الحوثيون يحولون احتفالاً لحزب «المؤتمر» إلى فعالية لتمجيد «الصرخة»

الجماعة نشرت مسلحين ملثمين وباشرت استفزاز أنصار الحزب

موالون للميليشيات يرددون الصرخة الخمينية في احتفالية بصنعاء (فيسبوك)
موالون للميليشيات يرددون الصرخة الخمينية في احتفالية بصنعاء (فيسبوك)
TT

الحوثيون يحولون احتفالاً لحزب «المؤتمر» إلى فعالية لتمجيد «الصرخة»

موالون للميليشيات يرددون الصرخة الخمينية في احتفالية بصنعاء (فيسبوك)
موالون للميليشيات يرددون الصرخة الخمينية في احتفالية بصنعاء (فيسبوك)

أفادت مصادر حزبية يمنية في صنعاء بأن الميليشيات الحوثية منعت قادة حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضعين لها في العاصمة صنعاء من إقامة فعالية احتفالية بالعيد الـ33 للوحدة اليمنية، وحولت الاحتفال إلى فعالية لتمجيد «الصرخة الخمينية».

وذكرت المصادر أن جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء كان أعلن تنظيم احتفالية كبيرة بمناسبة عيد الوحدة الذي يصادف 22 مايو (أيار) من كل عام، إلا أن قادة الجماعة الحوثية أبلغوا كبار قادة جناح الحزب، ومن بينهم صادق أمين أبو راس ويحيى الراعي، بصدور تعليمات من زعيم الجماعة تقضي بمنع الحزب من إقامة أي احتفالية سواء بمقر الحزب وقاعته في حي الحصبة شمال العاصمة، أو في ميدان السبعين وسط العاصمة.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الجماعة عوضاً عن ذلك سمحت بإقامة فعالية مصغرة ترعاها ما تسمى حكومة الانقلاب تحت عنوان الاحتفاء بعيد الوحدة والذكرى السنوية للصرخة الخمينية.

في سياق ذلك، عبّر قادة في حزب «المؤتمر» في صنعاء عن الاستياء الشديد من تلك الممارسات الحوثية تجاه الحزب ومنتسبيه، ووصفوا ذلك بأنه يأتي ضمن سلوك الميليشيات الاستفزازي ضد الأحزاب والتنظيمات السياسية وضد اليمنيين بشكل عام.

ووفق مصادر حزبية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، حشدت الميليشيات الحوثية صبيحة يوم الإثنين أتباعها المؤدلجين طائفياً بأسلحتهم الشخصية، من القادمين من صعدة والمستوطنين في صنعاء وضواحيها إلى قاعة حزب «المؤتمر» المخصصة للاحتفال وجعلتهم يرددون شعار «الصرخة الخمينية»، مانعين أنصار الحزب من ترديد الشعارات الوطنية.

وقالت المصادر إن الجماعة نشرت عناصر مسلحين ملثمين داخل وخارج قاعة الاحتفال وعلى محيط المقر الرئيسي للحزب، وهو ما قاد إلى انسحاب العشرات من قيادات وأعضاء الحزب، وهو الأمر الذي جعل الميليشيات تلجأ بصورة عاجلة لملء المقاعد الفارغة في القاعة باستقدام أطفال من مراكز صيفية عدة تابعة لها في صنعاء.

أطفال استقدمتهم الميليشيات من مراكزها الصيفية لحضور الفعالية (فيسبوك)

وأرجع ناشطون حزبيون أسباب حشد الانقلابيين أتباعهم المدججين بالأسلحة والانتشار الأمني غير المسبوق إلى أنه كان يهدف لقمع أنصار «مؤتمر صنعاء» الموالين لهم حال إبدائهم أي اعتراض على إلغاء الاحتفال.

وأكدت المصادر أن الفعالية خلت من أي شعارات وهتافات وطنية، وأن معظم الكلمات والفقرات خصصت للحديث عن الذكرى السنوية «للصرخة الخمينية» والترويج للأفكار الميليشيات، إلى جانب تمجيد زعيمها وسلالته الانقلابية وأحقيته المزعومة في حكم اليمنيين.

وعلى صلة بالموضوع، شن برلمانيون وسياسيون في صنعاء هجوما لاذعا ضد قادة الميليشيات الحوثية على خلفية ممارساتها ضد قادة وأعضاء حزب «المؤتمر» الخاضع لها ومواقفها المعادية للوحدة اليمنية.

وتحدث النائب في البرلمان الخاضع للجماعة في صنعاء عبده بشر، عن أن الجماعة رفضت إقامة حزب «مؤتمر صنعاء» مهرجانا للاحتفال بعيد الوحدة في ميدان السبعين بصنعاء. وقال بشر، في تغريدة على حسابه بـ«تويتر» إن الحزب اضطر لنقل مكان الاحتفال المقرر إلى قاعته، قبل أن تقوم سلطة الحوثيين بإعلان إقامة فعالية يوم «الصرخة» بالقاعة ذاتها.

بدوره، علق الدبلوماسي اليمني السابق، وشقيق رئيس حزب «مؤتمر صنعاء» فيصل بن أمين أبو راس، بالقول: «تم إحباط فعالية احتفال المؤتمر الشعبي العام بالعيد الوطني الـ33 للجمهورية اليمنية، وارتأت سلطة الأمر الواقع الاحتفاء بالذكرى السنوية للصرخة».

وفي تغريدة أخرى، قال أبو راس: «انتظر المؤتمرون في صنعاء أياماً عسى أن يكون هناك احتفال بعيد الوحدة، وحين تبين أن لا نية للاحتفال أعدوا فعالية بالمناسبة، وعندما علمت الجماعة أرسلت أمنها قبل يوم من الفعالية وطوقوا القاعة التي أعدت للاحتفال وفرضوا أجندتهم... وما شاء الله كان».

وليست هذه المرة الأولى التي تمنع فيها الميليشيات الحوثية الأحزاب والتنظيمات السياسية تحت سيطرتها من تنظيم أي احتفالات بالمناسبات الوطنية وغيرها، فقد سبق أن منعت مطلع أبريل (نيسان) الماضي، قادة حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضعين لها في العاصمة صنعاء وريفها، مع بقية الأحزاب الأخرى من إقامة أي فعاليات أو أمسيات خلال رمضان الماضي، محتكرة لنفسها إقامة الفعاليات كافة في مناطق سيطرتها والرامية إلى الاستقطاب الطائفي وترسيخ أحقية زعيمها في حكم اليمنيين.

وكشفت مصادر سياسية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن ضغوط حوثية مُورست حينها ضد قيادات حزب «المؤتمر» في صنعاء؛ لإجبارهم على إلغاء جميع البرامج الرمضانية التي أعدها قطاع الشؤون التنظيمية في الحزب، والتي كانت تشمل إقامة أمسيات تنظيمية طيلة أيام الشهر في جميع الدوائر في صنعاء العاصمة وريفها ومدن أخرى.



​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
TT

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) باليوم العالمي للمعلم، فيما لا يزال المعلمون في اليمن يعانون من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون، إذ اعتقلت الجماعة ألف معلم على الأقل، وأجبرت عشرات الآلاف على العمل من دون رواتب منذ ثمانية أعوام، في حين اضطر الآلاف إلى العمل في مجالات أخرى لتوفير لقمة العيش.

وإلى جانب تدني المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتأخر صرفها والنزوح القسري، طال من يعمل في قطاع التعليم الانتهاكات طوال العشر السنوات الأخيرة، سواء من خلال التسريح القسري والاختطافات، أو نتيجة تحويل الحوثيين المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات لتجنيد الطلاب، أو نشر الأفكار الطائفية بهدف تغيير التركيبة المذهبية في البلاد.

انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

في هذا السياق ذكرت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحوّل هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء.

وقالت الشبكة إنه منذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

ووفق ما ذهبت إليه الشبكة، فقد أدت هذه الأوضاع «المأساوية» إلى تدهور حاد في مستوى التعليم، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب. ومع تأكيدها أنها تدرك حجم المعاناة التي يتعرض لها المعلمون في اليمن، أدانت بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

وطالبت الشبكة التي تضم روابط ضحايا الانتهاكات في اليمن بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي، وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، وتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظاً على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين في سجون الحوثيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

معدلات الأمية ارتفعت إلى 70 % في الأرياف اليمنية (إعلام محلي)

كما طالبت الشبكة بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

ودعت جميع الأطراف وعلى وجهة الخصوص جماعة الحوثي المسلحة التي يتعرض المعلمون في مناطق سيطرتها إلى أشكال متعددة من الانتهاكات الممنهجة، إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل الجاد على إنهاء معاناة المعلمين، وصرف رواتبهم، وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء دورهم الحيوي في بناء مجتمع يمني مزدهر.

مأساة التعليم

أكد «مركز ألف لحماية التعليم» أن المعلمين في اليمن واجهوا تحديات بالغة التعقيد خلال العقد الأخير، متجاوزين كل الصعوبات التي فرضتها ظروف النزاع وانعدام الأمن، حيث أثرت الحرب والهجمات المسلحة على قطاع التعليم بشكل كبير مما أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء.

وبحسب ما أورده المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فإن هناك ما يقارب من ألف معلم مختطف ومحتجز قسراً معظمهم لدى جماعة الحوثي، وذكر أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية، ودفع كثيراً من المعلمين للبحث عن وظائف بديلة.

وناشد المركز المعني بحماية التعليم الحوثيين سرعة صرف رواتب المعلمين والتربويين في مناطق سيطرتهم، التي توقفت منذ عام 2016، والإيفاء بالتزاماتهم تجاه عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات، وضمان حمايتهم من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.

كما ناشد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتحسين رواتب المعلمات والمعلمين في مناطق سيطرتها، والتي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة المعيشية الضرورية في ظل تدهور أسعار الصرف وتفشي البطالة.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ 8 أعوام (إعلام محلي)

ودعا المركز الجهات المهتمة بالتعليم إلى تبني مشاريع تضمن استمرارية التعليم وتحسين جودته، وتعمل على دعم المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم خاصة في ظل وجود شريحة واسعة من المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون في الميدان لتغطية نسب العجز الكبيرة في الطاقم المدرسي، ودون أدنى معايير التأهيل والتدريب.

وتحدّث المركز عما وصفها بـ«مأساة التعليم في اليمن» وقال إن نسبة الأمية تقدر بنحو 70 في المائة في الأرياف، و38 في المائة في المدن، وذكر أن 45 في المائة من المعلمين لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن 13.8 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية، كما أن الخصخصة والافتقار إلى التنظيم أثرا سلباً على جودة التعليم في الوقت الذي يدخل فيه التعليم خارج اليمن مرحلة التحول الرقمي.

وكانت إحصائية حكومية حديثة ذكرت أن 4.5 مليون طفل باتوا خارج التعليم في اليمن، وهو رقم يزيد بمقدار الضعف على الرقم المسجل مع بداية النزاع، حيث لم يتجاوز العدد مليوني طفل.

مدارس طائفية

أفادت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قطاع التعليم يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية نتيجة وقف التوظيف منذ عام 2011، ومن بعد ذلك الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

وقالت المصادر إن كثيراً من المدارس استعانت بمتطوعين للعمل وتغطية العجز، إذ يحصلون على مكافآت شهرية متدنية لا تتجاوز عشرين دولاراً في الشهر يتم توفيرها من التبرعات التي يقدمها التجار أو من عائدات السلطات المحلية.

وأثّر تراجع سعر العملة المحلية، وفق المصادر، بشكل كبير على رواتب الموظفين العموميين وفي طليعتهم المعلمون، حيث أصبح راتب المعلم الواحد خمسين دولاراً بعد أن كان يعادل مائتي دولار.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الوضع دفع بمجاميع كبيرة إلى ترك العمل في سلك التعليم والالتحاق بالتشكيلات العسكرية؛ لأنهم يحصلون على رواتب أعلى.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وفي مناطق سيطرة الحوثيين تحدثت المصادر العاملة في قطاع التعليم عن تدهور مخيف في مستويات الالتحاق بالمدارس مع زيادة الفقر، وعجز الأسر عن توفير متطلبات التحاق أبنائها، والعروض التي يقدمها الحوثيون للمراهقين في سبيل الالتحاق بجبهات القتال والحصول على راتب شهري يساوي 100 دولار، إلى جانب التغذية ووضع أسرهم في صدارة قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي توزعها المنظمات الإغاثية.

ووفق هذه الرواية، فإن اهتمام الحوثيين بتحويل المدارس إلى مواقع لاستقطاب المراهقين، ونشر الأفكار الطائفية وقطع مرتبات المعلمين وفرار الآلاف منهم خشية الاعتقال دفع بالجماعة إلى إحلال عناصرها بدلا عنهم، واختصار الجدول المدرسي إلى أربع حصص في اليوم بدلاً من سبع.

كما وجهت الجماعة عائدات صندوق دعم المعلم لصالح المدارس الطائفية الموازية التي استحدثوها خلال السنوات الأخيرة، ويتم فيها منح المعلمين رواتب تصل إلى 700 دولار، كما توفر هذه المدارس السكن الداخلي، والتغذية، والكتب المدرسية بشكل مجاني للملتحقين بها.