«السودان» و«فلسطين» على رأس ملفات قمة جدة

السفير حسام زكي لـ«الشرق الأوسط»: رئاسة السعودية للقمة قوة دفع كبيرة للعرب

اجتماع سابق على مستوى المندوبين بجامعة الدول العربية (الشرق الأوسط)
اجتماع سابق على مستوى المندوبين بجامعة الدول العربية (الشرق الأوسط)
TT

«السودان» و«فلسطين» على رأس ملفات قمة جدة

اجتماع سابق على مستوى المندوبين بجامعة الدول العربية (الشرق الأوسط)
اجتماع سابق على مستوى المندوبين بجامعة الدول العربية (الشرق الأوسط)

في بهو فندق الهيلتون في جدة، كانت الوفود العربية حاضرةً بشكل كبير، والتجهيزات لتحضيرات قمة جدة، يوم الجمعة، تسير بشكل دقيق، وقف السفير حسام زكي مساعد الأمين العام للجامعة العربية، يتحدث بتفاؤل كبير بأن قمة جدة ستكون «قمة التجديد والتغيير» بعد أن خرج من اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على المستوى الوزاري، يوم الاثنين، وذلك عطفاً على توقعاته بأن النهج السعودي في التعامل خلال رئاسة القمة سيكون مختلفاً، وقال: «لعلنا نشهد تجديداً وتغييراً في أسلوب التعامل».

سألت السفير زكي عن التحضيرات للقمة، فأجاب بأنها على وشك الانتهاء، في انتظار أن يعقد وزراء الخارجية اجتماعهم، الأربعاء، لمناقشة كافة الموضوعات، وحسم المعلق منها في حال وجوده، على حد تعبيره. وأضاف: «كل شيء سيكون جاهزاً أمام القمة لاعتماده، ونمضي قدماً في العمل العربي برئاسة السعودية من بعد 19 مايو (أيار) الحالي».

اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي على المستوى الوزاري التي عقدت في جدة يوم الاثنين (الشرق الأوسط)

الجهود السعودية

يجزم الأمين العام المساعد للجامعة العربية، بأن فترة الرئاسة السعودية للقمة العربية ستكون مبشرة وقوة دفع كبيرة للعرب. وقال: «السعودية تشهد حالة نشاط دبلوماسي وسياسي طيب ومبشر، ورئاستها للقمة العربية ستكون رئاسة نشيطة حريصة على المصلحة العربية».

وتابع: «المملكة دائماً تسعى لأن تكون هناك إضافة عربية في مختلف الملفات، والأمل معقود بأن تشكل هذه القاطرة العربية المهمة قوة دفع كبيرة لكي يتمكن العرب من إيجاد حلول عربية للمشكلات العربية».

ملفات قمة جدة

الملف السوداني سوف يتصدر أبرز الملفات الساخنة لقمة جدة، حسب السفير حسام زكي، مبيناً أن «وضع السودان يمثل وضعاً ضاغطاً ومؤسفاً، واستمراره للأسف يؤثر بالسلب على استقرار دولةٍ عضو مهمةٍ في المنظومة العربية، ونأمل لجهود وقف هذا الصدام المسلح أن تتكلل بالنجاح».

وأضاف: «كلنا تابعنا الجهد السعودي الأميركي الذي تكلل بالتوصل لهدنة، ولكن المأمول أكثر من ذلك أن يكون هناك عمل مضنٍ لكي نسعى للتوصل إلى وقف مستمر لإطلاق النار، هناك مجموعة اتصال عربية مشكلة بقرار الجامعة الأخير في 7 مايو (أيار) من السعودية ومصر والأمين العام، ونتوقع أن تجتمع اللجنة على مستوى وزراء الخارجية على هامش القمة، والهدف هو بحث كيفية التحرك قدماً لتحقيق هذا الهدف».

ولفت زكي إلى أنه بالإضافة للسودان «هناك ملفات سياسية مهمة دائماً تأتي في مقدمتها فلسطين، لكن ليس أقلها الأوضاع في مناطق الأزمات العربية، والعلاقات التي بدأت تأخذ شكلاً جديداً ما بين الدول العربية من جانب، وبعض الدول الإقليمية من جانب آخر، ونعني إيران وتركيا».

عودة سوريا

طالب الأمين العام المساعد للجامعة العربية بالنظر إلى عودة سوريا لحضن الجامعة باعتبارها بداية لمرحلة جديدة في التعامل مع الوضع في سوريا، وقال: «على مدار 12 سنة كان هناك تعامل من الجامعة العربية مع الأزمة السورية يتسم بشكل أساسي بأن الحكومة في دمشق جمدت مشاركتها في كافة أنشطة الجامعة، الآن هذه المرحلة انتهت».

ثم يتساءل بقوله: «لماذا وصلنا إلى هذه النقطة، الحقيقة كان لدى جميع الدول انطباع بأن الجامعة العربية غائبة تماماً عن أي مساعٍ لمساعدة سوريا للنهوض من عثرتها، وحل الأزمة السورية بشكل سياسي يسمح بعودتها والنهوض على قدميها، وأن تقدم لشعبها ما هو مأمول».

وتابع: «لكنْ الحقيقة اكتشف الجانب العربي أن المجتمع الدولي ربما بفعل تداعي أحداث كثيرة أصبح يضع ملف سوريا في موقف متأخر من أولوياته، طبعاً حدثت أمور كثيرة، أهمها حرب أوكرانيا وغيرها، وهذا أدى إلى (أن) تداعيات الأزمة السورية (تكون) على الدول المجاورة كبيرة مثل تجارة المخدرات والإرهاب واللاجئين، وهي مسائل ضاغطة جداً على الواقع في الدول المجاورة لسوريا ودول عربية أخرى».

وختم السفير حديثه عن الملف السوري بقوله: «وبالتالي الأمل هنا أنه من خلال الآلية الجديدة التي تم إنشاؤها، واللجنة التي شكلت عربياً لمتابعة الموضوع والاتصالات يمكن لها أن تفتح فصلاً جديداً في التعامل العربي مع الوضع السوري وتساعد السوريين في الخروج من أزماتهم الحالية».

العلاقة مع إيران

قال السفير حسام زكي، إن الجامعة العربية ترى الاتفاق السعودي الإيراني جيداً، ويمكن أن تنتج عنه أمور إيجابية تنعكس على الاستقرار في المنطقة إذا خصلت النيات، ونعني النيات الإيرانية، مبيناً أن هناك اتفاقات سابقة، وربما النيات لم تخلص، أو كانت هناك اعتبارات عديدة أدت لعدم تنفيذ الالتزامات.

وأضاف: «المأمول أنه إذا خلصت النيات، ونفذت الالتزامات، أن تشهد هذه المنطقة شكلاً من أشكال استرخاء العلاقة بين الأقطار العربية من جانب، وبين إيران من جانب آخر، لأن تاريخنا الحديث في هذه العلاقة ليس جيداً ومليئاً بالتدخلات السلبية، لكننا نريد فتح صفحة جديدة، وهذا الاتفاق بمثابة صفحة جديدة، وإذا خلصت النيات يمكننا أن نحقق الكثير لمصلحة شعوب المنطقة».

 

السفير حسام زكي مساعد الأمين العام للجامعة العربية (الشرق الأوسط)

دور الجامعة العربية وإصلاحها

بكل هدوء، حاول السفير زكي التفريق بين الانتقادات المتكررة لأداء الجامعة، والدعوات لإصلاحها، قائلاً إن الأمرين منفصلان. وقال: «فيما يتعلق بحضور الجامعة العربية في الملفات والأزمات العربية، نحن حاولنا ونحاول قدر الإمكان أن يكون علم الجامعة العربية موجوداً في كافة المحافل، وأن يكون لها رأي وإسهام في أي أزمة أو مشكلة عربية».

واستطرد بقوله: «لكن كيف يمكن أن تأتي بأزمة ما تم الإلقاء بها تحت عتبة المجتمع الدولي في مجلس الأمن، ثم نقول الجامعة لم تقم بدورها! إذا طرح الموضوع على مجلس الأمن، فما هو المطلوب من الجامعة العربية، وأزيد بالقول إن مجلس الأمن لم يستطع حل الموضوع أو يتعامل معه، هذا أمر فيه إجحاف».

ولفت زكي إلى أنه «من الغرابة أحياناً أن نجد أن إرادات الدول العربية تجمع على شيء فيتحقق، إذن المسألة مسألة إرادة، إذا وجدت فالأمور تتحقق، هذا أمر يجب أن يكون واضحاً للجميع، الجامعة العربية هي محصلة إرادات دولها».

فيما يرى الأمين العام المساعد للجامعة العربية أن الإصلاح مصطلح حق يراد به إلى حد كبير التعطيل، مبيناً أن إصلاح الجامعة العربية ليس المشكلة، حيث إن لها عنواناً هو الأمين العام، وهو المخول بفعل الميثاق والممارسة والعرف أن يتحرك وله هامش من التحرك وليست الإصلاحات التي تعوقه، على حد تعبيره.

وأضاف: «لكن أخبرني عن الدول التي لا تدفع مستحقاتها ومساهماتها للجامعة (لا نريد تسميتها)، وهل هذا أمر يصب في مصلحة الجامعة أم لا، هل هذا يمّكن الجامعة من أداء الأدوار المنوطة بها أم لا، كلمة الإصلاح جميلة ووقعها لطيف ومستعملة في محافل كثيرة، لكن قل لي ما هي الإشكالية التي نريد التعامل معها وأقول لك هل تستحق إصلاحاً أم لا».

وأعطى السفير مثالاً قبل عام 2005 عندما تعرضت الجامعة العربية لهجوم ضارٍ لعدم التصويت على القرارات والاكتفاء بالتوافق، لافتاً إلى أن «الجامعة العربية اعتمدت نظام التصويت منذ عام 2005، أي منذ 18 سنة، لكنه لم يستخدم مرة واحدة».

وبعيداً عن العمل، يقول السفير حسام إنه يقرأ حالياً كتاب «300 ألف عام من الخوف» للكاتب جمال أبو الحسن، كما يحاول مشاهدة بعض أفلام الأبيض والأسود، وسماع بعض الموسيقى أحياناً أخرى.

حقائق

نظام التصويت في الجامعة العربية

الجامعة العربية اعتمدت نظام التصويت منذ عام 2005 ولم يستخدم مرة واحدة


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء البريطاني يُعرب عن ثقته بجذب استثمارات خاصة جديدة

الاقتصاد رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر يتحدث خلال زيارة لمصنع في تشيستر (رويترز)

رئيس الوزراء البريطاني يُعرب عن ثقته بجذب استثمارات خاصة جديدة

قال رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إنه واثق بجذب مزيد من الاستثمارات الخاصة إلى بريطانيا في الأسابيع والأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم الرئيس الصيني شي جينبينغ (وسط الصورة) وقادة أفارقة خلال التقاط صورة جماعية خلال قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي (FOCAC) في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين، 5 سبتمبر 2024 (رويترز)

خبير جيوسياسي ﻟ«الشرق الأوسط»: سياسة الصين في أفريقيا تتعثّر

في مقابلة خاصة مع صحيفة «الشرق الأوسط» يتحدث البروفيسور الفرنسي كزافييه أوريغان، الخبير بشؤون العلاقات الصينية - الأفريقية، عن واقع العلاقات بين الصين وأفريقيا.

شادي عبد الساتر (بيروت)
آسيا الرئيس الصيني شي جينبينغ وزوجته بنغ لي يوان يصلان إلى قاعة للترحيب بقادة دول أفريقية خلال حفل استقبال في منتدى التعاون الصيني الأفريقي في قاعة الشعب الكبرى في بكين، الصين 4 سبتمبر 2024 (رويترز)

خبير فرنسي: الصين لم تعد تملك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا

يرى الخبير الفرنسي كزافييه أوريغان المتخصص بالعلاقات الصينية - الأفريقية، أن الصين لم تعد تمتلك الوسائل لتحقيق طموحاتها في أفريقيا.

شادي عبد الساتر (بيروت)
آسيا الرئيس الصيني شي جينبينغ استضاف قادة أفارقة في عشاء فاخر ببكين (أ.ف.ب)

شي جينبينغ يستضيف قادة أفارقة في أكبر قمة تعقدها الصين منذ سنوات

استضاف الرئيس الصيني شي جينبينغ قادة أفارقة في عشاء فاخر في بكين، الأربعاء، مع انطلاق أكبر قمة في المدينة منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تظهر الصورة أعلام دول مجموعة السبع إلى جانب علم الاتحاد الأوروبي خلال جلسة العمل الأولى لوزراء خارجية مجموعة السبع في مونستر بألمانيا 3 نوفمبر 2022 (رويترز)

روما تعتزم استضافة اجتماع لوزراء دفاع مجموعة السبع لأول مرة

أعلن وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو، اليوم (السبت)، أنّ روما ستنظّم للمرة الأولى اجتماعاً لوزراء دفاع مجموعة السبع، من دون تحديد موعد لذلك.

«الشرق الأوسط» (روما)

غارة جوية إسرائيلية تستهدف شاحنات محملة بمواد طبية وإغاثية في حمص

من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)
من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)
TT

غارة جوية إسرائيلية تستهدف شاحنات محملة بمواد طبية وإغاثية في حمص

من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)
من مدينة حمص السورية (أرشيفية - رويترز)

استهدفت غارة إسرائيلية، الأحد، شاحنات تحمل مواد إغاثية وطبية في مصنع فارغ للسيارات الإيرانية جنوب مدينة حمص وسط سوريا، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بعد أيام من غارات طالت دمشق والحدود اللبنانية السورية.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال «المرصد» إن طائرات إسرائيلية شنّت «غارات جوية بثلاثة صواريخ استهدفت(...) 3 شاحنات محملة بالمواد الغذائية والطبية في معمل للسيارات الإيرانية بمنطقة حسياء الصناعية»، الواقعة جنوب المدينة.

وأدّت الغارة إلى إصابة 3 أشخاص من فرق الإغاثة، وتدمير الشاحنات القادمة من العراق لتقديم مساعدات إنسانية للبنانيين المتضررين من الغارات الإسرائيلية، وفق «المرصد».

من جهته، أكد مدير المدينة الصناعية في حسياء عامر خليل وقوع «أن عدواناً جوياً إسرائيلياً استهدف 3 سيارات داخل المدينة الصناعية، محملة بمواد طبية وإغاثية، والأضرار مادية»، وفق ما نقلت «وكالة الأنباء الرسمية» (سانا).

يذكر أن حمص محافظة حدودية مع لبنان.

وكثّفت إسرائيل في الأيام الماضية وتيرة استهداف نقاط قرب المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، التي عبرها مؤخراً عشرات الآلاف هرباً من الغارات الإسرائيلية الكثيفة على لبنان.

وأدّت غارة إسرائيلية، استهدفت فجر الجمعة منطقة المصنع في شرق لبنان، إلى قطع الطريق الدولي بين لبنان وسوريا، وأتت بعد اتهام إسرائيل «حزب الله» باستخدام المعبر لنقل الأسلحة.

كما شنّت إسرائيل مراراً في الأيام الماضية غارات جوية داخل سوريا.

وأدت إحداها، الأربعاء، على منطقة المزة في دمشق إلى مقتل حسن جعفر قصير، وهو صهر الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، الذي قتل بغارات إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية في 27 سبتمبر (أيلول).

ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011، شنّت إسرائيل مئات الضربات الجوية في هذا البلد، مستهدفة مواقع لقوات النظام وأهدافاً إيرانية وأخرى لـ«حزب الله» الحليف لطهران ودمشق.

ونادراً ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ الضربات، لكنّها تكرّر أنها ستتصدى لما تصفه بمحاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا. ومنذ بدء غاراتها المكثفة في لبنان في 23 سبتمبر، شددت إسرائيل على أنها ستعمل على الحؤول دون نقل «حزب الله» لـ«وسائل قتالية» من سوريا إلى لبنان.