6 آلاف دولار... تكلفة نقل «المهاجر» من باكستان إلى أوروبا عبر ليبيا

تشكيل عصابي قُبض عليه بمصراتة كشف عنها

مهاجرون غير نظاميين بعد ضبطهم في مدينة مصراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)
مهاجرون غير نظاميين بعد ضبطهم في مدينة مصراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)
TT

6 آلاف دولار... تكلفة نقل «المهاجر» من باكستان إلى أوروبا عبر ليبيا

مهاجرون غير نظاميين بعد ضبطهم في مدينة مصراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)
مهاجرون غير نظاميين بعد ضبطهم في مدينة مصراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (وزارة الداخلية بحكومة الوحدة)

ضبطت الأجهزة الأمنية في غرب ليبيا تشكيلاً عصابياً لتهريب المهاجرين غير النظاميين من باكستان إلى السواحل الأوروبية، عبر دول عدة؛ من بينها ليبيا.

وقالت «إدارة المهام الخاصة» بوزارة الداخلية، التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إنها ضبطت التشكيل العصابي، في مصراتة وضواحيها، في إطار عمليات تتبع عمليات «المتاجرة بالبشر».

وأوضحت الإدارة أن عناصرها داهمت منزلين بالمدينة يُستخدمان في أعمال الهجرة غير القانونية، مشيرة إلى أن العملية أسفرت عن ضبط 23 شخصاً من الباكستانيين، إضافة إلى ضبط المسؤول الأول عن عملية الهجرة؛ وهو باكستاني الجنسية.

وكشفت «إدارة المهام الخاصة» أن رئيس التشكيل اعترف بأن عناصر العصابة، التي ينتمي إليها، «حصلت من كل شخص على 6 آلاف دولار، مقابل تهريبه من باكستان إلى إيطاليا، مروراً ببعض الدول؛ ومن بينها ليبيا».

دورية أمنية تضبط 20 مهاجراً غير نظامي جنوب شرقي ليبيا (مديرية أمن ربيانة)

وقال مصدر أمني بوزارة الداخلية إن العصابات المتاجِرة بالبشر «تستغلّ رغبة كثير من المشتاقين للهجرة غير النظامية إلى أوروبا، وتحصل منهم على مبالغ مالية كبيرة»، لافتاً إلى أن «المقابل متفاوت؛ من عصابة إلى أخرى، ويصل أحياناً إلى 7 آلاف دولار، مقابل نقل الفرد من ليبيا إلى إيطاليا، على سبيل المثال».

وقالت الإدارة إنها «تُواصل مهامّها في محاربة الظواهر السلبية، وفي إطار مكافحة الهجرة غير المشروعة عبر الأراضي الليبية»، منوهة بأن هذه المداهمة لأوكار مهرِّبي البشر في مدينة مصراتة «جاءت بعد وصول معلومات إلى مكتب التحقيق والتحري تفيد بوجود مهاجرين غير نظاميين يحاولون الهجرة إلى أوروبا عبر البحر، انطلاقاً من الشواطئ الليبية».

عشرات المهاجرين على متن قارب مطاطي بالبحر المتوسط قبالة الساحل الشمالي الشرقي لليبيا في 27 أبريل 2021 (إ.ب.أ)

وفي حين أشارت «إدارة المهام الخاصة» إلى أنها أحالت الموقوفين إلى النيابة العامة، لاستكمال بقية الإجراءات القانونية، رأى طارق لملوم، رئيس «منظمة بلادي لحقوق الإنسان» في ليبيا، أن «أغلب من يتم القبض عليهم من المهاجرين الأجانب، ليسوا مهاجرين غير نظاميين»، مضيفاً «بعض المهاجرين من باكستان وسوريا وفلسطين مثلاً يدخلون ليبيا بطرق نظامية، عبر مطارات رسمية، بختم دخول، ويتم جلبهم عن طريق شركات إلى ليبيا، وبعد ذلك يتم القبض عليهم، واتهامهم بأنهم دخلوا ليبيا بنيّة الهجرة إلى أوروبا، ومن ثم سجنهم».

وتابع لملوم: «يجب أن تتحمل الدولة مسؤولية الفوضى لديها، وتعلن أنها غير قادرة على توحيد المنافذ، وأن هناك أكثر من حكومة وجِهة تحكم البلد»، وزاد: «من يجب أن يحاسب هو مَن جلب هؤلاء الأشخاص بنيّة فتح ممرات الهجرة، واستخدام هذا الملف لمكاسب مادية وسياسية، وليس العكس».

أوروبا تتخوف من ارتفاع أعداد «قوارب الموت» المنطلقة من شواطئ ليبيا (إ.ب.أ)

في شأن قريب، بحث فريق من «مؤسسة بلادي لحقوق الإنسان»، بمدينة مصراتة، مع مدير مكتب «حقوق الإنسان بوزارة الدفاع»، التابعة لحكومة «الوحدة»، عدداً من المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان؛ من بينها ملف المهاجرين غير النظاميين والعمال.

وقالت «مؤسسة بلادي»، في بيان، الأحد، إن فريقها استعرض جملة من الأعمال التي تُجريها المؤسسة بشأن «نشر الوعي، ورفع الكفاءات المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي تهتم بها وزارة الدفاع»، مشيرة إلى أنه جرى التشاور حول إمكانية عقد ورش عمل، وإعطاء تدريبات في مجال حقوق الإنسان متنوعة، خلال خطة عمل المؤسسة لعام 2023.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.