفقة تبادل الأسرى»، بينما قال مصدر آخر إن «(حماس) سلمت إسرائيل عبر الوسطاء الرد الإيجابي... بعد الاتفاق حول كافة النقاط والتفاصيل. 

وأوضح أحد المصدرين أن «حماس تسلمت عبر الوسطاء خرائط الانسحابات الإسرائيلية وفقاً للجدول الزمني المحدد بين الجانبين والتي تشملها المرحلة الأولى من الاتفاق». وقال «لم تعد أي نقطة بحاجة إلى التفاوض» مشيراً إلى أن «الوسطاء القطريين والمصريين والأميركيين سيعلنون الاتفاق في بيان مشترك بعد توقيعه من قبل «حماس» وإسرائيل في الدوحة، ويتضمن ضمانات لتنفيذه».

وأضاف أن «(حماس) عقدت مشاورات مع فصائل المقاومة وهي (الجهاد) والجبهتان الشعبية والديموقراطية والجبهة الشعبية القيادة العامة والتي أبدت موافقتها على الاتفاق من أجل وقف العدوان والحرب من أجل حماية شعبنا».

ونوّه إلى أنه «من المتوقع أن توقع (حماس) وإسرائيل لى الاتفاق في أقرب وقت قبل إعلانه، ومن ثم ننتقل إلى مرحلة التنفي»"، من دون تقدير موعد محدد.

وفي وقت لاحق، قال مصدر مشارك في المحادثات لـ«رويترز» إن رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يلتقي بمفاوضي «حماس» في مكتبه لإعطاء دفعة نهائية لمساعي وقف إطلاق النار.