تصاعدت الخلافات بين رئيس «المجلس الرئاسي» الليبي، محمد المنفي، وحكومة أسامة حماد الموالية لمجلس النواب، بعدما انتقد الأول اتجاه البرلمان لاحتمالية تمرير ما وصفه بـ«موازنات غير دستورية»، داعياً إلى «حوار وطني عاجل» لمناقشة «المخاطر الجسيمة»، يعقد في أي مدينة ليبية.
وعدّ المنفي، في رسالة موجهة إلى عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، أن مسؤولية حماية «المالية العامة وحق الأجيال، تحتم إطلاق حوار وطني مع جميع المؤسسات المنبثقة عن الاتفاق السياسي»، داعياً مجدداً إلى الالتزام بهذا الاتفاق المضمّن بالإعلان الدستوري بموجب (التعديل الدستوري الـ11).
وسجل المنفي اعتراضه على ما يتم تداوله عن نية النواب «تمرير قوانين مالية دون الالتزام بالإجراءات الدستورية»، وأكد ضرورة إحالة مشروع الموازنة من الحكومة التنفيذية بالتشاور مع «المجلس الأعلى للدولة»، وموافقة 120 نائباً في جلسة صحيحة النصاب، لافتاً إلى صلاحية المجلس الرئاسي الحصرية «في إصدار القوانين بعد إقرارها».
وحذّر المنفي من أن تجاوز هذه الإجراءات يجعل القوانين «باطلة بطلاناً مطلقاً، ويعرّض المصرف المركزي ومؤسسة النفط والمصارف التجارية لمسؤوليات قانونية».
لكن حكومة حماد، سارعت إلى رفض موقف المنفي، وعدّته «مليئاً بالمغالطات القانونية والدستورية، وتعدياً على اختصاصات لا يملكها وفق اتفاق جنيف».
وقالت الحكومة في بيان، إن «الرئاسي لا يملك سلطة تشريعية، وإن اختصاصاته محددة في تمثيل الدولة وتعيين السفراء والمصالحة الوطنية فقط»، واتهمت المنفي بـ«مخالفة مبدأ الفصل بين السلطات والسعي إلى الابتزاز السياسي والمالي، وتهميش أعضاء المجلس الرئاسي الآخرين».
وبعدما وجهت انتقادات حادة «لسجله المالي»، واتهمته بـ«الإسراف والإنفاق الوهمي، والتغاضي عن فساد الحكومة السابقة والتسبب في أزمة المصرف المركزي، وتمكين عناصر خارجة عن القانون من السيطرة عليه»، أكدت استقلال «صندوق إعادة الإعمار وموازنته، واعتمادها من قبل السلطة التشريعية».
وكان المنفي، أكد «أهمية انسجام أدوار البعثة الأممية مع تطلعات الشعب الليبي في دعم الاستقرار، وتحفيز العملية السياسية، ومعالجة التحديات الاقتصادية والأمنية، بما يُعزز سيادة الدولة واستقلال قرارها».
وناقش المنفي، مساء الأحد بمقر المجلس في طرابلس، مع فريق المراجعة الاستراتيجية التابع للأمم المتحدة، الدور التقييمي للفريق في مراجعة أداء بعثة الأمم المتحدة في ليبيا: «بهدف تعزيز فاعلية البعثة وتكييف مهامها وفقاً لأولويات واحتياجات المرحلة الراهنة في البلاد».
ونقل عن أعضاء الفريق، حرصهم على الاستماع إلى وجهات النظر الوطنية، ودمجها ضمن عملية التقييم الشاملة التي يقومون بها، مشيرين إلى أن نتائج المراجعة ستُرفع إلى الأمين العام للأمم المتحدة.
بدوره، أكد عبد الله اللافي نائب المنفي، التزام «المجلس الرئاسي»، بدعم جهود بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والتعاون البنّاء مع مخرجات اللجنة الاستشارية المنبثقة عنها. وعدّ في لقائه مساء الأحد، مع السفير الإيطالي جيانلوكا ألبريني أن «تهيئة الظروف الملائمة لإجراء الانتخابات، تمثل أولوية وطنية قصوى، ومساراً لا غنى عنه، للعبور بالبلاد نحو السلام الدائم، والاستقرار المستدام».
ونقل عن ألبريني دعم بلاده لجهود «الرئاسي، في تثبيت التهدئة وبسط الأمن من خلال اللجنة العسكرية، والحرص على إدارة المرحلة الحالية بحكمة ومسؤولية، بما يضمن الحفاظ على المسار السياسي».
بموازاة ذلك، أبلغ رئيس «حكومة الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، وفداً من مشايخ وأعيان قبائل الطوارق التقاه مساء الأحد بطرابلس، أن حكومته «منفتحة على كل الأطراف الوطنية التي تسعى إلى تعزيز وحدة ليبيا وتجاوز الانقسامات»، مؤكداً أن المرحلة الحالية «تتطلب تكاتف جميع أبناء الوطن لتحقيق الاستقرار وبناء الدولة».
وأكد «التزام الحكومة بمواصلة العمل على توفير الخدمات الأساسية، وتعزيز التنمية في مناطق الطوارق، بما يعكس مبدأ العدالة والمساواة بين جميع مكونات الشعب الليبي»، مشيداً «بالدور الوطني والمسؤول الذي تضطلع به قبائل الطوارق في دعم الاستقرار والوحدة الوطنية».
ونقل عن الوفد: «دعمه الكامل للحكومة، وإشادته بجهودها لتحقيق الأمن والاستقرار وتحسين الأوضاع المعيشية في مختلف المناطق الليبية، لا سيما في مناطق الجنوب»، مشيرا إلى مناقشة ملفات تتعلق بالتنمية المحلية، وتعزيز الاستقرار في الجنوب، ودعم جهود المصالحة الوطنية.
في غضون ذلك، قالت بعثة الأمم المتحدة إنها بدأت مشاورات شبابية على مستوى البلاد حول العملية السياسية، مشيرة إلى لقائها بالشباب في أربع مدن.
وأوضحت، أن الشباب الذين يُمثلون 38 في المائة من السكان وفقاً لإحصاءات الرسمية، ينبغي إشراكهم في العملية السياسية، مشيرة إلى أنها أطلقت لتحقيق ذلك، بالإضافة إلى اجتماعاتها الدورية مع الشباب (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما)، برنامجاً واسع النطاق، يهدف إلى إشراك 500 شاب وشابة في جميع أنحاء ليبيا خلال الأشهر المقبلة.
وأدرجت البعثة هذا في إطار الجهود التي تبذلها لإشراك المجتمع في مشاورات حول توصيات اللجنة الاستشارية، وكيفية إيصال ليبيا إلى الانتخابات وتوحيد المؤسسات، مشيرة إلى أن الاجتماعات المُخصصة مع ممثلين عن الشباب، تتم عبر الإنترنت وبالحضور الشخصي.