السودان: نزوح من كادوقلي جراء تصاعد العمليات العسكرية

المئات من الأسر الفارة اتجهت إلى مناطق سيطرة «الحركة الشعبية»

جنود تابعون للجيش السوداني في شوارع مدينة القضارف شرق السودان في 14 أغسطس 2025 احتفالاً بالذكرى الحادية والسبعين لتأسيس الجيش (أ.ف.ب)
جنود تابعون للجيش السوداني في شوارع مدينة القضارف شرق السودان في 14 أغسطس 2025 احتفالاً بالذكرى الحادية والسبعين لتأسيس الجيش (أ.ف.ب)
TT

السودان: نزوح من كادوقلي جراء تصاعد العمليات العسكرية

جنود تابعون للجيش السوداني في شوارع مدينة القضارف شرق السودان في 14 أغسطس 2025 احتفالاً بالذكرى الحادية والسبعين لتأسيس الجيش (أ.ف.ب)
جنود تابعون للجيش السوداني في شوارع مدينة القضارف شرق السودان في 14 أغسطس 2025 احتفالاً بالذكرى الحادية والسبعين لتأسيس الجيش (أ.ف.ب)

نزحت عشرات العائلات السودانية من مدن كادوقلي والدلنج في ولاية جنوب كردفان، مع استمرار تمدد «قوات الدعم السريع» وحلفيتها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» في البلدات المجاورة للمدينة التي انسحب منها الجيش السوداني.

وشهدت جبهات القتال في إقليم كردفان الكبرى هدوءاً نسبياً، الأسبوع الماضي، ما عدا عمليات قصف مدفعي وهجمات للطيران المسّير التابع لـ«الدعم السريع» على مواقع داخل كادوقلي.

وأفاد سكان في المدينة بأن تصاعد المواجهات العسكرية في عاصمة الولاية كادوقلي أدى إلى فرار أعداد كبيرة من المدنيين إلى المناطق الآمنة في الأيام القليلة الماضية. وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، إن تدهور الأوضاع الإنسانية زاد من وتيرة موجات النزوح بصورة لافتة، جراء توقف تدفق الإمدادات الغذائية والصحية، بسبب الحصار المفروض على المدينة. وتابعت المصادر أن المنظمات الإنسانية في كادوقلي شرعت فعلياً في إجلاء طواقهما العاملة هناك بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، عقب استهداف مقر بعثة الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، أسفر عن مقتل وجرح العشرات من قوات حفظ السلام (يونيسفا).

لقطة من فيديو نشرته «قوات الدعم السريع» في 23 أبريل 2023 أثناء عبورهم أحد شوارع منطقة شرق النيل في الخرطوم الكبرى (أ.ف.ب)

وتجدد القتال بضراوة في مناطق واسعة من ولاية جنوب كردفان خلال الأشهر الماضية بعد انضمام «الحركة الشعبية» بقيادة عبد العزيز آدم الحلو، إلى جانب «قوات الدعم السريع»، وفصائل عسكرية أخرى في «تحالف السودان التأسيسي» (تأسيس).

ومطلع الأسبوع الحالي سيطرت «قوات تأسيس» على بلدة برنو، التي تبعد نحو 30 كيلومتراً من مدينة كادوقلي، وبدأت تتوغل في المناطق الجبلية المحيطة بها.

من جهة ثانية، أفادت مصادر عسكرية بأن الجيش السوداني شن هجمات بالطائرات المسيّرة الانتحارية والقتالية، على مواقع عدة لتمركزات «قوات الدعم السريع» حول مدينتي كادوقلي والدلنج، في محاولة لإيقاف تقدمها في الولاية.

وكانت منصات «الدعم السريع» قد تحدثت في الأيام الماضية عن تحشيد كبير لقواتها في مناطق بالقرب من كادوقلي بهدف تكثيف الضغط على الجيش والقوات المتحالِفة معه، وتعزيز مواقعها للارتكاز في مناطق استراتيجية بهدف تمهيد الطريق لمهاجمة المدينة.

وأدى الحصار الخانق على حاضرة جنوب كردفان إلى خلق أزمة إنسانية كبيرة جراء النُّدرة الكبيرة في السلع الغذائية والدوائية.

ويستمر، منذ أشهر، خروج الرجال والنساء والأطفال من المدينة المحاصَرة، إلى مناطق تقع بالقرب من معقل سيطرة قوات «الحركة الشعبية» في مدينة كاودا في منطقة جبال النوبة.

وتسيطر «قوات تأسيس» فعلياً على كل المناطق حول مدن جنوب كردفان، وفي الوقت نفسه تفرض رقابة مشددة على حركة التجارة، وتقطع طرق وخطوط الإمداد للجيش السوداني والفصائل المسلحة المتحالفة معه، المحاصرة داخل كادوقلي.

وفي وقت سابق سيطرت «الحركة الشعبية» على مناطق الكرقل والدشول، الواقعة على الطريق الرئيسي المؤدي إلى الدلنج، ثاني أكبر مدن الولاية، التي تعاني من أوضاع مماثلة لما تشهده عاصمة الولاية. ويتهم تحالف «تأسيس» الجيش السوداني والقوات المتحالفة، بعدم السماح للمدنيين بالمغادرة واستخدامهم دروعاً بشرية، على غرار ما حدث في الفاشر.

وحسب المصادر ذاتها، إن «قوات تأسيس» تُرابط على امتداد الطرق لتأمين خروج المدنيين المرضى وكبار السن من كادوقلي الفاشر إلى كل الجهات الآمنة نسبياً، مقارنة بالأوضاع في المدينة.

وذكرت وكالات الإغاثة العاملة في المنطقة أن مئات الأسر الفارّة بسبب القصف المدفعي والمسّيرات في كادوقلي تتجه إلى المناطق الآمنة حولها، لكنها بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة.


مقالات ذات صلة

10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

خاص روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب) play-circle 00:57

10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

وضعت واشنطن مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل وقال وزير خارجيتها مارك روبيو إن 99% من التركيزالآن لتحقيق هذا الغرض

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا خبراء يقولون إن الأسلحة عالية التقنية التي تستخدمها قوات الدعم السريع تحتاج إلى مساعدة خارجية لتشغيلها (أ.ف.ب) play-circle

تقرير: شركات في بريطانيا تجنّد مرتزقة كولومبيين لصالح «الدعم السريع»

كشف تحقيق حصري لصحيفة «الغارديان» عن وجود شركات مسجلة في بريطانيا أسسها أشخاص خاضعون لعقوبات أميركية، يُشتبه في تورطها بتجنيد مقاتلين لصالح «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا رئيس وزراء السودان كامل الطيب إدريس خلال إلقاء كلمته حول الأزمة السودانية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (إ.ب.أ) play-circle

رئيس وزراء السودان يتوجه إلى نيويورك للقاء مسؤولين في الأمم المتحدة

توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
الخليج الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي (وام)

عبدالله بن زايد يشدد على وقف فوري لإطلاق النار بالسودان

جدّد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، التأكيد على الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان بالقاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري هل تلجأ مصر إلى الخيار العسكري لدعم «وحدة السودان»؟

تمثلت المحددات المصرية للخطوط الحمراء في «الحفاظ على وحدة السودان، وعدم العبث بمقدرات الشعب السوداني، والحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية».

أحمد جمال (القاهرة )

حوادث التحرش في مصر... زيادة مقلقة أم وقائع فردية؟

وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)
TT

حوادث التحرش في مصر... زيادة مقلقة أم وقائع فردية؟

وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التعليم المصري وسط الطلاب في جولة ميدانية (وزارة التربية والتعليم)

شغلت حوادث «تحرش مدرسي» الرأي العام في مصر خلال الفترة الماضية بعد ضبط «انتهاكات» في أكثر من مدرسة، وأحدثت صدمة لأولياء الأمور الذين تخوفوا على سلامة أبنائهم، في ظل فضاء تعليمي ضخم يضم 25 مليون طالب مسجلين بالمدارس على مختلف أنواعها، وفق إحصاءات رسمية.

وطرحت الحوادث التي جرى التركيز عليها بوسائل الإعلام تساؤلات حول ما إذا كانت تشكل «زيادة مقلقة» يمكن أن تصبح ظاهرة عامة، أم «وقائع فردية» مثلما ذكر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في تعليقه على الأمر، خلال مؤتمر صحافي قبل أيام، نافياً أن تكون قد تحولت إلى «ظاهرة عامة».

لكن مدبولي في الوقت نفسه أشار إلى أن توالي الوقائع يمثل «ناقوس خطر» يستوجب الاهتمام والأخذ في الحسبان، وأكد توجيه «الوزارات المعنية للعمل المشترك في هذا الملف، وتبني نظام استباقي يضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث».

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء)

ومنذ بداية العام الدراسي الحالي، برزت إعلامياً نحو 15 واقعة تحرش بالمدارس أبرزها في أبريل (نيسان) الماضي، وكان ضحيتها طفل في محافظة البحيرة بدلتا مصر، إلى جانب واقعة مدرسة «سيدز» الدولية بالقاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والمتهم فيها 7 عاملين، وواقعة أخرى بإحدى المدارس الدولية بالإسكندرية متهم فيها عامل بالتعدي على 5 أطفال بمرحلة رياض الأطفال، وأصدر فيها القضاء حكماً بإحالة أوراق المتهم إلى المفتي لتنفيذ حكم الإعدام.

ولا توجد إحصاءات رسمية بمتوسط حوادث التحرش التي تقع سنوياً داخل المدارس أو حوادث التحرش التي تقع بوجه عام، غير أن «المجلس القومي للأمومة والطفولة في مصر» أصدر تقريراً عام 2020 أشار فيه إلى أن حوادث العنف الجنسي تشكل نسبة 6 في المائة من إجمالي حوادث العنف المرتكبة ضد الأطفال.

وبالنظر إلى ما تم نشره بوسائل الإعلام المحلية فإن وقائع التحرش التي تم الإبلاغ عنها، هذا العام، وصلت إلى 15 حالة، مقابل 7 حالات عام 2024؛ ما يشير لمضاعفة عدد الحالات التي كان أغلبها بحق طلاب في مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية ثم طالبات المرحلة الثانوية.

وبحسب متابعة ما تم نشره، فإن الجزء الأكبر من الوقائع كان الاتهام فيه لعمال ومعلمين من الذكور، كما أن غالبية الوقائع كانت في أماكن بعيدة عن أعين الرقابة داخل المدرسة سواء كان ذلك في دورات المياه أم غرف مغلقة أم بعيدة عن الفصول، وواقعة واحدة كانت من جانب معلم أحد الدروس الخصوصية؛ حيث اعتدى على طالبة داخل المنزل خارج جدران المدرسة، بينما تورطت معلمة واحدة في الاعتداء على طالب بالمرحلة الثانوية.

وزير التعليم المصري محمد عبد اللطيف في أثناء متابعته اليوم الدراسي في إحدى مدارس الإسكندرية (وزارة التربية والتعليم)

وقال مصدر مسؤول بوزارة التربية والتعليم لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد رصد رسمي بعدد حالات التحرش، هذا العام أو الأعوام السابقة، لكن المؤكد أن هذه الوقائع تبقى في طور الحالات الفردية، ولم تصل لأن تصبح ظاهرة جماعية مع وجود 25 مليون طالب في مراحل التعليم قبل الجامعي المختلفة، لكن يوجد تسليط إعلامي مكثف على الوقائع الأخيرة جعلها تتصدر اهتمامات الرأي العام».

وفي المقابل، تشير أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها، هالة منصور، إلى «أن قلة الدراسات الاجتماعية والأكاديمية التي تتناول التحرش كأسلوب عنف منفصل دون حصره مع باقي أنواع العنف تجعل هناك صعوبة في تحديد ما إذا كنا أمام وقائع فردية أم ظاهرة عامة، لكن المؤكد أن هناك زيادة عددية كبيرة في الوقائع المرتكبة داخل المدارس».

وأضافت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لا بد من الوضع في الحسبان أن المسكوت عنه يفوق كثيراً ما يتم الإبلاغ عنه، والأمر بحاجة لدراسات توضح حجم الحوادث حتى لا يقتصر الأمر على ما يحدث ضد الأطفال داخل المدرسة، ويطول أيضاً النوادي والتمارين ووسائل المواصلات، ويبقى الوضع الحالي في مصر بحاجة إلى ردع بشأن إعلان العقوبة وسرعتها».

وأشارت إلى أن «تعدد الوقائع المرتكبة من جانب معلمين أو أفراد أمن بحق الصغار في مراحل رياض الأطفال أو الابتدائية يجعلنا أمام ظاهرة عددية متكررة ما دامت قد وقعت بنفس الطريقة في توقيتات متقاربة وداخل أماكن واحدة وهي المدرسة، لكن إذا نظرنا إلى الحوادث بوجه عام فلا يمكن الجزم بأننا أمام ظاهرة ما دامت لا توجد دراسات توضح أعداد الحالات بشكل تفصيلي، وتحدد العوامل المحيطة بها».

ويتفق خبراء الإعلام على أن بعض الحوادث تعالَج إعلامياَ بدرجة من الكثافة يفوق حجمها الطبيعي بما يُعطي انطباعاً بانتشارها كونها ظاهرة عامة، ويرجع ذلك إلى أسلوب التناول والتفاعل معها من جانب فئات عديدة دائماً ما تبدي اهتماماً بهذا النوع من حوادث العنف وبينها التحرش.

خبير الإعلام الرقمي، خالد برماوي، يرى أن المنصات الرقمية تسببت في زيادة التركيز على وقائع التحرش، سواء كان ذلك من خلال طبيعة استخدامها وسيلةً يمكن من خلالها إثبات «التحرش الإلكتروني» والإبلاغ عن تلك الوقائع أم من خلال التفاعل الواسع من جانب المواطنين عليها، وإبداء الآراء المختلفة، أم نشر وقائع جديدة عليها.

وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الإعلام التقليدي في المقابل لا يقوم بكل أدواره المطلوبة منه للمساعدة في توصيف الوقائع سواء كانت فردية أم ظاهرة؛ لأنه يتعامل مع ما يتم الإبلاغ عنه دون أن يلعب دوره في التحقيق مما يجري على أرض الواقع، أو إبراز ما هو مسكوت عنه».


اجتماع أمني وعسكري برئاسة المنفي حول الأوضاع في العاصمة الليبية

المنفي والدبيبة يتوسطان قيادات أمنية وعسكرية خلال اجتماع عُقد في طرابلس يوم 22 ديسمبر (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي والدبيبة يتوسطان قيادات أمنية وعسكرية خلال اجتماع عُقد في طرابلس يوم 22 ديسمبر (المجلس الرئاسي الليبي)
TT

اجتماع أمني وعسكري برئاسة المنفي حول الأوضاع في العاصمة الليبية

المنفي والدبيبة يتوسطان قيادات أمنية وعسكرية خلال اجتماع عُقد في طرابلس يوم 22 ديسمبر (المجلس الرئاسي الليبي)
المنفي والدبيبة يتوسطان قيادات أمنية وعسكرية خلال اجتماع عُقد في طرابلس يوم 22 ديسمبر (المجلس الرئاسي الليبي)

بينما تستعد ليبيا للاحتفال بحلول الذكرى 74 لـ«عيد الاستقلال»، عقد محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي بصفته «القائد الأعلى للجيش»، اجتماعاً عسكرياً وأمنياً موسعاً، تناول استعراض الأوضاع في العاصمة الليبية.

تمرين تعبوي لقوات تابعة لحكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة (منطقة الساحل الغربي العسكرية)

وقال المجلس الرئاسي، الاثنين، إن الاجتماع ضم عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة وزير الدفاع، ورئيس الأركان العامة محمد الحداد، ووزير الداخلية المكلف عماد الطرابلسي، بالإضافة إلى قيادات أمنية وعسكرية عديدة، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية.

وأوضح المجلس الرئاسي أن الاجتماع ناقش «الجاهزية القتالية للوحدات العسكرية، ومستوى الانضباط والتنظيم، إضافة إلى تقييم الخطط العملياتية المعتمدة، وآليات تعزيز التنسيق بين مختلف الأجهزة والمؤسسات العسكرية والأمنية».

وأُطلع المنفي على إحاطة «شاملة ومفصلة» حول الأوضاع الأمنية الراهنة، وسير تنفيذ المهام الموكلة للوحدات العسكرية، والتحديات الميدانية القائمة، إلى جانب المقترحات الكفيلة برفع كفاءة الأداء العملياتي، وتعزيز الاستقرار، وضمان حماية السيادة الوطنية والحفاظ على الأمن العام.

في غضون ذلك، أعلنت قوات تابعة لحكومة «الوحدة» تنفيذ تمرينات تعبوية وطبية؛ بغرض تعزيز الجاهزية القتالية.

وقالت منطقة الساحل الغربي العسكرية الاثنين إن آمرها، صلاح النمروش، حضر تنفيذ التمرين التعبوي لنهاية هذا العام على مستوى كتيبة مشاة، وانطلاق تنفيذ مشروع «البرق الخاطف»، الذي يهدف إلى رفع مستوى التنسيق والكفاءة العملياتية، وتعزيز الانضباط بمشاركة طلبة الدورات العسكرية، وتحت إشراف مباشر من آمر المنطقة.

وتضمنت فعاليات المشروع - وفق المنطقة العسكرية - تقديم شرح مفصّل للخرائط والخطط المعتمدة باستخدام الشاشات الذكية، إضافة إلى استعراض مراحل التنفيذ، وآليات العمل، والأهداف التكتيكية والعملياتية للمشروع، بما يضمن أعلى درجات التنظيم والانضباط العسكري.

النمروش يتابع تمريناً تعبوياً لوحدات الساحل الغربي (منطقة الساحل الغربي العسكرية)

وعقب الانتهاء من العرض التوضيحي، جرى أخذ الإذن الرسمي من آمر المنطقة العسكرية بالساحل الغربي للشروع في تنفيذ مشروع «البرق الخاطف» وفق الخطة الموضوعة والمعتمدة، بما يسهم في تنفيذ المهام الموكلة بكفاءة عالية وروح قتالية راسخة.

وفي سياق موازٍ، اعتبر مختار الجحاوي، آمر «شعبة الاحتياط بقوة مكافحة الإرهاب» التابعة لحكومة «الوحدة»، أن «وحدة البلاد وتخليصها من كافة العابثين بمستقبلها ـ لم يحددهم ـ أولوية وطنية تستوجب أن يجتمع كل الليبيين عليها».

وقال مساء الأحد خلال مراسم إحياء الذكرى التاسعة لانتصار عملية «البنيان المرصوص» على تنظيم «داعش»، إن «هذا الانتصار لم يكن مجرد معركة عسكرية، بل كان تجسيداً لإرادة الليبيين في استعادة أرضهم وبناء دولتهم بعيداً عن التطرف والظلام»، واصفاً «مستحقات جرحى العملية وجميع الجرحى» بأنها «استحقاق وطني لا يقبل التأخير».

وكانت حكومة «الوفاق» السابقة برئاسة فائز السراج قد أطلقت عملية «البنيان المرصوص» في مايو (أيار) عام 2016 لطرد تنظيم «داعش» من سرت، بمشاركة فصائل غربية رئيسية مدعومة جوياً من الولايات المتحدة، وانتهت بانتصار كامل نهاية العام نفسه رغم خسائر بشرية فادحة.

في غضون ذلك، أعلن الحداد مشاركته الأحد في حفل اختتام فعاليات المعسكر التدريبي الطبي الأول للإسعافات الحربية ورعاية ضحايا القتال التكتيكي بقاعدة الخمس البحرية، تحت إشراف جهاز الطب العسكري، وبحضور رئيس بعثة التدريب التركية، والسفير البريطاني، والملحقين العسكريين لكل من تونس والجزائر والسودان وروسيا وتركيا.

وتستعد ليبيا للاحتفال بـ«عيد الاستقلال»، وأصدر الدبيبة قراراً يقضي باعتبار الأربعاء 24 ديسمبر 2025 عطلة رسمية بهذه المناسبة، وذلك في جميع المؤسسات والهيئات العامة، مع مراعاة الجهات ذات الخدمات الإنسانية والأمنية، وحفظ حق العاملين بها في مقابل العمل وفقاً للتشريعات النافذة.

وبالمثل، أعلن أسامة حماد، رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، أن الأربعاء سيكون عطلة رسمية في جميع الوزارات والهيئات العامة والمؤسسات الحكومية بمناسبة «عيد الاستقلال»، مع استثناء المرافق الصحية والأجهزة الأمنية التي تتطلب طبيعة عملها الاستمرار في أداء مهامها.


قوى المعارضة الجزائرية تقرر العودة للمنافسة الانتخابية

جانب من مظاهرات الحراك الشعبي عام 2019 (أرشيفية)
جانب من مظاهرات الحراك الشعبي عام 2019 (أرشيفية)
TT

قوى المعارضة الجزائرية تقرر العودة للمنافسة الانتخابية

جانب من مظاهرات الحراك الشعبي عام 2019 (أرشيفية)
جانب من مظاهرات الحراك الشعبي عام 2019 (أرشيفية)

تستعدّ قوى المعارضة الجزائرية للعودة إلى المشاركة في المنافسة الانتخابية، في تحوّل لافت عن سياسة المقاطعة والابتعاد التي وًسَمت انتخابات عام 2021 في ظل الحراك الشعبي المعارض آنذاك. ومع اقتراب الاستحقاقات التشريعية والبلدية المرتقبة قبل نهاية عام 2026، أعلنت تشكيلات سياسية عدة عن قرارها رسمياً بالانخراط في السباق، مُنهية بذلك فترة طويلة من الغياب والترقب السياسي.

وفي سياق التحضيرات للانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة، كان آخر حزب أعلن مشاركته هو «جيل جديد»، حيث قررت هيئاته القيادية في اجتماعها يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي المشاركة بشكل «مبدئي» في الاستحقاقات المقبلة. وبرّر الحزب قراره بالاعتقاد أن «العمل السياسي السلمي والمنظم يظل أداة أساسية للتغيير الديمقراطي وبناء دولة القانون»، وفق بيان صادر عنه. كما قدّم تشخيصاً حاداً للوضع الوطني، مشيراً إلى «أزمة ثقة مستمرة بين المواطنين والمؤسسات»، إلى جانب «بطء الإصلاحات الهيكلية وتضييق الفضاءين السياسي والإعلامي».

رئيس حزب «جيل جديد» لخضر أمقران (إعلام حزبي)

وأكد الحزب، الذي تسلم قيادته حديثاً الطبيب لخضر أمقران خلفاً لسفيان جيلالي، أن الدولة شهدت بعض الجوانب الإيجابية المتعلقة باستقرارها، مشدداً على ضرورة إطلاق «حوار وطني شامل» بوصفه السبيل الوحيد لإعادة تأسيس الدولة واسترجاع شرعية المؤسسات.

مشاركة مشروطة

ومع ذلك، تبقى المشاركة في الانتخابات مشروطة بمطالب عدة، وفقه، أبرزها «فتح حقيقي للمجال السياسي، واحترام الحريات العامة، والإفراج عن معتقلي الرأي، وحياد الإدارة، ومراجعة قانون الانتخابات، وتعزيز صلاحيات السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات».

يذكر أن الرئيس عبد المجيد تبون صرّح في مارس (آذار) الماضي بأنه ملتزم إطلاق «حوار وطني شامل مع نهاية عام 2025 أو بداية عام 2026»، مؤكداً أن هذا الموعد يتيح فرصة لمعالجة المشكلات الموروثة وسدّ الثغرات قبل الانطلاق في النقاش السياسي الواسع، دون تحديد القضايا التي سيناقشها الحوار المرتقب.

رئيس حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» عثمان معزوز (إعلام حزبي)

وفي خطوة وُصفت بـ«المفاجأة السياسية»، قرر «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، الذي يمثل المعارضة الراديكالية، إنهاء سياسة المقاطعة التاريخية، معلناً دخول المعركة الانتخابية. وعدّ رئيس الحزب، عثمان معزوز، خلال اجتماع لـ«المجلس الوطني» للحزب، أن العودة إلى المسار الانتخابي تمثل «مسؤولية تاريخية»، مؤكداً أن قوى المعارضة «لا يمكنها الاكتفاء بالانسحاب الذي قد يترك المجال مفتوحاً أمام التعسف، بل وجب إيصال صوت التغيير إلى مراكز القرار حتى داخل الفضاءات» التي وصفت بأنها «غير مكتملة ومغلقة». وبالنسبة إلى الحزب، فإن الانخراط المؤسساتي لا يعني الصمت، «بل هو استثمار في الميدان لنقل الصراع الديمقراطي إلى الداخل والدفاع عن سيادة المواطن»، محذراً في الوقت ذاته من مخاطر التلاشي السياسي والاستسلام الجماعي.

وعلى غرار «جيل جديد»، ربطت قوى المعارضة مشاركتها بـ«ضمانات» واشتراطات، على رأسها «الفتح الفعلي للمجالين السياسي والإعلامي»، وإطلاق إجراءات تهدئة تشمل الإفراج عن معتقلي الرأي، مع التشديد على ضرورة حياد الإدارة ووقف التدخلات الأمنية في المسار الانتخابي لضمان شفافية الاقتراع.

الأمينة العامة لـ«حزب العمال» لويزة حنون (إعلام حزبي)

تعهدات رئاسية

وتتقاطع هذه التحركات مع تعهدات الرئيس تبون بإطلاق حوار وطني شامل مع نهاية عام 2025 أو بداية عام 2026، وهو الموعد الذي يراه الرئيس فرصة لمعالجة المشكلات الموروثة، وسد الثغرات، قبل الانطلاق في النقاش السياسي الواسع، وفق تصريحات له بهذا الشأن أطلقها في مارس الماضي، بينما تعتزم المعارضة تحويل المجالس المنتخبة المقبلة إلى «منابر للمقاومة الديمقراطية وكشف تجاوزات النظام».

وبهذا التحول، يلتحق حزبا «جيل جديد» و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» بكل من «جبهة القوى الاشتراكية» المعروف اختصاراً بـ«أفافاس»، و«حزب العمال»، اللذين كانا قد استبقا الجميع بإعلان نية العودة إلى صناديق الاقتراع. وقد رسم «أفافاس» موقفه رسمياً خلال دورة «مجلسه الوطني» مطلع الشهر الماضي، واصفاً هذا الخيار بأنه «قرار قناعة ومسؤولية يقع في قلب استراتيجيتنا النضالية».

السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية» يوسف أوشيش (إعلام حزبي)

وبالنسبة إلى أقدم حزب معارض في البلاد، فإن الغاية من المشاركة تبدو واضحة في أبعادها، وهي «إعادة الاعتبار للعمل السياسي الجاد، وترميم جسور الثقة المنهارة بين المواطن والمؤسسات»، وصولاً إلى «إفراز مجالس منتخبة تملك صلاحيات فعلية لممارسة الرقابة على السلطة». ومع ذلك، فإن قرار «القوى الاشتراكية» لم يخرج عن قاعدة «المشاركة المشروطة» التي تبنتها بقية أطياف المعارضة؛ إذ رهن الحزب نجاح هذا المسار بتوفر «قواعد لعب عادلة، ومراجعة جذرية لقانون الانتخابات، وتقديم ضمانات سياسية ملموسة تكون كفيلة بكسر حاجز العزوف الشعبي ومواجهة مناخ انعدام الثقة السائد».

وتأتي هذه الديناميكية الجماعية لعودة المعارضة إلى المسار الانتخابي في توقيت سياسي بالغ التعقيد؛ حيث تتقاطع طموحات التغيير من الداخل مع مخاوف قديمة من التزوير أو إعادة إنتاج الممارسات السابقة. ويصطدم هذا الرهان، في تقدير مراقبين، بواقع اقتصادي - اجتماعي ضاغط، يجعل من مهمة تعبئة الشارع وإقناع المواطن بجدوى الصندوق تحدياً مصيرياً أمام أحزاب تجد نفسها اليوم في اختبار صعب: إما إثبات قدرتها على التأثير من داخل المؤسسات، وإما المجازفة بالتلاشي في ظل مناخ سياسي لا يزال يفتقر إلى كثير من مقومات الانفتاح.

Cannot connect to https://api-fallback.languagetool.org/v2/check—please check your internet connection or try again in a minute (#1, code=0)