لليوم السادس... مسيّرات تهاجم بورتسودان ومدناً أخرى

دفاعات الجيش السوداني تتصدى لسرب من الطائرات «الانتحارية»

صورة قمر اصطناعي لدخان يتصاعد من مستودع وقود بعد هجوم بالمسيّرات في بورتسودان في 6 مايو 2025 (رويترز)
صورة قمر اصطناعي لدخان يتصاعد من مستودع وقود بعد هجوم بالمسيّرات في بورتسودان في 6 مايو 2025 (رويترز)
TT

لليوم السادس... مسيّرات تهاجم بورتسودان ومدناً أخرى

صورة قمر اصطناعي لدخان يتصاعد من مستودع وقود بعد هجوم بالمسيّرات في بورتسودان في 6 مايو 2025 (رويترز)
صورة قمر اصطناعي لدخان يتصاعد من مستودع وقود بعد هجوم بالمسيّرات في بورتسودان في 6 مايو 2025 (رويترز)

لليوم السادس على التوالي، تواصلت «حملة المسيّرات» على بورتسودان ومدن أخرى. وأسفر هجوم بطائرة مسيّرة، الجمعة، عن اندلاع النيران في مستودع للوقود في مدينة عطبرة، بولاية نهر النيل شمال السودان، أدى إلى وقوع إصابات طفيفة وسط المواطنين، وفقاً لما أفادت مصادر محلية بالمدينة.

وجاء الهجوم بعد ساعات قليلة من اعتراض الدفاعات الجوية للجيش السوداني لعدد من المسيّرات «الانتحارية» في مدينة بورتسودان، خلال ليل الخميس - الجمعة، مع استمرار تصاعد ألسنة الحريق في مستودع الوقود في الميناء البحري، بعد تعرضه لضربة شنتها مسيّرات «قوات الدعم السريع».

وهذا هو اليوم السادس الذي تتعرض فيه بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، لهجمات مكثفة بالمسيّرات من دون انقطاع.

سوداني يشير إلى الدخان المتصاعد من مستودع وقود بعد هجوم بالمسيّرات في بورتسودان في 6 مايو 2025 (أ.ف.ب)

وقال مقيمون في المدينة إنهم سمعوا أصوات المضادات الأرضية وانفجارات في شرق بورتسودان وجنوبها، ولم يصدر أي تعليق رسمي من الجيش السوداني عن المواقع المستهدفة.

وأفادت مصادر إعلامية «الشرق الأوسط» بأن هجوم المسيّرات على المدينة بدأ في وقت باكر ليل الخميس، واستمر حتى الساعات الأولى من صباح الجمعة.

وبالتزامن مع الضربة التي استهدفت بورتسودان في ولاية البحر الأحمر، شنت «قوات الدعم السريع» هجمات أخرى بالمسيّرات على مدينة كسلا بذات الولاية، كما استهدفت مدينتَي كوستي وكنانة في النيل الأبيض، ومروي في ولاية نهر النيل شمالاً.

وعلى مدار الأيام الماضية كثفت «قوات الدعم السريع» هجماتها بالمسيّرات على بورتسودان، وركزت على مقار عسكرية و«قاعدة عثمان دقنة» الجوية الملحقة بالمطار المدني، بالإضافة إلى مستودعات الوقود الرئيسية.

مطار بورتسودان (أرشيفية - «سونا»)

وقال سكان محليون لـ«الشرق الأوسط» إن التيار الكهربائي لا يزال منقطعاً عن مساكنهم لليوم السادس على التوالي منذ بدء الهجوم على المدينة، في حين تواصلت أزمة الوقود الخانقة بالمدينة.

وتسببت الهجمات المتواصلة في تعطيل الملاحة الجوية في مطار بورتسودان الدولي، وألغى عدد من شركات الطيران المحلية والإقليمية رحلات مبرمجة إلى المدينة.

وأدانت جامعة الدول العربية استهداف المنشآت الحيوية في بورتسودان.

وقال سفير السودان لدى مصر، عماد الدين عدوي، إن الاستهداف طال المرافق الأساسية والكهرباء ومنشآت نفطية استراتيجية.

وانضمت تركيا إلى الصين في دعوة مواطنيها إلى مغادرة السودان، وعدم السفر إليه، وذلك على أثر التصاعد المستمر للقتال في مدينة بورتسودان.

دخان يتصاعد من مستودع وقود بعد هجوم بالمسيّرات في بورتسودان في 5 مايو 2025 (رويترز)

وكانت السفارة الصينية لدى السودان دعت الخميس رعاياها إلى مغادرة السودان فوراً، وقالت في إفادة مقتضبة على موقع «فيسبوك» إن هذا التنبيه يخص الأفراد الصينيين وليس المؤسسات.

وقالت تركيا في بيان: «في ضوء تدهور الأوضاع الأمنية، يجب على مواطنينا تجنب السفر إلى السودان إلا للضرورة القصوى... ننصح مواطنينا الموجودين حالياً في السودان بتوخي الحذر، ومن لا تكون إقامته في السودان ضرورية، عليه مغادرة السودان بأسرع وأكثر الوسائل أماناً عن طريق الجو أو البر أو البحر».

واتهم الجيش السوداني، الجمعة، «قوات الدعم السريع» بقصف أحياء مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور، الخميس، مشيراً إلى مقتل عدد من المدنيين وإصابة آخرين.

وذكرت «الفرقة السادسة مشاة» في الفاشر في إحاطة صحافية أن قوات الجيش والفصائل المتحالفة معه، اعترضت عناصر من «الدعم السريع» على متن 26 مركبة قتالية، تم تدميرها بالكامل. وأضافت أن القوات المسلحة تمكنت أيضاً من «تحييد وإصابة» العشرات من عناصر «قوات الدعم السريع».

صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

وقالت «تنسيقية مقاومة لجان الفاشر» (جماعة محلية) إن القصف المدفعي المكثف الذي شنته «الدعم السريع» على مدى الأيام الثلاثة الماضية، أدى إلى وقوع قتلى وجرحى وسط المدنيين.

وأشارت إلى انهيار كامل في الرعاية الصحية جراء توقف المستشفيات العامة والمرافق الطبية الخاصة، جراء الحصار المفروض على الفاشر منذ العام الماضي.

من ناحية ثانية، قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن كل يوم يمر على السودان من دون تحقيق سلام، يؤدي إلى خسارته المزيد من الأرواح، في ظل الحرب الدائرة بالبلاد منذ أكثر من عامين.

وذكرت المفوضية في تدوينة على منصة «إكس» أن السودانيين يحتاجون إلى الدعم للبقاء على قيد الحياة مع استمرار نزوحهم من ديارهم جراء الصراع.

واندلعت الحرب في السودان قبل أكثر من عامين في أثناء عملية للانتقال إلى حكم مدني بسبب خلاف حول دمج «قوات الدعم السريع» في الجيش، وتسببت في خسائر فادحة بالأرواح والممتلكات، ونزوح ما يزيد على 12 مليون شخص داخل البلاد وخارجها.


مقالات ذات صلة

«يونيسف»: قصف مدفعي يحرم ألف مريض من المياه في الفاشر بالسودان

العالم العربي صورة من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أرشيفية - أ.ف.ب)

«يونيسف»: قصف مدفعي يحرم ألف مريض من المياه في الفاشر بالسودان

أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، اليوم الأربعاء، أنّ نحو ألف مريض في حالة حرجة في إقليم دارفور في غرب السودان يعانون من انعدام مياه الشرب.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)

قادة سودانيون: خطاب ولي العهد السعودي «دفعة جديدة» لإحياء «منبر جدة»

استحسن العديد من القادة السياسيين السودانيين إعلان ولي العهد السعودي في القمة الخليجية - الأميركية مواصلة المملكة جهودها في إنهاء أزمة السودان عبر «منبر جدة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
خاص دخان وحرائق جراء القصف الذي تعرَّض له مخزن للوقود في بورتسودان (رويترز)

خاص المتحدث باسم القوة المشتركة: دمَّرنا القوة الصلبة لـ«الدعم السريع»

قال المتحدث باسم القوة المشتركة، المتحالفة مع الجيش السوداني، العميد أحمد حسين، إن قواته دمرت القوة الصلبة لـ«ميليشيا الدعم السريع» خلال المعارك.

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي يصافح عمر صديق وزير الخارجية السوداني المعين حديثاً قبل اجتماعهما في دار ضيافة دياويوتاي في بكين 14 مايو 2025 (رويترز)

الصين: سنواصل تقديم المساعدات الإنسانية للسودان

أعلن وزير خارجية الصين وانغ يي خلال لقائه نظيره السوداني عمر صديق في بكين، أن الصين ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية للسودان.

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم العربي عائلات نازحة سودانية تلجأ إلى مدرسة بعد إجلائها من قبل الجيش السوداني من مناطق كانت خاضعة سابقاً لـ«قوات الدعم السريع» في أم درمان في مارس الماضي (أ.ب) play-circle

خبراء من الأمم المتحدة يدينون العنف الجنسي «الممنهج» في السودان

قال خبراء من الأمم المتحدة اليوم (الأربعاء) إن النساء والفتيات في السودان الذي دمّرته الحرب يواجهن انتهاكات واسعة النطاق ومنهجية لحقوقهن.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

قادة سودانيون: خطاب ولي العهد السعودي «دفعة جديدة» لإحياء «منبر جدة»

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)
TT

قادة سودانيون: خطاب ولي العهد السعودي «دفعة جديدة» لإحياء «منبر جدة»

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)

استحسن العديد من القادة السياسيين السودانيين إعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في القمة الخليجية - الأميركية بالعاصمة الرياض، الأربعاء، مواصلة المملكة جهودها في إنهاء الأزمة في السودان من خلال «منبر جدة»، الذي يحظى برعاية سعودية - أميركية، وصولاً لوقف إطلاق نار كامل في السودان، معتبرين أن ذلك يعطي قوة دفع جديدة لإنهاء النزاع المستمر في السودان.

وفي مايو (أيار) الماضي، أي بعد اندلاع الحرب بأسابيع قليلة، استضافت مدينة جدة، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع ما عُرف بـ«إعلان جدة الإنساني»، ونصّ على حماية المدنيين والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية.

وقال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان «التيار الثوري» ياسر سعيد عرمان إن حديث ولي العهد السعودي بشأن إحياء منبر جدة، «جاء في وقت مهم، وفي أعلى مستويات الاتصالات بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية في قمة الرياض، وهذا يعطي ملف الحرب في السودان زخماً كبيراً في الفترة المقبلة».

وأضاف عرمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن السودان «يحتاج بشكل عاجل إلى وقف إطلاق نار إنساني»، مشيراً إلى أن الجهود السابقة في منبر جدة، وما تم من تنسيق بين الشركاء الإقليميين والدوليين ودول الجوار يجب أن تخلق قوة دفع جديدة.

وقال رئيس التيار الثوري: «نتطلع إلى أن تشكل الزيارة المهمة للرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الرياض والاتصالات بين مختلف الأطراف في الخليج ودول الجوار قوة دفع جديدة تقود إلى وقف إطلاق نار إنساني، يتيح الفرصة للسودانيين، وإبعاد القوة المتحكمة بواسطة البندقية في مصير الشعب السوداني، وتفتح الطريق للوصول إلى حكم مدني ديمقراطي وسلام دائم».

كما عبّر عرمان عن تفاؤله في أن تسهم دول الجوار والمجتمع الدولي في الوصول إلى سلام في السودان «يخدم مسار الأمن والسلم في المنطقة».

بدوره، قال المنسق السياسي لحركة «تضامن من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية»، المحبوب عبد السلام، إن «البشارة الوحيدة التي أحيت الأمل في نفوس السودانيين هي ما ورد في خطاب ولي العهد السعودي حول منبر جدة، فهو لا يزال رغم مرور عامين من الحرب الوثيقة الشرعية الأساسية لبداية تفاوض جديد بذات الرعاية السعودية - الأميركية، التي أثبتت جدواها في حل أعقد الأزمات العالمية».

وأشار المحبوب، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن غياب الوظيفة السياسية للحكومة السودانية «يعقّد المشهد»، مبرزاً أن تجاوز الحرب السودانية في الخطاب المطول الذي قدمه الرئيس الأميركي في قمة الرياض والذي تحدث فيه عن الحروب في غزة ولبنان واليمن وأوكرانيا وحتى كشمير جعل السودانيين يتساءلون عن معنى وصف الأمم المتحدة للحرب في السودان بأنها أكبر مأساة إنسانية في العالم.

وأضاف المحبوب أنه مهما «تعددت المنابر، من الاتحاد الأفريقي إلى (إيغاد) والأمم المتحدة والجامعة العربية، فإن الرؤية السودانية هي التي ستقود تلك الجهود، وفي غيابها ستنتهي إلى التيه كما هو واقع اليوم».

بدوره، ثمّن رئيس حزب الأمة «الإصلاح والتجديد» مبارك الفاضل المهدي استراتيجية السعودية تجاه السودان، التي تقوم على استقراره والحفاظ على مؤسساته الوطنية، وجهودها الحثيثة التي بذلتها في سبيل تعزيز السلام ووقف الحرب.

ورأى المهدي، في بيان، أن «منبر جدة» هو «المبادرة الأكثر تأهيلاً وتأثيراً لوقف الحرب، لأنه يلامس قضايا جوهرية تخص المدنيين، كما أنه جدي في التعامل مع الحرب في السودان، بدليل توصله إلى اتفاق بعد 3 جولات، إلا أنه لم ينفذ»، لأن طرفي الحرب لم يلتزما بما تم الاتفاق عليه في جدة، ثم عادا للتفاوض مجدداً في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بيد أن هذه الجولة واجهت تعنتاً من طرفي النزاع، وعدّت تراجعاً عما تم توقيعه في «إعلان جدة»، ما اضطر الوسيطين، الرياض وواشنطن، إلى تعليق المفاوضات.