دخل «صراع الشرعيات» في ليبيا مرحلة جديدة، بعدما اعترض عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، مجدداً على «الإنفاق الموازي البعيد عن الميزانية الرسمية للدولة»، فيما انتقد «المجلس الأعلى للدولة»، تمرير مجلس النواب لميزانية خاصة بـ«صندوق إعادة الإعمار»، برئاسة بالقاسم نجل المشير خليفة حفتر قائد «الجيش الوطني».
واستغل الدبيبة اجتماعه، مساء الاثنين، بعدد من أعضاء «مجلس الدولة»، لتأكيد رفض الحكومة القاطع «لأي مسارات موازية للإنفاق العام خارج الأطر الشرعية»، محذراً من أن هذه الممارسات «تُحمّل الدولة أعباء مالية ضخمة تُصرف في أبواب غير حقيقية، ثم يُعاد تعويضها عبر الدين العام، ما يعني عملياً خصماً من جيب المواطن، وخفضاً فعلياً لقيمة دخله».
وشدد على «أن المواطن الليبي لن يستفيد من مشروعات تُنفّذ بأسعار مُضاعفة خارج النظام المالي الموحد»، قائلاً: «ما جدوى المشروعات إذا كانت تُنفذ بأسعار مُضاعفة، وتُخصم من جيب المواطن عبر الدين العام؟».

وطالب الدبيبة، عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، «بالإفصاح عن مصير أكثر من 100 مليار دينار تم إنفاقها خارج الميزانية العامة خلال العامين الماضيين»، مؤكداً «أن هذه المطالبة لا تأتي من باب الشفافية فقط، بل نتيجة مباشرة لما تسبب فيه هذا الإنفاق من تدهور في قيمة الدينار الليبي، وانعكاسات خطيرة على دخل المواطن وثقة السوق».
كما أشار إلى «أن عدداً من الخبراء الاقتصاديين نبّهوا إلى أن إقرار ميزانية موازية، رغم مخالفتها القانونية، من شأنه أن يؤدي مباشرة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية، نتيجة اختلال الثقة المالية وزيادة الضغط على الاحتياطيات، الأمر الذي ينعكس سلباً على استقرار العملة ومستوى معيشة المواطن».
وعدّ الدبيبة «أن المسؤوليتين؛ الوطنية والقانونية، تقعان على جميع المؤسسات لوقف هذا النزيف المالي، والدفاع عن وحدة المالية العامة، والحفاظ على استقرار الاقتصاد والدينار الليبي».
بدوره، أعلن «المجلس الأعلى للدولة» رفضه لمناقشة مجلس النواب لبند مالي يتعلق بـ«صندوق إعمار ليبيا»، عادّاً أن الخطوة تمّت خارج الأطر القانونية والدستورية المعمول بها.
وأكد في بيان، «أن اعتماد الميزانية -بما في ذلك البنود الاستثنائية- يجب أن يتم وفقاً لمسار دستوري واضح، يبدأ بتقديمها من حكومة شرعية معترف بها، ثم إحالتها للمجلس الأعلى لإبداء الرأي، قبل اعتمادها نهائياً من مجلس النواب»، لافتاً إلى أن هذه الخطوات «لم تُستكمل، ما يجعل ما جرى سابقة خطيرة في إدارة المال العام».
كما حذّر «من التداعيات الاقتصادية السلبية للتوسع غير المدروس في الإنفاق، في ظل غياب توافق وطني على الميزانية»، مؤكداً أن ذلك «سيؤدي إلى زيادة التضخم، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، وتآكل القدرة الشرائية للدينار الليبي، فضلاً عن تفاقم عمليات التهريب، وتهديد مدخرات المواطنين».
وشدّد المجلس «على أن إعادة الإعمار حق لكل الليبيين، لكنه لا يمكن أن يتم إلا عبر أدوات شرعية، وتخطيط مالي سليم، وتحت رقابة حقيقية تضمن عدالة وفاعلية توزيع الموارد، بعيداً عن التوظيف السياسي الذي يعمّق الانقسام، ويزيد من الهدر».
وكان مجلس النواب قد أعلن رسمياً موافقته، في ختام جلسته الرسمية مساء الاثنين، على إعداد ميزانية «صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا»، مع تقديم الإيضاحات المطلوبة وملاحظات النواب، وتشكيل لجنة تضم عضواً عن كل دائرة، للاجتماع مع إدارة الصندوق لتوضيح كيفية صرف الميزانية على جميع المناطق.

في شأن آخر، قالت رئيسة بعثة الأمم المتحدة هانا تيتيه، إنها بحثت مع القائم بأعمال سفارة المملكة العربية السعودية، أحمد الشهري، آخر التطورات في العاصمة وفي عموم ليبيا، إلى جانب المشاورات الجارية بشأن نتائج اللجنة الاستشارية، مشيرة إلى اتفاق الطرفين «على ضرورة الحفاظ على الهدنة في طرابلس، وأهمية المُضي قدماً في عملية سياسية شاملة تهدف إلى تيسير إجراء الانتخابات الوطنية».
وكانت هانا تيتيه، قد عدّت «أن الليبيين فقدوا الثقة بالطبقة السياسية الحالية»، وطالبت لدى اجتماعها مساء الاثنين بعمداء وأعيان وحكماء المنطقة الغربية والجبل «بأن تكون الحكومة المقبلة انعكاساً لتطلعات الليبيين»، وقالت إن البعثة الأممية «ليست مؤسسة غربية تقف ضد الشعب الليبي».
بدوره، دعا عميد مدينة الزاوية، التي استضافت الاجتماع، «للم الشمل وتجنب الحروب»، وأوضح أن البعثة الأممية تسعى من خلال هذه الاجتماعات إلى «تعزيز التفاهم بين الأطراف الليبية المختلفة، وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وضمان حماية المدنيين».

من جهة أخرى، قالت حكومة «الوحدة»، إن وزارتها للحكم المحلي، سلّمت بلدية الأصابعة 154 صكاً مالياً دفعة أولى لتعويض المواطنين المتضررين من الحرائق التي تشهدها المدينة منذ فترة، والتي تسببت في تضرر عدد كبير من المنازل.
وقدّم عميد البلدية عماد المقطوف خلال اجتماع حضره مع وزير الحكم المحلي المكلّف، عبد الشفيع الجويفي، في طرابلس، وأعضاء لجنة تعويض المتضررين من أهالي المدينة، تقريراً مفصلاً حول نتائج أعمال اللجنة، موضحاً أنها أنهت عمليات المعاينة، وتقييم الأضرار التي لحقت بنحو 306 منازل.






