«المفوضية» تقلص دعمها للاجئين في مصر... فهل تتحمل القاهرة التبعات؟

لاجئات سودانيات في أسوان (جنوب مصر) (مفوضية اللاجئين)
لاجئات سودانيات في أسوان (جنوب مصر) (مفوضية اللاجئين)
TT

«المفوضية» تقلص دعمها للاجئين في مصر... فهل تتحمل القاهرة التبعات؟

لاجئات سودانيات في أسوان (جنوب مصر) (مفوضية اللاجئين)
لاجئات سودانيات في أسوان (جنوب مصر) (مفوضية اللاجئين)

يخشى السوداني المقيم في مصر منذ 6 سنوات بصفته لاجئاً سياسياً، الهادي الشايقي (40 عاماً)، أن يفتح أي رسالة جديدة تصل إلى هاتفه، منذ أن أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في مصر تقليص دعمها النقدي لبعض اللاجئين، مشيرة إلى أنها سترسل رسالة إلى من ستقطع عنهم الدعم.

وأرجعت المفوضية الأممية قرارها بوقف الدعم عن بعض الأسر، إلى «نقص التمويل الحاد»، قائلة في بيان، الثلاثاء، إنه «سيتم تقليل عدد العائلات المستفيدة من المساعدة النقدية متعددة الأغراض (المنتظمة) ابتداءً من مايو (أيار) الحالي، وستستمر فقط الحالات الأكثر احتياجاً في الحصول على المساعدة النقدية».

تمنى الشايقي ألا تصل إليه هذه الرسالة أبداً، سأل «الشرق الأوسط» في لهفة: «إذا لم تصلني أبقى معهم... أليس كذلك؟». لدى الأب السوداني 6 أبناء أكبرهم 12 عاماً وأصغرهم عامان ونصف العام ومريض بـ«الكُلى»، و«قطعت المفوضية دواءه منذ أشهر عدة، بدعوى أنه حصل عليه طيلة عام وهذا يكفي»، متمنياً ألا يزيد الأمر سوءاً بحذفه من قوائم الدعم الذي تتحصل عليه العائلة كل شهر (نحو 65 دولاراً).

ولم تتلقَ مفوضية اللاجئين في العام الماضي، سوى أقل من تصف المبلغ المطلوب، لدعم أكثر من 939 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين من السودان و60 دولة أخرى يقيمون حالياً في مصر، بحسب تقرير لها في مارس (آذار) الماضي.

لاجئات سودانيات في القاهرة (مفوضية اللاجئين)

وحذَّر أمين الجالية السودانية في حي «العاشر من رمضان» بالقاهرة، إبراهيم عز الدين، من أن القرار «سيؤثر على آلاف الأسر»، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «رغم قلة المبلغ التي تحصل عليه تلك الأسر، ويقدَّر بنحو 400 جنيه للفرد (الدولار 50.46 جنيه)، لكن غيابه سيزيد معاناة هذه الأسر، وربما يدفع المزيد إلى العودة للسودان رغم أن الأوضاع ليست آمنة تماماً».

وعاد أكثر من 200 ألف سوداني كانوا مقيمين في مصر إلى بلدهم منذ بداية العام الحالي، مقارنة بنحو 75 ألف سوداني خلال عام 2024، وفق القنصل السوداني في أسوان، عبد الله عبد القادر، الذي توقع في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط»، عودة المزيد منهم خلال الفترة المقبلة.

ويرى عز الدين أن «تبعات وقف الدعم ستكون أكبر على اللاجئين السياسيين المقيمين منذ فترة، بينما الوافدون الجدد بعد الحرب يستطيعون العودة، على عكسهم».

ومثل السودانيين، ستتأثر «آلاف الأسر السورية بالقرار الجديد»، حسب رئيس مجلس إدارة مؤسسة «سوريا الغد» في مصر ملهم الخن، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تصوراً خاطئاً بأن الجالية السورية كلها مقتدرة؛ لامتلاك بعض أبنائها مشاريع، لكن الجالية تضم الكثير من الفقراء، ممن يتلقون دعماً من المفوضية أو من مؤسسات مجتمع مدني محلية».

وتوقع الخن أن «يؤدي القرار الجديد إلى تدهور أوضاع هؤلاء، خصوصاً وأن تقليص الدعم الأميركي، انعكس أيضاً على كثير من المؤسسات التي كانت تحصل على منح. أما المؤسسات التي تعمل على جمع التبرعات فلن تستطيع سد فجوة تقليص دور المفوضية».

أطفال سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

ووفق بياناتها، اضطرت المفوضية إلى تعليق جميع أشكال العلاج الطبي للاجئين في مصر، باستثناء التدخلات الطارئة المنقذة للحياة؛ ما أثر على نحو 20 ألف مريض، بما في ذلك من يحتاجون إلى جراحات السرطان والعلاج الكيميائي وجراحات القلب والأدوية لعلاج الأمراض المزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم.

ويقول رئيس الجالية السورية السابق في القاهرة، راسم الأتاسي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الملف السوري لم يعد ملفاً ساخناً، وتقليص دعم أبناء سوريا يحدث منذ فترة»، متوقعاً أن «يزيد القرار الجديد معاناة الكثير من الأسر».

واستبعد الخن أن يدفع قرار المفوضية المزيد من الأسر للعودة إلى سوريا، قائلاً إن «قرار العودة ليس سهلاً، خصوصاً وأن أسعار الإيجارات والسلع هناك مرتفعة جداً لزيادة الطلب وقلة العرض، فالأفضل العودة التدريجية». وتابع: «الوضع في مصر يظل أفضل بالنسبة للسوريين من العودة في الظروف الحالية، والأولى بالعودة هم من يعيشون في مخيمات».

ماذا عن مصر؟

تقدّر البيانات الحكومية المصرية أعداد الأجانب الموجودين بأكثر من 9 ملايين من 133 دولة، ما بين لاجئ وطالب لجوء ومهاجر ومقيم، يمثلون 8.7 في المائة من تعداد السكان الذي تجاوز 107 ملايين نسمة.

وتشكو مصر باستمرار من تحملها عبء تدفق موجات مستمرة من الوافدين الذين اضطروا إلى ترك بلادهم؛ بسبب الصراعات، مقدّرة التكلفة التي تتحملها من استضافتهم بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، في حين شكا وزير الخارجية بدر عبد العاطي، في يناير (كانون الثاني) الماضي، من «تواضع الدعم الدولي للاجئين والوافدين الذين تتزايد أعباؤهم على مصر».

ولم تعلّق مصر رسمياً حتى الآن على قرار المفوضية، لكن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان»، الباحث في ملف اللاجئين الدكتور أيمن زهري، وكذلك عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، سحر البزار، اتفقا على أن تبعات القرار ستقع حتماً على الدولة المضيفة.

يقول زهري لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر دولة كبيرة رضيت أن تتحمل عبء الوافدين خلال السنوات الماضية، ولا يمكن بأي حال أن تتنصل من دورها حالياً أو تُقصّر فيه، لكن في الوقت نفسه على دول العالم أن تتقاسم الأعباء مع مصر»، كما تلزم المواثيق الدولية.

ورأت البرلمانية المصرية، ضرورة تقديم برامج أو منح تسد العجز الذي سيخلفه تقليص دعم المفوضية النقدي للاجئين، لافتة إلى أن «مصر لا تواجه فقط مخاطر اقتصادية، بل باتت في مواجهة مخاطر اجتماعية أيضاَ».

وأشارت البزار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «فرص ارتفاع معدلات الجريمة مع توقف الدعم»، وتساءلت: «ماذا سيفعل هؤلاء بعدما يجدون أنفسهم في الشارع لا يستطيعون إيجاد منزل يأويهم أو طعاماً يأكلونه؟».

ولفتت أيضاً إلى أن غياب أي دعم كان مخصصاً للاجئين، يعني انتقاصاً من نصيب فقراء المصريين، موضحة أن «منظمات المجتمع المدني في مصر لا تفرق بين اللاجئ والمصري، وتقدم مساعدات لكليهما، وكلما زاد فقراء اللاجئين، خصم ذلك من نصيب ما كان سيقدم للمصري».


مقالات ذات صلة

التحديات الجيوسياسية تدفع مصر وتركيا لمزيد من التقارب رغم التباينات

تحليل إخباري الحضور في جولة مشاورات سياسية بين مصر وتركيا عُقدت بالقاهرة يوم الاثنين (الخارجية المصرية)

التحديات الجيوسياسية تدفع مصر وتركيا لمزيد من التقارب رغم التباينات

استضافت مصر جولة مشاورات سياسية مع تركيا، بهدف الإعداد لعقد الاجتماع الأول لمجموعة التخطيط المشتركة برئاسة وزيري الخارجية في البلدين لمتابعة التعاون.

هشام المياني (القاهرة)
الاقتصاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الكهرباء محمود عصمت الثلاثاء بمدينة العلمين (الرئاسة المصرية)

تراجع الدولار والذهب... هل تتجاوز مصر تداعيات الضربات الإسرائيلية - الإيرانية؟

مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ، شهدت الأسواق المصرية تحسناً ملموساً عَكسه تراجع في سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وانخفاض في أسعار الذهب.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
رياضة عالمية وسام أبو علي مهاجم الأهلي لحظة إحرازه الهدف الأول لفريقه (صفحة الأهلي على «فيسبوك»)

انتقادات جماهيرية واسعة بعد خروج الأهلي من مونديال الأندية

لم يمر خروج النادي الأهلي من كأس العالم للأندية مروراً عابراً لدى الجماهير المصرية، إذ عبّر جانب كبير منها عن حسرته على الخروج.

محمد عجم (القاهرة )
شمال افريقيا مصر تستهدف تنشيط سياحة اليخوت الفاخرة (رئاسة مجلس الوزراء)

مصر تُنشّط قطاعات سياحية متنوعة لمواجهة خسائر التوترات الإقليمية

تسعى الحكومة المصرية إلى تخفيف الآثار السلبية المتوقعة على قطاع السياحة في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة، وذلك بالترويج لقطاعات سياحية غير تقليدية.

رحاب عليوة (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يشهد اصطفافاً عسكرياً للجيش الثاني الميداني (أرشيفية - الرئاسة المصرية)

السلطات المصرية تذكر بـ«إنجازات 30 يونيو»… وتؤكد «سلامة المسار»

تعتزم السلطات المصرية تدشين حملة إعلامية للتذكير بـ«إنجازات ثورة 30 يونيو» التي أطاحت بحكم تنظيم «الإخوان» عام 2013.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

تيتيه أمام مجلس الأمن: جل الليبيين فقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية

الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه (غيتي)
الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه (غيتي)
TT

تيتيه أمام مجلس الأمن: جل الليبيين فقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية

الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه (غيتي)
الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه (غيتي)

قدمت الممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن، اليوم الثلاثاء، إحاطة حول الوضع في ليبيا، تطرقت في مستهلها إلى اجتماع لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، المنبثقة عن مسار برلين في مدينة برلين، برعاية كل من ألمانيا وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وذلك في أول لقاء ينعقد بعد انقطاع دام لأربع سنوات. مشيرة إلى أن هذا الاجتماع «شكل خطوة كبيرة نحو إعادة إحياء التنسيق الدولي بشأن ليبيا، وحشد الدعم الدولي لجهود الأمم المتحدة، الرامية لإحراز تقدم في العملية السياسية»، ومع ذلك فإن جل الليبيين «فقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية»، بحسب تعبيرها.

من جلسة مجلس الأمن حول ليبيا (المجلس)

وأشادت تيتيه بجهود جميع أعضاء لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا في التزامهم بدعم جهود البعثة لإعادة إطلاق عملية سياسية شاملة، وأيضاً في «مشاركتهم البنّاءة»، ودعوتهم لبذل الجهود من أجل تعزيز الهدنة القائمة في الوقت الحالي في طرابلس. وكذا إشادتهم بعمل اللجنة الاستشارية، الذي تناول تحديد مسارات قابلة للتطبيق لمعالجة المسائل الخلافية، التي يمكن أن تعوق الجهود الرامية إلى وضع خريطة طريق سياسية جديدة لإجراء الانتخابات. إضافة إلى دعمهم لمجموعات العمل الأربع، المعنية بالسياسة والاقتصاد والأمن وحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مجمعين في ذلك على عقد لقاءات دورية من أجل تنسيق الدعم الدولي، وتوجيهه دعماً لعملية سياسية بتيسير من الأمم المتحدة.

دعوة لتجنب العنف

في سياق حديثها عن الأوضاع الأمنية في طرابلس بعد الاشتباكات الأخيرة، أوضحت تيتيه أنه بمجرد انتهاء الاشتباكات المسلحة في طرابلس، كثفت البعثة تواصلها مع حكومة الوحدة الوطنية، والأطراف السياسية والأمنية الرئيسية، وكذلك القيادات المجتمعية، وشيوخ القبائل والأعيان وممثلي المجتمع المدني والدول الأعضاء المؤثرة على الأرض بهدف درء مزيد من أعمال العنف، والحفاظ على الهدنة الهشة، التي تم التوصل إليها في 14 من مايو (أيار) الماضي، وإعداد آليات لتيسير تهدئة التوترات بهدف الحيلولة دون نشوب المزيد من أعمال العنف، وضمان حماية المدنيين.

من مخلفات اشتباكات طرابلس الدموية (أ.ف.ب)

وفي هذا السياق، ذكرت تيتيه قيام المجلس الرئاسي في 18 من مايو الماضي، بدعم من البعثة، بإنشاء لجنة الهدنة، التي تتألف من أطراف أمنية رئيسية، أنيطت بها مهمة رصد الالتزام بالهدنة، وتيسير وقف دائم لإطلاق النار وضمان حماية المدنيين. وتبع ذلك في 4 من يونيو (حزيران) الحالي تشكيل لجنة الترتيبات الأمنية والعسكرية المؤقتة، برعاية المجلس الرئاسي، لتتولى مهمة تنفيذ التدابير الهيكلية للحفاظ على السلام، وإعادة تنظيم القوات في العاصمة. كما جرى نشر قوات فض الاشتباك في المناطق المتأثرة، وقد أفضت التهدئة إلى انسحاب القوات الرئيسية المدججة بالسلاح من شوارع طرابلس في 11 يونيو، واستعيض عنها بقوات الشرطة والجيش.

لكن رغم كل هذا الجهود، «ما تزال الهشاشة تشوب هذه الهدنة، وما يزال التكهن بالوضع الأمني العام، كما نراه، غير ممكن»، حسب تعبير تيتيه.

مسؤولية الأطراف الأمنية

أكدت تيتيه أن الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في طرابلس في شهر مايو الماضي تسببت في إزهاق أرواح المدنيين، وإصابات بين صفوفهم، والإضرار بالمنشآت المدنية الحيوية، بما في ذلك المشافي والجامعات وأحد السجون. ونتيجة لذلك تكررت المناشدات لتجنب مزيد من الإصابات، لكن لم يتم تأمين ممرات إنسانية من جانب أطراف النزاع.

تعزيزات أمنية مكثفة في طرابلس للمحافظة على «الهدنة الهشة» (أ.ف.ب)

تقول تيتيه: «لقد أبرزت هذه الأحداث تقاعس الأطراف الأمنية التابعة للدولة عن الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث أعقبت هذه الاشتباكات تظاهرات مستمرة. وقد هالني بالأخص العثور على مقابر جماعية في منطقة أبو سليم. وفي الأدلة التي تكشفت إشارات لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك أعمال القتل خارج إطار القانون، والتعذيب والاختفاء القسري، التي يُزعم ارتكابها من جانب أطراف أمنية تابعة للدولة، لا سيما جهاز دعم الاستقرار». مشيرة في هذا السياق إلى أن وجود أشلاء متفحمة، وجثث مجهولة الهوية في المشارح، وموقع يشتبه في استخدامه كمركز احتجاز غير رسمي في حديقة الحيوان في منطقة أبو سليم، يعكس حجم هذه الانتهاكات وفداحتها. وهذه الأحداث تؤكد الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات أمنية قائمة على حقوق الإنسان».

مخاوف من عودة الاشتباكات

بخصوص التقارير التي تتحدث عن تحشيدات مستمرة، وتخوف العديد من الليبيين من احتمال تجدد اندلاع الاشتباكات المسلحة، أوضحت تيتيه أن هناك تخوفات متزايدة بأن انعدام الاستقرار سوف يستقطب الأطراف الأمنية في شرق البلاد، ويقوض اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 2020، وهو ما يستدعي بحسب تعبير تيتيه، ضرورة إصلاح القطاع الأمني، فضلاً عن الحاجة إلى مؤسسات عسكرية وأمنية موحدة تتحلى بالمهنية. وفي هذا السياق أكدت أن البعثة سوف تواصل العمل على إحراز تقدم في المسار الأمني، بالتعاون مع الأطراف المعنية الرئيسية. وحثت الأطراف السياسية والأمنية كافة على الامتناع عن التصريحات والأفعال الاستفزازية، التي من شأنها تعميق انعدام الثقة، وتقويض كل الجهود التي تُبذل لخفض التصعيد من أجل الحفاظ على الهدنة الهشة، «لأن هذا ليس وقت الدفع نحو الهاوية والإجراءات الأحادية، وهناك حاجة ماسة إلى التحلي بالحكمة».

مسلسل المشاورات

حول سلسلة المشاورات، التي أطلقتها البعثة على مستوى البلاد حول الخيارات المقترحة من اللجنة الاستشارية، أوضحت تيتيه في كلمتها أن هذه المشاورات تهدف إلى تيسير نقاش عام شامل للجميع على مستوى البلاد حول أفضل السبل لتجاوز الانسداد السياسي، وجمع آراء الليبيين حول الخيارات الأربعة التي اقترحتها اللجنة الاستشارية، وذكّرت في هذا السياق بالتواصل مع القادة السياسيين والأمنيين الرئيسيين، ولقاء البعثة بممثلين عن البلديات والأحزاب السياسية، والشيوخ والأعيان والمجالس الاجتماعية، وأعضاء المجتمع المدني والشباب والمرأة، وكذا المكونات الثقافية واللغوية والأشخاص ذوي الإعاقة. كما أطلق في وقت سابق من هذا الشهر استطلاع للرأي عبر الإنترنت للوصول إلى الجمهور الليبي الأوسع، وسيستمر حتى نهاية شهر يونيو الحالي. كما ستُجرى المزيد من المشاورات لتوسيع نطاق التواصل بشكل أكبر.

تيتيه أكدت رغبة الليبيين في إنهاء المراحل الانتقالية وإجراء الانتخابات (مفوضية الانتخابات)

تقول تيتيه: «من خلال ما جرى التعبير عنه من خلفيات ووجهات نظر سياسية متنوعة، ظهرت حتى الآن رسالة واضحة وموحدة: الكثير من الليبيين يشعرون بخيبة أمل عميقة إزاء الفترات الانتقالية المطولة، وفقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية، معربين عن شكوكهم إزاء استعداد هؤلاء لوضع المصالح الوطنية فوق مصالحهم الخاصة»، مؤكدة أن هناك «رغبة قوية في عملية سياسية تُعزز مشاركة الشعب، وتتيح لهم الفرصة لانتخاب قادتهم، وتُفضي إلى حكومة ذات تفويض واضح، يتيح الفرصة لتغيير حقيقي وملموس. هم يطمحون إلى تجديد تفويض السلطتين التنفيذية والتشريعية، وإلى حكومة واحدة ومؤسسات موحدة، بما في ذلك المؤسسات العسكرية والأمنية. ويريدون، أكثر من أي شيء آخر، حكومة خاضعة للمساءلة تُعيد الشرعية وتعكس إرادة الشعب. وسيشكّل ما تخرج به هذه المشاورات أساساً لصياغة خريطة طريق توافقية نحو انتخابات وطنية وإعادة توحيد المؤسسات».

وأضافت تيتيه أن البعثة تعتزم تقديم خريطة طريق مُحددة زمنياً، وعملية سياسية تعكس مطلب الشعب الليبي بتغيير ملموس، بهدف إنهاء العمليات الانتقالية. وآمل عرض خريطة الطريق هذه على مجلس الأمن للمصادقة عليها خلال إحاطتي القادمة.