بحث وزير الدفاع الصومالي، أحمد معلم فقي، مع نظيره الإيطالي جويدو كروسيتو، بروما، «سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مجالات الدفاع والأمن البحري»، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الصومالية (صونا)، السبت. كما بحث الجانبان «بناء وتأهيل الجيش الوطني، وتمويل بعثة الاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب».
وهو اجتماع ليس الأول من نوعه بين البلدين على المستوى العسكري، لكن يحتاج لترجمة الوعود على الأرض من جانب روما، بحسب ما يرى خبير في الشؤون الأفريقية لـ«الشرق الأوسط»، في ظل حاجة مقديشو لدعم في مواجهة حركة «الشباب» الإرهابية، وتمويل لبعثة حفظ السلام لاستكمال مهامها.
وقبل عام، وفي يونيو (حزيران) 2024، عقد قائد الجيش الوطني، إبراهيم شيخ محيي الدين، اجتماعاً مع رئيس هيئة أركان الدفاع الإيطالي بروما، جوزيبي كافو دراغوني، وبحثا الجانبان خلال اللقاء سبل تعزيز التعاون بين الجانبان، بالإضافة إلى مساهمة الحكومة الإيطالية في دعم تأهيل الجيش الوطني.
وخلفاً لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية (أتميس)، التي انتهت ولايتها آخر 2024، بدأت بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال، المعروفة باسم «أوصوم»، عملياتها رسمياً بداية من يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد اعتماد مجلس الأمن الدولي قراراً بشأنها في ديسمبر (كانون الأول) 2024 لفترة أولية مدتها 12 شهراً، بهدف دعم الصومال في مكافحة حركة «الشباب» التي تتصاعد عملياتها في الصومال منذ 15 عاماً، فيما تواجه البعثة بحسب تصريحات سابقة لرئيس مفوضية الاتحاد، محمود يوسف، نقصاً بالتمويل يصل إلى 190 مليون دولار عام 2025».
الخبير في الشؤون الأفريقية، الدكتور علي محمود كلني، يرى أن إيطاليا من الدول التي تحتفظ بعلاقات استراتيجية مع الصومال، وزيارة فقي إلى روما ارتكزت بالأساس على ملفات التعاون الأمني والاستخباراتي، وتعهد المسؤولون الإيطاليون خلال الزيارة بتقديم دعم لتدريب وبناء القدرات العسكرية الصومالية، لا سيما فيما يتعلق بتأهيل الضباط ودعم قوات حفظ السلام العاملة داخل البلاد.
ونبه إلى أنه «رغم ما تحمله هذه الوعود من أهمية سياسية ورمزية، فإن الشكوك تظل قائمة بشأن مدى جدّية وفاعلية هذا الدعم، خاصة في ظل محدودية المساهمة الإيطالية الحالية في القطاعين الأمني والعسكري»، لافتاً إلى أنه «بحسب المعطيات المتوفرة، تقتصر مساهمات روما حتى الآن على دعم الشرطة وبعض خدمات الإصلاح، من خلال توفير وسائل نقل وتقديم تدريبات فنية محدودة، دون أن يرقى هذا الدعم إلى مستوى الطموحات أو الحاجات الأمنية الفعلية للدولة الصومالية».
وقبل أشهر، كان مسار التعاون العسكري بين مقديشو وروما حاضراً، وفي 14 فبراير (شباط) الماضي، بحث الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، الثلاثاء، مع رئيس أركان الجيش الإيطالي، جوزيبى كاڤو دراجونى، سبل دعم التعاون الأمني بين البلدين، والمساهمة الإيطالية في إعادة بناء قدرات الجيش الصومالي، وجهود إيطاليا في دعم الحكومة الفيدرالية للقضاء على الإرهاب.
وقبلها بأشهر، وتحديداً في أغسطس (آب) 2024، كشفت تقارير إخبارية صومالية عن حصول الصومال على أربع مروحيات من طراز بيل 412 إي بي إكس، التي تبلغ قيمتها 16 مليون دولار بهدف أن تلعب هذه المروحيات دوراً حاسماً في القتال المستمر في الصومال ضد جماعة «الشباب» المسلحة.

وتحدث رئيس الصومال في مقابلة خاصة مع إحدى القنوات التلفزيونية الأميركية، الجمعة، عن أن التهديد الإرهابي في البلاد تراجع بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أن الدعم العسكري الأميركي أسهم جزئياً في تعزيز قدرات الجيش الصومالي في مواجهة الجماعات الإرهابية، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الصومالية.
ونبه كلني إلى أنه على الرغم من أن إيطاليا تسعى لاستعادة دورها كشريك أمني في الصومال، فإن الواقع الميداني يشير إلى أن الشراكات الصومالية الأهم في هذا المجال تتم مع دول فاعلة مثل تركيا، مصر، الولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن بعض دول القرن الأفريقي. وأوضح أن هذه القوى تقدم دعماً أكثر اتساعاً وعمقاً، من روما لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب، ومواجهة التهديدات التي تمثلها حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة».
وفي ضوء ذلك، تبرز تساؤلات مشروعة حول ما يمكن أن تضيفه الشراكة الأمنية مع روما إلى المشهد الأمني العام في الصومال، وفق كلني، الذي أشار إلى أن وعوداً مماثلة من الجانب الإيطالي في السنوات الماضية لم تُترجم إلى نتائج ملموسة على الأرض، وسط تشكك في قدرة إيطاليا على الوفاء بالتزاماتها، وتغيرات إقليمية ودولية متسارعة، وتنافس بين قوى أجنبية تسعى لتثبيت موطئ قدم لها في هذه المنطقة الجيوسياسية الحساسة.
ويخلص كلني إلى أن زيارة وزير الدفاع الصومالي إلى روما خطوة دبلوماسية مهمة من حيث التوقيت والسياق، لكنها لا تعني بالضرورة تحولاً جذرياً في ميزان الشراكات الأمنية للصومال، ما لم تتبعها إجراءات عملية والتزامات مالية وسياسية واضحة من الجانب الإيطالي.




