اليمن يشكو نقص الموارد... والحوثي يهدد باستهداف القطاعات الحيوية

عبد الملك: نعول على الأصدقاء في استقرار الاقتصاد

جانب من اجتماع الحكومة اليمنية في عدن الأربعاء (سبأ)
جانب من اجتماع الحكومة اليمنية في عدن الأربعاء (سبأ)
TT

اليمن يشكو نقص الموارد... والحوثي يهدد باستهداف القطاعات الحيوية

جانب من اجتماع الحكومة اليمنية في عدن الأربعاء (سبأ)
جانب من اجتماع الحكومة اليمنية في عدن الأربعاء (سبأ)

أكدت الحكومة اليمنية، الأربعاء، أنها تواجه نقصا حادا في الموارد التي تمكنها من مواجهة النفقات الحتمية، وقالت إنها تعول على دعم الأشقاء والأصدقاء للحفاظ على استقرار الاقتصاد، فيما هدد زعيم الجماعة الحوثية بتكرار الهجمات الإرهابية على القطاعات الحيوية في المناطق المحررة، بما في ذلك موانئ تصدير النفط.

تصريحات الحكومة اليمنية، جاءت خلال اجتماعها في عدن برئاسة رئيس مجلس الوزراء معين عبد الملك، وذلك بالتزامن مع استمرار تدهور سعر الريال اليمني أمام العملات الصعبة، حيث كسر الدولار الواحد حاجز 1300 ريال في المناطق المحررة.

وقال الإعلام الرسمي إن الاجتماع الحكومي ناقش «تطورات الأوضاع والشؤون العامة على الساحة الوطنية في الجوانب السياسية والعسكرية والأمنية والخدمية، واستعرض مستوى تنفيذ القرارات التي تخصّ عدداً من الملفات والقضايا، ومتابعة تنفيذ أولويات برنامج الإصلاحات الحكومي، إضافة إلى التداول في الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال».

تحديات تمويلية

رئيس الحكومة اليمنية الدكتور معين عبد الملك، جدد الحرص على «إتاحة الفرصة للجهود الرامية إلى إنهاء الحرب»، وأشار إلى ما قدمته حكومته «من تنازلات واسعة في مسار الهدنة والتهدئة وتحملها أعباء باهظة جراء الأثر الاقتصادي للاعتداءات الحوثية الإرهابية على قطاع النفط واستمرار نهبها للإيرادات وتعميق معاناة المواطنين في مناطق سيطرتها».

وشكا عبد الملك مما وصفه بـ«التحديات التمويلية التي تواجه الحكومة في تنفيذ التزاماتها الحتمية، مع تراجع الإيرادات العامة جراء الاستهداف الحوثي الإرهابي لموانئ تصدير النفط، وتأثير ذلك على جهود تحسين الخدمات».

وقال إن حكومته تعول على دور الأشقاء والأصدقاء وشركاء اليمن، وفي المقدمة السعودية والإمارات لتقديم الدعم العاجل في هذه الظروف الاستثنائية، باعتبار أن دعم الحكومة في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي «مدخل أساسي ومستدام لمعالجة وتخفيف المعاناة الإنسانية التي تسببت بها ميليشيا الحوثي الإرهابية منذ انقلابها على السلطة وإشعالها للحرب».

ونقلت وكالة «سبأ» أن الاجتماع أقر تشكيل لجنة برئاسة وزارة المالية وعضوية البنك المركزي ووزارات الصناعة والتجارة والخدمة المدنية والنفط والمعادن والإدارة المحلية والتخطيط والتعاون الدولي لمتابعة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي بما فيها السياسات والأنشطة والإجراءات المزمنة وحوكمة أعمال التنفيذ.

أتباع الحوثي يحتفلون في صنعاء بذكرى «الصرخة الخمينية» (إعلام حوثي)

وفي حين أدت الهجمات الحوثية على موانئ تصدير النفط منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى حرمان الحكومة اليمنية من أهم مصدر مالي للإنفاق على الخدمات والرواتب، هدد زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه (الثلاثاء) بتكرار الهجمات ودعا أتباعه للخروج في تظاهرات احتفالية بذكرى استقدام «الصرخة الخمينية» إلى اليمن.

ورأى الحوثي في مجمل خطبته أن الحل في اليمن يكمن في تسليم البلاد لحكم جماعته، وهدد بشن الهجمات على القطاعات النفطية والحيوية «في البر والبحر»، زاعما أن أي اتفاقات تبرمها الحكومة اليمنية «ليست قانونية ولا تمثل شيئا، ولا قيمة لها».

هذه التطورات تأتي في وقت لا تزال فيه المساعي الأممية والدولية والإقليمية تراوح مكانها، وسط اتهامات للجماعة الحوثية بأنها تستعد لجولة من الحرب أكثر عنفا في سياق سعيها للسيطرة على المناطق اليمنية المحررة.

وكان عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي، قال خلال لقائه السفير الأميركي ستيفن فاجن، الثلاثاء، إن «الحوثي يرى السلام فرصة لتنشيط وترتيب أوضاعه العسكرية والسلام بالنسبة له أيضاً كلمة (عائمة) يستخدمها خلافا للمعنى الحقيقي الذي يعرفه المجتمع الدولي».

وأضاف مجلي «نبدي مرونة عالية في التعاطي مع قضايا السلام لأجل شعبنا ونرفض رفضاً قاطعاً أي عروض تسلم فيها رقاب اليمنيين للعدو الحوثي الذي لم يتوقف يوماً عن استهداف المدنيين والعسكريين».

عضو مجلس الحكم اليمني عثمان مجلي لدى لقائه السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاجن في الرياض الثلاثاء (سبأ)

وكشف عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عن معلومات تفيد بـ«تحركات عدوانية عسكرية تقوم بها الميليشيا الحوثية استعداداً للحرب وليس الدخول في أجواء السلام». وقال إن الجماعة «تعمل على نقل كميات كبيرة من السلاح الثقيل بين الجبهات، وتجند الأطفال في المراكز الصيفية وتعمل بوتيرة عالية على حفر خنادق مموهة وتستحدث مواقع عسكرية ومنصات لإطلاق الصواريخ لشن هجماتها العدوانية في الداخل والخارج بما في ذلك استهداف ممر الملاحة البحرية».

وتأكيدا على رفض «الرئاسي اليمني» لابتزاز الحوثيين، فيما يخص تقاسم الموارد النفطية، قال مجلي «من السذاجة أن تفكر هذه الميليشيا الحوثية بالحصول على مكاسب سياسية أو مادية أو اقتصادية من المحافظات المحررة».


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
TT

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)
أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

أعادت وكالة أممية حديثها عن تسرب ملايين الأطفال من التعليم، وتدمير آلاف المدارس في اليمن، بينما تتعسف الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم، وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً، بالتزامن مع إجبار طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية، وسط اتهامات داخلية للجماعة بالتآمر على قطاع التعليم.

ورفض نادي المعلمين اليمنيين ما سماه «سياسة التجويع» التي اتهم الجماعة الحوثية بممارستها ضد التربويين، مطالباً بعدم الانخداع بـ«أنصاف الحلول وفتاتها»، مع دعوته إلى صرف رواتب المعلمين كاملة، ومعها كامل المستحقات الأخرى، وذلك إثر استثناء الجماعة الحوثية قطاع التعليم من نصف الراتب الشهري الذي تعهدت به للموظفين العموميين.

ودعا الكيان النقابي المعلمين والأكاديميين والموظفين العموميين وعموم قطاعات المجتمع إلى الثورة في مواجهة ممارسات الجماعة الحوثية ورفض «حياة العبودية».

من داخل مدرسة في تعز تعمل «اليونيسيف» على إعادة إلحاق الطالبات المتسربات للدراسة فيها (الأمم المتحدة)

وعدّ النادي المطالبة بالراتب الكامل حقّاً أصيلاً، وليس ترفاً، مشدداً على أن كرامة المعلم لا ينبغي أن تكون رهينة لسياسات عمياء تُغلق الأبواب في وجه العدالة، في حين أعلنت مكاتب التربية الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية رفضها القاطع لاستثناء الإداريين في مكاتب التربية من صرف نصف الراتب الشهري.

وتعرضت الإجراءات الحوثية بشأن صرف رواتب الموظفين العموميين، التي أعلنت عنها منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي لانتقادات حادة، كونها تعتمد على التمييز وتصنيف الموظفين إلى فئات، ما يؤدي إلى اختلالات عميقة، وتمييز حاد بين هذه الفئات.

وحذّر الناشط الحوثي طه الرزامي من تقسيم الموظفين إلى فئات (أ) و(ب) و(ج)، لصرف الرواتب لهم بحسب هذا التصنيف الذي قال إنه «سيولد الحقد والكراهية بين من يعملون من الفئة (ج) ولا تُصرف لهم أنصاف رواتب إلا كل ثلاثة أشهر، وبين من يستلمون رواتب شهرية كاملة من الفئة (أ) دون أن يعملوا».

ووصف إسقاط أسماء عشرات الآلاف من الموظفين القدامى ذوي الخبرة والكفاءة من قوائم صرف الرواتب بالجريمة التي ترتكب بحقهم بعد معاناتهم وعائلاتهم لتسع سنوات.

إيقاف الدراسة للتجنيد

اتهم القيادي الحوثي علي عبد العظيم، وكنيته أبو زنجبيل الحوثي الجماعة التي ينتمي لها، باستهداف قطاع التربية والتعليم وإهماله، إثر استثناء موظفيه من كشوفات صرف نصف الراتب الشهري الذي كانت تعهدت به لجميع موظفي الدولة في مناطق سيطرتها، واصفاً ذلك بالمؤامرة على التعليم، خصوصاً مع عدم إبداء الأسباب، وتجاهل مطالب المعلمين.

ويقود نادي المعلمين اليمنيين إضراباً منذ بداية العام الدراسي للمطالبة بصرف رواتب المعلمين، واعترض على تعرض قادته وعدد من المنتمين إليه خلال هذه الفترة لإجراءات عقابية حوثية، مثل الاختطاف والإخفاء القسري، واتهامهم بالخيانة والعمالة والتآمر، وقد توفي عدد من الخبراء التربويين في السجون.

في غضون ذلك أجبرت الجماعة الحوثية عشرات المدارس في مناطق سيطرتها على التوقف عن الدراسة لإلزام مئات الطلاب والمدرسين على المشاركة في دورات قتالية للتدرب على استخدام الأسلحة في أفنية المدارس.

ونقلت مصادر محلية في مدينة الحديدة الساحلية الغربية عن مدرسين وأولياء أمور الطلاب أن المدارس تحولت إلى مراكز حوثية لاستقطاب الأطفال وإغرائهم أو ترهيبهم للانضمام للجماعة والمشاركة في فعالياتها التدريبية والدعوية، تحت مزاعم مواجهة الغرب وإسرائيل.

منذ بداية العام الدراسي الماضي يواصل المعلمون اليمنيون إضرابهم للمطالبة برواتبهم (إكس)

وتنوعت وسائل الترهيب والإغراء للطلاب وأولياء أمورهم، حيث يجري استغلال الضربات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة وخزانات النفط لإقناعهم بأن هدف هذه العمليات هو إخضاع اليمنيين، إلى جانب عرض إعفائهم من الرسوم الدراسية، وزيادة درجات تحصيلهم الدراسي في حال المشاركة في تلك الأنشطة، والتهديد بزيادة الأعباء المالية والحرمان من الدرجات عقاباً على التغيب أو التهرب منها.

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة مشابهة وموازية يتعرض لها طلاب الجامعات العمومية، وخصوصاً جامعة صنعاء وكادرها التدريسي والوظيفي، ضمن مساع لاستقطاب وتجنيد الآلاف من الشباب والأطفال.

تأهيل أممي للمدارس

أعلنت «اليونيسيف» أن تداعيات الصراع المسلح في اليمن منذ أكثر من عقد من السنوات تسببت بتسرب أكثر من 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، حيث خلّفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمين والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وأوضحت المنظمة الأممية أنها وشركاءها من أجل التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين من الأطفال، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، نظراً لأن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

أطفال نازحون يدرسون في مبنى مهجور بمحافظة الحديدة الغربية (أ.ف.ب)

ونبهت «اليونيسيف» من تأثير النزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء اليمن، وتجزئة نظام التعليم الذي وصفته بأنه شبه منهار، وقالت إن ذلك كان له أثر بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية لكل الأطفال في سن الدراسة، البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

وأحصت المنظمة تدمير 2,916 مدرسة، بواقع مدرسة واحدة على الأقل، من بين كل 4 مدارس، أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية بسبب النزاع الذي تشهده البلاد.

ويواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين، ما يقارب 172 ألف معلم ومعلمة، على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ 2016، أو أنهم انقطعوا عن التدريس؛ بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.

وأشارت المنظمة إلى اضطرار المدارس لإغلاق أبوابها أمام الطلاب بسبب تفشي جائحة «كورونا» منذ خمسة أعوام، ما تسبب في تعطيل العملية التعليمية لحوالي 5.8 مليون طالب، بمن فيهم 2.5 مليون فتاة.