بعد نيته العزوف عن المشاركة في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري، تبدَّل موقف الأربعيني أحمد رمضان بعدما تدخَّل الرئيس عبد الفتاح السيسي في المشهد الانتخابي وحثَّ على «الشفافية»، مطالباً الهيئة الوطنية للانتخابات بإلغاء أي نتائج لا تعبر عن إرادة الناخبين.
قال رمضان، الذي يعمل في السعودية منذ سنوات، إنه كان من قبل يرى أن النتائج «محسومة مسبقاً»، لكنه أصبح الآن يرى أن صوته له القدرة على ترجيح كفة مرشحه.
وتنطلق في مصر المرحلة الثانية من الانتخابات يومي الجمعة والسبت، (21 و22 نوفمبر - تشرين الثاني)، للمصريين بالخارج، وذلك بعدما انطلقت مرحلتها الأولى في السابع من نوفمبر، والتي شهدت «خروقات» استدعت تدخل الرئيس المصري.
وطالب السيسي هيئة الانتخابات، قبيل إعلان النتائج، بـ«التدقيق التام فيما ورد إليها من أحداث وطعون»، داعياً إياها إلى «اتخاذ القرارات التي تكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية»، كما شدد على ضرورة «تعزيز شفافية الإجراءات».
واستحث السيسي الهيئة على اتخاذ أي خيار تراه ضرورياً لضمان صحة العملية الانتخابية، «سواء عبر الإلغاء الكامل للمرحلة الأولى من الانتخابات أو الإلغاء الجزئي في دائرة أو أكثر وإعادتها لاحقاً»؛ لتعلن الهيئة لاحقاً إبطال انتخابات 19 دائرة في 7 محافظات.

وفي حديثه إلى «الشرق الأوسط»، قال رمضان: «تدخُّل الرئيس حسم مشاركتي في المرحلة الثانية».
وينتمي رمضان لمحافظة القاهرة، التي تبدأ الانتخابات فيها و12 محافظة أخرى بالمرحلة الثانية في الخارج، غداً وبعد غد، وفي الداخل يومي 24 و25 من نوفمبر.
«المعجزة»
ورمضان ليس الوحيد الذي حفّزه موقف الرئيس للمشاركة؛ إذ تؤكد مونيكا مجدي، مرشحة حزب «الإصلاح والنهضة» عن دائرة شبرا، اختلاف ردود الفعل في الشارع قبل «تدخل السيسي وبعده»، واصفةً ما حدث بـ«المعجزة» التي تعتقد أنها «جاءت لصالحها».
وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «خلال الأسبوعين الماضيين كان كثيرون يرون أن صوتهم لن يؤثر وأن النتيجة شبه محسومة، لكن بعد إلغاء النتائج في الدوائر التي شهدت خروقات، وتدخُّل الرئيس في منع أي عمليات تزوير لإرادة المواطنين، بدأت أسمع كلمات تشجيع من الناخبين، وإحساسهم أن صوتهم سيؤثر، مؤكدين نيتهم المشاركة».

وفي انتخابات مجلس الشيوخ (غرفة البرلمان الثانية)، التي أُجريت في أغسطس (آب) الماضي، لم تتعدَّ نسب المشاركة 17 في المائة، بينما تُنتظر نسبة أعلى في مجلس النواب الذي يحظى بصلاحيات أوسع.
وفي انتخابات مجلس النواب السابقة عام 2020، بلغت نسبة المشاركة 29.5 في المائة.
وعدَّت مونيكا مجدي، وهي ممن اعتمدوا على طرق دعاية تفاعلية منخفضة التكلفة من خلال القيام بجولات في الشارع بدراجة وميكروفون، رسالة الرئيس «أكبر محفز على التصويت».
ومثلُها، تراهن أحزاب على زيادة نسب المشاركة في المرحلة الثانية. فعلى سبيل المثال، يرى «الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي»، وهو أحد أحزاب المعارضة، أن «تعزيز الشفافية واحترام إرادة الناخبين هما السبيل إلى استعادة ثقة المواطنين في جدوى المشاركة السياسية»، كما ورد في بيان أصدره الاثنين الماضي، ورحَّب فيه بكلام الرئيس بخصوص الانتخابات.
وتعلن الهيئة الوطنية للانتخابات نسب المشاركة خلال إعلان النتيجة النهائية للانتخابات في 25 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
«ضبط المشهد»
وثمّن المتحدث باسم حزب «المحافظين»، محمد تركي، تدخل الرئيس لـ«ضبط المشهد الانتخابي».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن بيان الرئيس ثم قرار الهيئة الوطنية بإبطال الانتخابات في عدد من الدوائر «يُبشر بمرحلة ثانية مختلفة، تتاح فيها فرص أكبر لوصول مرشحين يملكون برامج حقيقية، وألا يصبح البرلمان حكراً على أصحاب المال السياسي».
وأضاف: «بالتأكيد سينعكس هذا على نسب المشاركة، في ظل عزوف قطاع من الناخبين عن المشاركة من قبل اعتقاداً أن صوتهم لن يغيّر المشهد».

في المقابل، لا يبدي نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عماد جاد، تفاؤلاً كبيراً بشأن نسب المشاركة، مشيراً إلى أسباب متعددة للعزوف.
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تراجع مشاركة الناخبين يعود لأسباب كثيرة تبدأ من قانون الانتخابات الذي أتاح 50 في المائة من المقاعد بالقائمة المطلقة، وهي أشبه بالتعيين للنواب، ثم باستبعاد مرشحين معروفين بمواقفهم المعارِضة».
وأضاف: «بعد بيان الرئيس ارتفعت طموحات الكثيرين لأن يؤدي ذلك إلى تغيرات جذرية، مثل إعادة المرحلة الأولى ككل، والبعض ذهب لما هو أبعد بتغيير قانون الانتخابات؛ لكن النتيجة كانت بإبطال الانتخابات في بعض اللجان فقط».
وأشار إلى أن هذا «لا يلبي الطموحات، ولا يضمن أن تخرج الانتخابات في المرحلة الثانية مختلفة عن الأولى».




