وافق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأربعاء، على النسخة الجديدة من قانون «الإجراءات الجنائية»، التي أقرها مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وسط اعتراضات وجدل.
وبحسب بيان للرئاسة المصرية، الأربعاء، صدّق السيسي على النسخة الجديدة، بعدما قام مجلس النواب بالموافقة على تعديل المواد التي سبق أن اعترض عليها الرئيس المصري، بما «يتلافى أسباب الاعتراض»، ويزيد من «الضمانات المقررة لحماية الحقوق والحريات العامة، ويستجيب لاعتبارات الواقع العملي، ويحقق إحكام الصياغة وغايات الوضوح التشريعي، ويحول دون وقوع اختلاف في التفسير أو إشكاليات في التطبيق».
وكان مجلس النواب، وافق على قانون «الإجراءات الجنائية» الذي يثير جدلاً سياسياً ومجتمعياً، في نسخة جديدة تضمنت تعديل 8 مواد اعترض عليها السيسي. وشهدت الجلسة حينها اعتراض وانسحاب عدد من النواب.
وتمثل التعديلات التشريعية، التي تضمنتها النسخة الجديدة من القانون، وفق بيان الرئاسة المصرية، «إضافة هامة للضمانات المقررة لحماية حقوق الإنسان سواء لشخصه أو لمسكنه، تقلل من اللجوء إلى الحبس الاحتياطي، وتزيد من سرعة إنجاز تحقيقات النيابة العامة وإجراءات المحاكمة، وتكفل في الوقت ذاته ضمانات المحاكمة المنصفة».
وتتضمن النسخة الجديدة بعض التعديلات المستحدثة، منها «العمل بقانون الإجراءات الجنائية الجديد بدءاً من أول العام القضائي التالي لتاريخ إصداره، الذي يبدأ في 1 أكتوبر 2026»، وذلك «حتى يتسنى للقائمين على إنفاذه، من قضاة وأعضاء نيابة عامة، ومأموري ضبط قضائي ومحامين، الإلمام بالأحكام المستحدثة، وإتاحة الوقت أمام المحاكم لإنشاء مراكز الإعلانات الهاتفية المنصوص عليها في القانون».
ومع الأهمية الكبيرة للقانون الجديد، والجدل المجتمعي الذي أثاره، يأمل كثيرون أن يتم طرح تعديلات جديدة خلال ولاية مجلس النواب المقبل.
وقال خبير النظم والتشريعات البرلمانية، عبد الناصر قنديل، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «لا يوجد ما يمنع أن يتم تعديل القانون خلال البرلمان القادم، حيث يمكن لنواب المعارضة طرح تعديلات جديدة».

وتطرق بيان الرئاسة المصرية، إلى عدد من الضمانات في القانون، منها «ترسيخ الحماية الدستورية المقررة للمساكن، وتوضيح حالات دخولها على سبيل الاستثناء وفق ضوابط محددة»، و«زيادة بدائل الحبس الاحتياطي لتكون سبعة بدائل بدلاً من ثلاثة».
ومن بدائل «الحبس الاحتياطي» التي تضمنها القانون، إلزام المتهم بعدم مغادرة نطاق جغرافي محدد إلا بعد الحصول على إذن من النيابة العامة، وإلزام المتهم بالامتناع عن استقبال أو مقابلة أشخاص معينين أو الاتصال بهم بأي شكل من الأشكال، ومنع المتهم مؤقتاً من حيازة أو إحراز الأسلحة النارية وذخيرتها وتسليمها لقسم أو مركز الشرطة الذي يقع في دائرته محل إقامته، واستخدام الوسائل التقنية في تتبع المتهم حال توافر ظروف العمل بها، ويصدر بها قرار من وزير العدل بالتنسيق مع وزيري الداخلية والاتصالات.
ويرى رئيس حزب «الجيل الديمقراطي» عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، ناجي الشهابي، أن القانون الجديد «حقق كثيراً من المكاسب لمنظومة العدالة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «أفضل كثيراً من القانون السابق، ويحوي ضمانات جديدة لحقوق المتهمين»، مستبعداً «طرح أي تعديلات جديدة خلال مجلس النواب القادم»، مؤكداً أن «الأغلبية البرلمانية سبق أن قالت كلمتها في القانون مرتين، ولن تغير رؤيتها».

كما أكد وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، محمود فوزي، أن «الشكل الأخير لقانون الإجراءات الجنائية، استجاب لاعتبارات الواقع العملي، وحقق إحكام الصياغة وغايات الوضوح التشريعي، وتلاشى وقوع اختلاف في التفسير أو إشكاليات في التطبيق».
وقال في إفادة رسمية، الأربعاء، إن «القانون في صيغته النهائية بعد التعديلات، قدم الإضافة الحقيقية فيما يتعلق بالضمانات المقررة لحماية حقوق الإنسان، وقلل من اللجوء إلى الحبس الاحتياطي، وساهم في تسريع وتيرة تحقيقات النيابة العامة وإجراءات المحاكمة، مع تحقيق ضمانات المحاكمة المنصفة في الوقت ذاته».
لكن المحامي الحقوقي، أحمد راغب، لم يستبعد إمكانية تعديل القانون مرة أخرى خلال البرلمان القادم، وكتب عبر صفحته على «فيسبوك»، الأربعاء: «القانون صدر، لكنه غير نافذ ويستمر العمل بقانون الإجراءات الجنائية الحالي، وذلك حتى الأول من أكتوبر 2026... يعني هو قانون مجمد لمدة سنة تقريباً»، مؤكداً أنه «نظرياً، من حق الحكومة وأعضاء مجلس النواب الجديد، تقديم اقتراحات لتعديل القانون أو حتى إلغائه قبل أكتوبر المقبل»، مقترحاً أن تقوم «نقابة المحامين بالتعاون مع النقابات المهنية الأخرى، بتنظيم مؤتمر علمي عن القانون الجديد وما يسفر عنه هذا المؤتمر العلمي من ملاحظات، يتم رفعها إلى مجلس النواب الجديد ومجلس الوزراء المصري».



