البرهان ينتقد مستشار ترمب... ويرفض عودة حمدوك و«حميدتي»

أشاد بالدور السعودي ووصف مبادرة «الرباعية» لوقف الحرب بـ«أسوأ ورقة»

عناصر في الجيش يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري بالخرطوم يوم 21 مارس 2025 (أ.ب)
عناصر في الجيش يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري بالخرطوم يوم 21 مارس 2025 (أ.ب)
TT

البرهان ينتقد مستشار ترمب... ويرفض عودة حمدوك و«حميدتي»

عناصر في الجيش يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري بالخرطوم يوم 21 مارس 2025 (أ.ب)
عناصر في الجيش يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري بالخرطوم يوم 21 مارس 2025 (أ.ب)

أكد القائد العام للجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، مجدداً رفضه لأي تسوية تُبقي على «قوات الدعم السريع» أو تعيدها إلى الشراكة في الحكم من خلال أي اتفاق للمرحلة الانتقالية أو مستقبل السودان. وهاجم البرهان بحدة لافتة مستشار الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس، معتبراً إياه منحازاً لـ«قوات الدعم السريع»، كما أبدى عدم ثقته بمبادرة «الرباعية الدولية» معتبراً إياها «أسوأ ورقة» قُدمت لهم لوقف الحرب، وانتقد مشاركة دولة الإمارات في «الرباعية» واتهمها بدعم «قوات الدعم السريع»، بينما أشاد بالدور السعودي ومبادرة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وشن البرهان هجوماً حاداً على بولس واصفاً إياه بأنه «عقبة في سبيل السلام» في السودان، مضيفاً: «هو (بولس) يتصرف كأنه يريد أن يفرض علينا الحلول. فالورقة التي طرحها علينا أسوأ ورقة؛ لأنها تلغي وجود القوات المسلحة، وتطالب بحل الأجهزة الأمنية، وتحفظ لـ(قوات الدعم السريع) أماكنها ووجودها». وأعلن البرهان رفضه القاطع لخريطة طريق «الرباعية»، موجهاً حديثه لبولس بقوله: «ورقتك هذه غير مقبولة، لا تغني ولا تسمن من جوع».

حمدوك و«حميدتي»

أرشيفية للقاء سابق بين قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» ورئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (مواقع التواصل)

كما هاجم البرهان كلاً من قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، المعروف بـ«حميدتي»، وأيضاً رئيس الوزراء المدني السابق عبد الله حمدوك، مؤكداً أنه لن يكون لهما دور في مستقبل حكم السودان.

وجاءت تصريحات البرهان لحسم الجدل بشأن مبادرة دول «الرباعية» التي تضم كلاً من الولايات المتحدة والسعودية، والإمارات، ومصر، والتي أعلنتها في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي، وتشمل خريطة طريق لحل الأزمة في السودان، وأبرز معالمها هدنة إنسانية لثلاثة أشهر، ثم وقف دائم لإطلاق النار، وفترة انتقالية قصيرة تقود إلى حكومة مدنية مع التشديد على عدم وجود حل عسكري، وإبعاد الإسلاميين من المشهد السياسي لمرحلة ما بعد الحرب.

وقال البرهان، الذي تحدث في خطاب مطول أمام كبار ضباط الجيش من رتبة لواء وما فوق، إنهم لا يقبلون خريطة الطريق التي طرحتها عليهم «الرباعية الدولية»؛ لأنها تُبقي على «قوات الدعم السريع» في أماكنها مما يمس بالمؤسسة العسكرية، فضلاً عن أن وجود دولة الإمارات ضمن «الرباعية» يجعل المبادرة «غير مبرئة للذمة».

الدور السعودي

وفي المقابل، شكر البرهان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على مبادرته بالتحدث إلى الرئيس الأميركي عن أهمية إنهاء حرب السودان، وقال إن خطوة ولي العهد السعودي أوضحت الصورة الحقيقية للرئيس ترمب عن السودان، مضيفاً: «نتطلع أن تلامس هذه المبادرة بالفعل أشواق السودانيين، وأن تصغي إلى من اكتووا بنار هذه الحرب».

واعتبر المبادرة «فرصة لتجنب دمار بلدنا، وتجنّب تمزيقها؛ لذلك نؤمل ونعوّل عليها في أن تكون صوت الحق، وأن تكون صوت السودانيين، وأن تكون صوت المنطقة». وكان الرئيس دونالد ترمب قد قال في تصريحات الأسبوع الماضي إن ولي العهد السعودي طلب منه التدخل بنفوذه الرئاسي لوقف الحرب في السودان، وقدم له شرحاً دفعه للاستجابة للطلب السعودي، وأعلن أنه شرع فوراً في إجراءات وقف الحرب في السودان.

رد الإمارات

وزارة الخارجية الإماراتية (وام)

من جانبها، انتقدت الإمارات، يوم الاثنين، البرهان لرفضه مقترح الهدنة الذي قدّمته الولايات المتحدة، بعدما اتهم «الرباعية» بأنها «غير محايدة» بسبب عضوية الإمارات فيها. وقالت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، ريم الهاشمي: «مرة أخرى يرفض الفريق البرهان مبادرات السلام. برفضه الخطة الأميركية للسلام في السودان، ورفضه المتكرر لوقف إطلاق النار، يُظهر بشكل مستمر سلوكاً معرقلاً. ويجب قول ذلك بوضوح».

واعتبر البرهان الحرب ضد «قوات الدعم السريع» مسألة حياة أو موت بالنسبة للسودانيين، وجدد رفضه لما أسماه «أنصاف الحلول»، وأي تسوية تبقي على «قوات الدعم السريع» مسلحة أو موجودة في المدن. وقال عن مقترح الرباعية: «هذه الصيغة دعوة صريحة لتقسيم السودان، وإن الجيش بدعم من الشعب قادر على استعادة كردفان ودارفور وطرد المتمردين، وإن السلام المقبول هو الذي يحفظ الجيش والدولة، ولا يترك فرصة للمتمردين ليكبروا من جديد».

سيطرة الإسلاميين

الرئيس السوداني المعزول عمر البشير أثناء إلقائه خطاباً بولاية جنوب دارفور سبتمبر 2017 (أ.ف.ب)

وحرص البرهان على نفي ما يتم تداوله عن سيطرة الإسلاميين على الجيش، قائلاً إن هذه «فزاعة تمت صناعتها لتخويف حلفاء الجيش في الخارج». وأضاف: «الكلام الذي يقولونه بأن الجيش يسيطر عليه الإسلاميون، موجود في رؤوسهم فقط. تعالوا لتفرزوا لنا (الإخوان المسلمين)، وأين هم في الجيش؟»، مؤكداً على أن هيكلة الجيش وإصلاحه شأن السودانيين ولن يُملى عليهم من الخارج.

كما جدد رفضه لما أطلق عليه «محاولات فرض وجوه من الخارج»، ضمن تسوية سياسية قد تعيد رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك، وقائد «قوات الدعم السريع» حميدتي، ضمن الترتيبات الدولية للمشهد. وفي إشارة للقوى السياسية المدنية التي تعمل من خارج البلاد، قال البرهان: «للحالمين بالعودة إلى حكم السودان، أقول لهم لن تحكموا السودان مرة أخرى».

خريطة طريق الجيش

أفراد من الجيش السوداني يسيرون بجوار مركبات عسكرية مدمرة في العاصمة السودانية الخرطوم (رويترز - أرشيفية)

وأشار البرهان إلى خريطة طريق قدمها الجيش للوسطاء، ترهن وقف إطلاق النار بانسحاب «قوات الدعم السريع» من كل المدن التي دخلتها بعد محادثات «منبر جدة» في مايو (أيار) 2023، وتطبيع الحياة واستئناف عمليات الإغاثة وعودة النازحين وإعادة الأعمار، قبل الشروع في أي حوار سوداني - سوداني، حول مستقبل الحكم في البلاد.

وحذر البرهان من أي اتفاق لوقف إطلاق النار في الوقت الذي ما تزال فيه «(قوات الدعم السريع) تتجول وتحشد قواتها، باعتباره فرصة جديدة تتاح لها من أجل إعادة التجنيد والتسليح، والتحضير لحرب ثانية». وأشاد بما أسماه «وقوف المواطنين خلف الجيش» ووصفه بأنه «وقفة تستحق منا أن نضحي وندافع ونقدم كل ما يمكن تقديمه، للحفاظ على الشعب والدولة ووحدتها»، ودعا كل القادرين على حمل السلاح إلى الانضمام الفوري لجبهات القتال، قائلاً إنها معركة الشعب السوداني، ولا نمنع أي شخص أن يقاتل معنا.

وقلل البرهان من الاتهامات الموجهة لحكومته بعرقلة وصول المساعدات ووصفها بأنها كلام كاذب، وأكد أن سلطاته فتحت كل المطارات أمام القوافل الإنسانية، مشيراً إلى أن الدولة تغض الطرف عن كثير من التحركات دون تصديق، تقدم «خدمة لأهلنا».


مقالات ذات صلة

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

شمال افريقيا رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، اليوم الجمعة، إن الحكومة عرضت رؤيتها للسلام خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي.

رياضة عربية مشجع سوداني يساند منتخب بلاده خلال مباراته أمام الجزائر (أ.ب)

محمد عبد الرحمن لاعب السودان: سنقدم ما علينا رغم ظروف الحرب

يطبق محمد الغربال سياسة «الأمر الواقع» للتعامل مع الظروف المحيطة بمنتخب السودان لكي يتمكن من النجاح رغم ظروف الحرب التي أثرت على نشاط كرة القدم

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان بحث مع البرهان التطورات بالسودان في ظل تصعيد «الدعم السريع»

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان آخر التطورات في السودان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
خاص مفوضة العون الإنساني سلوى آدم بنية في مؤتمر صحافي (سونا)

خاص مفوضة «العون الإنساني» لـ«الشرق الأوسط»: نزوح أكثر من 145 ألف أسرة جرّاء معارك كردفان

قالت الحكومة السودانية إن أكثر من 145 ألف أسرة نزحت وتشردت جراء المعارك الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في إقليم كردفان

وجدان طلحة (بورتسودان)
خاص السودان يتصدر قائمة مراقبة الأزمات الإنسانية العالمية للعام الثالث في ظل الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف (رويترز)

خاص عام في السودان... حرب شرعيات ومصالح وخطوط نفوذ

فتحت مبادرة للمملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة نافذة جديدة تراهن على كسر الجمود في السودان الرازح تحت وطأة مجازر وموجات نزوح واسعة.

أحمد يونس (كمبالا)

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
TT

رئيس وزراء السودان: مبادرتنا للسلام تستند إلى مرجعيات منها إعلان جدة

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس (أرشيفية - رويترز)

قال رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، اليوم الجمعة، إن الحكومة عرضت رؤيتها للسلام خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي، حيث تستند إلى مرجعيات من بينها إعلان منبر جدة، مشدداً على أن بلاده لن تقبل بوجود أي قوات أممية أو أي رقابة مفروضة عليها.

وأوضح إدريس، خلال مؤتمر صحافي في بورتسودان بعد عودته من الولايات المتحدة، أن معظم التفاعلات في جلسة مجلس الأمن تجاه مبادرة الحكومة للسلام كانت «إيجابية»، وأكد أن هذه المبادرة من شأنها أن توقف الحرب وتحقق السلام العادل والشامل للشعب السوداني.

وأضاف رئيس الوزراء: «نحن دعاة سلام ولسنا دعاة حرب، بل الحرب قد فُرضت علينا»، محذراً من أن أي هدنة لا يصاحبها نزع سلاح مَن سماهم «الميليشيات» ستؤدي إلى تعقيد الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.

رئيس الحكومة الانتقالية في السودان كامل إدريس متحدثاً مع الصحافيين في مبنى الأمم المتحدة بنيويورك (صور الأمم المتحدة)

وأوضح أن مبادرة الحكومة للسلام تستند إلى مرجعيات عدة، منها قرارات مجلس الأمن وإعلان منبر جدة الموقع في مايو (أيار) 2023، إلى جانب الزيارات التي أجراها رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان لا سيما لمصر وقطر.

كان رئيس الوزراء السوداني قد توجه إلى الولايات المتحدة يوم السبت الماضي ليبحث مع مسؤولين بالأمم المتحدة تعزيز التعاون بين الجانبين ويجري مشاورات بشأن تداعيات الحرب وآفاق السلام.

اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بعد صراع على السلطة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.

وتسيطر «قوات الدعم السريع» الآن على إقليم دارفور بالكامل في غرب السودان، بعدما أعلنت سيطرتها مؤخراً على مدينة الفاشر عقب حصارها لمدة 18 شهراً، فيما يسيطر الجيش على النصف الشرقي من البلاد.


مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مشاركة لافتة في أول انتخابات مباشرة بالصومال

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

أفادت السلطات الصومالية، أمس (الخميس)، بأن انتخابات المجالس المحلية شهدت «إقبالاً واسعاً» في أول انتخابات مباشرة تجري بالبلاد منذ 57 عاماً.

ذلك الإقبال الذي تحدثت عنه مقديشو، تؤكده الصور التي تخرج من مراكز الاقتراع الـ523، ويراه خبير في الشؤون الأفريقية «يعكس رغبة شعبية خالفت رهانات المعارضة بعدم المشاركة، وتشكل فرصة لمسار ديمقراطي قد يتشكل عبر الانتخابات المباشرة، مما يدفع الرافضين لهذا المسار لبدء حوار بشأن المستقبل، لا سيما قبل رئاسيات 2026».

وتوافد سكان محافظة بنادر إلى مراكز الاقتراع للمشاركة في انتخابات المجالس المحلية المباشرة، في أول عملية انتخابية من هذا النوع تشهدها العاصمة مقديشو منذ نحو 6 عقود.

وافتُتح 523 مركزاً للاقتراع في تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، وأغلقت عند السادسة مساءً، وسط إجراءات تنظيمية وأمنية مشددة شملت 16 مديرية من مديريات المحافظة التي تضم العاصمة مقديشو، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الصومالية»، الخميس، مشيرة إلى وجود «إقبال واسع على مراكز الاقتراع في بنادر».

وبحسب الجهات المختصة، تسلّم 503 آلاف و916 ناخباً بطاقات الاقتراع من بين المسجلين، تمهيداً للإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم في المجالس المحلية. وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري، السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991 يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي، فيما أعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل 20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

ويرى الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، أن «تسجيل الانتخابات إقبالاً شعبياً لافتاً تجاوز التوقعات، عكس رغبة واضحة لدى سكان مقديشو في الانخراط بالعملية السياسية، وطيّ صفحة طويلة من العزوف القسري عن المشاركة الديمقراطية»، مشيراً إلى أنه «يُنظر إلى هذا الحراك الشعبي بوصفه مؤشراً على تعافٍ تدريجي تشهده العاصمة، سياسياً وأمنياً واجتماعياً، بعد سنوات من الهشاشة والصراع».

وأكد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عقب الإدلاء بصوته، وذلك في مركز مسرح الدولة الوطنية، أن انتخابات المجالس المحلية في محافظة بنادر، تمثل «محطة تاريخية مفصلية وحلماً طال انتظاره»، مشيراً إلى أنها تشكل خطوة أساسية تقود البلاد نحو الانتخابات الدستورية الشاملة.

طوابير من الناخبين خلال الإدلاء بأصواتهم في محافظة بنادر (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقب الإدلاء بصوته في ذلك الاقتراع، أكد رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، أن الانتخابات المباشرة لمجالس الإدارة المحلية في إقليم بنادر تمثل خطوة مهمة لتعزيز الديمقراطية والحكم الرشيد في البلاد.

وتقدمت سفارة الصومال بمصر في بيان، بالتهنئة لشعب وحكومة الصومال على بدء الانتخابات المحلية، مؤكدة أنها لحظة تاريخية وتحويلية، حيث يشارك المواطنون في هذه العمليات الديمقراطية لأول مرة منذ نحو 6 عقود.

ويعتقد كلني أن طريقة إدارة الحكومة للعملية الانتخابية، إلى جانب المشهد العام الذي ساد المدينة خلال يوم الاقتراع، حملا رسائل سياسية متعددة؛ من أبرزها قدرة الدولة على تنظيم استحقاقات انتخابية في بيئة أمنية معقّدة، والحدّ من المخاوف التي روّجت لها أطراف معارضة بشأن استحالة تطبيق مبدأ «صوت واحد لكل مواطن» في مقديشو.

وكان «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، أعلن في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو، الأسبوع الماضي، رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس، الرئيس حسن شيخ محمود، مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

ورغم الشكوك العميقة التي عبّرت عنها قوى المعارضة حيال إجراء انتخابات المجالس المحلية في العاصمة مقديشو، والمخاوف الواسعة من احتمالات الاضطراب الأمني والسياسي، شهدت المدينة محطة سياسية غير مسبوقة، تمثلت في إجراء انتخابات محلية بعد ما يقارب 60 عاماً من الانقطاع، وفق كلني.

نائب رئيس الوزراء الصومالي صالح أحمد جامع خلال الإدلاء بصوته (وكالة الأنباء الصومالية)

وقد شكّلت هذه الانتخابات حدثاً استثنائياً في الوعي الجمعي، لا سيما لدى ما يقارب 3 أجيال من سكان العاصمة الذين لم يسبق لهم أن عايشوا عملية اقتراع رسمية مباشرة، يُمنح فيها المواطن حق اختيار ممثليه السياسيين عبر صندوق الاقتراع.

ويتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة 4 عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر. واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

رئيس الوزراء الصومالي خلال جولة تفقدية في عدد من مراكز الاقتراع بالعاصمة مقديشو (وكالة الأنباء الصومالية)

وسيطوي زخم الإقبال في تلك الانتخابات مشهد الخلافات، بحسب ما يعتقد كلني، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»، أن مشهد الإقبال في الانتخابات قد يسفر عن ارتفاع مستوى الثقة الشعبية بالحكومة، لا سيما بالحزب الحاكم، بوصفه الجهة التي أشرفت على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، وتعزيز ثقة الأحزاب والتنظيمات السياسية في المنظومة الأمنية الوطنية وقدرتها على تأمين الاستحقاقات الديمقراطية، وتحوّل تدريجي في موقف المعارضة التي كانت تشكك في إمكانية إجراء انتخابات مباشرة بالعاصمة.

ويتوقع أيضاً انجذاب شرائح من المتعاطفين مع المعارضة نحو الحكومة، مع احتمال انضمام بعضهم إلى صفوف الحزب الحاكم، فضلاً عن ازدياد ثقة المجتمع الدولي في المسار الانتخابي الصومالي، واستمرار دعمه لحكومة الرئيس حسن شيخ محمود من أجل تعميم الانتخابات المباشرة على كامل البلاد.


البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
TT

البرهان وإردوغان يناقشان «التعاون الدفاعي»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال استقباله رئيس المجلس السيادي في السودان عبد الفتاح البرهان في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

بحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان، آخر التطورات في السودان، و«التعاون الدفاعي» بين الجانبين، في ظل التطورات الأخيرة في السودان، وضمنها تحقيق «قوات الدعم السريع» تقدماً في ولاية شمال دارفور قرب الحدود مع تشاد.

واستقبل إردوغان، البرهان، بمراسم رسمية في القصر الرئاسي بأنقرة، أمس (الخميس)، ثم عقدا جلسة ثنائية، أعقبتها جلسة موسعة بحضور عدد من الوزراء. وتناولت المباحثات العلاقات الثنائية والتطورات في السودان، والخطوات الكفيلة بتحقيق الاستقرار الإقليمي، والتعاون الدفاعي بين أنقرة والخرطوم، حسبما ذكرت الرئاسة التركية.

وكانت تقارير كشفت سابقاً عن تزويد تركيا للجيش السوداني بطائرات مسيَّرة، العام الماضي، استخدمها لتحقيق تقدم مهم ضد «قوات الدعم السريع» في مناطق مثل الخرطوم والأبيض.

كما أعرب مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أحمد يلدز، قبل أيام، عن إدانة بلاده الشديدة لـ«الظلم» الذي تمارسه «قوات الدعم السريع» ضد المدنيين في السودان.