شارك عدد كبير من المحتجين، مساء الجمعة، في مسيرة مناوئة للسلطة وسط العاصمة تونس، تنديداً بمحاكمات ضد سياسيين معارضين، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الألمانية. وانطلقت المسيرة من أمام مقر نقابة الصحافيين، ووصلت إلى الشارع الرمز، الحبيب بورقيبة، الذي شهد انتشاراً أمنياً حال دون تقدم المحتجين أمام مقر وزارة الداخلية. وتأتي المسيرة بعد نداء أطلقته عائلة القاضي الإداري المتقاعد، أحمد صواب، الذي أودع السجن للتحقيق في تهمة إرهابية، للتظاهر والاحتجاج.
واعتقل صواب، وهو منتقد لحكم الرئيس الحالي قيس سعيد، قبل أسبوع في مقر سكنه، بعد تنديده في مقطع فيديو بإجراءات المحاكمة بحقّ المعارضين السياسيين في «قضية التآمر على أمن الدولة». وشارك في المسيرة عدد من أهالي الموقوفين ونشطاء، أغلبهم من الشباب من المجتمع المدني ومنظمات حقوقية. وردّد المتظاهرون عبارات غاضبة، من بينها: «لا خوف... لا رعب... الشارع ملك الشعب»، و«حريات دولة البوليس وفات (انتهت)». وانتقدت فرنسا وألمانيا إجراءات المحاكمة ضد السياسيين، بدعوى أنها تفتقد إلى شروط المحاكمة العادلة. كما ندّد فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بإدانة عشرات الشخصيات التونسية، بتهمة «التآمر على أمن الدولة»، مؤكداً انتهاك حق المحكومين في محاكمة عادلة. وقال في بيان: «شابت العملية انتهاكات لحقوق المحاكمة العادلة، والإجراءات القانونية الواجبة، ما يثير مخاوف جدية بشأن الدوافع السياسية».
وأصدرت محكمة تونسية، السبت الماضي، أحكاماً تصل إلى السجن 66 عاماً في محاكمة غير مسبوقة، بحقّ 40 شخصية معارضة، تضم سياسيين ووزراء سابقين، ومحامين ورجال أعمال، وهي الأحكام التي ندّدت بها منظمات غير حكومية عدة، من داخل تونس وخارجها.
وطالب المحتجون في المسيرة الغاضبة باستعادة الديمقراطية والحريات، وإنهاء الاعتقالات التعسفية بحق المنتقدين والمعارضين، مصعدين الضغوط على حكومة الرئيس قيس سعيّد، ورددوا شعار «أطلقوا سراح تونس... أطلقوا سراح أحمد صواب»، و«الشعب يريد إسقاط النظام»، وهو نفس الشعار، الذي رُدد خلال احتجاجات 2011، التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي. ورفع المتظاهرون صور صحافيين وسياسيين ومحامين معتقلين، من بينهم الإعلامية والمحامية سنية الدهماني، وأحمد صواب، الذي أثار اعتقاله غضباً واسعاً في صفوف الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، ومنظمات حقوقية، التي وصفته بأنه تصعيد خطير في قمع المعارضة، وتأكيد على تعمق النزعة الاستبدادية في البلاد. ويقول المعارضون إن الرئيس سعيد أصبح يسيطر بالكامل على السلطة القضائية، منذ أن علق البرلمان في 2021، ثم حلّه لاحقاً، وبدأ في الحكم بمراسيم. كما قام بحلّ المجلس الأعلى للقضاء، وأقال عشرات القضاة في 2022. وعدّت المعارضة تلك الإجراءات بمثابة انقلاب. لكن الرئيس سعيد يرفض ذلك، ويقول إن خطواته قانونية، هدفها وقف الفوضى ومحاسبة كل المتورطين، مهما كانت صفتهم أو مناصبهم.