شخصيات مغربية تناشد الملك «إصلاحات عميقة» بعد احتجاجات «جيل زد»

الحركة أعلنت تعليق التظاهرات حتى الخميس

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها مدينة الدار البيضاء (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها مدينة الدار البيضاء (أ.ف.ب)
TT

شخصيات مغربية تناشد الملك «إصلاحات عميقة» بعد احتجاجات «جيل زد»

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها مدينة الدار البيضاء (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها مدينة الدار البيضاء (أ.ف.ب)

دعت ستون شخصية مغربية، بينها سياسيون ونشطاء ومثقفون، العاهل المغربي، الملك محمد السادس، إلى إطلاق إصلاحات «عميقة»، تلبية للمطالب الاجتماعية التي عبرت عنها تظاهرات حركة «جيل زد 212» الشبابية منذ عشرة أيام، عشية خطاب للملك، منتظر الجمعة، وفق ما أورده تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

شبان شاركوا في تظاهرات «جيل زد 212» في الرباط للمطالبة يتحسين خدمات الصحة والتعليم (إ.ب.أ)

وقال هؤلاء في رسالة مفتوحة، اليوم الأربعاء: «نتوجه إليكم لأنكم تملكون السلطة العليا، ومن ثم المسؤولية الأعلى في البلاد. الشعب المغربي يعاني وشبابه يعبر عن ذلك بقوة في الأزقة».

ومنذ 27 من سبتمبر (أيلول) الماضي، شهدت مدن المغرب كل ليلة تظاهرات تطالب بإصلاحات في الخدمات العامة، ولا سيما في مجالي التعليم والصحة، وذلك تلبية لدعوة أطلقتها حركة «جيل زد 212»، التي انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي، من دون الكشف عن هويّة القيّمين عليها، التي تقدّم نفسها على أنها مجموعة من «الشباب الحر»، الذي لا ينتمي لأي حزب سياسي.

وعدّ الموقعون على الرسالة مطالب الشباب «مشروعة»، مؤيدين مطالبتهم بإقالة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي تنتهي ولايته في الخريف المقبل.

متظاهرة ترفع لافته كتب عليها «استثمروا في العقول وليس فقط في الألعاب» (أ.ف.ب)

ومن أجل معالجة «الأسباب البنيوية للغضب»، دعا الموقعون على الرسالة إلى إصلاحات «عميقة» لتلبية مطالب الشباب، مؤكدين على «مكافحة الرشوة» و«الزبونية»، وتركيز أولويات الدولة على «التعليم والصحة، وخلق فرص عمل بدل الإصرار على نفقات باذخة»، مثل «أكبر ملعب لكرة القدم في العالم».

وطالبوا أيضاً بـ«إصلاح دستوري»، وإطلاق «سراح جميع المعتقلين من حركة (جيل زد 212)، و(كل معتقلي الرأي الآخرين في المغرب)».من جهتها، أعلنت حركة «جيل زد 212» تعليق مظاهراتها، المطالبة بإصلاح التعليم والصحة ومحاربة الفساد، حتى غد الخميس، وذلك قبل الخطاب الملكي، المقرر خلال افتتاح البرلمان الجمعة المقبل.

وقالت الحركة، التي تقود الاحتجاجات، إنها ستوقف الاحتجاجات مؤقتاً حتى الخميس المقبل «بعد اتفاق أغلبية المشاركين في التظاهرات، ومراجعة الوضع الراهن بدقة، بهدف إعادة التنظيم، والتخطيط لضمان فعالية أكبر يوم الخميس، قبيل اجتماع البرلمان المقرر الجمعة، بالتزامن مع خطاب الملك».

وأكدت الحركة في إعلانها أن «هذا التوقف ليس تراجعاً عن المطالب؛ بل خطوة استراتيجية لتعزيز قوة صوتنا الجماهيري، وضمان وصوله بشكل واضح ومؤثر». ودعا الإعلان الجميع إلى «الاستعداد والمشاركة الواسعة، الخميس، في وقفات على صعيد مدن المملكة، من أجل المطالبة بإقالة الحكومة ومحاسبتها، وتعزيز قطاعي الصحة والتعليم، والإفراج عن المعتقلين».

وكانت الحكومة المغربية قد أبدت استعدادها لـ«حوار عاجل» مع ممثلي الشباب، الذين يقودون احتجاجات حركة «جيل زد 212» في المغرب منذ أكثر من عشرة أيام. وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن الحكومة «مدت يدها وتنتظر الجلوس معهم إلى طاولة النقاش للاستماع إلى أفكارهم، وتحديد الإصلاحات الاجتماعية التي يجب تفعيلها بشكل سريع»، عادّاً أنها «تفاعلت بشكل سريع وإيجابي مع المطالب الاجتماعية».

ووفق مراقبين، فإنه من المنتظر أن يكون يوم الجمعة المقبل فيصلاً، حيث يترقب الرأي العام الخطاب الملكي خلال افتتاح البرلمان، إذ تبقى سيناريوهات مستقبل الحكومة مفتوحة على كل الاحتمالات.

ومنذ 10 أيام يتظاهر الشبان المغاربة في عدة مدن سلمياً، إلا أن الأسبوع الماضي شهد مواجهات دامية مع الأمن، أدت لمقتل 3 محتجين، وإصابة مئاتٍ، منهم رجال أمن، إلى جانب خسائر مادية وتوقيفات واسعة، وفق ما أعلنت السلطات.

رفعت حركة «جيل زد 212» في تظاهراتها شعار محاربة الفساد (إ.ب.أ)

وخلال الأيام الماضية، كثف الوزراء حضورهم بالقنوات الرسمية في محاولات لاستيعاب الشارع، وتقديم إجابات عن القضايا المطروحة، كما عبرت الحكومة أكثر من مرة عن استعدادها للحوار مع هؤلاء الشباب. وفي رده على مطلب إقالة الحكومة، عدّ الوزير المنتدب المكلف الاستثمار وتقييم السياسات العمومية، كريم زيدان، أن «الحكومة تعمل بجدية لحل الإشكالات». وانتقد ما سماه «محاولات تبخيس العمل الحكومي، ورغبة البعض في التقليل من شأنه»، مضيفاً أن «مطالب الشباب معقولة، والحكومة مستعدة للحوار معهم». واستخدمت حركة «جيل زد» منصات التواصل الاجتماعي، مثل «تيك توك» و«إنستغرام»، وتطبيق «ديسكورد»، للتنديد بأعمال العنف، ودعت إلى مواصلة الاحتجاجات السلمية في المدن الكبرى.

وقالت الحركة في بيان على تطبيق «ديسكورد»: «إلى كل الشباب الخارج للاحتجاج: نطالبكم بالالتزام بالمبادئ الثلاثة الواضحة، لا كلامَ نابياً ولا إهانات. لا شغب ولا تخريب للممتلكات العامة والخاصة. ولا تراجع عن السلمية، وحافظوا على كرامتكم وكرامة الحراك».


مقالات ذات صلة

«اختبار صعب» للدبلوماسية الجزائرية بعد قرار أممي لصالح المغرب في قضية الصحراء

شمال افريقيا مجلس الأمن الدولي خلال تبني قرار لصالح المغرب في قضية الصحراء (المجلس)

«اختبار صعب» للدبلوماسية الجزائرية بعد قرار أممي لصالح المغرب في قضية الصحراء

تواجه الدبلوماسية الجزائرية اختباراً صعباً، بعد تبني مجلس الأمن الدولي قراراً لصالح المغرب في قضية الصحراء، يضاف إلى علاقاتها المضطربة مع جيرانها وفرنسا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عربية وليد الركراكي مدرب منتخب المغرب (كاف)

الركراكي يعلن تشكيلة المغرب… وغياب حكيمي وأبو خلال

أعلن وليد الركراكي مدرب منتخب المغرب الجمعة تشكيلته لمواجهة موزمبيق وأوغندا ودياً استعداداً لكأس أمم أفريقيا لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا جنود مغاربة في الصحراء (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تنتظر «بفارغ الصبر» نسخة جديدة من خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء

أكد مبعوث الأمم المتحدة إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا الأربعاء أنه «ينتظر بفارغ الصبر» تلقي نسخة محدثة من خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش «قمة السبعة» الكبار في إيطاليا يوم 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)   ############ (1)

الجزائر وفرنسا تتبادلان إشارات لاستئناف الحوار السياسي

تبادل إشارات ورسائل رسمية بين باريس والجزائر تترجم رغبة مشتركة في استئناف الحوار، وفتح صفحة جديدة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا احتفالات في شوارع المغرب (أ.ف.ب)

المغرب يعلن 31 أكتوبر عطلة وطنية بمناسبة اعتماد خطة الحكم الذاتي للصحراء

أعلن القصر الملكي المغربي اليوم الثلاثاء أن يوم 31 أكتوبر سيكون عطلة وطنية بدءاً من العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرباط)

مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

جددت مصر دعوتها إلى «ضرورة إقرار هدنة إنسانية شاملة في السودان، لضمان تدفق المساعدات الإنسانية». وشدد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، على «ضرورة فتح الممرات الإنسانية لتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية»، وأدان في اتصال هاتفي مع نظيرته البريطانية، إيفيت كوبر، الجمعة، «الانتهاكات التي وقعت في مدينة الفاشر، (شمال دارفور)».

وأعلنت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، (غرب السودان)، آخر مقرات الجيش في الإقليم. واتهمت الحكومة السودانية، عناصر «الدعم السريع» بارتكاب جرائم بحق المدنيين في المدينة. كما أفادت الأمم المتحدة بـ«وقوع مجازر وعمليات اغتصاب ونهب ونزوح جماعي للسكان».

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، الجمعة، تبادل عبد العاطي وكوبر «التقديرات إزاء تطورات الأوضاع في السودان»، وجدد التأكيد على موقف بلاده الثابت «الداعم لوحدة واستقرار السودان ومؤسساته الوطنية».

وأطلع وزير الخارجية المصري نظيرته البريطانية على جهود بلاده في إطار «الآلية الرباعية الدولية» الخاصة بدعم التهدئة والتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، وأشار إلى «ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى هدنة إنسانية مع ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء السودان للتخفيف من معاناة الشعب السوداني»، حسب بيان «الخارجية المصرية».

نازحون فارّون من الفاشر بعد سقوطها في أيدي «قوات الدعم السريع» إلى بلدة طويلة القريبة (أ.ف.ب)

وتعمل «الآلية الرباعية» التي تضم «السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة»، من أجل وقف إطلاق النار في السودان، وسبق وأن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكدت «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان»، إلى جانب «الضغط على جميع الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين».

وتعوّل مصر على جهود «الآلية الرباعية» لإقرار الهدنة الشاملة في السودان، وفق عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، وأشار إلى أن «القاهرة تستهدف وقف الحرب السودانية، وفق مراحل، تبدأ بهدنة ثلاثة أشهر، وأخرى لمدة تسعة أشهر».

وأوضح حليمة لـ«الشرق الأوسط» أن «رؤية (الآلية الرباعية) تستهدف وضع تسوية سياسية للأزمة السودانية خلال فترة الهدنة، تنتهي بعدها الحرب الداخلية في السودان»، وقال إن «مصر تسعى لحشد الجهود الدولية، للحفاظ على وحدة السودان واستقراره، والحد من الانتهاكات بحق المدنيين، خصوصاً في مناطق المواجهات المسلحة».

نازحتان في مدينة طويلة بولاية شمال دارفور بعد فرارها من الفاشر (أ.ف.ب)

وأدت الحرب الممتدة في السودان، على مدى عامين ونصف العام، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» إلى مقتل عشرات آلاف الأشخاص، وأدت إلى نزوح نحو 12 مليون شخص، وتسببت في أكبر أزمتَي نزوح وجوع في العالم، حسب الأمم المتحدة.

ورغم اقتراح «الآلية الرباعية» لهدنة شاملة في السودان، فإن عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» يرى «صعوبة في التزام طرفَي الحرب بها»، وقال إن «الجيش السوداني و(الدعم السريع) قد يعلنان الموافقة على وقف إطلاق النار، إلا أن هذا لا يعني الالتزام بالتنفيذ، في ضوء تمسك الطرفين بخيار المواجهة العسكرية حتى الآن».

ويتفق في ذلك، مدير وحدة العلاقات الدولية بـ«المركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية»، مكي المغربي، الذي أشار إلى أن «هناك صعوبات في القبول بهدنة وقف إطلاق النار، بسبب الموقف الشعبي الغاضب من أحداث الفاشر».

وباعتقاد المغربي فإن «الضغط على الجيش السوداني للقبول بهدنة، لن يكون مُجدياً بسبب مواقف قبائل وحركات دارفور الرافضة لهذا الخيار»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مسار التفاوض ممكن، لكن على أساس إنهاء التمرد وليس شرعنة (الميليشيا)».

وفي وقت سابق، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، خلال محادثات مشتركة في القاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «أهمية (الآلية الرباعية) بعدّها مظلة للسعي لتسوية الأزمة السودانية، ووقف الحرب بالسودان».


«قوة الاستقرار» في غزة إلى ترتيبات مُيسرة أم تعقيدات؟

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة الاستقرار» في غزة إلى ترتيبات مُيسرة أم تعقيدات؟

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)

يأخذ بند إحلال «قوة استقرار» في قطاع غزة منحنى تصاعدياً مع تقديم مشروع قرار أميركي لمجلس الأمن، وحديث الرئيس دونالد ترمب عن وصول تلك القوات الدولية قريباً إلى القطاع، لتنفيذ بقية ترتيبات وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ قبل نحو شهر.

تلك القوات، التي شهد مشروع قرارها في مرحلة الإعدادات خلافات بشأن مهمتها وانتشارها، وتخوفات مصرية من «صدامات» حول توسيع مهامها، يراها خبراء قد تواجه ترتيبات معقدة، خاصة في ظل رفض إسرائيلي للعرض على مجلس الأمن، ومشاركة تركيا بالقوات، واحتمال ظهور «فيتو» روسي - صيني حال وجود تحفظات فلسطينية، وتوقعوا ألا يكون تشكيل القوات قريباً إلا إذا خلق مسار توافق واسع، يحقق المراد من تلك القوات المعنية بحفظ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ترمب إنه يتوقع وصول القوة الدولية لحفظ الاستقرار إلى غزة «قريباً جداً»، بعد يوم من إعلان الولايات المتحدة عن طرح مشروع قرار في مجلس الأمن، يهدف إلى دعم خطة الرئيس الأميركي للسلام في غزة، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، الجمعة.

وأكّد خلال لقاء في البيت الأبيض مع قادة دول من آسيا الوسطى: «سيحدث ذلك قريباً جداً. والأمور في غزة تسير على ما يرام». وذلك في ردّ على سؤال لأحد الصحافيين بشأن نشر القوة الدولية في القطاع، الذي لا يزال يواجه وضعاً إنسانياً صعباً بعد قرابة شهر من سريان الهدنة بين إسرائيل و«حماس».

وتقدّمت الولايات المتحدة لدول شريكة بمشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، يهدف إلى دعم خطة ترمب للسلام في قطاع غزة، وفق ما أفادت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، في بيان، لافتة إلى أن القرار، الذي لم يُحدَّد موعد التصويت عليه بعد، يجيز إنشاء «قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة» تكون مخوّلة «استخدام كل الوسائل الضرورية لتنفيذ ولايتها، بما يتوافق مع القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي».

ونقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مسؤول أميركي، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة أرسلت مشروع قرار إلى عدد من أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإنشاء قوة دولية في غزة لمدة عامين على الأقل، مع إمكانية التمديد، بهدف نشر أولى القوات في غزة بحلول يناير (كانون الثاني) المقبل.

فلسطينيون يستعيدون جثة من تحت أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية ليلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)

الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن ملف «قوة الاستقرار» سيواجه ترتيبات صعبة من بداية عرضه بمجلس الأمن، خاصة أن إسرائيل تعارض إقراره من المنظومة الدولية، ولديها اعتراضات على الدول المشاركة مثل تركيا، فضلاً على أن روسيا والصين قد لا تقبلان بصياغات في النص، وتستخدم أي دولة فيهما الفيتو.

ويستبعد عكاشة أن يكون وصول القوات قريباً كما يتحدث ترمب، لافتاً إلى أنه قد لا يكون ذلك في توقيت قريب في ظل التعقيدات؛ إلا إذا كانت هناك مسارات في الكواليس، تم الاتفاق عليها وتنتظر الإعلان فقط.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أيضاً أن «القوة» ستواجه تعقيدات، خاصة في مجلس الأمن، في ظل احتمال استخدام الصين وروسيا للفيتو تجاوباً مع أي تحفظات عربية أو فلسطينية، مشيراً إلى أنه في ظل هذه الترتيبات المعقدة من المبكر الحديث عن وصول القوات إلا بحدوث تفاهمات واسعة.

ولا تقتصر التخوفات على مجلس الأمن فقط، بل على الأرض أيضاً، وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، في تصريحات متلفزة، أخيراً، إن تكليف القوة الدولية بنزع سلاح «حماس» سيؤدي إلى «صدامات» واشتباكات مسلحة.

وأوضح أن المشكلة تكمن في أن إسرائيل تضع شروطاً تعرقل تطبيق خطة غزة، مشدداً على أن «الفلسطينيين لن يقبلوا بقوة أجنبية تتولى أمن غزة، أو أن يستبدل الاحتلال بوصاية».

ردّ فعل فلسطينيين على مقتل طفلين في غارة إسرائيلية على مستشفى ناصر بخان يونس (أ.ف.ب)

وفي حوار مع شبكة «سي بي إس» الأميركية، الثلاثاء، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، إن «هناك مناقشات جارية مع الشركاء الأميركيين والإقليميين حول مجموعة من العناصر تتعلق بقوة دعم الاستقرار، وهي تشكيل القوة وهيكلها وولايتها ومدة عملها».

ويرى عكاشة أن الموقف المصري وتخوفاته في محلّها، خاصة أن القاهرة أكثر خبرة بالقطاع من أي جهة، ولديها رؤية للتدرج في نزع السلاح بالتوافق مع القوى الفلسطينية، على أن يسلم لدول عربية مثلاً، وليس إسرائيلية بالتأكيد، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب قد يفاجئ الجميع بدفع بقوات متعددة الجنسيات حال فشل التوافق على بند قوات الاستقرار أممياً وإسرائيلياً».

ويعتقد مطاوع أن «أي دولة عربية أو إسلامية لن تقبل أن تدخل في صدام لنزع السلاح»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «نجاح القوة الدولية المنتظرة يتوقف على إرفاق قوة للشرطة الفلسطينية معها، تكون معنية وحدها بإنفاذ القانون في إطار خطة واضحة مدعومة مالياً وتدريبياً من قوات الاستقرار».


الدبيبة وإردوغان يتفقان على حماية مصالح بلدَيهما في «المتوسط»

إردوغان مستقبِلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي بأنقرة في يناير الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبِلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي بأنقرة في يناير الماضي (الرئاسة التركية)
TT

الدبيبة وإردوغان يتفقان على حماية مصالح بلدَيهما في «المتوسط»

إردوغان مستقبِلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي بأنقرة في يناير الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبِلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي بأنقرة في يناير الماضي (الرئاسة التركية)

عكست محادثات أجراها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، اهتماماً بقضية الحدود البحرية بين البلدين بشرق المتوسط، في مواجهة سعي اليونان للتنقيب عن الطاقة.

وقال مكتب الدبيبة، الجمعة، إن الأخير تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس التركي، جرى خلاله بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وعدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وأوضح البيان أن الجانبين اتفقا على «مواصلة جهود التضامن لحماية مصالح البلدين في شرق البحر الأبيض المتوسط، ودعم التنسيق المشترك بما يخدم الشعبين الصديقين».

ولا يخلو الموقف العام من تجاذبات بين الاتحاد الأوروبي وليبيا وتركيا، لا سيما بعد مذكرة التفاهم الموقعة مع حكومة «الوفاق الوطني» الليبية السابقة عام 2019، بشأن ترسيم حدود مناطق الاختصاص في المتوسط.

الدبيبة في مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس في أبريل 2021 (حكومة «الوحدة»)

ويعكس الموقف الليبي رفض تنقيب اليونان عن الغاز جنوب جزيرة كريت، وقد عبّرت طرابلس عن ذلك في مذكرة تقدمت بها بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة؛ إذ عبّرت فيها عن «قلقها العميق» إزاء التطورات الأخيرة في شرق البحر المتوسط.

وازدادت قضية التنقيب عن النفط في شرق المتوسط سخونة بعد دخول الاتحاد الأوروبي، في يونيو (حزيران) 2025، على خط الأزمة، بحديثه عن مذكرة التفاهم الموقعة مع حكومة «الوفاق» السابقة، بشأن ترسيم حدود مناطق الاختصاص في المتوسط.

وكان المتحدث باسم «الخارجية» التركية، أونجو كيتشالي، قد علّق على ما جاء في البيان الختامي لقمة قادة الاتحاد الأوروبي، التي عُقدت في بروكسل مؤخراً، قائلاً إن «النتائج التي اعتُمدت في القمة تُظهر مواصلة اليونان وإدارة جنوب قبرص اليونانية (جمهورية قبرص) المساعي لفرض المطالب المتطرفة المخالفة للقانون الدولي، ومبدأ العدالة على الاتحاد الأوروبي».

وهذه من المرات النادرة التي يتطرق فيها الدبيبة وإردوغان بشكل علني لأزمة حقوق ليبيا وتركيا في شرق البحر المتوسط.

ونقل مكتب الدبيبة عن إردوغان أن تركيا «تتابع باهتمام التطورات في ليبيا، وتدعم استمرار دورها في تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد».

من جانبه، ثمّن الدبيبة موقف تركيا «الداعم لمسار الاستقرار والتنمية في ليبيا»، مؤكداً حرص حكومته على «تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات».

رئيس الأركان التركي خلال زيارة سابقة لمركز قيادة العمليات التركي - الليبي في طرابلس (وزارة الدفاع التركية)

وتدعم تركيا حكومة الدبيبة في غرب ليبيا عسكرياً، وتنشر قوات وقواعد عسكرية هناك منذ عام 2020، وتتعاون معها في مجالات عدة، من بينها الطاقة. كما بدأت في الفترة الأخيرة خطوات للتقارب مع شرق ليبيا، وأعلنت دعمها مساعي إجراء الانتخابات، وتوحيد البلاد تحت قيادة حكومة واحدة.

في شأن مختلف يتعلق بالدستور الليبي، عاد الدبيبة إلى التأكيد على ضرورة أن يكون للبلاد دستور دائم، مشدداً على أن «استمرار تعطيل حق الليبيين في الحصول على دستور يمثل إخلالاً باستحقاق وطني تأخر إنجازه لأكثر من عقد من الزمن».

وقال الدبيبة، لدى لقائه في مكتبه الخميس رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، مراجع نوح، إن «الوقت قد حان للانتقال من المراحل المؤقتة إلى الاستقرار الدستوري عبر توافق وطني شامل».

وأبدى الدبيبة «استعداد حكومته الكامل للتعاون مع الهيئة، وتقديم ما يلزم لتمكينها من أداء دورها الوطني في استكمال المسار الدستوري، باعتبارها الضمان الحقيقي لحق الشعب الليبي في دستور دائم، ينظم الحياة السياسية ويؤسس لبناء الدولة المستقرة».

ونقل مكتب الدبيبة عن رئيس الهيئة التأسيسية «تقديره لرئيس الحكومة على دعمه لجهود الهيئة، واستعداده لتوفير الظروف الملائمة لعملها»، مؤكداً عزمها على «أداء مسؤولياتها بما يحقق تطلعات الشعب الليبي نحو دولة موحدة، ودستور توافقي يعبر عن جميع الليبيين».