تفاجأت الأربعينية فاطمة فتحي، قبل أيام من بدء العام الدراسي في مصر بزيادة مصروفات أبنائها الأربعة في المدارس التجريبية (مدارس رسمية لغات) على نحو يفوق قدرات أسرتها. ويُطلب حالياً من فاطمة «دفع أكثر من 4 آلاف جنيه إضافية على مصروفات العام الدراسي الماضي».
ويبدأ العام الدراسي رسمياً في مصر 20 سبتمبر (أيلول) الحالي. وقرّرت وزارة التربية والتعليم «زيادة مصروفات المدارس التجريبية، لكن على نحو غير مباشر، إذ حافظت على نسبة الزيادة السنوية المعتادة التي تصل إلى 10 في المائة من مجمل المصاريف التي تتراوح بين 700 إلى نحو 1500 جنيه»، لكنها ألزمت الطلاب بشراء الكتب المدرسية من المدرسة لتضاف إلى المصروفات، وتتراوح أسعارها بين 800 جنيه إلى 1500 جنيه، ما يعني أن «مصروفات هذه المدارس تضاعفت»، الأمر الذي أثار حالة من الجدل والانتقادات داخل أسر مصرية.
الخبيرة التربوية، أدمن غروب «ائتلاف أولياء أمور مصر»، داليا الحزاوي، تحدثت عن حالة من «الرفض والغضب للقرار» بين أولياء أمور المدارس التجريبية، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة تتمثل في أن القرار جاء مفاجئاً، وأسر الطلاب لم يكن لديهم أي استعداد لذلك».
فيما تقدم عضو مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)، محمد عبد الله زين الدين، الأحد، بسؤال برلماني إلى الحكومة، بشأن القرارات الأخيرة الخاصة بزيادة المصروفات الدراسية، وارتفاع أسعار الكتب في المدارس الرسمية «التجريبية»، إلى جانب إلزام أولياء الأمور بشراء الكتب المدرسية كاملة من دون إتاحة حرية الاختيار.
وأشار زين الدين، وفق وسائل إعلام محلية، إلى أن هذا القرار جاء على الرغم من وجود بدائل مثل النسخ الإلكترونية أو استعارة الكتب من المكتبات المدرسية أو تبادلها بين الطلاب.
فاطمة، التي تقيم في القاهرة، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «حتى العام الماضي لم يكن شراء الكتب من المدرسة إلزامياً، كنا نشتريها من الخارج بأسعار لا تتعدى الـ300 جنيه، والآن مفروض علينا أن نشتريها بأضعاف هذا المبلغ، والأسوأ أنها لا تُغني عن الكتب الخارجية».
وانتقد أولياء أمور طلاب، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما عدّوه «مغالاة» في أسعار الكتب المدرسية، التي تجاوزت الأسعار التي تطرحها المدارس الخاصة، وهو ما ردت عليه وزارة التربية والتعليم في بيان، الجمعة، بأن «أسعار الكتب الدراسية للمدارس الرسمية لغات والرسمية المتميزة لغات تتضمن أسعار كتب المستوى الرفيع في اللغات للفصلين الدراسيين، في حين لا تتضمن أسعار الكتب الدراسية للمدارس الخاصة كتب المستوى الرفيع».
وأضافت الوزارة أنها «اتخذت خطوة للمرة الأولى بعدم ربط تسليم الكتب الدراسية للطلاب بدفع المصروفات، وتيسيراً على أولياء الأمور فقد تم تقسيم المصروفات الدراسية بما في ذلك مصروفات الكتب الدراسية على أربعة أقساط».
لكن لم يقلل قرار «تقسيط المصروفات» من انتقادات أولياء الأمور، خصوصاً وأن «قيمة القسط الأول كبيرة» حسب الحزاوي، قائلة إن «أولياء الأمور يتدبرون مصروفات المدارس بـ(الكاد)، فهذه المدارس يقصدها أبناء طبقة (محدودة الدخل أو متوسطة) وليست لديها قدرة على استيعاب أي مفاجآت أخرى، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات في البلاد».

ووفق بيان توضيحي صادر عن «التربية والتعليم» أخيراً يتضمن أسعار الكتب وقيمة الأقساط، أظهر أن قيمة القسط الأول «تمثل ما نسبته نحو 40 في المائة».
«الشرق الأوسط» حاولت التواصل مع متحدث وزارة التربية والتعليم للتعليق على جدل زيادة المصروفات؛ لكن لم يتسن لها ذلك.
وبحسب التعديلات في لائحة المدارس التجريبية التي أعلنت عنها «التعليم» قبل نحو أسبوع، فإنه في «حال امتناع الطالب عن دفع المصروفات خلال العام الدراسي سيتم نقله إلى مدرسة حكومية».
الخبير التربوي المصري، وائل كامل، قال إن «القرار الأخير لـ(التعليم) غير مبرر، وأثار جدلاً واسعاً، خصوصاً أنه يزيد من قيمة خدمة مقدمة للطلاب، وفي المقابل لا يوجد أي تحسن في هذه الخدمة التي تواجه أزمات كبيرة، سواء في زيادة عدد الطلاب داخل الفصل الواحد، وصلت لـ70 طالباً، أو قلة أعداد المدرسين، أو عدم وجود مدرسين في بعض المواد».
واشتكى أحد أولياء الطلاب، ويقيم في محافظة الجيزة، فضّل عدم ذكر اسمه، من زيادة المصروفات 3 أضعاف، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «الأسعار زادت نحو 3000 جنيه لطفليه بسبب الكتب، في ظل ضعف الخدمات بالمدارس». فيما أوضحت دينا المراغي، ولي أمر طفلين في مدرسة تجريبية لـ«الشرق الأوسط» أن «التكاليف لا تقف عند المصروفات والكتب فقط، بل تمتد للأدوات والأنشطة والدروس، ما يجعل التعليم في مراحله الأولى عبئاً اقتصادياً ونفسياً على الأسرة، بدلاً من أن يكون بداية مبهجة للأطفال».




