اجتماع للمعارضة في مقديشو... مبادرة للتوافق أم ورقة ضغط؟

ناقشوا الخلافات مع الحكومة الصومالية بشأن الانتخابات وتوسيع «الحوار الوطني»

معارضون يعقدون لقاءً في مقديشو لمناقشة أوضاع البلاد (وسائل إعلام صومالية)
معارضون يعقدون لقاءً في مقديشو لمناقشة أوضاع البلاد (وسائل إعلام صومالية)
TT

اجتماع للمعارضة في مقديشو... مبادرة للتوافق أم ورقة ضغط؟

معارضون يعقدون لقاءً في مقديشو لمناقشة أوضاع البلاد (وسائل إعلام صومالية)
معارضون يعقدون لقاءً في مقديشو لمناقشة أوضاع البلاد (وسائل إعلام صومالية)

عقد اجتماع للمعارضة في الصومال، عقب تحضيرات للحكومة الفيدرالية لإجراء «حوار وطني» دعا إليه الرئيس حسن شيخ محمود، وسلط الضوء على بنود عدة كان أبرزها الخلافات بشأن «الانتخابات المباشرة» المقررة في 2026.

مخرجات ذلك الاجتماع التي لم تحسم المشاركة بـ«الحوار الوطني» يراها خبير في الشؤون الأفريقية في حديث لـ«الشرق الأوسط»، مجرد ورقة ضغط لا تحمل أي بنود توافق مستقبلية، مؤكداً أن المعارضة يهمها فقط تغيير الانتخابات المباشرة والبقاء في النظام الحالي القائم على النفوذ القبلي، وهذا لن يقبل به الرئيس الحالي.

وناقش معارضون صوماليون الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد والخلافات القائمة بين الحكومة والمعارضة في قضية الانتخابات، بحسب ما نقله الموقع الإخباري «الصومال الجديد»، السبت.

وشارك في اللقاء، الذي عقد الجمعة، بمقديشو، الرئيس الصومالي الأسبق شريف شيخ أحمد، ورئيسا الوزراء السابقان عمر عبد الرشيد علي شرماركي، وحسن علي خيري، ورئيس البرلمان السابق شريف حسن شيخ آدم، ووزير الخارجية السابق أحمد عيسى عوض، والنائب عبد الرحمن عبد الشكور، وأعضاء آخرون من البرلمان الصومالي.

وانتهت المخرجات إلى «إعلان مساندة الحكومة في الحرب على (حركة الشباب) المتزايدة منذ أسابيع، والمطالبة بتوسيع المشاركة في الحوار الوطني، بخلاف التحذير من أي محاولة للتشبث بالسلطة، وضرورة إجراء انتخابات يتفق عليها أصحاب المصلحة السياسية».

وبرأي الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإن ذلك الاجتماع ورقة ضغط من المجتمعين تستهدف تراجع الرئيس الصومالي عن النظام الانتخابي، خصوصاً أنهم غير راغبين في أن ينفذ، ولم يطرحوا أي مبادرة توافق.

ولا تنوي حكومة حسن شيخ محمود، بحسب تقدير إبراهيم، أن تراجع استراتيجياتها في نظام الانتخابات، خصوصاً أن تحالفاتها الجديدة راغبة في ذلك، وأي أمر آخر سيفقدها شعبية وقوة ذلك التحالف، مضيفاً: «سيحاول الرئيس الصومالي ألا يتراجع عن موقفه، فإذا ازداد الضغط عليه وكانت هناك تدخلات خارجية فقد يكون هناك رأي آخر، أما إذا لم تكن هناك معارضة قوية فسيواصل برنامجه الانتخابي وتنفيذ الانتخابات في 2026».

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خلال لقائه قيادات عدد من الولايات في وقت سابق (وكالة الأنباء الصومالية)

وجاء اجتماع المعارضة الصومالية بعد يومين من بدء لجنة من الحكومة الفيدرالية اجتماعاتها للتحضير لـ«الحوار الوطني» بلقاء مع ممثلي منظمات المجتمع المدني، بعد نحو شهرين من إعلان الرئيس حسن شيخ محمود، في 29 مارس (آذار) الماضي، تدشين منصة للقادة السياسيين والمدنيين الصوماليين، بهدف ضمان أن تكون آراء وجهود القادة جزءاً من الجهود الوطنية لمكافحة الإرهاب وتعزيز بناء نظام ديمقراطي وفيدرالي في البلاد عبر الانتخابات المباشرة.

وقبل انطلاق تحضيرات «الحوار الوطني» كانت الخلافات السياسية لافتة، وأسس الرئيس الصومالي في 13 مايو (أيار) الحالي «حزب العدالة والتضامن» ليضُم في صفوفه قيادة الحكومة الفيدرالية، وقادة الولايات الإقليمية، باستثناء رئيسَي بونتلاند سعيد عبد الله دني، وغوبالاند أحمد مدوبي، اللذين غابا عن اجتماع المجلس الاستشاري للبلاد قبل تأسيس الحزب بأيام.

وانتُخب شيخ محمود زعيماً للحزب ومرشحاً له في الانتخابات المباشرة المرتقب عقدها في البلاد عام 2026 بعد 57 عاماً من آخر اقتراع أُجري عام 1968، بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي تعتمد بشكل رئيسي على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس التي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية». ولاقى الحزب الجديد رفضاً من دني ومدوبي وقتها في مواقف رسمية منفصلة، تلاها إصدار 15 شخصية سياسية بارزة في الصومال، بياناً دعوا خلاله إلى عقد مشاورات عاجلة لإنقاذ البلاد.

وعن مشاركة المعارضة بـ«الحوار الوطني»، يرى إبراهيم «أهمية أن نحدد من المعارضة أولاً، إذا كان من رئيس إقليمي بونتلاند وغوبالاند، فهما غير مستعدين بمشاركة أي حوار وطني، قبل أن يتراجع الرئيس الصومالي عن التغييرات الدستورية التي قام بها بشأن الانتخابات».

أما المعارضة الأخرى فهم مرشحو الرئاسة وليسوا أحزاباً أو أقاليم، وهم أقل أهمية بالنسبة للحكومة ومن الممكن حدوث توافق وحلول للأزمة السياسية في الصومال.

وبرأي الخبير في الشؤون الأفريقية فإنه «لا بد أن نعرف أن الخلافات السياسية في الصومال، سياسات بالوكالة وتصفية حسابات، فالجهات التي لها تدخلات في الصومال، لا بد أن تكون جزءاً من الحلول أو أن تترك للصوماليين وحدهم حتى يحلوا مشاكلهم؛ لكن ما دام هناك تدخلات خارجية غير إيجابية لا توجد حلول في السياسة الصومالية».


مقالات ذات صلة

زيارة أميركية تُنعش طموحات «أرض الصومال» بالاعتراف الدولي

شمال افريقيا وفد أميركي خلال زيارة «أرض الصومال» (رئاسة أرض الصومال على «إكس»)

زيارة أميركية تُنعش طموحات «أرض الصومال» بالاعتراف الدولي

زيارة أميركية دبلوماسية وأمنية لإقليم «أرض الصومال» التي تملك ميناء استراتيجيّاً على البحر الأحمر، تأتي بعد شهر من طرق هرجيسا أبواب الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
أفريقيا كونغوليون يحملون أمتعتهم أثناء فرارهم من قراهم في أعقاب اشتباكات بين حركة «23 مارس» والجيش الكونغولي قرب غوما (رويترز)

السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا... هل اقترب بعد إعلان ترمب؟

إعلان أميركي جديد بشأن «معاهدة سلام» بين الكونغو الديمقراطية ورواندا فتح تساؤلات جادة حول مستقبله خصوصاً بعد أن حدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب موعداً للمعاهدة

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
أفريقيا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يتوسط نظيريه الرواندي والكونغولي (أ.ف.ب)

اتفاق السلام بين كينشاسا وكيغالي... كيف ينعكس على أزمة «شرق الكونغو»؟

اتفاق أولي للسلام وقعته الكونغو الديمقراطية ورواندا برعاية أميركية، يتضمن نصاً بـ«فك الارتباط ونزع السلاح والدمج المشروط للجماعات المسلحة غير التابعة للدولة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من جيش الكونغو تتمركز في مواقعها بعد تجدد القتال بكليمانيوكا خارج غوما في مقاطعة شمال كيفو (رويترز)

تأجيل اتفاق السلام بين رواندا والكونغو... هل تقلصت فرص الحل؟

تعثر جديد تشهده أزمة شرق الكونغو الديمقراطية المتصاعدة منذ يناير الماضي مع حركة «23 مارس» المتمردة

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يترأس «المنتدى التشاوري الوطني» (وكالة الأنباء الصومالية)

هل تؤسس «المشاورات الوطنية» في الصومال لمسار سياسي مع المعارضة؟

لم تشارك المعارضة الصومالية في «منتدى التشاور الوطني»، إلا أنه شهد تأكيداً رئاسياً على فتح باب للتشاور وإمكانية إيجاد حل مستدام وشامل لأزمة الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الانقسام يتعمّق بين تكالة والمشري بشأن رئاسة «الأعلى للدولة» الليبي

محمد تكالة وخالد المشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)
محمد تكالة وخالد المشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)
TT

الانقسام يتعمّق بين تكالة والمشري بشأن رئاسة «الأعلى للدولة» الليبي

محمد تكالة وخالد المشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)
محمد تكالة وخالد المشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)

في مؤشر على تعمُّق الانقسام داخل «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا، سعى محمد تكالة لتأكيد استمراره رئيساً للمجلس، في مواجهة خصمه خالد المشري، على الرغم من صدور حكم قضائي مؤخراً عن المحكمة العليا بشأن رئاسة المجلس، رأى فيه المشري «حسماً للخلاف على رئاسة المجلس لصالحه».

خالد المشري في لقاء سابق مع لجنة التواصل والحوار للقيادات الاجتماعية الليبية في المنطقة الغربية (صفحة المشري على «فيسبوك»)

وبينما يُنظر إليه على أنه تكريس للانقسام، قال تكالة إنه تابع، مساء الأحد، في اجتماعه مع مكتب رئاسة المجلس بحضور نائبَيْه الأول والثاني ومُقرره «سير العمل داخل مقر المجلس، وبحث مستجدات الحالة السياسية والأمنية المتعلقة بالشأن الليبي محلياً ودولياً»، مشيراً إلى أنه ناقش معهم «ما تم إنجازه بشأن مبادرته الهادفة إلى تنفيذ انتخابات مبكرة وتوحيد المجلس المنقسم».

وكان المشري قد قال إنه وجَّه خطاباً رسمياً خلال الأسبوع الماضي إلى المجلس الرئاسي، أحاطه فيه بالحكم القضائي الصادر عن المحكمة العليا، وقال إنه «حسم الخلاف حول رئاسة المجلس لصالحه»، لكن تكالة لم يعتدّ بذلك ومضى في ممارسة مهامه رئيساً من مقر آخر منفصل.

ودبّ الانقسام داخل صفوف المجلس الأعلى وتحوَّل إلى فريقَيْن يتبعان المشري وتكالة، منذ أغسطس (آب) 2024 بحصول الأول على 69 صوتاً، مقابل 68 للثاني، قبل أن يتفجَّر جدل واسع حول قانونية تصويت أحد الأعضاء، بعد كتابته اسم تكالة في غير المكان المخصص، وعلى أثر ذلك تم اللجوء إلى القضاء لحسم هذا الخلاف.

وكان تكالة قد أطلق مبادرة الشهر الماضي قال إنها تستهدف «توحيد المجلس المنقسم على نفسه، وتعتمد على إجراء انتخابات مبكرة لمكتب الرئاسة»، لكن المشري لم يتفاعل معها باعتباره «الأحق برئاسة المجلس».

محمد تكالة يترأس الاجتماع الدوري لرئاسة «المجلس الأعلى للدولة» (المجلس الأعلى)

في غضون ذلك، كلَّف عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، علي محمد اشتيوي، بمنصب رئيس جهاز الشرطة القضائية، بعد إعفاء صبري هدية من مهامه مع الاحتفاظ بمهامه الحالية وكيلاً عاماً لوزارة العدل.

وجاء تكليف اشتيوي الذى يُعدّ من الشخصيات المقربة من الدبيبة، بعد اتهامه بـ«التورط في حادث اقتحام مقر المصرف المركزي في العاصمة طرابلس»، علماً بأنه تولى سابقاً التحقيق في تقارير أممية تتعلّق بأداء جهاز الشرطة القضائية.

كما اعتمد الدبيبة مشروع وثيقة السجل الاجتماعي الموحّد، المقدّم من وزيرة الشؤون الاجتماعية وفاء الكيلاني، التي عرضت آليات عمل المشروع ومكوناته الأساسية، موضحة أنه يعتمد على قاعدة بيانات موحدة تُدمج المعلومات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين؛ بهدف تحديد الفئات المستحقة للدعم بدقة وشفافية.

وأوضحت أن المشروع يتضمّن نظام تصنيف يحدّد الأولويات بناء على معايير اجتماعية مثل مستوى الدخل، والحالة الصحية، وعدد أفراد الأسرة، إلى جانب تضمينه آليات تحديث دورية للبيانات لضمان استمرارية دقة المعلومات.

مذكرة احتجاج لليونان

من جهة أخرى، استدعت وزارة الخارجية في حكومة أسامة حماد، مساء الأحد، أغابيوس كالوغنوميس، قنصل اليونان، إلى مقرها بمدينة بنغازي في شرق البلاد، مشيرة إلى تسليمه مذكرة شفوية تتضمّن احتجاجاً رسمياً على خلفية إعلان السلطات اليونانية «فتح عطاءات للتنقيب عن الهيدروكربونات في مناطق بحرية متنازع عليها جنوب جزيرة كريت، تُعد جزءاً من المنطقة الاقتصادية الخالصة الليبية».

وأكدت الوزارة «رفضها التام لأي إجراءات أحادية الجانب من شأنها المساس بالحقوق السيادية لليبيا، داعية الجانب اليوناني إلى توضيح أسباب هذه التصرفات، والعودة إلى طاولة الحوار لتسوية هذا الملف وفقاً للقانون الدولي ومبادئ حسن الجوار».

وكانت الوزارة قد عبَّرت، في بيان رسمي، عن «استغرابها وإدانتها لهذه الخطوة اليونانية»، مؤكدة تمسّك ليبيا «بحقوقها الكاملة في مناطقها البحرية، واستعدادها للدفاع عنها بالسبل المشروعة كافّة».

وأعلنت السلطات اليونانية مؤخراً عزمها التعاقد مع شركات دولية لإجراء أعمال بحث وتنقيب عن النفط والغاز في منطقة متنازع عليها بين البلدَيْن، تقع جنوب وجنوب غربي جزيرة كريت.

ومن المقرر أن يبدأ وزير الخارجية اليوناني، جورج جيرابتريتيس، زيارة إلى ليبيا مطلع الشهر المقبل، حيث يناقش في طرابلس وبنغازي الخلاف بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدَيْن.

من جهته، قال القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، إنه بحث مع سفير المملكة المتحدة مارتن لونغدن، مساء الأحد، آخر المستجدات السياسية على الساحة المحلية والإقليمية، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون في المجالات محل الاهتمام المشترك، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدَيْن.

وأوضح مارتن أن الاجتماع ناقش آخر المستجدات في ليبيا، و«تأكيد الدعم للعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة عقب مؤتمر برلين» الذي عُقد يوم الجمعة الماضي.