«النواب المصري» لإعادة التصويت على قانون «الإجراءات الجنائية» بعد تعديله

«اللجنة الخاصة» أقرّت صياغات جديدة لمواد اعترض عليها السيسي

«اللجنة الخاصة» أوصت بقصر تعديلات «الإجراءات الجنائية» على اعتراضات الرئيس السيسي (وزارة الشؤون القانونية)
«اللجنة الخاصة» أوصت بقصر تعديلات «الإجراءات الجنائية» على اعتراضات الرئيس السيسي (وزارة الشؤون القانونية)
TT

«النواب المصري» لإعادة التصويت على قانون «الإجراءات الجنائية» بعد تعديله

«اللجنة الخاصة» أوصت بقصر تعديلات «الإجراءات الجنائية» على اعتراضات الرئيس السيسي (وزارة الشؤون القانونية)
«اللجنة الخاصة» أوصت بقصر تعديلات «الإجراءات الجنائية» على اعتراضات الرئيس السيسي (وزارة الشؤون القانونية)

يتجه مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) لإعادة التصويت على التعديلات المقترحة بمشروع قانون «الإجراءات الجنائية» بعدما أنهت «اللجنة الخاصة» التي شكلها المجلس كافة التعديلات على صياغات الـ8 مواد التي اعترض عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي في كتابٍ لـ«النواب»، رافضاً اعتماد القانون بصيغته التي أُقر بها في أبريل (نيسان) الماضي.

ومع بداية دور الانعقاد في الفصل التشريعي السادس، نهاية الأسبوع الماضي، قرر «النواب» تشكيل لجنة خاصة برئاسة وكيل أول المجلس لمناقشة التعديلات المقترحة على النصوص القانونية التي أبدى السيسي اعتراضاً عليها، من أجل إعادة صياغتها مرة أخرى قبل طرحها للتصويت، في وقت رفض فيه «المجلس» دعوات البعض بإعادة النظر في عدد أكبر من المواد.

وشهد اجتماع «اللجنة الخاصة» الذي استمر 7 ساعات انسحاب 3 نواب من أصل 13 هم أعضاء اللجنة، بالإضافة إلى نقيب المحامين، على «خلفية التعديلات التي قدمتها الحكومة بشأن المادة 105 من مشروع القانون»، التي وضعت فيها الحكومة نصاً «يسمح للنيابة العامة في الحالات الاستثنائية ببدء التحقيق مع المتهم من دون وجود محام»، وهو ما عدّه الأعضاء المنسحبون «مخالفاً للنصوص الدستورية».

وأوصت «اللجنة»، حسب إفادة، مساء السبت، بأن تكون المبادئ والمحددات التي يلتزم بها المجلس في مناقشة اعتراض الرئيس على مشروع القانون متضمنة «الموافقة على اعتراض الرئيس على المواد التي أرسلها واقتصار المناقشات في الجلسة العامة واللجنة الخاصة على المواد محل الاعتراض فقط دون التطرق لغيرها، مع دراسة الأسباب والمبررات المحددة في كل مادة من المواد محل الاعتراض».

مجلس النواب سيقوم بالتصويت على التعديلات المقترحة للمواد التي اعترض عليها الرئيس (المجلس)

عضو مجلس النواب، الإعلامي مصطفى بكري، اعتبر في تدوينة على «إكس» أن وزيري العدل والشؤون النيابية قدما من الحجج التي حققت الهدف المراد من التعديل، مشيراً إلى أن موافقة اللجنة على التعديلات المقدمة من الحكومة استجابة لتوجيهات الرئيس بمثابة «انتصار للعدالة والحريات».

وأكد أن كافة الاعتراضات التي أبداها الرئيس على القانون جاءت بهدف «دعم الحريات ووضع المزيد من الضمانات للمتهم في ضوء الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ولا تعني انتقاصاً من دور مجلس النواب؛ لكنها انحصرت في 8 مواد من 552 مادة يتضمنها القانون».

وتركّزت اعتراضات السيسي على بعض القضايا المرتبطة بضمانات «حرمة المسكن، وتنظيم الحبس الاحتياطي، والإعلانات القضائية»، إلى جانب اقتراح بأن يكون سريان القانون مع بداية العام القضائي الجديد، وليس بمجرد نشره، نظراً لما يستلزمه من إنشاء مراكز إعلانات هاتفية تتبع وزارة العدل، وتجهيزها على مستوى المحاكم الجزئية.

عضوة مجلس النواب أميرة أبو شقة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «صياغة المادة 105 التي شكلت محل سجال بالمناقشات في اللجنة العامة ستكون ضمن باقي الصياغات التي ستطرح على الجلسة العامة من أجل مناقشتها»، مشيرة إلى أن «جميع الصياغات التي جرى تعديلها بالقانون استجابة لكتاب الرئيس للمجلس، تمت بالتوافق بين الأعضاء».

وأضافت أن «نقطة الالتزام بوجود محامٍ برفقة المتهم عند بداية التحقيق معه جرى مناقشة أكثر من تصور بشأنها، منها النص على آلية ملزمة بين النيابة العامة ونقابة المحامين لعدم تعطيل العدالة الناجزة، لأن عدم بدء النيابة التحقيق مع المتهم يجعلها مضطرة لإخلاء سبيله، وفي حال عدم وجود محام برفقة المتهم سيتم ندب محام ليكون حاضراً للتحقيق مع المتهم».

عضو «اللجنة الخاصة بالتعديلات»، أيمن أبو العلا، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الصيغة التوافقية التي جرى التوصل إليها في ختام مناقشات (اللجنة) تلبي كافة الضمانات التي تحقق للمتهم ضمانات العدالة وتلتزم بالنصوص الدستورية»، متوقعاً أن «يوافق مجلس النواب على الصياغات المعدلة التي تتسق مع ما جرى تكليفهم به».

استمرت اجتماعات «اللجنة الخاصة بتعديلات قانون الإجراءات الجنائية» لنحو 7 ساعات (وزارة الشؤون القانونية)

لكن العضو المنسحب من «اللجنة»، ضياء الدين داود، الذي كان مؤيداً ومدافعاً عن القانون في السابق، اعتبر أن «النص بوجود استثناء في بدء تحقيق من دون محام يعد انتهاكاً واضحاً للدستور لا يمكن أن يشارك فيه»، مشيراً إلى أن «الرئيس عندما أعاد القانون للمجلس، كان بهدف زيادة الضمانات بشأن توفير المحاكمة العادلة، وليس الانتقاص منها كما جاء في النص المقترح بعد تعديله».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أنه وفقاً للإجراءات المتبعة سوف ترسل «اللجنة» التعديلات التي أقرتها في اجتماع السبت لهيئة المكتب، من أجل تحديد موعد الجلسة العامة التي سيتم فيها النظر بالتعديلات، مؤكداً أنه «سيرفض التعديلات التي جرت عند التصويت عليها بصياغتها الحالية».

فيما أكدت أميرة أبو شقة أن صياغة اللجنة للتعديلات «لا تعد نهائيةً»، لأن مجلس النواب يحق له في الجلسة العامة وبعد الاستماع إلى تعليقات النواب والكتل البرلمانية «إجراء تعديلات أخرى على النصوص الموجودة»، مشيرة إلى أن «القانون يكتسب أهمية كبيرة من كونه بمثابة الدستور الإجرائي للبلاد».

ووفق إفادة لوزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، محمود فوزي، السبت، فإن رئيس «اللجنة الخاصة بالتعديلات» سيقدم التقرير إلى رئيس مجلس النواب للنظر في إدراجه بجدول الأعمال، متوقعاً أن «يحدد جلسة ويخطر به النواب وفق اللائحة الداخلية حتى يتسنى للمجلس نظر تقرير اللجنة الخاصة والفصل في نصوص مواد الاعتراض بصفة نهائية، وبعد انتهاء مجلس النواب من نظر الاعتراض، يخطر رئيس المجلس، رئيس الجمهورية، بتقرير عما اتخذه المجلس من قرارات وما اتبع من إجراءات في شأن الاعتراض، وذلك وفقاً لحكم الفقرة الأولى من المادة 178 من اللائحة الداخلية».


مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودان

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودان

جددت مصر دعوتها إلى «ضرورة إقرار هدنة إنسانية شاملة في السودان لضمان تدفق المساعدات الإنسانية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من تصويت المصريون في السعودية (تنسيقية شباب الأحزاب)

المصريون بالخارج يصوّتون في انتخابات «النواب»

بدأ المصريون المقيمون في الخارج، الجمعة، الإدلاء بأصواتهم في المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المصري).

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من اجتماع «اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان» بمصر الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

إبقاء «مجلس حقوق الإنسان» بمصر في «تصنيف أ» الدولي... ماذا يعني؟

ثمنت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها الجمعة، «قرار الإبقاء في الفئة (أ)»، وقالت إنه خطوة «تعكس الثقة في استقلالية مجلس حقوق الإنسان وفاعليته»

أحمد جمال (القاهرة )
العالم العربي وزير الإسكان المصري ووزير البلدية القطري يوقعان اتفاق علم الروم بحضور رئيس الوزراء المصري (مجلس الوزراء المصري)

«علم الروم»... صفقة قطرية تعزز الحضور الخليجي بالساحل الشمالي المصري

عززت دولة قطر الحضور الخليجي، في استثمارات منطقة الساحل الشمالي بمصر، بصفقة استثمارية لتنمية منطقة «علم الروم» على ساحل البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال افتتاح مصنع لفلاتر السيارات (مجلس الوزراء المصري)

مصر للتحول إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات

قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إن بلاده تسير بخطى ثابتة نحو التحول إلى «مركز إقليمي ودولي لصناعة السيارات»، مع وجود البنية التحتية.

أحمد جمال (القاهرة)

مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعو إلى هدنة إنسانية «شاملة» في السودان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال استقبال رئيس مجلس السيادة السوداني في القاهرة الشهر الماضي (الرئاسة المصرية)

جددت مصر دعوتها إلى «ضرورة إقرار هدنة إنسانية شاملة في السودان، لضمان تدفق المساعدات الإنسانية». وشدد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، على «ضرورة فتح الممرات الإنسانية لتسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية»، وأدان في اتصال هاتفي مع نظيرته البريطانية، إيفيت كوبر، الجمعة، «الانتهاكات التي وقعت في مدينة الفاشر، (شمال دارفور)».

وأعلنت «قوات الدعم السريع» سيطرتها على مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، (غرب السودان)، آخر مقرات الجيش في الإقليم. واتهمت الحكومة السودانية، عناصر «الدعم السريع» بارتكاب جرائم بحق المدنيين في المدينة. كما أفادت الأمم المتحدة بـ«وقوع مجازر وعمليات اغتصاب ونهب ونزوح جماعي للسكان».

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، الجمعة، تبادل عبد العاطي وكوبر «التقديرات إزاء تطورات الأوضاع في السودان»، وجدد التأكيد على موقف بلاده الثابت «الداعم لوحدة واستقرار السودان ومؤسساته الوطنية».

وأطلع وزير الخارجية المصري نظيرته البريطانية على جهود بلاده في إطار «الآلية الرباعية الدولية» الخاصة بدعم التهدئة والتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار، وأشار إلى «ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية للتوصل إلى هدنة إنسانية مع ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء السودان للتخفيف من معاناة الشعب السوداني»، حسب بيان «الخارجية المصرية».

نازحون فارّون من الفاشر بعد سقوطها في أيدي «قوات الدعم السريع» إلى بلدة طويلة القريبة (أ.ف.ب)

وتعمل «الآلية الرباعية» التي تضم «السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة»، من أجل وقف إطلاق النار في السودان، وسبق وأن عقدت اجتماعاً على المستوى الوزاري بواشنطن، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكدت «ضرورة بذل كل الجهود لتسوية النزاع المسلح في السودان»، إلى جانب «الضغط على جميع الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين».

وتعوّل مصر على جهود «الآلية الرباعية» لإقرار الهدنة الشاملة في السودان، وفق عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، وأشار إلى أن «القاهرة تستهدف وقف الحرب السودانية، وفق مراحل، تبدأ بهدنة ثلاثة أشهر، وأخرى لمدة تسعة أشهر».

وأوضح حليمة لـ«الشرق الأوسط» أن «رؤية (الآلية الرباعية) تستهدف وضع تسوية سياسية للأزمة السودانية خلال فترة الهدنة، تنتهي بعدها الحرب الداخلية في السودان»، وقال إن «مصر تسعى لحشد الجهود الدولية، للحفاظ على وحدة السودان واستقراره، والحد من الانتهاكات بحق المدنيين، خصوصاً في مناطق المواجهات المسلحة».

نازحتان في مدينة طويلة بولاية شمال دارفور بعد فرارها من الفاشر (أ.ف.ب)

وأدت الحرب الممتدة في السودان، على مدى عامين ونصف العام، بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» إلى مقتل عشرات آلاف الأشخاص، وأدت إلى نزوح نحو 12 مليون شخص، وتسببت في أكبر أزمتَي نزوح وجوع في العالم، حسب الأمم المتحدة.

ورغم اقتراح «الآلية الرباعية» لهدنة شاملة في السودان، فإن عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» يرى «صعوبة في التزام طرفَي الحرب بها»، وقال إن «الجيش السوداني و(الدعم السريع) قد يعلنان الموافقة على وقف إطلاق النار، إلا أن هذا لا يعني الالتزام بالتنفيذ، في ضوء تمسك الطرفين بخيار المواجهة العسكرية حتى الآن».

ويتفق في ذلك، مدير وحدة العلاقات الدولية بـ«المركز السوداني للفكر والدراسات الاستراتيجية»، مكي المغربي، الذي أشار إلى أن «هناك صعوبات في القبول بهدنة وقف إطلاق النار، بسبب الموقف الشعبي الغاضب من أحداث الفاشر».

وباعتقاد المغربي فإن «الضغط على الجيش السوداني للقبول بهدنة، لن يكون مُجدياً بسبب مواقف قبائل وحركات دارفور الرافضة لهذا الخيار»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «مسار التفاوض ممكن، لكن على أساس إنهاء التمرد وليس شرعنة (الميليشيا)».

وفي وقت سابق، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، خلال محادثات مشتركة في القاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «أهمية (الآلية الرباعية) بعدّها مظلة للسعي لتسوية الأزمة السودانية، ووقف الحرب بالسودان».


«قوة الاستقرار» في غزة إلى ترتيبات مُيسرة أم تعقيدات؟

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة الاستقرار» في غزة إلى ترتيبات مُيسرة أم تعقيدات؟

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في مدرسة تحولت إلى مأوى بحي الرمال بمدينة غزة (أ.ف.ب)

يأخذ بند إحلال «قوة استقرار» في قطاع غزة منحنى تصاعدياً مع تقديم مشروع قرار أميركي لمجلس الأمن، وحديث الرئيس دونالد ترمب عن وصول تلك القوات الدولية قريباً إلى القطاع، لتنفيذ بقية ترتيبات وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ قبل نحو شهر.

تلك القوات، التي شهد مشروع قرارها في مرحلة الإعدادات خلافات بشأن مهمتها وانتشارها، وتخوفات مصرية من «صدامات» حول توسيع مهامها، يراها خبراء قد تواجه ترتيبات معقدة، خاصة في ظل رفض إسرائيلي للعرض على مجلس الأمن، ومشاركة تركيا بالقوات، واحتمال ظهور «فيتو» روسي - صيني حال وجود تحفظات فلسطينية، وتوقعوا ألا يكون تشكيل القوات قريباً إلا إذا خلق مسار توافق واسع، يحقق المراد من تلك القوات المعنية بحفظ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ترمب إنه يتوقع وصول القوة الدولية لحفظ الاستقرار إلى غزة «قريباً جداً»، بعد يوم من إعلان الولايات المتحدة عن طرح مشروع قرار في مجلس الأمن، يهدف إلى دعم خطة الرئيس الأميركي للسلام في غزة، بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، الجمعة.

وأكّد خلال لقاء في البيت الأبيض مع قادة دول من آسيا الوسطى: «سيحدث ذلك قريباً جداً. والأمور في غزة تسير على ما يرام». وذلك في ردّ على سؤال لأحد الصحافيين بشأن نشر القوة الدولية في القطاع، الذي لا يزال يواجه وضعاً إنسانياً صعباً بعد قرابة شهر من سريان الهدنة بين إسرائيل و«حماس».

وتقدّمت الولايات المتحدة لدول شريكة بمشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، يهدف إلى دعم خطة ترمب للسلام في قطاع غزة، وفق ما أفادت البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة، في بيان، لافتة إلى أن القرار، الذي لم يُحدَّد موعد التصويت عليه بعد، يجيز إنشاء «قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة» تكون مخوّلة «استخدام كل الوسائل الضرورية لتنفيذ ولايتها، بما يتوافق مع القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي».

ونقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن مسؤول أميركي، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة أرسلت مشروع قرار إلى عدد من أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإنشاء قوة دولية في غزة لمدة عامين على الأقل، مع إمكانية التمديد، بهدف نشر أولى القوات في غزة بحلول يناير (كانون الثاني) المقبل.

فلسطينيون يستعيدون جثة من تحت أنقاض منزل دمر في غارة إسرائيلية ليلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)

الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن ملف «قوة الاستقرار» سيواجه ترتيبات صعبة من بداية عرضه بمجلس الأمن، خاصة أن إسرائيل تعارض إقراره من المنظومة الدولية، ولديها اعتراضات على الدول المشاركة مثل تركيا، فضلاً على أن روسيا والصين قد لا تقبلان بصياغات في النص، وتستخدم أي دولة فيهما الفيتو.

ويستبعد عكاشة أن يكون وصول القوات قريباً كما يتحدث ترمب، لافتاً إلى أنه قد لا يكون ذلك في توقيت قريب في ظل التعقيدات؛ إلا إذا كانت هناك مسارات في الكواليس، تم الاتفاق عليها وتنتظر الإعلان فقط.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أيضاً أن «القوة» ستواجه تعقيدات، خاصة في مجلس الأمن، في ظل احتمال استخدام الصين وروسيا للفيتو تجاوباً مع أي تحفظات عربية أو فلسطينية، مشيراً إلى أنه في ظل هذه الترتيبات المعقدة من المبكر الحديث عن وصول القوات إلا بحدوث تفاهمات واسعة.

ولا تقتصر التخوفات على مجلس الأمن فقط، بل على الأرض أيضاً، وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، في تصريحات متلفزة، أخيراً، إن تكليف القوة الدولية بنزع سلاح «حماس» سيؤدي إلى «صدامات» واشتباكات مسلحة.

وأوضح أن المشكلة تكمن في أن إسرائيل تضع شروطاً تعرقل تطبيق خطة غزة، مشدداً على أن «الفلسطينيين لن يقبلوا بقوة أجنبية تتولى أمن غزة، أو أن يستبدل الاحتلال بوصاية».

ردّ فعل فلسطينيين على مقتل طفلين في غارة إسرائيلية على مستشفى ناصر بخان يونس (أ.ف.ب)

وفي حوار مع شبكة «سي بي إس» الأميركية، الثلاثاء، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، إن «هناك مناقشات جارية مع الشركاء الأميركيين والإقليميين حول مجموعة من العناصر تتعلق بقوة دعم الاستقرار، وهي تشكيل القوة وهيكلها وولايتها ومدة عملها».

ويرى عكاشة أن الموقف المصري وتخوفاته في محلّها، خاصة أن القاهرة أكثر خبرة بالقطاع من أي جهة، ولديها رؤية للتدرج في نزع السلاح بالتوافق مع القوى الفلسطينية، على أن يسلم لدول عربية مثلاً، وليس إسرائيلية بالتأكيد، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب قد يفاجئ الجميع بدفع بقوات متعددة الجنسيات حال فشل التوافق على بند قوات الاستقرار أممياً وإسرائيلياً».

ويعتقد مطاوع أن «أي دولة عربية أو إسلامية لن تقبل أن تدخل في صدام لنزع السلاح»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «نجاح القوة الدولية المنتظرة يتوقف على إرفاق قوة للشرطة الفلسطينية معها، تكون معنية وحدها بإنفاذ القانون في إطار خطة واضحة مدعومة مالياً وتدريبياً من قوات الاستقرار».


الدبيبة وإردوغان يتفقان على حماية مصالح بلدَيهما في «المتوسط»

إردوغان مستقبِلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي بأنقرة في يناير الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبِلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي بأنقرة في يناير الماضي (الرئاسة التركية)
TT

الدبيبة وإردوغان يتفقان على حماية مصالح بلدَيهما في «المتوسط»

إردوغان مستقبِلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي بأنقرة في يناير الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبِلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي بأنقرة في يناير الماضي (الرئاسة التركية)

عكست محادثات أجراها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، اهتماماً بقضية الحدود البحرية بين البلدين بشرق المتوسط، في مواجهة سعي اليونان للتنقيب عن الطاقة.

وقال مكتب الدبيبة، الجمعة، إن الأخير تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس التركي، جرى خلاله بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وعدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وأوضح البيان أن الجانبين اتفقا على «مواصلة جهود التضامن لحماية مصالح البلدين في شرق البحر الأبيض المتوسط، ودعم التنسيق المشترك بما يخدم الشعبين الصديقين».

ولا يخلو الموقف العام من تجاذبات بين الاتحاد الأوروبي وليبيا وتركيا، لا سيما بعد مذكرة التفاهم الموقعة مع حكومة «الوفاق الوطني» الليبية السابقة عام 2019، بشأن ترسيم حدود مناطق الاختصاص في المتوسط.

الدبيبة في مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس في أبريل 2021 (حكومة «الوحدة»)

ويعكس الموقف الليبي رفض تنقيب اليونان عن الغاز جنوب جزيرة كريت، وقد عبّرت طرابلس عن ذلك في مذكرة تقدمت بها بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة؛ إذ عبّرت فيها عن «قلقها العميق» إزاء التطورات الأخيرة في شرق البحر المتوسط.

وازدادت قضية التنقيب عن النفط في شرق المتوسط سخونة بعد دخول الاتحاد الأوروبي، في يونيو (حزيران) 2025، على خط الأزمة، بحديثه عن مذكرة التفاهم الموقعة مع حكومة «الوفاق» السابقة، بشأن ترسيم حدود مناطق الاختصاص في المتوسط.

وكان المتحدث باسم «الخارجية» التركية، أونجو كيتشالي، قد علّق على ما جاء في البيان الختامي لقمة قادة الاتحاد الأوروبي، التي عُقدت في بروكسل مؤخراً، قائلاً إن «النتائج التي اعتُمدت في القمة تُظهر مواصلة اليونان وإدارة جنوب قبرص اليونانية (جمهورية قبرص) المساعي لفرض المطالب المتطرفة المخالفة للقانون الدولي، ومبدأ العدالة على الاتحاد الأوروبي».

وهذه من المرات النادرة التي يتطرق فيها الدبيبة وإردوغان بشكل علني لأزمة حقوق ليبيا وتركيا في شرق البحر المتوسط.

ونقل مكتب الدبيبة عن إردوغان أن تركيا «تتابع باهتمام التطورات في ليبيا، وتدعم استمرار دورها في تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد».

من جانبه، ثمّن الدبيبة موقف تركيا «الداعم لمسار الاستقرار والتنمية في ليبيا»، مؤكداً حرص حكومته على «تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات».

رئيس الأركان التركي خلال زيارة سابقة لمركز قيادة العمليات التركي - الليبي في طرابلس (وزارة الدفاع التركية)

وتدعم تركيا حكومة الدبيبة في غرب ليبيا عسكرياً، وتنشر قوات وقواعد عسكرية هناك منذ عام 2020، وتتعاون معها في مجالات عدة، من بينها الطاقة. كما بدأت في الفترة الأخيرة خطوات للتقارب مع شرق ليبيا، وأعلنت دعمها مساعي إجراء الانتخابات، وتوحيد البلاد تحت قيادة حكومة واحدة.

في شأن مختلف يتعلق بالدستور الليبي، عاد الدبيبة إلى التأكيد على ضرورة أن يكون للبلاد دستور دائم، مشدداً على أن «استمرار تعطيل حق الليبيين في الحصول على دستور يمثل إخلالاً باستحقاق وطني تأخر إنجازه لأكثر من عقد من الزمن».

وقال الدبيبة، لدى لقائه في مكتبه الخميس رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، مراجع نوح، إن «الوقت قد حان للانتقال من المراحل المؤقتة إلى الاستقرار الدستوري عبر توافق وطني شامل».

وأبدى الدبيبة «استعداد حكومته الكامل للتعاون مع الهيئة، وتقديم ما يلزم لتمكينها من أداء دورها الوطني في استكمال المسار الدستوري، باعتبارها الضمان الحقيقي لحق الشعب الليبي في دستور دائم، ينظم الحياة السياسية ويؤسس لبناء الدولة المستقرة».

ونقل مكتب الدبيبة عن رئيس الهيئة التأسيسية «تقديره لرئيس الحكومة على دعمه لجهود الهيئة، واستعداده لتوفير الظروف الملائمة لعملها»، مؤكداً عزمها على «أداء مسؤولياتها بما يحقق تطلعات الشعب الليبي نحو دولة موحدة، ودستور توافقي يعبر عن جميع الليبيين».