بدأ الادعاء الإسباني معالجة «قضية القاصرين الجزائريين السبعة»، الذين وصلوا إلى جزر البليار مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، في قارب هجرة سرية، بناء على طلب رسمي تسلمه وزير الداخلية الإسباني خلال زيارته الجزائر الأسبوع الماضي، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الإسبانية (إيفي).

وأكدت الوكالة الإخبارية نفسها أن الطلب الجزائري «استثنائي نظراً لأن جزر البليار تحتضن 297 قاصراً جزائرياً آخرين، لم يُطالب أحد بترحيلهم». موضحة أن رئيسة حكومة جزر البليار، مارغا بروينس، طلبت السبت الماضي من الحكومة الإسبانية ترحيل 304 قاصرين مهاجرين جزائريين، يخضعون لوصاية المجالس الجهوية في مايوركا ومينوركا وإيبيزا وفورمنتيرا.
وقدمت بروينس هذا الطلب إلى الحكومة المركزية عبر منصّة «إكس»، حسب «إيفي»، حيث كتبت أنه يجب على الإدارات أن تعمل من أجل أن يكون هؤلاء القاصرون مع آبائهم. ولفتت وسيلة الإعلام الإسبانية العمومية بأن رئيسة حكومة جزر البليار «تنضم بهذا الطلب إلى طلب مجلس جزيرة إيبيزا، الذي تقدم به إلى سفارة الجزائر في إسبانيا للمطالبة بعودة 77 قاصراً جزائرياً، يخضعون لوصاية المجلس إلى وطنهم».

وأبرزت «إيفي» نقلاً عن «مصادر من النيابة العامة» أن ملف ترحيل القاصرين السبعة «قيد المعالجة»، مشيرة إلى أن المصادر ذاتها «لم تفصح عن تفاصيل إضافية بشأن حالة الإجراءات».
وفي 20 من الشهر الحالي، أعلن وزير الداخلية الإسباني فيرناندو غراندي مارلاسكا، عقب لقاء جمعه في الجزائر مع وزير داخليتها سعيد سعيود، أن النيابة العامة الإسبانية تعالج ملف ترحيل القاصرين السبعة، الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً، «بناءً على طلب أوليائهم باستعادة سلطتهم الأبوية». ومن جهته، صرح الوزير الجزائري بأن «كل الملفات والمعلومات تم إرسالها إلى السلطات القضائية الإسبانية»، معرباً عن أمله في «تلقي رد على الطلب الجزائري في المستقبل القريب».

وخلفت حادثة هجرة القاصرين السبعة جدلاً واسعاً في الجزائر، حيث طرحت تساؤلات كثيرة حول الظروف الاقتصادية والاجتماعية، التي تدفع فتياناً إلى خوض مغامرة محفوفة بالمخاطر (تم قطع 300 كلم في البحر) بحثاً عن عيشٍ أفضل. ويندرج هذا الجدل في سياق حالة عامة من تراجع الحريات في البلاد، وصعوبات اقتصادية تواجهها فئات من المجتمع.
في سياق متصل بالتعاون بين البلدين في مجال ما يعرف بـ«استرداد الأموال العامة المنهوبة»، أكدت صحيفة «لافانغوارديا»، التي تصدر بمدينة برشلونة الإسبانية، في عدد أمس الثلاثاء، أن فندقاً بالمدينة يعود إلى رجل الأعمال الجزائري، علي حداد، المسجون بتهمة «الفساد»، بات ملكاً للدولة الجزائرية.
ويتعلق الأمر بفندق «إل بالا سدي برشلونة»، الذي تسلمه «الصندوق الوطني للاستثمار» الجزائري الحكومي، «منذ أسابيع قليلة»، عبر آلية «السداد مقابل الدين»، حسب الصحيفة.
وكان العقار مملوكاً منذ عام 2011 للملياردير الجزائري علي حداد (60 سنة)، المدان بالسجن 10 سنوات، بتهم «تبديد أموال، وسوء استخدام السلطة، والفساد». وكان القضاء الجزائري قد طالب نظيره الإسباني باسترداد الفندق، بدعوى أنه تم شراؤه بأموال محوَّلة بشكل غير قانوني.

وأوضحت «لافانغوارديا» أن الجزائر «لم تحصل على الفندق عبر مسار قضائي، بل من خلال اتفاق مع حداد. ويستدل على ذلك من واقع تسجيل السداد مقابل الدين في سجل الملكية العقارية ببرشلونة، بدلاً من تسجيل تنفيذ أمر حجز صادر عن قاض». علماً أن «السداد مقابل الدين» هو إجراء طوعي يتطلب موافقة الطرفين.
وكان حداد رئيساً لاتحاد أرباب العمل ومالكاً لأكبر شركة خاصة للمقاولات في البلاد، وعادة ما كانت تعمل مع شركاء أجانب، من بينهم الشركة الإسبانية «إف سي سي»، التي تعمل في مجال الإنشاءات والبنى التحتية والخدمات البيئية، التي فازت معها بعقود بملايين اليوروهات لبناء خطي سكك حديدية، وملعب كرة قدم في الجزائر، حسب الصحيفة نفسها.
وفي عام 2019، اعتقل حداد على الحدود مع تونس أثناء محاولته الفرار من البلاد، وذلك قبل ساعات من إجبار الجيش الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة، بعد 20 عاماً في السلطة، وسط حراك شعبي ساخط ضد ترشحه لولاية خامسة.
واتخذت السلطات الجديدة، برئاسة عبد المجيد تبون، «استعادة الأموال المنهوبة من قبل العصابة» (الاسم الذي يطلق على الأوليغارشية المرتبطة بالنظام)، وخاصة ممتلكاتهم في الخارج، شعاراً لها. وكان فندق «إل بالاس» في برشلونة يبرز بشكل واضح في قائمة الممتلكات المستهدفة، وقد أشار إليه تبون في مناسبات عدة.
وفي 10 من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أعلن تبون في خطاب أمام القيادة العسكرية أن الجزائر استعادت أصولاً بقيمة 30 مليار دولار، وألمح إلى فندق «إل بالاس» دون تسميته صراحة، مؤكداً أن السلطات «استردت في إسبانيا فندقاً 5 نجوم تم شراؤه بشكل غير مشروع».
وفي عام 2022، أرسلت الجزائر طلبات مساعدة قضائية إلى عشرات الدول، للمطالبة بممتلكات رجال أعمال ووزراء مقرَبين من بوتفليقة، من بينهم وزير الصناعة سابقاً عبد السلام بوشوارب المقيم في فرنسا، وحداد.
ونقلت «لافانغوارديا» عن «مصادر دبلوماسية» أن السفارة الإسبانية في الجزائر «مررت الطلب الجزائري الذي استلزم بعض التصحيحات الشكلية».




