فيديو جديد لـ«أصحاب القضية» يبايعون الصدر بوصفه المهدي المنتظر

رغم التبرؤ منهم وغلق مرقد والده وتجميد تياره

أنصار مقتدى الصدر (أ.ف.ب)
أنصار مقتدى الصدر (أ.ف.ب)
TT

فيديو جديد لـ«أصحاب القضية» يبايعون الصدر بوصفه المهدي المنتظر

أنصار مقتدى الصدر (أ.ف.ب)
أنصار مقتدى الصدر (أ.ف.ب)

بعد نحو أسبوع من ظهور زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشريط صوتي أعلن فيه التبرؤ ممن يطلقون على أنفسهم تسمية «أصحاب القضية» عاودت مجموعة من هؤلاء الظهور بفيديو جديد معلنين فيه مبايعته بوصفه المهدي المنتظر.

وكان الصدر قبيل اضطرار ظهوره في شريط فيديو لكي يكون «التبليغ أقوى» على حد قوله أعلن تجميد التيار الصدري لمدة سنة.

وفيما دعا الموالين له ولتياره إلى توقيع وثيقة مبايعة بالدم انتهت مدتها مؤخرا حيث حاز على إجماع جديد من قبل الصدريين برغم انسحابهم من البرلمان العام الماضي، فإنه أعلن غلق مرقد والده المرجع الشيعي الراحل محمد محمد صادق الصدر لمدة خمسة أيام لكي لا يتوجه هؤلاء إلى زيارته ويقيموا طقوسهم التي بدت غريبة ومنحرفة دينيا.

وبينما لمح الصدر في الشريط المسجل إلى ارتباط هؤلاء بخصوم سياسيين له أسماهم «الميليشيات الوقحة» فإن تكرار ظهورهم بين آونة وأخرى من شأنه تعميق الخلاف بين الصدر وخصومه لأسباب سياسية تتعلق بمنهجه الداعي إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية.

لكن بروز هذه الظاهرة الدينية وإن كان يقابلها الصدريون بالسخرية والاستخفاف وهو ما قلل من مدى تأثيرها حتى على مستوى التزام الصدريين حيال ما يسمونه «الخط الصدري» الذي يمثله الآن مقتدى الصدر بمن في ذلك الذين كانوا من مقلدي والده فقهيا قبيل اغتياله. غير أن إعلان الصدر في شريط فيديو بأنه ليس مرجعا ولا مجتهدا أزاح اللبس بشأن عملية التقليد خصوصا بعد تبادل الرسائل بين الصدر والمرجع الشيعي العراقي المقيم في إيران كاظم الحائري الذي أعلن اعتزاله واستمراره كمرجع.

ومع أن الصدر كان أعلن هو الآخر اعتزاله العمل السياسي لكن مسألة المرجعية الفقهية بقيت معلقة مع تأكيده أنه ليس «مرجعا ولا مجتهدا».

لكن يبدو أن الصدر الذي لا يزال يواصل دراساته الدينية العليا بات يواجه أكثر من حرب من بينها استمرار ظهور مقاطع مرئية لأصحاب القضية رغم قيام الجهات الحكومية والقضائية العراقية باعتقال أعداد منهم.

وفي هذا السياق ظهرت قبل يومين مجموعة من «أصحاب القضية» في تسجيل فيديو جديد، يدعون فيه إلى مبايعة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على أنه الإمام المهدي المنتظر. وظهر في مقطع الفيديو القصير ثلاثة من الملثمين وهم يحملون راية مكتوبا عليها «نبايع الإمام المصلح الموعود مقتدى مهدي الأمم عليه السلام».

وتلا أحد الثلاثة بياناً مخاطباً فيه أصحاب القضية، بالقول: ستكون هناك خطوتان نصرة للمصلح الأمين، الخطوة الأولى: يجب أن نكون يداً واحدةً ونقف على دار المصلح الأمين (مقتدى الصدر) ونبايعه ونهتف باسمه «يا مهدي الأمم جئناك لنبايعك بأرواحنا وأجسادنا وأموالنا وأهلنا وبكل شيء ونطالب بكسر عزلته والرجوع إلينا ليقيم دولته وهي دولة العهد الإلهي».

وأضاف المتحدث «أما الخطوة الثانية وبعد مبايعة المصلح الأمين سنتجه إلى عاصمة الفساد والمفسدين بغداد للانقلاب على دولة بني العباس التي يترأسها الطاغية محمد شياع السوداني سفياني العصر، ونزيح دولة الفساد والإفساد، ونرجعها إلى صاحب الحق، وهو المصلح الأمين»، مردفا بالقول «ولا تكون دولة ولا قيادة إلا بيد المصلح الأمين».

وكان القضاء العراقي أعلن خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي توقيف عشرات المتهمين من «أصحاب القضية» وقال إنهم «عصابة تثير الفتن». وذكر إعلام القضاء في بيان أن «محكمة تحقيق الكرخ قررت توقيف 65 متهما من أفراد عصابة ما تسمى (أصحاب القضية) التي تروج لأفكار تسبب إثارة الفتن والإخلال بالأمن المجتمعي».

وأضاف أن «ذلك تم بالتنسيق مع جهاز الأمن الوطني باعتباره الجهة المختصة بالتحقيق».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم