اليمن يسحب الاعتراف بالشهادات التعليمية الصادرة عن الحوثيين

اتهامات للجماعة بتسهيل الغش وتسريب أسئلة الامتحانات

طلبة في صنعاء يؤدون امتحانات الثانوية العامة (أ.ف.ب)
طلبة في صنعاء يؤدون امتحانات الثانوية العامة (أ.ف.ب)
TT
20

اليمن يسحب الاعتراف بالشهادات التعليمية الصادرة عن الحوثيين

طلبة في صنعاء يؤدون امتحانات الثانوية العامة (أ.ف.ب)
طلبة في صنعاء يؤدون امتحانات الثانوية العامة (أ.ف.ب)

فيما سحبت الحكومة اليمنية الاعتراف بشهادة الثانوية العامة الصادرة من مناطق سيطرة الحوثيين نتيجة شيوع الغش وتسريب الأسئلة وتغيير المناهج، كشف طلبة وأولياء أمور عن أن الجماعة طبقت التوجهات الطائفية والسلالية عند وضع أسئلة اختبارات الثانوية العامة لهذا العام، ووجهت اهتمامها نحو المعسكرات الطائفية الصيفية.

وذكر ثلاثة مصادر في وزارة التربية والتعليم اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الوزارة وبعد التلاعب الكبير من قبل الحوثيين بالمناهج الدراسية، وتضمينها دروسا طائفية إلى جانب شيوع ظاهرة الغش، وإجراءات اختبارات خاصة لأبناء قادتهم وأبناء المتنفذين من أتباعهم، وإغراء طلاب المدارس العامة بمنحهم درجات عالية نظير إلحاقهم بجبهات القتال، كل ذلك دفع الوزارة إلى إلغاء الاعتراف بشهادة الثانوية الصادرة من تلك المناطق، حيث كان يتم في السابق سحب الشهادة ومنح الطالب بدلا عنها بالدرجات نفسها التي حصل عليها.

حوّل الحوثيون الغش إلى عادة تُمارس بشكل طبيعي (تويتر)

تدهور غير مسبوق

وفق هذه المصادر فإن وزارة التربية والتعليم في عدن تمنح الطلاب القادمين من مناطق سيطرة الحوثيين، شهادة معادلة الثانوية العامة، بناء على تقييم مستواهم الدراسي في الصفين الأول والثاني الثانوي، حيث يقوم الطالب بتحرير تنازل عن الشهادة الممنوحة له من الحوثيين، ويتولى قطاع الاختبارات في الوزارة تقييم مستواه بالاستناد إلى شهادتي الصف الأول والثاني الثانويين وكشف درجات أعمال السنة.

ويؤكد مصطفى وهو معلم في صنعاء أن امتحانات الثانوية العامة لهذا العام، جاءت متوافقة مع توجه سلطة الحوثيين الداعمة للمعسكرات الصيفية الطائفية، والتي يرصد لها موازنة كبيرة، كما تقود الجماعة عبر وسائل الإعلام والمساجد وبواسطة قادتها حملة ترغيب وترويج لهذه المعسكرات بالسُبل كافة، وفي المقابل يزداد إهمالها لقطاع التعليم العام الذي يشهد تدهوراً غير مسبوق.

طلبة يمنيون في صنعاء يستعدون لدخول لجانهم الامتحانية (إ.ب.أ)

أما نبيل وهو أستاذ جامعي في تلك المناطق، فيذكر أن امتحانات الثانوية العامة لهذا العام، شهدت تسريب أسئلة الاختبارات، ووجود أسئلة لا تنتمي للمقرر الدراسي إلا القليل منها، كما كانت هناك نماذج محددة لأبناء الأسر الخاصة بقيادات الحوثيين.

ويؤكد نبيل أن الغش سمح به لطلاب المدارس العامة ومنع على طلاب المدارس الأهلية، كما أن مراكز الاختبارات تفتح أبوابها لطلاب مجهولين، يأتون إليها بعد انتهاء الوقت المحدد للامتحانات ومعهم مراقبون مجهولون أيضا.

ويفيد هلال المريسي بأن المراقبين في لجان الاختبارات يسمحون بالغش وإرسال الأسئلة إلى خارج لجان الاختبارات لمن يدفع لهم الأموال، وبأن الضحية هو الطالب الذي يريد أن يتعلم بصدق ويتعب في الاستذكار ويعتمد على نفسه.

أما في محافظة إب ( 193 كلم جنوب صنعاء) فذكرت مصادر في قطاع التعليم أن الطلاب فوجئوا عند اختبار مادة اللغة العربية بوجود أسئلة من خارج المنهج الدراسي سموها أسئلة ثقافية، وهي أسئلة مرتبطة بالمناسبات الطائفية للحوثيين تخص ما يسمى «يوم الغدير»، وأخرى تطلب كتابة نبذة عما يسمى «يوم الشهيد»، وأخرى تسأل عمن هو «قرين القرآن» ومن هو «القرآن الناطق»، وهي الصفات اللي تطلقها الجماعة على مؤسسها.

غش ودروس طائفية

واستناداً إلى هذه المصادر، فإن مديرة مركز مدرسة أروى الثانوية تحضر كل يوم أستاذة لمساعدة إحدى الطالبات على الإجابة، وعندما اعترضت طالبة على ذلك، عاقبتها المديرة ونقلتها لأداء الاختبارات وحيدة في مكتبها الشخصي.

ويقول ولي أمر إحدى الطالبات إن ابنته أدت اختبارات الثانوية العامة في إحدى المدارس ولكنها فوجئت بدخول أحد موظفي إدارة التعليم في نهاية الوقت المحدد للاختبار، وطلب من كل طالبة أن تغش من الأخرى، وأن ابنته أبلغت الموظف أنها قد أكملت الإجابة وتريد مغادرة القاعة إلا الرجل منعها وأخذ أوراق إجابتها وأعطاها لطالبة أخرى كانت تجلس في المقعد الذي أمامها وقال للطالبة: انقلي الإجابات بسرعة.

ويضيف ولي الأمر «هذه جريمة كبيرة في حق التعليم، تدمر أجيالنا والمصيبة الأكبر أن كثيراً من أولياء أمور الطلبة يقدمون رشاوى مادية كبيرة لمساعدة أبنائهم على الغش بغرض الحصول على معدلات مرتفعة».

قادة حوثيون يشرفون على تدشين امتحانات الثانوية العامة في ذمار (إعلام حوثي)

وخلافاً لتلك الأجواء أدى نحو 90 ألف طالب وطالبة في مناطق سيطرة الحكومة امتحانات الشهادة الثانوية العامة بدعم من مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية، وأكد وزير التربية والتعليم طارق العكبري، على أهمية تكاتف الجهود مع مختلف الجهات ذات العلاقة لضمان سير عملية الاختبارات، ومحاربة أي ظواهر سيئة قد ترافقها مع الالتزام بالتعليمات واللوائح التي أقرتها اللجنة العليا للاختبارات.

ووفق العكبري فإن هذا العدد من الطلاب تم توزيعه على 894 مركزاً بما يضمن أداء الاختبارات بسهولة ويسر، مشيداً بالدعم الذي قدمته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لإنجاح عملية الاختبارات لهذا العام.


مقالات ذات صلة

لماذا أفرج الحوثيون عن طاقم «غالاكسي ليدر»؟

العالم العربي عدد من أفراد طاقم السفينة المختطفة يبتسمون خلال الإفراج عنهم (إكس)

لماذا أفرج الحوثيون عن طاقم «غالاكسي ليدر»؟

يثير إفراج الحوثيين عن طاقم السفينة «غالاكسي ليدر» قبل صدور القرار الأميركي بتصنيفهم جماعة إرهابية الاستغراب حول جدوى وتوقيت هذه الخطوة التي قد تكون مؤشر ارتباك

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي الناقلة اليونانية «سونيون» بعد تعرُّضها لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

روبيو يبحث مع رئيس الوزراء اليمني التعاون لوقف هجمات الحوثيين

قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم، إن الوزير ماركو روبيو، اتصل هاتفياً برئيس الوزراء اليمني أحمد بن مبارك، وبحثا التعاون لوقف هجمات الحوثيين في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

أمين عام الأمم المتحدة يدين احتجاز الحوثيين موظفين أممين في اليمن

دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، احتجاز جماعة الحوثي اليمنية لسبعة من موظفي المنظمة الدولية أمس الخميس، ودعا إلى إطلاق سراحهم فوراً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة اليمني د. رشاد العليمي يستقبل السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاغن يوم 15 يناير الحالي (السفارة الأميركية)

الحكومة اليمنية: قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية مدخل للسلام

أكدت الحكومة اليمنية أن قرار الولايات المتحدة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية أجنبية يُعدّ مدخلاً لإحلال السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة عبد العزيز الواصل خلال كلمته (واس)

السعودية تؤكد دعمها المبادرات الدولية لتعزيز قدرات الحكومة اليمنية

أكدت السعودية أن رؤية الحكومة اليمنية للإصلاح الاقتصادي والمؤسسي لمعالجة التحديات الاقتصادية الراهنة، تُعد خطوة إيجابية مهمة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يصعّدون خروق التهدئة... ويحشدون لاستئناف الحرب

الحوثيون يدربون كافة قطاعات المجتمع تحت قبضتهم على حمل السلاح (رويترز)
الحوثيون يدربون كافة قطاعات المجتمع تحت قبضتهم على حمل السلاح (رويترز)
TT
20

الحوثيون يصعّدون خروق التهدئة... ويحشدون لاستئناف الحرب

الحوثيون يدربون كافة قطاعات المجتمع تحت قبضتهم على حمل السلاح (رويترز)
الحوثيون يدربون كافة قطاعات المجتمع تحت قبضتهم على حمل السلاح (رويترز)

شهدت الأسابيع الأخيرة تصعيداً خطراً من الجماعة الحوثية في اليمن، تمثل في زيادة الخروقات العسكرية على جبهات عدة، إلى جانب حملات تجييش واسعة النطاق تهدف إلى استئناف الحرب ضد القوات الحكومية. يأتي ذلك في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد ومعاناة الملايين من الفقر والحرمان.

وبحسب الإعلام العسكري اليمني، أحبطت القوات الحكومية محاولات تسلل متعددة للحوثيين في جبهات «الكريفات» شرق تعز و«ثرة» شمال أبين. وأكدت مصادر عسكرية أن الحوثيين استهدفوا مواقع عسكرية باستخدام الطيران المسيّر؛ ما دفع القوات الحكومية للرد بقصف مدفعي أسفر عن خسائر في صفوف الانقلابيين.

وفي تطور آخر، تمكنت القوات الحكومية، الخميس، من إسقاط طائرة استطلاع مسيّرة أطلقتها الجماعة الحوثية غرب مدينة تعز (جنوب غربي).

وفي خطبة الجمعة الأخيرة بصنعاء، أعلن القيادي الحوثي يحيى أبو عواضة، أن الجماعة تستعد لجولة جديدة من الحرب، مشيراً إلى تجهيز مقاتلين جدد وفتح جبهات إضافية في تعز، والضالع، والحديدة، والبيضاء. ودعا أتباع الجماعة إلى الاستعداد الكامل للمشاركة في المعارك المقبلة، زاعماً أن الحرب المقبلة ستكون «الأشد ضراوة».

مسلحون حوثيون في صنعاء خلال حشد للجماعة دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

وأقر القيادي أبو عواضة، وهو المقرب من زعيم الجماعة وأبرز منظّريها الطائفيين، بأن جماعته تجري حالياً استعداداتها لبدء شن جولة جديدة من الحرب مع قوات الحكومة الشرعية على عدة جبهات، كاشفاً عن تجهيز مجاميع جديدة من المقاتلين من خريجي الدورات العسكرية للقيام بمهمات فتح جبهات جديدة.

تحشيد إلى الجبهات

في إطار مساعي الجماعة المدعومة من إيران لنسف كل الجهود الرامية لإعادة إحياء مسار السلام، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام الجماعة خلال الأيام الأخيرة بالدفع بمجاميع كبيرة من عناصرها على شكل دفعات صوب خطوط التماس في جبهات الحديدة والضالع وتعز ومأرب.

وجاءت التحركات متزامنة مع عملية تجييش واسعة تقوم بها الجماعة في كافة مناطق سيطرتها، حيث تسوق السكان إلى دورات تعبوية وعسكرية قسرية تحت اسم دورات «طوفان الأقصى»، تمهيداً للزج بهم إلى الجبهات، وسط مخاوف من استغلال هذا التحرك لتجنيد اليمنيين وإقحامهم في معارك ضد الحكومة الشرعية.

الأمم المتحدة تتوقع أن يرتفع عدد اليمنيين الذين يحتاجون لمساعدات إلى 19 مليوناً (الأمم المتحدة)

وشهدت صنعاء وريفها ومدن أخرى منذ مطلع العام الجاري تنظيم جماعة الحوثيين أزيد من 300 لقاء موسع ووقفات ومسيرات راجلة ودورات عسكرية تحت عناوين مُتعددة، منها إعلان الجماعة لما تسميه «النفير العام وتعزيز الجهوزية القتالية».

وتحدثت المصادر إلى «الشرق الأوسط»، عن تنظيم الجماعة في صنعاء وحدها أكثر من 80 فعالية للتعبئة والحشد إلى الجبهات، وخصصت لها مبالغ مالية ضخمة، في حين يعاني الملايين من المجاعة والفقر والحرمان من الرواتب وأبسط مقومات الحياة المعيشية.

تعبئة شاملة

كشف «رمزي، ع»، وهو موظف حكومي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إخضاع الجماعة خلال الأسبوع المنصرم المئات من العاملين في المؤسسة الحكومية التي يعمل بها في صنعاء، كدفعة ثالثة، للتعبئة الفكرية والعسكرية، في إطار حملات تطييف وتجنيد واسعة، تستهدف جميع فئات المجتمع.

وأبدى رمزي استياءه لاستمرار اهتمام الجماعة بتعبئة الموظفين والسكان طائفياً، وإلزامهم بحمل السلاح استعداداً لحرب مقبلة، دون الالتفات إلى معاناتهم المعيشية.

وأكد الموظف قيام مشرفين بنقل العشرات من زملائه ممن شاركوا سابقاً بدورات تعبوية وعسكرية إلى جبهات في الضالع وتعز، لإجراء «بروفات قتالية ميدانية».

ويتكهن مراقبون بأن تحركات الجماعة الميدانية وأعمال الحشد غير المسبوقة، تشير إلى الاستعداد لموجة من الحرب ضد الحكومة الشرعية، وبخاصة بعد أن قدمت الجماعة نفسها على أنها انتهت من معركة مناصرة الفلسطينيين في غزة، ولم يبقَ لها سوى حسم المعركة داخلياً.

التصعيد الحوثي يسهم في مفاقمة الوضع الإنساني وتدهور المعيشة باليمن (رويترز)

وعلى الرغم من الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، لا تزال الجماعة الحوثية تستغل الأوضاع في قطاع غزة لغرض تحقيق مكاسب إعلامية بهدف التأثير على السكان في مناطق سيطرتها واستقطابهم للقتال.

ويتزامن الاستعداد الحوثي لاستئناف الحرب مع تأكيد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه أن جماعته في جاهزية مستمرة، والأيدي على الزناد لبدء معركة مقبلة.

وقال الحوثي: «نحن نركز على الاستعداد للجولات الآتية، وحتماً لا بد من جولات آتية، وما تم حتى الآن على مدى 15 شهراً جولة من المواجهة مع إسرائيل، وهناك جولات قادمة، ونسعى للاستعداد لها».

وكان الانقلابيون الحوثيون خلال الأشهر الماضية افتتحوا العشرات من معسكرات التدريب في عدة مناطق تحت قبضتهم، وسعوا من خلالها إلى استدراج آلاف السكان من مختلف الأعمار لإلحاقهم بها وإخضاعهم للتعبئة وتلقي تدريبات قتالية، بذريعة مواجهة إسرائيل وأميركا.