عقب حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن «مخالفات قانونية»، بالمرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب (البرلمان)، التي أعقبها قرار هيئة الانتخابات، إلغاء نتائج 19 دائرة، تعالت في مصر مطالبات بإعادة النظر في النظام الانتخابي كله، وجددت أحزاب معارضة مطالبتها بتطبيق نظام «القائمة النسبية»، بديلاً للنظام القائم على «القائمة المغلقة المطلقة»، والمتهم بـ«إضعاف الحياة الحزبية».
ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فردياً، في حين أن النصف الآخر يُنتخب بنظام «القوائم المغلقة المطلقة»، ما يعني فوز أعضاء القائمة بالكامل حال تحقيقها أعلى الأصوات.
وأعلنت «الهيئة الوطنية للانتخابات»، الثلاثاء، إلغاء نتائج انتخابات 19 دائرة على المقاعد الفردية في 7 محافظات، وإعادتها في موعد لاحق. وقال رئيس «الهيئة» المستشار حازم بدوي، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إن «عيوباً جوهرية نالت من عملية الاقتراع والفرز في بعض الدوائر»، كما أعلنت «الهيئة» فوز «القائمة الوطنية من أجل مصر»، التي تضم 12 حزباً، بمقاعد المرحلة الأولى، وخاضت المنافسة منفردة دون وجود قوائم منافسة.

وفاجأ السيسي المتابعين، بالتجاوب مع شكاوى واتهامات حول حدوث «مخالفات وتزوير»، وطالب «الهيئة الوطنية للانتخابات» بـ«التدقيق التام فيما ورد إليها من أحداث وطعون»، داعياً إياها، في منشور الاثنين، إلى «اتخاذ القرارات التي تكشف بكل أمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية».
حديث السيسي جدد المطالبات بإعادة النظر في النظام الانتخابي، ودعت أحزاب معارضة إلى تطبيق نظام «القائمة النسبية».
ودعا حزب المحافظين، أحد أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية (تجمع معارض يضم عدداً من الأحزاب والشخصيات العامة)، في بيان، إلى إلغاء الانتخابات الحالية مع «إعادة هيكلة جوهر العملية الانتخابية خلال مهلة التأجيل، عبر حزمة إصلاحات متكاملة، يأتي في مقدمتها إجراء الانتخابات بنظام القائم النسبية».
فيما اقترح المفكر السياسي الدكتور عبد المنعم سعيد، استخدام المادة 248 من الدستور لإعادة النظر في النظام الانتخابي، وقال في مقابلة تليفزيونية، مساء الاثنين، إن «بيان الرئيس السيسي يمثل مفاجأة قوية وخطيرة للدفاع عن نزاهة العملية الانتخابية».
وتمنح المادة 248 من الدستور، مجلس الشيوخ الحق في «دراسة واقتراح ما يراه كفيلاً بتوسيد دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعي، والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا، والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطي وتوسيع مجالاته».
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، أن نظام «القائمة النسبية» يضمن تمثيلاً أكثر عدالة للأحزاب السياسية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تجدد المطالبات بتعديل النظام الانتخابي سوف يستمر، ويصبح أكثر زخماً بعد ما تم الإعلان عنه من تجاوزات بالانتخابات الحالية».
وبحسب السيد، فإن «حديث السيسي، ثم إلغاء نتائج بعض دوائر المرحلة الأولى بانتخابات النواب، سيشجعان المواطنين على رصد وتوثيق أي تجاوزات بالمراحل المقبلة».

وفي رأي عضو مجلس النواب عاطف مغاوري، فإن إعادة النظر في النظام الانتخابي يجب أن تقترن بإعادة النظر في الحياة السياسية كلها.
وقال مغاوري لـ«الشرق الأوسط»: «مصر في مرحلة مخاض لبناء منظومة سياسية وانتخابية تتناسب مع الوضع الراهن، لذلك يجب إعادة النظر في الحياة السياسية، وإطلاق حرية التعبير، وأن الوضع الحالي للانتخابات يجب ألا يستمر... فعندما يعلن رئيس الدولة وجود مشكلة في نزاهة الانتخابات، فهذا يعني مشكلة سياسية كبيرة».
ويخلص مغاوري إلى أن «الجدل حول النظام الانتخابي والمطالبة بتعديله سيستمران» حتى بعد إلغاء نتائج بعض الدوائر.




