بعد يوم واحد من إعلان انتهاء المرحلة الأولى من تطوير وافتتاح الطريق «الدائري الإقليمي» في مصر، شهد الطريق حادث تصادم شاحنة بأخرى، كانت تقل 40 طناً من المواد البترولية، ما أدى إلى اشتعال النيران بحافلة المواد البترولية، وهي الواقعة التي أثارت تساؤلات حول استمرار أزمة الطرق في البلاد.
وأسفر الحادث الذي وقع، السبت، عن وفاة شخص على الأقل، وإغلاق الطريق لعدة ساعات إلى حين إطفاء النيران وتبريد السيارة المشتعلة ومنع تجدد اشتعالها من جانب قوات الحماية المدنية، في وقت يشهد الطريق إجراءات مرورية مشددة للتأكد من التزام السائقين بالسرعات والمسارات المقررة وعدم السماح بالسير عكس الاتجاه.
وأعلن نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، كامل الوزير، الجمعة، انتهاء تطوير المرحلة الأولى من الطريق، التي بدأ تنفيذها في يوليو (تموز) الماضي، استجابة للتوجيهات الرئاسية بدراسة اتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن «الطريق الدائري» عقب عدة حوادث مميتة.
وقال وزير النقل إنه «جرى تحويل طريق الخدمة والطريق الرئيسي من الرصف الأسفلتي إلى الرصف الخرساني لتحمل الأحمال والكثافات المرورية العالية تأميناً لسلامة مستخدمي الطريق»، مشيراً إلى «متابعة الإجراءات التي تم تنفيذها لزيادة عوامل الأمن والسلامة بالطريق وخاصة في أماكن العمل الجاري، تنفيذ أعمال الصيانة والتطوير ورفع الكفاءة فيها».
ويصل طول الطريق «الدائري الإقليمي» إلى 400 كيلومتر، ويربط القاهرة والجيزة والقليوبية بعدد من المحافظات الأخرى، منها الشرقية والمنوفية والفيوم وبني سويف. ودشن على مدار 9 سنوات تقريباً، بهدف تخفيف الضغط على الحركة المرورية داخل العاصمة، بحسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة النقل.

أستاذ هندسة الطريق في جامعة حلوان، محمد الصادق عوف، الذي انضم إلى لجنة جرى تشكيلها من أجل مراجعة وضع الطرق من جنب وزارة النقل، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الدائري الإقليمي» من المحاور المرورية التي لا يمكن إغلاقها بشكل كامل بسبب كثافة الحركة المرورية، لذا جرى اتخاذ قرار التطوير وإعادة التأهيل عبر تقسيم الطريق لقطاعات، مشيراً إلى أنهم أوشكوا في اللجنة على الانتهاء من رفع التوصيات الخاصة بتطوير منظومة الطرق.
وأضاف أن «اللجنة» ركزت على تأمين سلامة المرور والطرق، عبر التركيز على العلامات الإرشادية والحواجز الخرسانية التي تفصل بين الاتجاهات، بالإضافة إلى توصيات مرتبطة ببعض المواقع التي تتكرر فيها الحوادث، بجانب التوصية بإنشاء كباري مشاه في بعض المناطق وإعادة تنظيم الاتجاهات ببعض الطرق، لافتاً إلى أن «تكلفة تأمين سلامة الطرق لن تكون كبيرة من ناحية التكلفة المادية، وسيتم تقديمها بشكل رسمي للوزارة قبل نهاية الشهر المقبل».
وكان «الطريق الإقليمي» في محافظة المنوفية قد شهد حادثاً مأساوياً مطلع يوليو (تموز) الماضي، أسفر عن وفاة 20 فتاة وسائق ميكروباص، وإصابة 3 آخرين، إثر اصطدام سيارة نقل بالميكروباص. وتراوحت أعمار الفتيات الضحايا بين 14 و23 عاماً، وكنّ يعملن بنظام «اليومية» في إحدى مزارع العنب.

وبلغ عدد المتوفين في حوادث الطرق بالبلاد 5260 شخصاً عام 2024، مقابل 5861 عام 2023، بنسبة انخفاض 10.3 في المائة، في حين سجّلت إصابات حوادث الطرق 76362 إصابة في 2024، مقابل 71016 عام 2023 بنسبة ارتفاع 7.5 في المائة بحسب التقرير السنوي الصادر عن «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء».
عضو لجنة «النقل والمواصلات» في مجلس النواب المصري (البرلمان)، فريدة الشوباشي، قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يجب إغفال دور العنصر البشري في الحوادث، خصوصاً سائقي النقل الثقيل، مشيرة إلى أن «عملية تطوير وتأهيل الطرق يجب أن تصاحبها رقابة مشددة من جانب المرور، بالإضافة إلى توقيع عقوبات صارمة لمنع تكرار المخالفات المرورية التي تؤدي للحوادث».
وبدأت وزارة النقل المصرية، السبت، المرحلة الثانية من مبادرة «سائق واعٍ... لطريق آمن» وهو برنامج تدريبي مجاني لتأهيل سائقي الحافلات والنقل الثقيل من حاملي الرخصة المهنية درجة ثانية، ضمن استراتيجية تستهدف بناء جيل جديد من السائقين يتمتع بالوعي والمسؤولية والالتزام، وهو ما ينعكس بصورة مباشرة على معدلات السلامة المرورية وحماية الأرواح والممتلكات، وفق بيان رسمي للوزارة.
وعدّت الشوباشي المبادرة إحدى الأدوات الضرورية في الوقت الحالي من «النقل»، مع أهمية زيادة الكمائن المتحركة بأماكن غير متوقعة بالنسبة للسائقين، وهو أمر ترى أنه سيلعب دوراً حاسماً في الانضباط المروري، الذي اعتبرت أنه بات «مفقوداً» في الشارع بشكل كبير.




